الجيش السوداني يبحث مع المدنيين تشكيل الحكومة

اجتماعات مكثفة لإنجاز «الاتفاق السياسي النهائي»

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالِبة بالحكم المدني 14 مارس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالِبة بالحكم المدني 14 مارس (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يبحث مع المدنيين تشكيل الحكومة

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالِبة بالحكم المدني 14 مارس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالِبة بالحكم المدني 14 مارس (أ.ف.ب)

تتسارع خطى السودانيين نحو تحقيق «اتفاق سياسي نهائي» تتشكل بموجبه حكومة مدنية انتقالية، إذ شرع المدنيون والعسكريون، أمس، في عقد اجتماعات مكثفة لبحث تشكيل الحكومة الجديدة مباشرة بعد توقيع «الاتفاق السياسي النهائي»، في حين توقعت مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن ذلك قد يتحقق في غضون الأيام القليلة المقبلة.
وقال الناطق الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، في تصريح صحافي، إن القصر الجمهوري يشهد أول اجتماعات «الآلية السياسية المعنية بصياغة الاتفاق النهائي»؛ من أجل تتويج العملية السياسية الجارية منذ بضعة أشهر، وإكمال ما توصّل إليه اجتماع 15 مارس (آذار) الماضي من تفاهمات رئيسية بين العسكريين والمدنيين، وتذليل العقبات التي تعترض مسار العملية في الفترة الانتقالية وتضع الأسس اللازمة لحل الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية المتفاقمة في البلاد منذ الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
ووفقاً للمصادر، فإن اجتماعاً آخر سيناقش تكوين «لجنة صياغة الاتفاق النهائي»، وتحديد جداول زمنية للخطوات المطلوبة لإكمال العملية السياسية، وتسريع تكوين الحكومة الانتقالية المدنية. ووقَّعت قوى سياسية ومدنية، على رأسها تحالف المعارضة «الحرية والتغيير»، في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، «اتفاقاً إطارياً» قضى بخروج الجيش عن السياسة وتكوين حكومة مدنية ذات سلطة كاملة، بينما يعود العسكريون إلى ثكناتهم. لكن الاتفاق الإطاري قرر إرجاء 5 قضايا رئيسية لمزيد من التشاور بين المدنيين والعسكريين، ينتظر أن تكتمل المؤتمرات المخصصة لها في غضون الأسبوع الحالي، ثم تضمين توصياتها في «الاتفاق النهائي» في القريب العاجل.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن اجتماعاً تنسيقياً عُقد، يوم الأحد، في القصر الرئاسي بين المدنيين والعسكريين؛ لمتابعة ما جرى التوصل إليه في اجتماع الأربعاء الماضي، الذي طالب بتسريع العملية السياسية وإكمال المهامّ المنوطة بالطرفين المدني والعسكري، ومحاولة إشراك القوى غير الموقِّعة على «الاتفاق الإطاري» لكي تنضمّ إليه.
وواجه «الاتفاق الإطاري» عدة تعقيدات ناتجة عن تباينات بين موقفيْ كل من قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي»، على الموقف من تنفيذ الاتفاق النهائي، كادت تقود إلى مواجهة بين القوتين. وكان حميدتي قد أعلن صراحة دعمه الكامل للاتفاق الإطاري، في حين خرجت تصريحات من قائد الجيش وبعض مساعديه، وضع خلالها شروطاً جديدة للسير في تنفيذ الاتفاق، وعلى رأسها دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وإشراك قوة مُوالية لقيادة الجيش في الحكومة المقبلة، وهو الأمر الذي اعتبره عدد من المراقبين محاولة للتملص من تلك التعهدات.
وتحولت التباينات بين الرجلين إلى حرب كلامية على الملأ، قال خلالها حميدتي إنه داعم للاتفاق ويقف دون مواربة مع الحكومة المدنية الجديدة، واتهم جهات قال إنها «تتشبث بالسلطة» ولا تريد الخروج منها، وهي اتهامات تشير إلى قيادة الجيش التي تولّت السلطة بعد أن أطاحت بالحكومة المدنية السابقة في 25 أكتوبر 2021.
وتخلّى كل من الرجلين عن وصف أحداث أكتوبر بأنها إجراءات «تصحيحية لمسار الثورة»، واعترفا علانية بأنها كانت انقلاباً عسكرياً، وأقرّا بفشله في تحقيق مقاصده، وأبديا استعدادهما للتراجع عنه والعودة إلى العملية السياسية التي تهدف إلى تسليم السلطة لحكومة مدنية تقود البلاد خلال فترة انتقالية لمدة سنتين تعقبها انتخابات حرة وديمقراطية، وهي العملية السياسية التي قاربت نهايتها.
ولم يحظَ انقلاب الجيش بأي تأييد شعبي أو دولي أو إقليمي، بل واجهته المظاهرات والاحتجاجات منذ يومه الأول، في حين جمد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان، وأوقفت القوى الدولية والإقليمية المساعدات الاقتصادية والمالية التي وعدت بتقديمها للسودان، بما في ذلك برنامج إعفاء الديون.
وواجه قادة الانقلاب المظاهرات السلمية بعنف مفرط استخدم فيه الذخيرة الحية والصوتية وقنابل الغاز والصوت والعصي والدهس بسيارات الشرطة، مما أدى إلى مقتل 125 متظاهراً سلمياً، فضلاً عن إصابة المئات بجراح بعضها خطيرة، وإخضاع آلاف المحتجّين للاحتجاز التعسفي، بما في ذلك تلفيق «تُهم» بقتل عسكريين قضت المحاكم لاحقاً بعدم صحتها وأطلقت سراح المعتقلين.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
TT

