دُعي الفرنسيون، اليوم (الخميس)، للمشاركة في يوم تاسع من التحرّكات في شهرين، ضدّ إصلاح نظام التقاعد غير الشعبي الذي تمّ تبنّيه من دون تصويت في الجمعية الوطنية، وذلك غداة تصريحات للرئيس إيمانويل ماكرون أثارت حفيظة النقابات والمعارضة. ودعت النقابات معارضي هذا الإصلاح للنزول إلى الشارع والإضراب، للمرة التاسعة منذ 19 يناير (كانون الثاني)، وللمرة الأولى على المستوى الوطني منذ تمرير مشروع القانون.
وفي مقابلة تلفزيونية بعد أسابيع من التوترات الاجتماعية، أمل ماكرون بأن يدخل هذا الإصلاح - الذي يعدّ إجراءً رئيسياً خلال ولايته الثانية - «حيّز التنفيذ بحلول نهاية العام»، مع إقراره بأنّه «غير شعبي». وقال «هذا الإصلاح ليس متعة ولا ترفاً، بل ضرورة»، مشيراً إلى الدفاع عن «المصلحة العامة» في مواجهة تدهور وضع صناديق التقاعد وارتفاع عدد المسنّين في فرنسا. وهذا الإصلاح الذي قدّمه ماكرون يرفع سنّ التقاعد من 62 إلى 64 عاماً.
وتعدّ فرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سنّ للتقاعد ولو أن أنظمة التقاعد غير متشابهة ولا يمكن مقارنتها تماماً.
لكن معارضي هذا الإصلاح يرون أنّه «غير عادل»، خصوصاً بالنسبة إلى النساء والعاملين في الوظائف الصعبة.
شهد، أمس، تحرّكات وعمليات إغلاق عدّة طالت مستودعات النفط والموانئ والطرق والنقل الجوي، وقطاع الغاز والجامعات.
على المستوى الوطني، يشهد الوضع تدهوراً طفيفاً فيما يتعلّق بالوقود، في ظلّ مواجهة نحو 14 في المائة من المحطّات شحّاً في نوع واحد من الوقود على الأقل، مقابل 12 في المائة أول من أمس. وتعمل مصفاة واحدة تابعة لـ«توتال انرجيز» من كلّ أربع مصافٍ في فرنسا.
وقالت وزارة التحوّل البيئي لوكالة الصحافة الفرنسية، اليوم: إنّ مستوى الإمدادات بالكيروسين إلى منطقة باريس ومطاراتها من النورماندي (غرب) «بات حرجاً»، وذلك في حين تستعدّ لاستدعاء الموظّفين المضربين.
من جهتها، طلبت المديرية العامة للطيران المدني في فرنسا من شركات الطيران إلغاء 30 في المائة من رحلاتها الخميس في مطار باريس - أورلي و20 في المائة في المطارات الأخرى.
وتمّ إغلاق ميناءي مرسيليا - فو (جنوب) وبريست (غرب) بشكل كامل، أمس، بناءً على دعوة الاتحاد النقابي النافذ (CGT).
كذلك، لا تنوي الشركة الوطنية للسكك الحديد (SNCF) تسيير سوى نصف عدد القطارات الفائقة السرعة وثلث قطاراتها الإقليمية السريعة الخميس.
ومن المتوقّع أن تكون حركة مترو باريس وقطارات الضواحي «مضطربة للغاية».
في هذه الأثناء، يستمر إضراب عمّال جمع القمامة في باريس إلى الاثنين، بعدما كان قد بدأ في السادس من مارس (آذار).
وأكد ماكرون، أمس، أنّه لا يعتزم حلّ البرلمان أو إجراء تعديل وزاري أو استفتاء على إصلاح النظام التقاعدي. غير أنّه قال: إنه يريد «استئناف» الحوار مع الشركاء الاجتماعيين بشأن العلاقة بالعمل «في غضون أيام قليلة، أسابيع قليلة»، في انتظار تراجع التوتر.
وردّ رئيس الكونفدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل (سي إف دي تي) لوران بيرجيه على ذلك، وقال للوكالة «هذا كلام فارغ، في الوقت الحالي، هناك صراع اجتماعي كبير وأزمة ديمقراطية وأزمة اجتماعية».
يرى محلّلون، أنّ هذا الإصلاح والحركة الاحتجاجية التي أثارها سيتركان أثراً لا يمكن محوه على ولاية ماكرون الثانية.
وقال وزير العمل أوليفييه دوسوبت اليوم «بعد تحرّك ونزاع كهذا، لا يمكننا التفكير في أنّنا سنمحو الأشياء». وأضاف لإذاعة «ار تي ال»، إن «هناك قبل وبعد، هناك خلاف سيستمرّ بشأن سنّ الإحالة» على التقاعد. وتابع «لكن هناك مواضيع تسمح بإعادة التواصل عبر الحوار».
منذ لجوء السلطة التنفيذية في 16 مارس إلى المادة 49.3 من الدستور التي تسمح لها بتبنّي نصّ من دون تصويت، لعدم وجود أغلبية في الجمعية الوطنية، تتخذ الحركة الاحتجاجية طابعاً متطرفاً.
ويتواجه المتظاهرون والشرطة كل مساء، خصوصاً في باريس. كما تمّ اعتقال نحو ألف شخص.
فرنسا: يوم تاسع من الإضرابات والمظاهرات ضدّ إصلاح نظام التقاعد
فرنسا: يوم تاسع من الإضرابات والمظاهرات ضدّ إصلاح نظام التقاعد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة