كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

المصوِّر الدرامي سرُّه الثقة ومُداراة مزاج النجم

المصوّر السوري أحمد الحرك مع تيم حسن (حسابه الشخصي)
المصوّر السوري أحمد الحرك مع تيم حسن (حسابه الشخصي)
TT

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

المصوّر السوري أحمد الحرك مع تيم حسن (حسابه الشخصي)
المصوّر السوري أحمد الحرك مع تيم حسن (حسابه الشخصي)

الشاب السوري أحمد الحرك، مُوثِّق رحلة ولادة مسلسلات، وصيّاد مجريات الكواليس، بدأ مشواره من الدهشة. لفتته النباتات والألوان وورود الشوارع. وشدّته التفاصيل نحو المهنة. يحمل كاميرته ليرى ما لا يراه سواه، ويصوِّر المشهد بمخيّلته قبل الضغط على الزرّ.

يرى أحمد الحرك نفسه أباً للكاميرا (حسابه الشخصي)

سبقت الاحتراف سنواتٌ أمضاها يُصوّر أقرباء وروائع الطبيعة. اليوم، هو مصوِّر درامي ويصحّ فيه أيضاً وصفُ مصوِّر مشاهير. يقول إنّ الألقاب يُطلقها آخرون لإنصاف عمله، ويروي لـ«الشرق الأوسط» قصة وصوله الصعب.

الكاميرا جدوى حياته. يراها «حلماً يواسيني دائماً. والسند والطريق والهدف». إنها حبل يوصله إلى أماكن أعلى، ويرفعه إلى الطبقات الثانية للأشياء. وفي لحظة انخطاف، يخالها طفله: «أنا الأب وهي المولودة مني». بها يُوقف الزمن ويخلِّد الذكرى الحلوة. يستوقفه تعليق يقول: «أوف! كنتُ صغيراً هنا»، أو «انظروا إلى هذا البيت كيف كان في الماضي». تحدُث الدهشة أمام الصورة مؤكدةً عظمتها.

يصوّر الملامح حين تختزل جوانب الحياة (أحمد الحرك)

أي فارق لدى المصوِّر إن التقط وجوهاً معروفة أو مجهولة؟ وإن صوَّر جماليات الطبيعة أو زوايا الحياة؟ يردّ أنّ التصوير عموماً مسألة واحدة لكونه «يأكل من أعصابي ويلتهمني». ثم يبدأ بإبراز الاختلاف: «للمشاهير أمزجة وخصوصية ولحظة مناسبة. في (اللوكيشن) أبحث عن تصوير تيم حسن مثلاً، إلى جانب تصوير عامل (البوفيه). طوال 15 عاماً، استطعتُ استيعاب النجم. أعلم متى يبدو منهمكاً ومتى أستطيع الاقتراب منه. لا يمكن اقتحامه في أي وقت بذريعة رغبتي في تصويره. ولا يمكن طلب إعادة الصورة بشكل مزعج. إنها مسألة اقتناص اللحظة الواقعة بين مراجعته النصّ، وتبديله ملابسه، وانتهاء عملية المكياج، وتحلّيه بمزاج معتدل».

يتحفّظ على تعريف الأقل شهرة بالناس «العاديين»، قبل التأكيد أنّ التعامل معهم «أسهل». فبعضٌ يأتيه مستعداً للتصوير، مع فارق أنّ خبرة الممثل تجعله معتاداً على الكاميرا، فلا يتطلّب الأمر تعدُّد المحاولات لالتقاط «الإحساس الصح». يشرح أحمد الحرك: «كثيرون ممَن لم يعتادوا الضوء، يقفون أمامي بخجل. عليَّ إحاطتهم بالراحة لتنجح الصورة. المشهور يألف الأضواء، وقلّما يخجل أمامها. هذا الجانب يُسهِّل تصوير النجوم. لكنّ المزاجية والخصوصية تترصّدان لتُحوّلا السهل إلى صعب؛ على عكس تصوير الناس الذي يُصعّبه الخجل ويُسهّله غياب حسابات أخرى».

ويكنُّ للطبيعة نظرة مغايرة، نافياً فَضْل المُصوِّر عليها، فهو ليس سوى ناقل للروعة، لا صانعها: «الجميع يصوّر البحر والشمس، ولا احتراف في ذلك. بعض التفاصيل تُبيّن براعة، كأنْ يلتقط صخرة أو شجرة أو طريقاً لها شكل خاص، أو تركيبة مختلفة لسلسلة جبال. للمشهد الطبيعي ترتيبات قد تكون مُعذِّبة، كأن يسافر المصوِّر بحثاً عنها ويعاني للوصول إلى لقطة. عدا ذلك، الفضل للخالق مبدع المشهد. يصبح مبالغاً القول (ما شاء الله، يا لجمال هذه الصورة يا أحمد!). الأدقّ هو اختصار هذه كلّه بـ(سبحان الله)».

