مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

الممثل السوري يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن «الجهد من النوع الخاص»

تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)
تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)
TT

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)
تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

أثَّر الحب في ملء الممثل السوري مصطفى المصطفى بالاندفاع والمحاولة. حين تقدَّم إلى معهد التمثيل، استغربت اللجنة حضوره من أقصى شمال البلاد لبدء خطوته الأولى. يذكُر ابن مدينة جرابلس في ريف حلب الواقعة على الحدود التركية، تعليق أحد أساتذته على مقاعد الدراسة حين كرَّر هذا القول: «كُفَّ عن التمثيل يا مصطفى. عُد إلى شخصيتك الحقيقية». علَّم في باله أنه ممثل، ولذَّ له ذلك. حين سنحت فرصة الانضمام إلى فرقة مسرحية، كان أول المتقدِّمين، وأقنع شبّان الحيّ باللحاق به. ذات يوم، وكان قد اصطحب والدته وشقيقته بعد عرض مسرحيته ليُكرَّم على جهوده؛ هو الابن الوحيد في عائلة تؤلّفها البنات، غمرته بالعاطفة والدلال؛ سمع تعليقاً آلمه: «يا لهذه المهزلة!». من قراره إثبات أنّ الفن مسألة جدّية تتطلّب تعباً ووعياً، وُلدت اللحظة المفصلية لاتّخاذ التمثيل مهنته.

آخر أدواره شخصية «جمعة» في مسلسل «ولاد بديعة» الرمضاني (صور الفنان)

آخر أدواره، شخصية «جمعة» في مسلسل «ولاد بديعة» الرمضاني. تركيبة فنّية من الاستثناء، والحقيقة، والواقع، والطيبة، والأنانية، والشرّ؛ خطّها ببراعة الكاتبان علي وجيه ويامن حجلي، لتتألّق أمام كاميرا رشا شربتجي المتعمّقة في البُعد والخلفية والأسباب والنتائج. طفلاً في رجل، كان «جمعة». ورجل يتخلّى إلى الأبد عن الطفل في داخله أمام المنعطف الأصعب. الدور مسرح للتناقضات الإنسانية. يُخبر مصطفى المصطفى «الشرق الأوسط» أنه تطلّب اجتهاداً من نوع خاص: «كان لا بدّ من تبنّيه تماماً. حين قرأتُه، قرّرتُ إعطاءه مني. آمنتُ فيه إلى الأقصى، تعاطفتُ معه، وصدّقته. علّمني ألا أُدين وأتسرّع في محاكمة الآخرين. فالشخصية مولودة من بيئة كرَّست مشاعر الغبن. عملت في الدبّاغات منذ الطفولة مقابل مال ضئيل. كبُرت والقهر يلتهمها وهي ترى هشاشة العدالة الإنسانية. احترمتُ الدور وقدّمته بلا إضافات مُضخَّمة على الشكل، بقدر الإضافة على المسار. أردتُ من الناس التحدُّث عنه لا عني».

لأسبوعين قبل التصوير، عمل في دبّاغة، والتقى بمَن لمح فيه وجه شبه مع «جمعة». ولَّد العامل نوعاً من التجانس مع المهنة. رجلٌ «شكله غريب قليلاً، لكنّ تصرّفاته طبيعية»؛ يصفه. تقرَّب من مظهره ومشيته. راقبه كثيراً. توصّل إلى خلاصة أنْ على «جمعة» ألا يكون «شخصاً ينتمي إلى شكل أو كاريكاتير معيّن، بل أن يؤكد حقيقة وجوده في مجتمعاتنا. إنه مألوف وحضوره مُتداوَل. تعبي تجاه أن يكون حقيقياً، تسبَّب في نجاحه. فالنجاح يحدُث حين يؤدّي الممثل الدور، لا وجهة نظره فيه».

في الدبّاغة التقى بمَن لمح فيه وجه شبه مع «جمعة» (صور الفنان)

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد. يقول: «لم أمتلك علاقة سابقة بديك. في المسلسل، لم أخف منه. بنيتُ بمساعدة المخرجة علاقة إنسانية تُشكّل خلاص الشخصية وجدواها. أعطيته حباً كبيراً، وتعمّدتُ إظهار هذا التعلّق المصيري. في النهاية نحن محترفون. لا يمكن بناء علاقة والتأثّر بها، ليدوم التأثُّر بعد المسلسل. الفصل مطلوب. هذه علاقة تُبنى لخدمة الدور. ضممتُ الديك إلى معطفي لأجنّبه البرد. لكنني أعود مصطفى بعد هذا كلّه. الانسلاخ عن الأدوار احتراف أيضاً».

