زينة رمضان تسعيرتها بالدولار... والفانوس والهلال يتقدمانها

تغيب عن الطرقات والساحات وتزدحم في البيوت

سوق الزينة تزدهر في بيروت
سوق الزينة تزدهر في بيروت
TT

زينة رمضان تسعيرتها بالدولار... والفانوس والهلال يتقدمانها

سوق الزينة تزدهر في بيروت
سوق الزينة تزدهر في بيروت

غير صحيح أن اللبنانيين ينزوون في بيوتهم محبطين، بحيث تغيب رموز شهر رمضان عن يومياتهم. فالأزمة الاقتصادية التي يمرون بها لم تمنعهم من الاحتفاء بالمناسبة. وفي جولة سريعة على محلات الزينة في منطقة «طريق الجديدة» في بيروت، تظهر العكس تماماً. فهي تزدحم بالناس الذين يصطفون بالعشرات يختارون ما طاب لهم من زينة رمضانية، ولو بمبالغ قليلة تناسب ميزانيتهم الخجولة. فهذه المحلات التي اتبعت التسعيرة لبضائعها بالدولار، يؤكد أصحابها أن اللبنانيين يتمسكون بشراء زينة رمضان. ويقول الحاج أحمد الغانم لـ«الشرق الأوسط»، «قولي إننا لن نتخلى عن عاداتنا وتقاليدنا. ونحن نفتح محلاتنا على مدار 24 ساعة، والجميع هنا منهمكون بهذا الشهر ويريدون الفرح».
هذا الكلام الذي يطبعه التحدي عند الحاج أحمد يناقضه آخر من قبل زهير صاحب محل زينة، إذ يقول لـ«الشرق الأوسط»، «حركة المبيعات تراجعت إلى النصف تماماً عن السنوات الماضية. ففي مثل هذه الأوقات عادة لا نستطيع أن نرد على أسئلة الزبائن لكثافة أعدادهم. ولكننا نتمسك بالاستمرارية وبفتح محلاتنا رغم كل شيء».
زينة رمضان من هلال وفانوس وشرائط إنارة ومجسمات كرتونية للمسحراتي وأخرى من عبارات مكتوبة بأحرف فضية وذهبية، تكتسح سوق الزينة في طريق الجديدة. وعندما تدخل أحد هذه المحلات تحتار ماذا تشتري، فالأسعار مقبولة وتتراوح ما بين الدولار والدولارين. «انظري هذا الفانوس الحديدي الصغير اشتريته بدولارين، فيما رزمة عيدان البخور هذه التي تحب زوجتي أن يعبق المنزل برائحتها طيلة الشهر الكريم فسعرها 1 دولار فقط». هكذا يخبرنا وسام ابريق الذي كان يقف منتظراً دوره ليسدد فاتورة مشترياته. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لا أجد أن الأسعار تغيرت كثيراً. فهي كانت ولا تزال بالدولار الأميركي، ونحن نتمسك بشرائها كي نزين بيوتنا وشرفات منازلنا. وبالنهاية هي مناسبة تزورنا مرة في السنة، فلماذا لا نحتفي بها كما يجب؟ صحون بلاستيكية بيضاء يمكن استخدامها لضيافة التمور والمشمش والزبيب المجفف، إضافة إلى رسومات خاصة بالشهر الكريم تستقطب الزبائن لتزيين موائد الإفطار». وتعلق داليا التي التقيناها محتارة ماذا تشتري كي تزين غرفة ابنها: «كل عام أقوم بعملية تسوق صغيرة لتزيين غرفته. فأنا متمسكة بهذا التقليد، وأرفض أن يغيب عن بيتي مهما كلفني الأمر».
وبين شرائط العيد الملونة والآيات القرآنية المحفورة على الخشب تلفتك فوانيس نحاسية يفوق سعرها الـ100 دولار. ونسأل صاحبة المحل عما إذا لا تزال هذه الزينة تلاقي طريقها لدى الزبون فترد: «عندنا بضائع من جميع الأسعار كي تلائم جميع الشرائح. وهذه الأغراض من فوانيس نحاسية وأخرى براقة تقف على قاعدة مرتفعة، هناك من يختارونها زينة لأمد طويل ويستخدمونها كل سنة».
وفي المقابل تسأل «الشرق الأوسط» موسى، أحد العاملين في هذه المحلات: لماذا تغيب الزينة عن الشوارع والطرقات؟ يرد: «في الماضي كان سكان العمارات في هذه الشوارع يجمعون مبالغ لا بأس بها لتزيين الأزقة والشوارع المحيطة بهم، كما كانت لجان التجار في الأسواق تأخذ على عاتقها هذه المهمة. حالياً زينة رمضان ترينها غائبة تماماً عن طرقاتنا، فالأزمة الاقتصادية تشتد يوماً بعد يوم. ولذلك يشتري الناس الزينة لمنازلهم وعلى نطاق ضيق».
تكمل جولتك في هذا الشارع الذي يعج بالسيارات والناس والدراجات النارية، بحيث تلزمك نحو ساعة من الزمن لاجتيازه. وتلتقي «الشرق الأوسط» بالشاب محمد الذي يبيع طبول المسحراتي. «إنها مرغوبة كثيراً من قبل الأولاد الذين يتهافتون على شرائها كي يطبّلوا عليها أوقات السحور. وأسعارها مقبولة إذ تبلغ 2 دولار».
وبحماس كبير تعلق زهرة علوية التي كانت تشتري فوانيس مصنوعة من مادة الفايبر: «يعني ليس من الضروري أن يموت كل شيء في حياتنا، علينا أن نشعر بنبض الحياة مهما كانت الظروف صعبة». وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «سأشتري أشياء صغيرة لتزيين منزلي من الداخل والخارج، فمن الجميل أن تشع هذه الأضواء على شرفاتنا احتفاء بالشهر الفضيل. كما ألتزم بوضع بعض الزينة على موائد الإفطار فهي تضفي أجواء رائعة. فأضيء فوانيس صغيرة وأوزعها على السفرة كي نحتفي بالشهر بكل ما يحمل من معان جميلة».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