يصوِّر أحمد الحرك المشهد بمخيّلته قبل الضغط على زرّ الكاميرا (حسابه الشخصي)

وزوايا الحياة؟ بشرُها المساكين مثلاً؟ ويلات الأوطان؟ ردُّه أنه يهوى تصوير عروق الأيدي ولمعان العيون، ولا يناصر مصوِّري الويلات الإنسانية لشحذ الاستعطاف. يدرك أنّ البعض صادق، همُّه الرسالة والمساعدة، ويصوِّب سخطه على المُستغلّين لغاياتهم أو لكسب مادي: «لا يحقّ لي تصوير متسوّل لجعل الآخرين يشفقون عليه. مرارات الحرب ونتاج الأزمة ووجع الناس، في كل زاوية. نشرُ الانكسارات بهذا الشكل إهانة للمهنة. التصوير خطير، ونحن السوريين ندرك خطورته. يمكن التقاط صورة لإظهار صمود الشعب، بدل التقاطها لاستغلال المأساة وتمجيد العتمة. هذا يزعجني وأتمنّى محاربته. على الصورة أن تحفّز وتقدّم مساعدة حقيقية».

برز اسم أحمد الحرك بالتقاط كواليس مسلسل «تاج» ووجوهه، بعد مسلسلات «الزند»، و«وردة شامية»، و«خاتون»، و«على صفيح ساخن»، وغيرها في أعوام ماضية. صوَّر أيضاً مسرحيات وأفلاماً؛ ومن بين الوجوه، تستوقفه ملامح الممثل السوري غسان مسعود، وبروفايل سلوم حداد؛ ليبرز اسم شكران مرتجى بين النساء، ويبقى تصوير كريستيانو رونالدو أمنية يأمل أن تحقّق.

تستوقف ملامح الممثل السوري غسان مسعود كاميرته (أحمد الحرك)

يذكُر إحباطاً سبق بناء الثقة، حين لم يلقَ التجاوب طوال الوقت، واضطر أحياناً للمسايرة والعمل بلا أجر: «إنني مُخلص لهذا الحلم، والوصول كلَّف سكوتاً وتحمُّلاً وتعباً، حتى بنيتُ اسماً يخوّلني فرض شروطي. يكفيني أنني لم أستخدم الكاميرا لغايات ملتوية».

طفل طلب منه تصويره ولم يجده ثانيةً ليعطيه الصورة (أحمد الحرك)

لا ينسى مرات سأله فيها المشهور التأكُّد من الصورة قبل نشرها. مرات، قوبل بالشك وسوء الظنّ. هذه المعاناة صنعته. اليوم يتجنّب لحظةً أو حركة أو إيماء قد تُورّط المشهور عبر مواقع التواصل. يحسب الحسابات، ويستبق الصدى. ولا ينشر صوراً قبل اتفاق الطرفين عليها. سنوات الماضي حملت ارتباكاً حين تردّدت مراراً هذه الجمل: «امسحها! إياك والنشر. عدِّل هنا. حسِّن هناك». اليوم، يرتاح. بات معروفاً بين الأسماء، ولكاميرته مكانتها في توثيق ما تصنعه عين المخرج، والإكسسوار، والديكور، والملابس، والإضاءة؛ بلقطات تتألّق.

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس «الصحّ»، منبّهاً الواقف أمام كاميرته إلى الملامح المطلوبة لتميُّز اللقطة. معادلته: الإحساس، والضوء، وشطارة المصوِّر، ونوع الكاميرا، والكادر. مُداراة الأمزجة قبل هذا كلّه.


مقالات ذات صلة

مي سليم: أُركز في الغناء بعد انشغالي لسنوات بالدراما

الوتر السادس مي سليم في كواليس التصوير (حسابها على {فيسبوك})

مي سليم: أُركز في الغناء بعد انشغالي لسنوات بالدراما

قالت الفنانة مي سليم إن ردود الفعل على أحدث أغنياتها المصورة «اتعلقت بيه» أسعدتها كثيراً، وشجعتها على التركيز في اختيار أغانٍ جديدة خلال الفترة المقبلة

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد فتحي في مشهد من مسلسل «اللعبة» (حسابه في فيسبوك)

أحمد فتحي: إضحاك الجمهور مسؤولية... ولم أندم على دور

أكّد الفنان المصري أحمد فتحي عدم ندمه على دورٍ قدَّمه، كاشفاً أنه تعرَّض لإخفاقات كثيرة ويتحمَّل ثمن اختياراته، وعدّ مهمّة إضحاك الجمهور «مسؤولية».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق شمعون في لقطة من مسلسل «عروس بيروت» (الشركة المنتجة)

تقلا شمعون: تجنبتُ مشاهدة النسخة الأصلية لمسلسل «امرأة»

تحدثت تقلا شمعون عن تجربتها في مسلسل «امرأة»، النسخة العربية من العمل التركي «كادن»، مثنية على طاقم العمل، واصفة إياه بأنه «جميل جداً».

