جنوب أفريقيا: السماح للمستقلين بخوض الانتخابات يُربك حسابات السياسيين

وسط «تدني شعبية» حزب «المؤتمر» الحاكم

محتجون خلال مظاهرات ضد رامافوزا في 20 مارس الماضي (رويترز)
محتجون خلال مظاهرات ضد رامافوزا في 20 مارس الماضي (رويترز)
TT

جنوب أفريقيا: السماح للمستقلين بخوض الانتخابات يُربك حسابات السياسيين

محتجون خلال مظاهرات ضد رامافوزا في 20 مارس الماضي (رويترز)
محتجون خلال مظاهرات ضد رامافوزا في 20 مارس الماضي (رويترز)

فيما تشهد شعبية حزب «المؤتمر» الحاكم في جنوب أفريقيا تدنياً غير مسبوق، أتى قانون يسمح للمستقلين بخوض الانتخابات، ليشكل تحدياً للقوى السياسية التقليدية بشكل عام.
ووقَّع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الاثنين، على قانون يسمح للمرشحين المستقلين بخوض انتخابات المقاطعات والانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل. ويأتي القانون الجديد بعد أن قضت المحكمة الدستورية عام 2020 بـ«عدم قانونية منع المرشحين المستقلين من خوض الانتخابات دون عضوية حزب سياسي».
وقال رامافوزا في بيان، إن تعديل القانون الانتخابي يمثل «علامة بارزة في تطور ديمقراطيتنا، من خلال توسيع المشاركة الانتخابية، وتوسيع مجموعة اختيار القيادة للجمعية الوطنية والمجالس التشريعية الإقليمية».
وعدل قانون الانتخابات بعدة طرق، للسماح لمرشحين مستقلين بخوض الانتخابات. كما عدلت الصيغة الانتخابية لتوزيع المقاعد؛ حيث يتم التعامل مع المقاطعات كدوائر انتخابية متميزة (تسمى المناطق). وتنقسم الجمعية الوطنية إلى 200 مقعد «إقليمي» و200 مقعد «تعويضي» يتم اختيارهم من قوائم التمثيل النسبي.
وخلال عملية المشاركة العامة في مشروع القانون، كانت الانتقادات الرئيسية له أنه يخلق منافسة غير متكافئة بين المرشحين المستقلين والأحزاب السياسية في انتخابات الجمعية الوطنية؛ لأن المرشحين المستقلين مؤهلون فقط للتنافس على 200 مقعد، بينما تتنافس الأحزاب السياسية على 400 مقعد.
وعلى مدى عقود، تبنت جنوب أفريقيا نظاماً انتخابياً قائماً على التمثيل النسبي لقوائم حزبية، ما يعني أن الأحزاب ممثلة بما يتناسب مع دعمها الانتخابي، وهو نظام يقول النقاد إنه يعزز الفساد السياسي.
وعلى الرغم من توليه السلطة منذ نهاية الفصل العنصري عام 1994، فاز حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» في الانتخابات التشريعية الأخيرة في مايو (أيار) 2019 بنسبة 57.5 في المائة من الأصوات المُدلى بها، وهي أقل نسبة على الإطلاق من الأصوات في الانتخابات الوطنية.
ويأتي هذا وسط أزمة كهرباء تعصف بالبلاد. ودفعت أزمة الكهرباء رامافوزا إلى إعلان حالة «الكارثة الوطنية»، ثم تم إلغاؤها مؤخراً، كما قام رامافوزا بإجراء تغييرات في الحكومة شملت عدداً من الوزراء، واستحداث منصب وزير للكهرباء للمرة الأولى.
ويواجه حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» استياءً شعبياً متزايداً يدعمه الاقتصاد المتراجع والمعدلات المرتفعة للبطالة وتفاقم معدلات الجريمة وعدم المساواة. ومن المتوقع أن تشهد البلاد «أعلى» معدل للبطالة على مستوى العالم؛ حيث تشير التقديرات إلى أن البطالة ستصل إلى 35.6 في المائة في عام 2023.
ويعمل حزب «التحالف الديمقراطي» أكبر حزب معارض في البلاد، على بناء تحالف يهدف إلى الإطاحة بحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في انتخابات عام 2024.
والشهر الماضي، نظم حزب «مقاتلي الحرية الاقتصادية» (EFF) بقيادة المعارض اليساري، جوليوس ماليما، مسيرات احتجاجية على مستوى البلاد، للاحتجاج على الأزمات التي تشهدها البلاد، وعلى رأسها أزمة الكهرباء، والأزمة الاقتصادية. واتهم ماليما رامافوزا بـ«تحويل البلاد إلى دولة فاشلة، وتمكين الفساد».
ويرى خالد ميار الإدريسي، رئيس «المركز المغربي للدارسات الدولية والمستقبلية»، أن القانون الجديد سيؤدي إلى صعود نسبي، وليس كبيراً، للمستقلين في التنافس السياسي في الانتخابات المقبلة، وسيزداد الحضور بالتدريج.
وتوقع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن المستقلين «سيمثلون مع الوقت ورقة ضغط وقاطرة جديدة لتغيير السياسات في البلاد، عبر فتح المجال السياسي والتشريعي والمجال العام لمناقشة القضايا المهمة». وقال: «مثلاً، قد تضطر القوى الحزبية التقليدية للتحالف مع المستقلين الوازنين، بهدف تحقيق مكاسب سياسية، وهو ما قد يؤدي بالتدريج إلى تغييرات في سياسات القوى الحزبية».
من جانبه، اعتقد عطية عيسوي، الخبير في الشؤون الأفريقية، أن القانون -على الرغم من الانتقادات الموجهة إليه- «يمثل نقلة نوعية في آثاره المحتملة على الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة والمشهد السياسي في البلاد كلها».
وتوقع عيسوي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب الحاكم «سيفقد كثيراً من مناصريه لحساب المستقلين، وستهبط شعبيته المتدنية للغاية بسبب السخط الشعبي من الفساد المستشري في صفوف الحزب، والأزمات الكبرى المتسببة في معاناة المواطنين في حياتهم اليومية».
ولفت عيسوي إلى أن القانون قد يؤدي إلى مراجعات داخل أروقة الحزب لأدائه السياسي، بما يشمل «حملة تطهير من الفساد الداخلي»، وقال عيسوي إن القانون «لا يربك فقط الحزب الحاكم؛ بل يمتد إلى قوى المعارضة كذلك التي ترى قطاعات كبيرة من المواطنين أنها فاسدة وغير فاعلة».