خلافات إسرائيلية حول طبيعة الرد على حادثة الجولان

سكان من مجدل شمس بالجولان يعاينون موقع انفجار الصاروخ في ملعب لكرة القدم (أ.ف.ب)
سكان من مجدل شمس بالجولان يعاينون موقع انفجار الصاروخ في ملعب لكرة القدم (أ.ف.ب)
TT

خلافات إسرائيلية حول طبيعة الرد على حادثة الجولان

سكان من مجدل شمس بالجولان يعاينون موقع انفجار الصاروخ في ملعب لكرة القدم (أ.ف.ب)
سكان من مجدل شمس بالجولان يعاينون موقع انفجار الصاروخ في ملعب لكرة القدم (أ.ف.ب)

ظهرت خلافات بين القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب حول كيفية الرد على هجوم الجولان ومداه، رغم الاتفاق العام بين جميع الفرقاء في القيادة الإسرائيلية على ضرورة «الرد بقسوة» على الضربة التي تتهم إسرائيل «حزب الله» بالوقوف وراءها، وينفي «الحزب» ذلك.

ففي القيادة السياسية، خصوصاً العناصر اليمينية، ومعها اليمينيون المتطرفون في صفوف المعارضة، يطالبون برد شديد حتى لو كانت النتيجة «حرباً واسعة»، بينما القيادة العسكرية تريده رداً محسوباً ومحدوداً لا يؤدي إلى اشتعال حرب واسعة قد تتحول إلى حرب إقليمية كبيرة.

وأكدت مصادر مقربة من المؤسسة الأمنية أن وزير الدفاع، يوآف غالانت، أعلن في ختام مداولات بمشاركة قيادة هيئة الأركان العامة الإسرائيلية، أن الرد يجب أن يكون شديداً وبشكل يوضح لـ«حزب الله» ثمن تغيير قواعد القتال. لكن في الوقت نفسه أشار إلى محدودية الحرب، ومنعها من التحول إلى حرب شاملة وواسعة.

ويرى الجيش أن هناك «بنك أهداف» ضخماً في لبنان يشمل منشآت بنية تحتية، امتنعت إسرائيل عن استهدافها بسبب مطلب دولي بقيادة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. لكن سياسيين إسرائيليين يرون الآن بعد الهجوم على الجولان، أنه يمكن تغيير قواعد الاشتباك التقليدية.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (وسط الصورة) يزور الموقع الذي سقط فيه صاروخ من لبنان بقرية مجدل شمس بمنطقة الجولان (أ.ف.ب)

وأشار المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إلى أن ضرب البنى التحتية في لبنان سيكون بمثابة مغامرة حتى لو استهدف نقاطاً محسوبة ومحدودة، إذ إن أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، كان قد أطلق تحذيراً لتل أبيب في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة رداً على قصف تل أبيب في مطلع الشهر. وهدد نصر الله بأن أي هجوم إسرائيلي يستهدف بنية تحتية لبنانية سيقابَل باستهداف بنية تحتية إسرائيلية، بينها منصات حقول الغاز. وأضافت الصحيفة أنه من أجل التأكيد على جدية تهديد نصر الله، أطلق «حزب الله» طائرة مسيرة باتجاه منصة حقل الغاز «كاريش»، وأسقطها سلاح البحرية الإسرائيلي.

ووفق محللين، فإن إسقاط المسيّرة ليس مهماً بالنسبة لنصر الله، لأنه أراد أن يثبت لتل أبيب أن البنى التحتية الإسرائيلية هدف يمكنه الوصول إليه، وأن الحزب لديه قدرات أكبر وأكثر دقة من المُسيّرة التي أُسقطت. ورغم ذلك، توجد أصوات في الجيش الإسرائيلي تدعو إلى استهداف بنى تحتية لبنانية.

كما أشارت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إلى أن «إسرائيل حرصت طوال الحرب ضد حركة «حماس» على إدارة المواجهة مع «حزب الله» بوصفها حلبة ثانوية. ومنذ بداية الحرب على غزة يتبادل الجانبان ضربات متصاعدة، لكنهما امتنعا حتى الآن عن الانزلاق إلى حرب شاملة، وبدلاً من ذلك تبنت سياسة الاغتيالات على أنها رد لائق على عدوانية «حزب الله». غير أن البعض، خصوصاً اليمينيين، يرون أن سياسة الاغتيالات ليس لها تأثير واضح، وهي لم تلجم «حزب الله». ورجحت الصحيفة أن يقرر نتنياهو وغالانت وجهاز الأمن القيام «رداً أشد» ربما يستغرق أياماً عدة من القتال، من دون الانجرار إلى حرب شاملة، وهو رهان يراه البعض «غير مضمون العواقب».