«الشرق الأوسط» (مالمو (السويد))
يوميات الشرق محمود عبد العزيز وبوسي شلبي في إحدى الفعاليات (حساب شلبي على «إنستغرام»)

اتهامات متبادلة بين ورثة محمود عبد العزيز وأرملته تثير ضجة في مصر

أثارت اتهامات متبادلة بين «أرملة»، و«ورثة»، الفنان الراحل محمود عبد العزيز، ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج المصري عمرو سلامة (حساب سلامة على «فيسبوك»)

عمرو سلامة ومغامرة جديدة في «بريستيج»: مزيج جريء من الكوميديا والجريمة

قال المخرج المصري عمرو سلامة إنه يخوض مغامرة فنية محفوفة بالمخاطر عبر مسلسله الجديد «بريستيج» الذي يعرض على إحدى المنصات الرقمية.

مصطفى ياسين (القاهرة )

عمرو يوسف: أراهن على دوري المختلف في «درويش» بموسم الصيف

عمرو يوسف في احد مشاهد فيلم "درويش"  (الشرق الأوسط)
عمرو يوسف في احد مشاهد فيلم "درويش" (الشرق الأوسط)
TT

عمرو يوسف: أراهن على دوري المختلف في «درويش» بموسم الصيف

عمرو يوسف في احد مشاهد فيلم "درويش"  (الشرق الأوسط)
عمرو يوسف في احد مشاهد فيلم "درويش" (الشرق الأوسط)

يخوض الفنان المصري عمرو يوسف سباق موسم الصيف السينمائي بفيلم «درويش»، الذي عدَّه من الأفلام الصعبة إنتاجاً وتنفيذاً؛ حيث تدور أحداثه خلال أربعينات القرن الماضي، مؤكداً في حوار لـ«الشرق الأوسط» أنه يراهن على دوره المختلف في هذا الفيلم عن كل الأدوار التي قدمها سابقاً.

وقال إنه لا يخشى المنافسة، بل يرحِّب بها ويتمنى أن تعرض كل أفلامه في أجواء تنافسية مع أفلام كبيرة ومهمة، وأشار إلى أن النجاح يتبعه قلق، لكنه يحوّل هذا القلق لطاقة إيجابية تجعله يدقق اختياراته.

يروي عمرو يوسف كواليس صناعة الفيلم قائلاً: «قرأته منذ 4 سنوات مع المؤلف وسام صبري الذي كتب لي فيلم (شقو)، وقد انشغلنا بتصوير الفيلم الأخير الذي حقق نجاحاً لافتاً، ثم عدنا مجدداً للفيلم الذي كان بعنوان (حرب) وتغيَّر إلى (جوهرة المهراجا)، واستقر أخيراً على اسم (درويش)»، ويوضح يوسف: «جذبتني الشخصية التي أؤديها والفكرة التي تجمع بين (الأكشن) والكوميديا، فقررنا العمل عليها، وجمعتني مع وسام جلسات عمل مطوَّلة، ثم انضم لنا المنتج ممدوح السبع والمخرج وليد الحلفاوي».

فيلم "درويش" يشارك في بطولته دينا الشربيني وتارا عماد (الشرق الأوسط)

ويؤكد يوسف أن العمل يتسم بالصعوبة، وأردف: «بمجرد الذهاب لفترة زمنية سابقة، فإن تكلفة الفيلم تتضاعف، كل الشوارع والأماكن لا بد أن تعود لذلك العصر؛ مما يستلزم ديكورات لكل مشهد حتى لو كان لثوانٍ معدودة على الشاشة، وتصميم ملابس لكل الممثلين في فيلم يضم عدداً كبيراً منهم، والسيارات وكل شيء لا بد أن يواكب موضة ذلك الزمن، وقد نستعين بالغرافيك لدعم مشاهد معينة».

