تنديد دولي بخطط بوتين نشر أسلحة نووية في بيلاروسيا

برلين تحذر من «ترهيب» روسي... و«الناتو» يتحدث عن تطور «خطير»... وكييف تدعو إلى جلسة لمجلس الأمن

بوتين ولوكاشينكو خلال اجتماع لهما بموسكو في 17 فبراير الماضي (رويترز)
بوتين ولوكاشينكو خلال اجتماع لهما بموسكو في 17 فبراير الماضي (رويترز)
TT

تنديد دولي بخطط بوتين نشر أسلحة نووية في بيلاروسيا

بوتين ولوكاشينكو خلال اجتماع لهما بموسكو في 17 فبراير الماضي (رويترز)
بوتين ولوكاشينكو خلال اجتماع لهما بموسكو في 17 فبراير الماضي (رويترز)

ندّدت دول ومنظمات، أمس الأحد، بالخطط التي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت لنشر صواريخ نووية «تكتيكية» على أراضي بيلاروسيا.
وقد وجهت وزارة الخارجية الأوكرانية انتقادات لاذعة لتلك الخطط، ودعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لمواجهة التهديد المحتمل. وقالت الوزارة في بيان إن «أوكرانيا تنتظر إجراءات فعّالة من قبل المملكة المتحدة والصين والولايات المتحدة وفرنسا لمواجهة الابتزاز النووي الذي يمارسه الكرملين». وأضافت «نطالب بعقد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن الدولي فوراً من أجل هذا الغرض»، داعية مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي للضغط على بيلاروسيا من خلال تهديدها بـ«عواقب وخيمة» إذا قبلت بنشر أسلحة نووية روسية.
كما ذكر أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف أن خطط روسيا لنشر أسلحة نووية في بيلاروسيا سيزعزع استقرار تلك الدولة، واتهم موسكو باحتجاز مينسك «رهينة». وقال دانيلوف إنها «خطوة صوب زعزعة استقرار» بيلاروسيا، مضيفا أنها تفاقم مستوى «النظرة السلبية والرفض الشعبي» لروسيا وبوتين داخل بيلاروسيا. وكتب على «تويتر» «لقد أخذ الكرملين بيلاروسيا رهينة نووية». أما ميخايلو بودولياك مستشار المكتب الرئاسي في كييف فكتب في تغريدة أن الخطوة الجديدة لبوتين تظهر أنه «يعترف بخوفه من خسارة الحرب في أوكرانيا». وأضاف بودولياك أن «بوتين يؤكد أيضا أنه متورط في جريمة، حيث إنه ينتهك معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية».
بدورها، نددت الحكومة الألمانية بـ «محاولة جديدة للترهيب النووي من موسكو». وقال مسؤول في الخارجية الألمانية، طلب عدم الكشف عن هويته: «لن ندع أنفسنا ننحرف عن مسارنا» بسبب هذه التهديدات. وأضاف أن «المقارنة التي أجراها الرئيس بوتين مع صواريخ حلف شمال الأطلسي النووية خاطئة، ولا يمكن استخدامها مبررا»، مشيراً أيضاً إلى أن بيلاروسيا «تخالف» التزامها بالبقاء أرضاً خالية من الأسلحة النووية.
وانتقد حلف شمال الأطلسي «الناتو»، أمس الأحد، روسيا بسبب حديثها «الخطير وغير المسؤول» عن الأسلحة النووية، على خلفية خطط بوتين لنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا. وقال متحدث باسم «الناتو» إن «حلف شمال الأطلسي متيقظ، ونراقب الوضع عن كثب. لم نرصد أي تغييرات في الوضع النووي لروسيا من شأنها أن تقودنا إلى تعديل وضعنا».
وقلّلت واشنطن، القوة النووية العظمى الأخرى في العالم، من شأن المخاوف المتعلقة بإعلان بوتين وإمكانية استخدام موسكو للأسلحة النووية في الحرب في أوكرانيا. وقال المكتب الصحافي لوزارة الدفاع الأميركية في بيان: «رأينا تقارير عن إعلان روسيا وسنواصل مراقبة هذا الوضع. لم نر أي سبب لتعديل وضعنا النووي الاستراتيجي ولا أي مؤشرات على أن روسيا تستعد لاستخدام سلاح نووي. ما زلنا ملتزمين بالدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي». وذكر مسؤول في الإدارة الأميركية أن موسكو ومينسك تتحدثان عن نقل أسلحة نووية منذ فترة. ويشير مصطلح الأسلحة النووية «التكتيكية» إلى الأسلحة التي تستخدم لتحقيق مكاسب محددة في ساحة المعركة وليس الأسلحة ذات القدرة على إبادة المدن. وليس واضحا عدد الأسلحة التي تمتلكها روسيا من هذا النوع؛ نظرا لأن هذا الأمر محاط بالسرية منذ الحرب الباردة.
