ماذا وراء انسحاب مسلسلات سورية من سباق رمضان؟

جميعها دراما اجتماعية تحاكي الواقع

بسام كوسا وأمل عرفة في «مال القبان» المُنسحب من رمضان
بسام كوسا وأمل عرفة في «مال القبان» المُنسحب من رمضان
TT

ماذا وراء انسحاب مسلسلات سورية من سباق رمضان؟

بسام كوسا وأمل عرفة في «مال القبان» المُنسحب من رمضان
بسام كوسا وأمل عرفة في «مال القبان» المُنسحب من رمضان

عوامل سدّت طريق التحاق بعض المسلسلات السورية بسباق رمضان، متصدّية لرغبتها في حجز مقعد متقدّم على مسرح المُشاهَدة. اللافت أنها جميعها مسلسلات اجتماعية تلتقي في محاكاة الواقع. أبرز المنسحبين، بعد مفاوضات ظلّ بعضها قائماً حتى الربع الساعة الأخير من بداية شهر الصوم، هي «دوار شمالي»، «مال القبان»، «كانون» و«كسر عضم 2 - سراديب». اعتادت هذه الفئة (الاجتماعية) مدَّ صناعة الدراما السورية بثقل يشكل الفارق الرمضاني، ويتبارى في التفوّق مع دراما مصر. هذه السنة، يختلّ التوازن.
جوان ملا، ناقد سوري شاب مقيم في بيروت؛ يمضي الوقت في المتابعة والاطّلاع. يتخوّف، وهو يشير إلى هذا الانسحاب، من التداعيات المُحتملة؛ مُبدياً غيرته تجاه دراما سورية لا يتساوى فيها خفوت الجانب الاجتماعي مع وهجه. بل على العكس، تفتقر وتخبو، حين يغادرها طرح إنسان الراهن بأزماته وانكساراته بعد الحرب. يجمعه مع «الشرق الأوسط» نقاش خلفيات ما يجري وأسبابه.
تابع ملا رفضَ الرقابة السورية لمسلسل «دوار شمالي» بعنوانه السابق «تحت الرماد»، وانتقال مواقع التصوير والعدّة كاملة من الأراضي السورية إلى اللبنانية. وضعت تحته «لجنة القراءة والرقابة التلفزيونية» خطاً أحمر بذريعة «ضرب النسيج الوطني السوري جراء تأويلات طائفية». بقي العمل سورياً رغم غربته عن بيئته وأرضه، ومع ذلك لم ينل استحسان التلفزيون الرسمي.