ويشيد الفنان بالتعاون الإنتاجي في «درويش»، قائلاً: «المنتج ممدوح السبع هو مَن تحمَّس للفكرة، وهذه جرأة كبيرة أشكره عليها، لأن (درويش) من الأفلام التي تتطلب منتجاً جريئاً ومغامراً ومحباً للسينما، وهذا ما وجدته عليه. وقد بذل جهداً كبيراً خلال مراحل الفيلم، وانضم له المنتجان محمد حفظي وأحمد البدوي، وشركة (فوكس) العالمية، وكان لهم دور كبير في إنتاج الفيلم الذي تطلّب ميزانية ضخمة».

وعن ملامح شخصية درويش التي يؤديها، يوضح أن «الشخصية بعيدة تماماً عن الشكل التقليدي للبطل، فهذا المحتال يواجه تحديات تُحدِث له تغييراً يقلب حياته ويصبح مُطارَداً من جهات عدة، ونتابع رحلته في إطار كوميدي خفيف الدم».

ويظهر عمرو يوسف في الفيلم مرتدياً نظارة طبية، لكنه يؤكد أن «درويش» جعله يتنكر في عدة شخصيات متباينة، وأن هذه التغييرات لها علاقة بالظروف التي يقابلها ضمن أحداث الفيلم.

ولا يقدم يوسف مشاهد «أكشن» كثيرة في العمل، مشيراً إلى أن الفيلم يركز أكثر على القصة، كما يتضمن مشاهد «أكشن نسائي» تؤديها الفنانة تارا عماد بشكل جديد وخفة دم. وحقق الفنان عمرو يوسف نجاحاً لافتاً في العام الماضي، من خلال فيلمي «شقو» و«ولاد رزق 3»؛ لذا كان اختياره لـ«درويش» منطوياً على رهان كبير مثلما يقول: «أراهن على الاختلاف في كل شيء؛ العناصر البصرية في حداثة الصورة والألوان، والجديد في الأكشن والكوميديا، فهذا العمل تجربة مختلفة، وأتمنى أن يكلل الله جهودنا بالنجاح. ويظل رأي الجمهور هو الأهم».

مع دينا الشربيني ومصطفى غريب في فيلم "درويش" (الشرق الأوسط)

وعن تعامله لأول مرة مع المخرج وليد الحلفاوي، يكشف عمرو عن أنه التقاه في فيلم «كدبة كل يوم»، حيث كان يعمل مساعداً لشقيقه المخرج خالد الحلفاوي، وأضاف: «أحببت فيلمه (وش في وش) الذي تغلب فيه وليد على محدودية موقع التصوير داخل الشقة، واستطاع أن يوظف المكان بشكل رائع، ويحقق ديناميكية في الفيلم»، وأوضح أن «جلسات تطوير السيناريو والتحضير للعمل استمرت أكثر من 7 أشهر، كما أن التصوير استغرق أيضاً نحو 7 أشهر أخرى، أي ما يقرب من عام ونصف العام، وهذه تُعدّ فترة طويلة جداً على أي فيلم».

وحول منافسة الفيلم في موسم الصيف، وسط أفلام أخرى تضم نجوماً، وتكلفت ميزانيات كبيرة، يقول: «هي منافسة شديدة، لكنها عظيمة. أتمنى أن تظل روح هذه المنافسة موجودة طوال الوقت في ظل الحراك السينمائي الحالي الذي تجاوزت فيه السينما المصرية فكرة المواسم، وتواصل عرض الأفلام بنجاح طوال العام، وهذا شيء مهم يؤكد أن السينما موجودة في وعي الناس، وأن التنوع في الأفلام يجذب الجمهور. وعن نفسي أحب المنافسة مع أفلام كبيرة ونجوم كبار».

ويثير النجاح لدى الفنان قدراً من الثقة، وقد يتبعه غالباً كثير من القلق، لكن عمرو يوسف يؤكد أن القلق كان يعتريه في بداياته مع كل نجاح يحققه، قائلاً: «بالطبع لا يزال القلق موجوداً، لكنني أحاول السيطرة عليه؛ فهناك نوعان من القلق: أحدهما قد يجعل الإنسان يقف مكانه لأنه يخشى المغامرة، وهذا حدث مع فنانين كُثر عطّل القلق والمخاوف مسيرتهم الناجحة، وهناك قلق آخر يدفعك لتجري وتعافر. وأنا أحاول دائماً أن أجعل من القلق طاقة إيجابية تدفعني للأمام».

تجدر الإشارة إلى أن الفيلم يشارك في بطولته كل من دينا الشربيني، وتارا عماد، ومحمد شاهين، ومصطفى غريب، وخالد كمال، وأحمد دوجلاس، ويحل الفنان هشام ماجد ضيف شرف عليه، ومن تأليف وسام صبري وإخراج خالد الحلفاوي.