10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)

قُتِل 10 أشخاص في نهاية الأسبوع جرّاء ضربة بواسطة طائرة مسيّرة على سوق مزدحمة في ولاية شمال دارفور السودانية، على ما أفاد به مسعفون لم يذكروا الجهة التي نفذت الهجوم.

ويأتي الهجوم في وقت اشتدت المعارك في مناطق سودانية أخرى؛ ما دفع إلى إجلاء العاملين في مجال الإغاثة، الأحد، من مدينة كادوقلي الجنوبية المحاصرة والتي تعاني المجاعة.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان منذ 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو عن مقتل عشرات الآلاف، وتسببت بنزوح نحو 12 مليوناً، وأدت إلى «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، وفق الأمم المتحدة.

وأوضح مجلس غرف طوارئ شمال دارفور، وهو إحدى مئات المجموعات التطوعية التي تنسق المساعدات في السودان، أن ضربة بطائرة مسيّرة «استهدفت، السبت، سوق الحارة بمحلية المالحة».

ولم يشر المجلس إلى الجهة التي نفّذت الهجوم، موضحاً أنه أدى إلى «وقوع حريق جزئي في المحال التجارية وخسائر مادية كبيرة». ولم يصدر تعليق فوري من الجيش السوداني أو من «قوات الدعم السريع».

وتتركز الحرب راهناً في جنوب كردفان، وتصاعدت حدة الاشتباكات في كادوقلي، عاصمة الولاية؛ حيث أسفر هجوم بطائرة مسيّرة، الأسبوع الفائت، عن مقتل 8 أشخاص في أثناء محاولتهم الفرار من المدينة الخاضعة لسيطرة الجيش.

وقال مصدر في منظمة إنسانية تعمل في كادوقلي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، إن المنظمات الإنسانية «أجلت جميع عامليها» من المدينة بسبب الأوضاع الأمنية.

وجاء الإجلاء عقب قرار الأمم المتحدة نقل مركزها اللوجيستي من كادوقلي، بحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، لكنه لم يشر إلى الوجهة التي نُقل إليها العاملون. وتحاصر «الدعم السريع» وحلفاؤها كادوقلي ومدينة الدلنج المجاورة منذ اندلاع الحرب.

وأعلنت «قوات الدعم السريع»، الأسبوع المنصرم، سيطرتها على منطقة برنو، وهي خط دفاعي رئيسي على الطريق الذي يربط كادوقلي بالدلنج.

وبعد سيطرتها في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، ركّزت «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان الغني بالموارد، وهو خط استراتيجي يربط مناطق الشمال والشرق الخاضعة للجيش بدارفور التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في الغرب.

وأدت الحرب في السودان إلى تقسيمه فعلياً إلى شطرين، أولهما في قبضة الجيش الذي يسيطر على الشمال والشرق والوسط، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» على عواصم الولايات الخمس في دارفور، وعلى أجزاء من الجنوب مع حلفائها.


حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
TT

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

دافع أسامة حمّاد، رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، عن الجهود التي تجريها سلطات شرق البلاد، وقال إن «ما تحقق من أمن واستقرار وتنمية يُجسّد المشروع الوطني الحقيقي لجمع الكلمة ولمّ الشمل، وبناء ليبيا على أسس الدولة والمؤسسات وسيادة القانون».

خالد حفتر يتوسط بلقاسم (يمين) وحماد (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

واستغل حمّاد افتتاحه عدداً من المشروعات التنموية في جنوب ليبيا، مساء السبت، وشدّد على أن «الحلول في بلادنا لن تأتي من الخارج، بل يصنعها الشعب الليبي بإرادته»، داعياً «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب البناء والتنمية، بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية تعيق مسار بناء الدولة».