أمل بوشوشة بطلة مسلسل «دوار شمالي» الخارج من السباق الرمضاني

عرضت المنصات التابعة لـ«تلفزيون أبوظبي» إعلاناً ترويجياً يشوّق على انتظاره. ثم سُحب، مما يدل على أنها ستستضيفه على مائدتها. بالنسبة إلى ملا، تتداخل الأسباب. وإن كان الاستقرار السياسي السوري - الإماراتي أحدها، فالآخر تقريباً «شخصي». يُخبر أنّ «إحدى شركات الإنتاج، وهي على خلاف مع منتج المسلسل إياد خزوز (آي سي ميديا)، نبّهت إلى أنّ العمل لم ينل موافقة الرقابة السورية وفتّحت العيون على التحفّظات ضمن النص. ولأنّ القناة في منأى عما يعكّر صفو المرحلة السياسية، ارتأت تفادي التشويش على الجوّ السائد، ففضّلت تعليق العرض».
إنها، وفق جوان ملا، مناكفة سورية - سورية على مستوى المنافسة الإنتاجية، قبل أي عامل خارجي، علماً بأن النقاش حول المسلسل استمرّ حتى الساعات الأخيرة من دخول رمضان. على مقلب آخر، يثير انسحاب مسلسل «مال القبان» الاستغراب، لإخفاق مُنتجَيه هلال أرناؤوط وأحمد الشيخ في تسويقه. المعلومات الواردة إلى ملا تفيد بأنّ «العروض المادية لم تكن جيدة»، والشيخ ظلّ يحاول فكانت محاولاته يائسة.
عامل آخر يُرخي ظلّه على عدم خروج «مال القبان» إلى الضوء؛ علماً بأن ثلاثية علي وجيه ويامن حجلي في الكتابة، وسيف السبيعي في الإخراج؛ تركت وقْعها على موسمَيْن رمضانيين فائتَيْن: «على صفيح ساخن» (2021) و«مع وقف التنفيذ» (2022). العامل هو «معضلة الدراما الاجتماعية السورية». يسمّي ملا مسلسلات تحاكي الراهن السوري بـ«دراما الإشكالية». نوعها يتسبب في صداع ويشغل البال. لذا، بات كثيرون يفضّلون ما يمرّ دون حرائق، ولا يُشعل مروره أي جمر.
تنتشر أعمال تجارية تروّج لقصص حب مستهلكة و«أكشن» مُضخَّم، على حساب أعمال أكثر رصانة تُنهكها «تهمة» أنها ما عادت مرغوبة. السبب الرئيسي خلف كل ما يجري يتحمّله، وفق ملا، «منتجون سوريون يتأخرون في التسويق إلا قبل شهرين من رمضان». برأيه، الثلاثية القابضة على مسار العمل الدرامي من التحضيرات إلى العرض هي «التنسيق والتوزيع والتسويق».
وإذ لا يحمل جديداً سؤالٌ مفاده لِمَ لا يبدأ التفاوض حول عرض المسلسلات قبل شهرين أو ثلاثة من رمضان، عوض الهرع إلى طرق الأبواب قبل أيام منه؛ لاعتبار أنها ليست المرة الأولى التي تواجه الدراما السورية هذا الارتباك؛ فإنّ ما يجدر التوقف عنده هو القرار المتأخّر بإنجاز مشروع سوري اجتماعي، وبالتالي التأخّر ببدء التصوير. شركات انتظرت بداية عام 2023 لتُشغّل كاميراتها، فانهال التصوير الفجائي دفعة واحدة!
يفسّر ملا أسباب هذا التخبّط، فيتصدّرها الحصول على موافقة الرقابة: «هي تتطلب وقتاً، تليها تعديلات تطرأ على النصوص، فتحديد ميزانيات، إلى أن يبدأ التصوير. العامل الرقابي يعرقل عجلة العمل».
من المسلسلات المُلتحِقة بالقائمة المُنسحبة، «كانون». يردّد القيّمون عليه أنّ تصويره تأخّر، فاستبعد من السباق؛ علماً بأنه، وفق ملا، روّجت منصّة «VIU” له، كما أشارت قناة «لنا» السورية إلى إلحاقه ضمن برمجتها. «فجأة، وقبل انطلاق رمضان، صدر بيان بأنه ليس جاهزاً بعد»؛ يستغرب ويتساءل: «هل هي طريقة احترافية للتستّر أو الاختباء وراء ضعف التسويق، أم الحقيقة؟»، مرجّحاً «خلافات مادية جمّدت البيع».

بسام كوسا خارج رمضان بعد انسحاب مسلسليه «مال القبان» و«كانون»

«كلاكيت»، إحدى أبرز شركات الإنتاج السورية؛ لكنّ قرارها الاستثمار بجزء ثانٍ من «كسر عضم» لم يكن موفقاً. فالمخرجة الأصلية رشا شربتجي والكاتب الأصلي علي صالح انسحبا. مع ذلك، وُلد إصرار على استغلال النجاح. برأي ملا، ظنّ المنتج إياد نجار أنّ اسم المسلسل وحده يكفي لبيعه، بعدما شكل «ترند» في رمضان الماضي. غيَّرت الريح اتجاه السفن.
تأخُّر الانطلاق بعمليات التصوير وتعذُّر إنهاء مَشاهده، جعل رمضان يسبق صنّاع المسلسل؛ فأخرجه «سوء التنسيق» من السباق. سار «كسر عضم» بين حقل ألغام وتحايل على الرقيب السوري؛ ومع أنّ جزأه الثاني صُوِّر بين بيروت ودبي، لم يلقَ طريقه إلى المنازل.
سعي المحطات لتكاليف أقل، سهَّل تسويق المُنتَج السوري الشامي، أو المُعرَّب، أو الاجتماعي «الخفيف»، على حساب الاجتماعي السخي في الكلفة الإنتاجية والقيمة الفنية. يشتمّ ملا رائحة «تهميش» مُتعمَّد تصيب هذه الدراما، فيتردّد منتجون قبل الاستثمار، ويتخوّف نجوم من تجميد تعبهم في الجوارير المغلقة.

