استمرار تداعيات أزمة الطاقة في جنوب أفريقيا

وسط تحذيرات «صندوق النقد الدولي» من «ركود اقتصادي»

محتجون يطالبون باستقالة سيريل رامافوزا (أ.ب)
محتجون يطالبون باستقالة سيريل رامافوزا (أ.ب)
TT

استمرار تداعيات أزمة الطاقة في جنوب أفريقيا

محتجون يطالبون باستقالة سيريل رامافوزا (أ.ب)
محتجون يطالبون باستقالة سيريل رامافوزا (أ.ب)

في استمرار لارتدادات أزمة الطاقة الحادة، حذر صندوق النقد الدولي الأربعاء من أن الاقتصاد في جنوب أفريقيا مهدد بالركود، متوقعاً أن يتباطأ النمو بشكل حاد هذا العام على خلفية الأزمةً، فيما رآه الخبراء ضربة جديدة لسمعة اقتصاد البلاد وتهديداً للاستثمارات الأجنبية.
وبعد انتهاء زيارة للبلاد، قال فريق من صندوق النقد الدولي في بيان إن الاقتصاد مهدد بالركود وإن «توقعات النمو على المدى القريب تدهورت»، وأضاف البيان أن «التحديات الاقتصادية والاجتماعية في جنوب أفريقيا تتصاعد وسط أزمة طاقة غير مسبوقة، واختناقات متزايدة في البنية التحتية واللوجستيات».
ووفقاً للبيان، «انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.3 في المائة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022، ما يزيد من احتمال دخول اقتصاد البلاد في حالة ركود تقني إذا استمر الانكماش في الربع الأول من هذا العام».
ومن جانبها، أعلنت الحكومة أنها أحيطت علما بالنتائج الواردة في البيان. وقالت وزارة الخزانة في بيان إنها «على دراية بمعظم المخاطر التي يتعرض لها النمو الاقتصادي وتعمل على تدابير لتخفيفها ومعالجتها».
ودفع التدهور الحادّ في أزمة الطاقة السلطات إلى البحث عن دول أجنبية للمساعدة في إيجاد مخرج من المشكلة. وفي حوار له مع صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية هذا الأسبوع، أعلن وزير الكهرباء الجديد كجوسينتشو راموكجوبا أنه أجرى مباحثات مع دول ومؤسسات دولية، في محاولة للوصول إلى حلول. وأضاف: «نُجري محادثات مع الألمان والأميركيين والبنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية، كما التقينا بالسفير الصيني، ومن المهم أن نعرف مكامن خبرات كل تلك الدول بالقطاع، ومن أين نحصل على أسرع مساعدة».
وفي فبراير (شباط) الماضي أعلن الرئيس سيريل رامافوزا حالة الكارثة الوطنية، ضمن إطار حزمة إجراءات لمواجهة الأزمة. كما قام رامافوزا الشهر الجاري بتعديل حكومي شمل تعيين الوزير الجديد للكهرباء.
وتتفاقم أزمة انقطاع الكهرباء في البلاد منذ بداية عام 2022، إذ بدأت عمليات فصل الأحمال في مرحلتها السادسة، وهو ما رأى الخبراء أنه يؤدي إلى انقطاع الكهرباء لمدد تتراوح ما بين 6 و8 ساعات يومياً. وشهدت جنوب أفريقيا انقطاعاً للكهرباء ساعات عدة يومياً على مدار 200 يوم خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن يحدث ذلك طوال أيام عام 2023.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، خفض بنك جنوب أفريقيا الاحتياطي توقعاته للنمو لعام 2023 والعامين التاليين، وقال البنك إن «السبب الرئيسي لانخفاض النمو المتوقع هو الحجم والمدة الممتدة لخفض أحمال الكهرباء في البلاد». ومن المتوقع أن تشهد البلاد «أعلى» معدل للبطالة على مستوى العالم، حيث تشير التقديرات إلى أن البطالة ستصل إلى 35.6 في المائة في عام 2023. كما تعاني البلاد من ارتفاع معدلات الفقر، وعدم المساواة، والجريمة.
وعلى خلفية أزمة الطاقة وأزمات الاقتصاد في البلاد، خرج آلاف المحتجين الاثنين، في مظاهرات، مطالبين الرئيس سيريل رامافوزا بالاستقالة. ويتوقع مراقبون أن يخسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، أغلبيته البرلمانية، للمرة الأولى منذ 3 عقود في الانتخابات الوطنية العام المقبل.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى بدر الزاهر الأزرق، أستاذ قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن بيان صندوق النقد الدولي سيضر بسمعة الاقتصاد في جنوب أفريقيا وسيكون له نتائج اقتصادية وسياسية سلبية، لكنه اعتقد أن «ما يمر به الاقتصاد في بريتوريا من بين أسبابه الوضع الاقتصادي العالمي الذي يشهد تراجعاً منذ أزمة جائحة كورونا، الأمر الذي فاقمته الحرب الروسية الأوكرانية».
من جانبه، قال الصحافي المقيم في جوهانسبرغ سعيد عبد الله لـ«الشرق الأوسط» إن موقف الصندوق بمثابة «إنذار خطير للحكومة الحالية، ويعكس تراجع ثقة المنظمات والوكالات المالية والاقتصادية الدولية». واعتقد عبد الله أنه «سيزيد التراجع في شعبية الحزب الحاكم».
وأشار إلى أن «بيان صندوق النقد الدولي علاوة على وضع الدولة على القائمة الرمادية من قبل مجموعة العمل المالية الدولية من شأنهما أن يؤثرا بالسلب على الاستثمارات والتمويلات الدولية ويصعب الحصول على القروض في البلاد».
وكانت مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، وضعت جنوب أفريقيا على «القائمة الرمادية» بهدف تشديد المراقبة على أوجه القصور في مكافحة «تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار الأسلحة النووية»، في قرار رأى مراقبون أنه «يعرض الاقتصاد لمزيد من التدقيق من قبل المستثمرين والمصارف حول العالم».