وكان حمّاد وعدد من الشخصيات النيابية والعسكرية، من بينهم نائب القائد العام لـ«الجيش الوطني» الفريق صدام حفتر، ورئيس الأركان العامة الفريق خالد حفتر، شاركوا في مراسم الافتتاح التي شهدتها مدينة سبها، وذلك عقب استكمال أعمال الصيانة والتطوير التي نفّذها «صندوق التنمية وإعادة الإعمار».

ويقول الصندوق الذي يترأسه بلقاسم حفتر إنه «يعمل ضمن خطة للنهوض بالبنية التحتية والخدمية في المنطقة الجنوبية»، وهي الجهود التي ينظر إليها متابعون بأنها «تخصم من رصيد سلطات العاصمة طرابلس في إطار معادلة تمدد النفوذ بين عسكر شرق ليبيا وغربها».

وحمّاد - الذي تحظى حكومته بدعم من «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر - دائماً يوجه انتقادات لغريمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة. وأمام جمع من سلطات شرق ليبيا المشاركين في عملية الافتتاح، أكد «الوقوف بحزم أمام كل محاولات الفتنة أو المساس بالأمن والاستقرار، وعدم السماح بإعادة البلاد إلى مربع الفوضى أو العبث بمصالح المواطنين».

وذهب حمّاد، حسب بيان حكومته، إلى أن «ما تشهده ليبيا اليوم من أمن واستقرار وإعمار يُمثل نقلة حقيقية وغير مسبوقة شملت مختلف المدن والمناطق شرقاً وغرباً وجنوباً»، مشيراً إلى أن «هذا التحول لم يكن ليتحقق لولا ترسيخ الأمن والاستقرار، وما قدّمه رجال القوات المسلحة من تضحيات جسام في سبيل حماية الوطن واستعادة هيبة الدولة».

ونوّه حماد بأن المشروعات التي افتُتحت اليوم شملت قطاعات حيوية، من بينها الإسكان والتعليم والصحة، إضافة إلى شبكات المياه والكهرباء، مع استمرار العمل في عددٍ من المشروعات الأخرى، إلى جانب إطلاق مشروعات جديدة في عدة مدن، بما يضمن وصول الإعمار إلى جميع مدن ومناطق الجنوب دون استثناء.

وتطرّق حمّاد إلى عملية المصالحة في ليبيا، بين القبائل والمدن، وأعلن «بلوغ المراحل النهائية لوضع ميثاق المصالحة الوطنية الشاملة موضع التنفيذ»، وبشّر مواطنين الجنوب بـ«إصدار القرارات اللازمة لتخصيص الأموال، تمهيداً للبدء في صرف تعويضات جبر الضرر للمتضررين، بما يُسهم في طيّ صفحة مؤلمة، وفتح صفحة جديدة قوامها العدل والمصالحة والتسامح».

عدد من قيادات شرق ليبيا خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

وحكومة حمّاد ليست على توافق مع البعثة الأممية، إذ سبق واتهمتها بـ«تجاوز القوانين والتشريعات الليبية والمواثيق والاتفاقيات الدولية المنظمة للعمل الدبلوماسي»، وذلك على خلفية إعلانها تلقيها «ترشيحات لـ(الحوار المهيكل) المتعلق بـ(خريطة الطريق) السياسية».

وبدا أن سلطات بنغازي آخذة في تمديد نفوذها، إذ سبق ووضع صدام حفتر، في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حجر الأساس لمشروع يتضمن «مباني خدمية وعسكرية متكاملة» في مدينة سبها. كما تحدّث عن «العمل على ربط مدن الجنوب بشبكات طرق حديثة، وتطوير بنية تحتية، ودعم المشروعات الزراعية التي تمثل ركيزة للأمن الغذائي حتى تكون مركزاً للإنماء والإنتاج، لا معبراً للمعاناة أو التهميش».

وتنقل وسائل إعلام محلية «فرحة سكان جنوب ليبيا مما تحقق في مناطقهم المهمشة من تنمية». وظل الجنوب يشتكي إلى بعثة الأمم المتحدة مما يعانيه من «الإقصاء والتمييز ونقص الخدمات الحكومية».

وكان وفد يتقدمه حمّاد ومدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، زار مدينة غات في أقصى الجنوب الغربي لليبيا على الحدود الجزائرية، وذلك للوقوف على أوضاع المدينة، ومتابعة سير العمل بالمشروعات الخدمية والتنموية.

ووضعت الحكومة زيارة غات في إطار «حرصها على الاطلاع الميداني على احتياجات المواطنين، وتقييم مستوى الخدمات العامة، ومتابعة أداء الجهات التنفيذية، وبحث آليات تعزيز الاستقرار ودعم جهود التنمية، بما يسهم في تحسين مستوى الخدمات وتلبية تطلعات أهالي المدينة».


مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)

شدَّدت مصر على «دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه». وأشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«مستوى التعاون القائم بين الأجهزة المصرية والعراقية في المجال الأمني، وبجهود الدولة العراقية وسلطات إقليم كردستان - العراق الرامية إلى إحلال الاستقرار والسلام بالمنطقة».

وأجرى السيسي محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق، مسرور بارزاني، في القاهرة، الأحد، بحضور رئيس المخابرات العامة في مصر حسن رشاد، ووزير داخلية إقليم كردستان - العراق رايبوار أحمد، ورئيس جهاز مخابرات إقليم كردستان - العراق محسن كمال.

وبحسب إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، فإن الرئيس السيسي أكد خلال اللقاء «دعم مصر الكامل والمستمر للعراق الشقيق، ولوحدة وسلامة أراضيه، ومساندته في مواجهة التحديات الكثيرة التي تمر بها المنطقة، لا سيما الإرهاب».

في حين أعرب بارزاني عن تقدير حكومة إقليم كردستان - العراق لدور مصر والرئيس السيسي في «دعم العراق، وفي استعادة السلام والاستقرار في المنطقة»، مؤكداً أن «حكومة إقليم كردستان - العراق تتطلع لمواصلة تعزيز علاقات التعاون مع المؤسسات المصرية».

وتعليقاً على اللقاء ومخرجاته، قال الأمين العام لـ«المجلس المصري للشؤون الخارجية»، نائب وزير الخارجية الأسبق، السفير علي الحفني لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات بين مصر والعراق، تاريخية وقوية، وقائمة على الاحترام المتبادل»، مؤكداً أن «القاهرة حريصة على متابعة موقف بغداد حيال القضايا التي تمثل أولوية واهتماماً، وأيضاً تُشكِّل تحديات خاصة لدولة تربطنا بها مصالح كثيرة».

وأوضح أنه «من الأهمية أن تبقى هناك لقاءات على هذا المستوى والمستويات الأخرى، بحيث يكون هناك تبادل لوجهات النظر، والتنسيق في المواقف، واستطلاع كل الفرص التي من الممكن توظيفها لكل من الجانبين، فمصر تشعر بارتياح أنها تستمع لمختلف القوى في العراق، وتتبادل معها وجهات النظر».

مصر شددت على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه (الرئاسة المصرية)

وزار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، العراق، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وبحث مع رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني، «العلاقات بين البلدين، وتعزيز التعاون والشراكة، وتنسيق المواقف إزاء التحديات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وأكد السوداني حينها «توفر أرضية خصبة للتعاون والشراكة، والتبادل التجاري والاقتصادي والتنموي والثقافي والعلمي بين البلدين»، بينما قال مدبولي: «إن هناك تطابقاً كاملاً بين الرؤى المصرية والعراقية في الشأن السياسي، وبشأن التحديات التي تواجه المنطقة العربية، وعلى رأسها حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 67 وعاصمتها القدس الشرقية، والرفض التام لأي إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى التهجير القسري للفلسطينيين إلى أي دولة من دول الجوار».

وبحسب متحدث الرئاسة المصرية، الأحد، فإن المحادثات تناولت كذلك علاقات التعاون الاقتصادي بين مصر والعراق، بما في ذلك إقليم كردستان. وأكد السيسي «حرص مصر على تعميق التعاون الاقتصادي بصوره كافة بين الجانبين»، مبرزاً في هذا الصدد القدرات الكبيرة للشركات المصرية، لا سيما في مجالات الطاقة والبنية الأساسية، والخبرات التي تتمتع بها في مصر وخارجها، داعياً حكومة كردستان للاستفادة من قدرات هذه الشركات على تنفيذ المشروعات بجودة عالية وتكلفة تنافسية.

وفي الإطار ذاته، رحَّب بارزاني بدور الشركات المصرية في العراق، مشدداً على أنه يتطلع خلال زيارته للعمل مع الجهات المصرية المعنية على بحث سبل تعزيز التعاون، والاستفادة من الخبرات المصرية في عدد من القطاعات ذات الأولوية بالنسبة لحكومة إقليم كردستان - العراق.

وحول أبرز الملفات التي تناولتها المحادثات، أشار الأمين العام لـ«المجلس المصري للشؤون الخارجية» إلى أنه تمت مناقشة ملف الحرب في قطاع غزة وتطوراتها المتسارعة، وكذا الملف السوري، والوضع في لبنان، لافتاً إلى أن «توقيت الزيارة مهم للغاية، فمصر تكثف مشاوراتها للحد من أي تصعيد في المنطقة».

ووفق متحدث الرئاسة المصرية، فإن اللقاء شهد «تبادل الرؤى حول عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك»، حيث استعرض الرئيس السيسي الرؤية المصرية لسبل استعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة، كما استمع لتقدير رئيس حكومة إقليم كردستان - العراق في هذا الصدد.