كرم الشعراني في الجزء الثاني من «كسر عضم»

بيع مسلسلات البيئة الشامية بسعر مُنافس، يُسبب «تخمة» لدى محطات تتذرّع بها لرفض العمل الاجتماعي. ينجو «خريف عُمَر» بعدما فرغت مائدة «تلفزيون أبوظبي» من «دوار شمالي» و«كسر عضم 2»؛ وإلا للقي مصير الإرجاء. التحاقه و«مقابلة مع السيد آدم 2» بقائمة المحطة الرمضانية، عوَّض نقص المسلسلات السورية لديها. الأخير أُرجئ لعامين حتى نسي المُشاهد أحداثه! لم يحظَ بعرض مادي مغرٍ، فواجه صانعه فادي سليم الخيار اليتيم: التنازل عن شروط مادية إنقاذاً لحرق أوراق العمل وبعثرتها في المهبّ لو أُرجئ للعام الثالث.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
TT

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

عند إجراء مقابلة عمل، سواء كانت وجهاً لوجه أو مقابلة افتراضية، يجب أن تتبع آداب السلوك المناسبة.

تقول إميلي ليفين، نائبة الرئيس التنفيذي في شركة «كارير غروب كامبانيز»: «تأكد من أنك تتواصل بعينك بشكل جيد، وإنك تعرف متى يكون من المناسب التحدث، ومتى يكون الوقت مناسباً لطرح الأسئلة».

أجرت ليفين، وفقاً لموقع «سي إن بي سي»، آلاف المقابلات خلال مسيرتها المهنية، غالباً من أجل مشاهير من الدرجة الأولى يبحثون عن مساعدين شخصيين أو رؤساء للموظفين.

هذه مجموعة من أفضل نصائح ليفين لتجنب إثارة علامات تحذير خلال مقابلة العمل.

لا تصل مبكراً جداً

من المهم أن تتأكد من الوصول إلى المقابلة في الوقت المناسب، خصوصاً إذا كانت مقابلة شخصية وليست افتراضية.

وتتابع ليفين: «إذا وصلت متأخراً جداً، فإنك تخاطر بفقدان جزء من مقابلتك، مما يضيع وقت المحاورين ويجعل الانطباع سيئاً. ولكن إذا وصلت مبكراً جداً، فهذا سيجعلك تبدو متحمساً جداً، وقد يجعل المحاور يشعر بالضغط».

وتؤكد ليفين: «الوصول قبل موعدك بعشر دقائق هو الوقت المثالي للدخول إلى مكتب المحاور».

قدم نفسك بأكثر طريقة احترافية ممكنة

تشدد لفين على أنه سواء كانت المقابلة عبر الإنترنت أو شخصية: «لا تمضغ العلكة، ولا ترتدي نظارات شمسية» أثناء المقابلة، مضيفة: «هذه الأمور غير رسمية وغير مهنية».

وتشير: «إذا كانت المقابلة وجهاً لوجه، فتأكد أن رائحة دخان السجائر لا تفوح منك ولا تضع عطراً فواحاً»، موضحة: «الكثير من الناس حساسين للروائح النفاذة».

لا تكشف عن معلومات سرية

تشدد ليفين على ضرورة تجنب التحدث بسوء عن أصحاب العمل السابقين، أو «الكشف عن الكثير من المعلومات السرية أو الخاصة بأماكن العمل السابقة».

تؤكد ليفين أن بعض عملائها يجعلون موظفيهم يوقعون اتفاقيات عدم الإفشاء، وعندما يخبرها أحد المرشحين أنه وقَّع على هذه الاتفاقية ومع ذلك يكشف عن معلومات سرية حول صاحب عمل سابق، فإنها تعد علامة مقلقة.