مقالات ذات صلة

جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

العالم جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

جددت تصريحات مسؤول سابق في شركة «الكهرباء الوطنية» الحديث حول تفشي الفساد في جنوب أفريقيا، وسط «تراجع في شعبية» حزب المؤتمر الحاكم، بحسب مراقبين، ما قد يهدد حظوظه في الانتخابات العامة المقبلة المقرر إجراؤها العام القادم. وفي تقرير قدمه إلى اللجنة الدائمة للحسابات العامة بالبرلمان (SCOPA)، قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة الطاقة المملوكة للدولة في جنوب أفريقيا، أندريه دي رويتر، (الأربعاء)، إن مليار راند (55 مليون دولار) تسرق من شركة الكهرباء الحكومية الوطنية «إسكوم» كل شهر.

العالم جنوب أفريقيا لن تنسحب من «الجنائية الدولية» وتتحدث عن «خطأ» في التواصل

جنوب أفريقيا لن تنسحب من «الجنائية الدولية» وتتحدث عن «خطأ» في التواصل

أعلنت رئاسة جنوب أفريقيا، أمس (الثلاثاء)، أن البلاد لن تنسحب من المحكمة الجنائية الدولية، متحدثةً عن «خطأ» في التواصل من جانب الحزب الحاكم بشأن مذكرة توقيف الرئيس فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. وقالت الرئاسة مساء أمس، إنها «تود أن توضح أن جنوب أفريقيا لا تزال موقّعة على نظام روما الأساسي»، مضيفةً أن «هذا التوضيح يأتي بعد تعليقٍ خاطئ حصل خلال مؤتمر صحافي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم. وقبل هذا التوضيح، كان رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا قد أعلن (الثلاثاء)، أن حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم الذي يتزعمه، يطالب بانسحاب بلاده من المحكمة الجنائية الدولية. وقال راما

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)
العالم مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

قالت شرطة جنوب أفريقيا اليوم (الجمعة)، إن تقارير أولية تشير إلى مقتل 10 أشخاص من عائلة واحدة في إطلاق نار بمدينة بيترماريتسبرج بإقليم كوازولو ناتال، حسبما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء. وقالت وزارة الشرطة في بيان: «وفقاً لتقارير أمنية أولية، اقتحم مسلحون مجهولون منزلاً ومنطقة محيطة به في بيترماريتسبرج ونصبوا كميناً للعائلة. أصيبت 7 نساء و3 رجال بجروح أودت بحياتهم خلال إطلاق النار». وأضاف البيان أن وزير الشرطة بيكي سيلي وكبار قادة جهاز الأمن في البلاد سيتوجهون لموقع الجريمة في وقت لاحق اليوم.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)
العالم جنوب أفريقيا: السماح للمستقلين بخوض الانتخابات يُربك حسابات السياسيين

جنوب أفريقيا: السماح للمستقلين بخوض الانتخابات يُربك حسابات السياسيين

فيما تشهد شعبية حزب «المؤتمر» الحاكم في جنوب أفريقيا تدنياً غير مسبوق، أتى قانون يسمح للمستقلين بخوض الانتخابات، ليشكل تحدياً للقوى السياسية التقليدية بشكل عام. ووقَّع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الاثنين، على قانون يسمح للمرشحين المستقلين بخوض انتخابات المقاطعات والانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل.