ووصف معهد «دراسة الحرب» الأميركي إعلان الكرملين عن خططه لنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا بأنه غير ذي صلة بخطر التصعيد إلى حرب نووية. وقال: «بوتين يحاول استغلال مخاوف الغرب من التصعيد النووي من خلال نشر الأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا».
ونقلت وكالة «رويترز» عن خبراء قولهم إن أهمية هذا التطور تكمن في أن موسكو كانت تفخر حتى الآن بأنها على عكس واشنطن لم تنشر أي أسلحة نووية خارج حدودها.
وأعلن بوتين السبت أن روسيا ستنشر أسلحة نووية «تكتيكية» في بيلاروسيا، وأنه تم تجهيز عشر طائرات استعداداً لاستخدام هذا النوع من الأسلحة. وقال بوتين في مقابلة عبر التلفزيون الروسي: «لا شيء غير اعتيادي هنا: الولايات المتحدة تفعل ذلك منذ عقود. هي تنشر منذ زمن طويل أسلحتها النووية التكتيكية على أراضي حلفائها».
قال بوتين إن رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو يطلب منذ فترة طويلة نشر تلك الأسلحة. وعلى الرغم من أن جيش بيلاروسيا لم يقاتل رسميا في أوكرانيا، فالعلاقات العسكرية بين موسكو ومينسك وثيقة جدا. وسمحت مينسك لموسكو باستخدام أراضيها لإرسال قوات إلى داخل أوكرانيا العام الماضي، وكثفت الدولتان التدريبات العسكرية المشتركة.
وشبه بوتين خططه بما فعلته الولايات المتحدة من نشر أسلحة في أوروبا، مشيرا إلى أن بلاده لن تنقل السيطرة على تلك الأسلحة لمينسك. وقال بوتين: «لن نسلم (الأسلحة). والولايات المتحدة لا تسلم (الأسلحة) أيضا لحلفائها. نحن بالأساس نفعل الأمر ذاته الذي يفعلونه منذ عقد». لكن تلك ستكون المرة الأولى منذ منتصف التسعينات التي تنشر فيها روسيا مثل تلك الأسلحة خارج أراضيها.
وذكر بوتين أن روسيا ستكمل بناء منشأة لتخزين الأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا بحلول الأول من يوليو (تموز)، مضيفا أن موسكو لن تنقل فعليا التحكم في تلك الأسلحة إلى مينسك. وقال إن روسيا نشرت بالفعل عشر طائرات في بيلاروسيا قادرة على حمل أسلحة نووية تكتيكية، كما نقلت عددا من أنظمة الصواريخ التكتيكية من طراز إسكندر القادرة أيضا على حمل تلك الأسلحة.
ووجّه مسؤولون في روسيا مرارا تهديدات مبطنة باستخدام أسلحة نووية في أوكرانيا في حال حصول تصعيد كبير. وبرر بوتين هذا القرار بنية لندن في إرسال ذخائر باليورانيوم المستنفد إلى أوكرانيا، وفق تصريحات صدرت مؤخرا عن مسؤولة بريطانية. وكتب ميخايلو بودولياك مستشار الرئاسة الأوكرانية في تغريدة أمس الأحد أن بوتين «يعترف بأنه يخشى الهزيمة (في الحرب) وأن كل ما يمكنه فعله هو بث الخوف». كما اتهم الرئيس الروسي «بانتهاك معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية». وخلال إعلانه، أكد بوتين أن هذا الانتشار في بيلاروسيا سيتم «دون انتهاك اتفاقياتنا الدولية بشأن عدم انتشار الأسلحة النووية».
ويعتبر لوكاشينكو الذي يحكم بيلاروسيا منذ 30 عاما تقريبا، حليفا رئيسيا لبوتين. وفي فبراير (شباط) 2022 سمحت مينسك للكرملين بشن عملية غزو أوكرانيا من أراضيها. وانتشرت مخاوف منذ ذلك الحين من احتمال انخراط بيلاروسيا في الهجوم الروسي إلا أن لوكاشينكو أكد أنه لن يقدم على ذلك «إلا في حال تعرض بيلاروسيا لهجوم».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.