بمهارة حضن الديك ومنحه الدفء (صور الفنان)

كان قاسياً مشهد طهيه، وقرار والدة «جمعة»، ضمن الأحداث، حشوه بالأرز وعدّه لوجبة شهية. كأنها تُصادر حلم ولدها، وتُجهض أمله الأخير. أرادت إنقاذه من ويل المراهنات وإهدار العمر على حلبة بائسة. شعر مصطفى المصطفى بحساسية الموقف لاختزاله الشخصية وخطابها: «قلقتُ، لكنني وثقتُ برشا شربتجي. تصدَّر (جمعة) بهذا المشهد؛ فهو (ماستر) الشخصية. أصررتُ على فكرة العِظام في الفم. العضُّ على العَظْمة المتبقّية من الديك العزيز يترجم فرط التعلُّق. كأنّ الشخصية تريد لشيء من الحلم أن يبقى. هذا العضُّ مثَّل التشبُّب بالأقدار. صدّقتُ الدور وأدّيتُ بوفاء».

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك (صور الفنان)

تساءل، قبل المشهد، عن مصير أشخاص تُقتل آمالهم بخطأ غير مقصود. شعر بوَقْع العطب عليهم جرّاء ارتكابات كهذه. وفكّر بحجم الضرر الاجتماعي حين يشاءون الانتقام لردّ الحسبان إلى دواخلهم المسحوقة. ذَبْحُ الديك مثَّل قتل الخير المتبقّي في الشخصية، فإذا بكسرها كوب الشاي تعني وداع الطيبة إلى الأبد.

يطمح مصطفى المصطفى لمزيد من الأدوار الاستثنائية ذات الشكل الخاص. يُشبّه وَقْع «جمعة» بالفراشة: «ظنّه الناس عابراً، ليتبيّن أنه يكبُر تدريجياً ويُعلِّم في الأحداث. تطلّب الأمر وقتاً ليترك الأثر، وفَعَل». بالنسبة إليه، «الحلم مسألة أخرى مغايرة للطموح». فإذا كان الطموح متعلّقاً بالمهنة والسير التدريجي على أدراجها لبلوغ العُلا، فإنّ الأحلام شخصيةٌ بعض الشيء. كأنْ لا تُغيّره الحياة ويحافظ على جوهرتين: الصحة والإنسانية. «نصنع الطموح، لكنّ الأحلام بعيدة المنال. الحياة تُكافئنا في الوقت المناسب. أرفض نظرية المؤامرة، وأنْ أمتعض من حجم مكانتي المهنية. أعمل بإخلاص للشخصيات، وأكبُر بعد كل دور. التراكم يصنع مني ممثلاً متمكناً من أدواته. تأتي الفرص، فأؤدّيها بذروة العطاء. الأهم، أن يكون ما سأقدّمه أفضل مما قدّمته. للقمة درج، ولا بدّ من صعوده خطوةً خطوة. النجاح السريع يذهب بسرعة أيضاً».


مقالات ذات صلة

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق أبطال مسلسل «فقرة الساحر» (الشركة المنتجة)

دراما التشويق والإثارة للسيطرة على الشاشات والمنصات

تسيطر دراما التشويق والإثارة على المسلسلات الجديدة التي استقبلتها الشاشات والمنصات خلال الشهر الحالي؛ حيث طرحت دفعة جديدة من الأعمال بشكل متتالٍ عبر المنصات.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق بشير الديك مع أحمد زكي وحسين فهمي (حسابه على فيسبوك)

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

أثارت دينا ابنة السينارسيت المصري المعروف بشير الديك حالة واسعة من القلق والجدل في الساعات الأخيرة بشأن صحة والدها.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق المسلسل يتناول حكاية 3 أصدقاء يشكلون عصابة صغيرة (منصة يانغو بلاي)

«فقرة الساحر» دراما تشويقية مستوحاة من «عمليات نصب» حقيقية

بدأت منصة «يانغو بلاي» عرض المسلسل المصري «فقرة الساحر» الذي يتضمّن مزيجاً من الذكاء والطموح والاحتيال في إطار درامي مشوق ومبتكر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة المصرية زينة في بودكاست «ABtalks» (يوتيوب)

زينة تعيد الجدل حول حياتها الخاصة بعد «انهيارها» في مقابلة إعلامية

أعادت الفنانة المصرية زينة الجدل حول حياتها الخاصة عقب ظهورها في «بودكاست» ABtalks الذي يقدمه الإعلامي الإماراتي أنس بوخش.

داليا ماهر (القاهرة)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».