الخليج محكمة في دبي تقرر عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا

محكمة في دبي تقرر عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا

قالت الإمارات، إن عبد الله النعيمي، وزير العدل في البلاد، أجرى اتصالاً هاتفياً مع رونالد لامولا، وزير العدل والإصلاحيات بجنوب أفريقيا؛ لمناقشة الحكم القضائي بشأن طلب تسليم المتهميْن أتول وراجيش كومار غوبتا، في ضوء قرار محكمة استئناف دبي عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا لعدم كفاية الوثائق القانونية فيما يتعلق بقضيّتيْن تتعلقان بغسل الأموال والاحتيال والفساد. وبحسب ما أوردته وكالة أنباء الإمارات (وام)، فإن قرار المحكمة بعدم إمكانية التسليم يأتي بعد عملية مراجعة قانونية شاملة ودقيقة، وجدت أن الطلب المقدّم لا يفي بالشروط والوثائق القانونية على النحو المُبيّن في اتفاقية التسليم الثن

«الشرق الأوسط» (دبي)

عودة ترمب تضع قادة العالم في مأزق: تهانٍ دبلوماسية بعد انتقادات لاذعة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)
TT

عودة ترمب تضع قادة العالم في مأزق: تهانٍ دبلوماسية بعد انتقادات لاذعة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)

عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات 2024، مما وضع عدداً من قادة العالم في موقف دبلوماسي حرج، حيث وجدوا أنفسهم مجبرين على مواجهة تعليقاتهم السابقة، التي شنَّت هجمات قاسية عليه. وبينما كانوا ينتقدون سياساته خلال ولايته الأولى، فإنهم اليوم يصوغون رسائل تهنئة ويدخلون في محادثات دافئة معه، استعداداً لمرحلة جديدة من العلاقات بين بلدانهم والولايات المتحدة. وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

في أوروبا، تزداد المخاوف بشأن تداعيات عودة ترمب على الأمن القاري، خصوصاً في ظل تصريحاته السابقة التي أشار فيها إلى أن حلف «الناتو» لا يفي بالتزاماته المالية.

في المملكة المتحدة، اضطر ديفيد لامي، وزير الخارجية الحالي في حكومة حزب «العمال»، إلى تقديم تهنئة رسمية لترمب، رغم سجله السابق في انتقاده، حيث كان قد وصفه بأنه «عنصري، ومعتل نفسي، وتهديد للنظام الدولي». ويأتي ذلك في سياق تعليقات ساخرة من المعارضة السياسية ووسائل الإعلام، حيث عنونت صحيفة «ديلي ستار» البريطانية على صفحتها الأولى بـ«هذا محرج».

حتى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي بارك فوز ترمب، واجه تلميحات ساخرة من الزعيمة الجديدة لحزب المحافظين، كيمي بادنوش، التي تساءلت عمّا إذا كان ستارمر قد اعتذر لترمب عن تصريحات لامي السابقة. وفي حين لم يرد ستارمر مباشرة، فإنه أشار إلى أن لقاءه الأخير ترمب كان بنّاءً للغاية.

وفي فرنسا، هنَّأ الرئيس إيمانويل ماكرون الرئيس الأميركي المنتخب ترمب، عبر محادثة وصفها مكتبه بـ«الدافئة»، رغم علاقة شابها كثير من التوتر خلال ولاية ترمب السابقة. فبعد فترة من المصافحات الحماسية والخلافات السياسية، يستعد ماكرون الآن للتعامل مع ترمب في قضايا دولية ملحة، مثل الحرب في أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط.

وعلى غرار الساسة الأوروبيين، قام سفير أستراليا في واشنطن، كيفن رود، بحذف منشورات سابقة وصف فيها ترمب بأنه «مدمر، وخائن للغرب». وأعرب رود عن استعداده للعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة؛ لتعزيز العلاقات الثنائية.

يشير المشهد الحالي إلى أن العودة السياسية لترمب قد تضع علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها على محك جديد، خصوصاً في ظل تحديات دولية تتطلب تنسيقاً مشتركاً، في حين يبرز المأزق الذي يواجهه قادة العالم بين تصريحاتهم السابقة والواقع السياسي الجديد.