إردوغان وبوتين يتفقان على ضرورة استمرار المباحثات حول سوريا

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: الأسد يضغط بورقة الانتخابات وتركيا لم تغلق باب التطبيع

الرئيس بشار الأسد في الكرملين بموسكو حيث التقى بوتين في 15 مارس (أ.ف.ب)
الرئيس بشار الأسد في الكرملين بموسكو حيث التقى بوتين في 15 مارس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان وبوتين يتفقان على ضرورة استمرار المباحثات حول سوريا

الرئيس بشار الأسد في الكرملين بموسكو حيث التقى بوتين في 15 مارس (أ.ف.ب)
الرئيس بشار الأسد في الكرملين بموسكو حيث التقى بوتين في 15 مارس (أ.ف.ب)

كشفت محادثة هاتفية بين الرئيسين؛ التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، عن توافق بين أنقرة وموسكو على ضرورة استمرار مسار التطبيع الذي تعثر مؤخراً بعد تصريحات أطلقها بشار الأسد من موسكو أكد فيها أنه لا يمكن أن يلتقي إردوغان قبل انسحاب القوات التركية من شمال سوريا بشكل كامل.
وفي مؤشر على أن تركيا لم تقلع عن فكرة التطبيع مع النظام السوري، أعلن الكرملين، عقب الاتصال الهاتفي بين إردوغان وبوتين، السبت، أنه جرى التأكيد على أهمية استمرار مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وفي حين لم تتطرق الرئاسة التركية في بيان أصدرته عقب الاتصال إلى تفاصيل فيما يتعلق بالمباحثات في الملف السوري، وركزت على العلاقات الثنائية والحرب الروسية - الأوكرانية، أكد الكرملين، في بيان، أنه «جرى التطرق إلى الأزمة السورية، وجرى التأكيد على أهمية استمرار عملية تطبيع العلاقات التركية - السورية». وأكد الرئيس التركي في حديث مع بوتين على «دور الوساطة البناء لروسيا في هذا الصدد».
وأكدت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» رغبة تركيا في مواصلة المباحثات الرامية إلى تطبيع العلاقات مع دمشق رغم التصريحات المتشددة من جانب النظام، وأن أنقرة تبحث عن ضمانات أساسية من روسيا وإيران؛ الطرفين الآخرين في مباحثات التطبيع حالياً، بشأن إبعاد «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية غالبية قوامها، لمسافة 30 كيلومتراً عن حدودها، والتأكد من قدرة قوات النظام على السيطرة على الحدود مع تركيا، وهو ما لا تعتقد أنقرة الآن إمكانية تحقيقه حتى تقدم تعهداً بسحب قواتها، ولذلك ترهن عملية الانسحاب بتحقيق الحل السياسي والاستقرار في سوريا.
ولفتت المصادر إلى أن الأسد يلعب على ورقة الانتخابات في تركيا ويريد الضغط على إردوغان وحكومته، لعدم إحراز أي تقدم يذكر في الملف السوري قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا يوم 14 مايو (أيار) المقبل، ويرى أن التعامل سيكون أكثر سلاسة مع الحكومة الجديدة في حال تشكلت من المعارضة التي يعتقد النظام السوري أنها لا ترى مشكلة في الإقدام على خطوات كبيرة قد تصل إلى سحب القوات التركية من سوريا حال فوزها في الانتخابات مقابل التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين مع ضمانات خاصة بأمن الحدود تكون روسيا وإيران وربما أميركا أيضاً أطرافاً ضامنة فيها.
وكانت أنقرة أظهرت موقفاً متشدداً للرد على شرط الأسد بالانسحاب حتى يوافق على لقاء إردوغان، وجددت تمسكها بالعمليات العسكرية التي تنفذها قواتها خارج الحدود بهدف القضاء على ما تصفها بـ«التهديدات الإرهابية» لحدودها وأمن شعبها، وفي مقدمها تهديدات «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعدّ أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في شمال سوريا.
وأكد الرئيس التركي أن العمليات العسكرية ستتواصل داخل الحدود وخارجها إلى حين القضاء على جميع التهديدات الإرهابية التي تطول الشعب. وقال، في تصريحات ليل الخميس - الجمعة: «عملياتنا العسكرية ستستمر داخل حدودنا وخارجها، إلى حين القضاء على آخر تهديد إرهابي لبلدنا ولأمتنا». وتتهم تركيا الولايات المتحدة؛ حليفتها في «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، بتقديم الدعم لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعدّها واشنطن حليفاً وثيقاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، بينما تعدّها أنقرة امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» في شمال سوريا وخطراً على حدودها وأمن شعبها، وهو ما يعدّ واحداً من الملفات الخلافية المعقدة في العلاقات بين الأتراك والأميركيين.
كما جددت تركيا تأكيدها أن «هدفها الوحيد» من الوجود في شمال سوريا يتمثل في ضمان أمن حدودها ومواطنيها، و«مكافحة الإرهاب لمنع وقوع مزيد من المآسي الإنسانية».
وجاء التأكيد على لسان وزير الدفاع التركي؛ خلوصي أكار، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، الأربعاء، تناول التطورات في سوريا، حيث شدد أكار على أن تركيا «ستواصل القيام بما يقع على عاتقها فيما يخص ضمان السلام في المنطقة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية».
كما أكد أكار أن الوجود العسكري التركي في سوريا يهدف إلى «مكافحة الإرهاب، وحماية حدود تركيا، ووحدة الأراضي السورية، ولا يشكل احتلالاً»، وأن بلاده تنتظر من دمشق تفهم موقفها من «وحدات حماية الشعب»، أكبر مكونات «قسد»، التي تعدّها امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني»، المصنف «منظمةً إرهابية» في تركيا.
وكان مقرراً، وفق ما أعلنت أنقرة من قبل، عقد الاجتماع الخاص بالبحث في مسار تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، يومي 15 و16 مارس (آذار) الحالي بموسكو، لكن أعلن في اللحظات الأخيرة عن تأجيله «لأسباب فنية».
وتزامن الإعلان عن تأجيل الاجتماع، الذي كان يستهدف التمهيد لعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع، مع زيارة رئيس النظام السوري إلى موسكو، حيث أعلن من هناك أنه لا يمكن أن يلتقي الرئيس التركي «قبل الانسحاب الكامل للقوات التركية من شمال سوريا».
وعقب إعلان وزير الخارجية التركي عن تأجيل الاجتماع، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، الثلاثاء، إن روسيا «تنسق مع سوريا وإيران وتركيا على جدول زمني لإجراء المفاوضات الرباعية المقبلة، على مستوى نواب وزراء الخارجية»، مشيراً إلى أنه «لم يتم الاتفاق على أي شيء».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).