مقالات ذات صلة

جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

العالم جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

جددت تصريحات مسؤول سابق في شركة «الكهرباء الوطنية» الحديث حول تفشي الفساد في جنوب أفريقيا، وسط «تراجع في شعبية» حزب المؤتمر الحاكم، بحسب مراقبين، ما قد يهدد حظوظه في الانتخابات العامة المقبلة المقرر إجراؤها العام القادم. وفي تقرير قدمه إلى اللجنة الدائمة للحسابات العامة بالبرلمان (SCOPA)، قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة الطاقة المملوكة للدولة في جنوب أفريقيا، أندريه دي رويتر، (الأربعاء)، إن مليار راند (55 مليون دولار) تسرق من شركة الكهرباء الحكومية الوطنية «إسكوم» كل شهر.

العالم جنوب أفريقيا لن تنسحب من «الجنائية الدولية» وتتحدث عن «خطأ» في التواصل

جنوب أفريقيا لن تنسحب من «الجنائية الدولية» وتتحدث عن «خطأ» في التواصل

أعلنت رئاسة جنوب أفريقيا، أمس (الثلاثاء)، أن البلاد لن تنسحب من المحكمة الجنائية الدولية، متحدثةً عن «خطأ» في التواصل من جانب الحزب الحاكم بشأن مذكرة توقيف الرئيس فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. وقالت الرئاسة مساء أمس، إنها «تود أن توضح أن جنوب أفريقيا لا تزال موقّعة على نظام روما الأساسي»، مضيفةً أن «هذا التوضيح يأتي بعد تعليقٍ خاطئ حصل خلال مؤتمر صحافي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم. وقبل هذا التوضيح، كان رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا قد أعلن (الثلاثاء)، أن حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم الذي يتزعمه، يطالب بانسحاب بلاده من المحكمة الجنائية الدولية. وقال راما

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)
العالم مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

قالت شرطة جنوب أفريقيا اليوم (الجمعة)، إن تقارير أولية تشير إلى مقتل 10 أشخاص من عائلة واحدة في إطلاق نار بمدينة بيترماريتسبرج بإقليم كوازولو ناتال، حسبما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء. وقالت وزارة الشرطة في بيان: «وفقاً لتقارير أمنية أولية، اقتحم مسلحون مجهولون منزلاً ومنطقة محيطة به في بيترماريتسبرج ونصبوا كميناً للعائلة. أصيبت 7 نساء و3 رجال بجروح أودت بحياتهم خلال إطلاق النار». وأضاف البيان أن وزير الشرطة بيكي سيلي وكبار قادة جهاز الأمن في البلاد سيتوجهون لموقع الجريمة في وقت لاحق اليوم.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)
الخليج محكمة في دبي تقرر عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا

محكمة في دبي تقرر عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا

قالت الإمارات، إن عبد الله النعيمي، وزير العدل في البلاد، أجرى اتصالاً هاتفياً مع رونالد لامولا، وزير العدل والإصلاحيات بجنوب أفريقيا؛ لمناقشة الحكم القضائي بشأن طلب تسليم المتهميْن أتول وراجيش كومار غوبتا، في ضوء قرار محكمة استئناف دبي عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا لعدم كفاية الوثائق القانونية فيما يتعلق بقضيّتيْن تتعلقان بغسل الأموال والاحتيال والفساد. وبحسب ما أوردته وكالة أنباء الإمارات (وام)، فإن قرار المحكمة بعدم إمكانية التسليم يأتي بعد عملية مراجعة قانونية شاملة ودقيقة، وجدت أن الطلب المقدّم لا يفي بالشروط والوثائق القانونية على النحو المُبيّن في اتفاقية التسليم الثن

«الشرق الأوسط» (دبي)
مخاوف من تأثير مشروع لطاقة الرياح على الفيلة في جنوب أفريقيا

مخاوف من تأثير مشروع لطاقة الرياح على الفيلة في جنوب أفريقيا

يثير مشروع إقامة حقل لتوربينات الرياح قرب محمية طبيعية تشكّل موطناً للفيلة في جنوب أفريقيا، قلقاً لدى ناشطين بيئيين يخشون من الضرر المحتمل على هذه الحيوانات. فمن ناحية، هناك حديقة أدو الوطنية التي تضم نحو 600 فيل، في جنوب البلاد. ومن ناحية أخرى، هناك مشروع لإنشاء 200 توربينة رياح في بلد يعاني أزمة طاقة ويبحث سكانه عن طرق لتوليد المزيد من الكهرباء. ووصف وليام فولدز، وهو طبيب بيطري متخصص في الحياة البرية يدير نزلاً في المنطقة، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية هذا المشروع بأنه «كارثي».

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.