عساف والحاج علي يعلنان انتصار الحب والفن على الشيخوخة والموت

مسرحية لعلي شحرور عن خراب المدن ونكوص الأجساد

مشهد من المسرحية (خدمة العرض)
مشهد من المسرحية (خدمة العرض)
TT

عساف والحاج علي يعلنان انتصار الحب والفن على الشيخوخة والموت

مشهد من المسرحية (خدمة العرض)
مشهد من المسرحية (خدمة العرض)

حين اتصل بي الصديق عبده وازن قبل أيام داعياً إياي لحضور مسرحية «إذا هوى» لعلي شحرور، لم أتردد في تلبية الدعوة؛ لأن لاسمي روجيه عساف وحنان الحاج علي من الجاذبية وقوة الحضور، ما أثار لديّ الرغبة في اكتشاف ما يمكن لهذا الثنائي أن يقدمه بعدُ، في ظل انهيار المدينة وخوائها المتعاظم. ومع أنني لم أشاهد أياً من الأعمال السابقة لشحرور، فقد أثار ما قرأته عنه فضولاً مماثلاً لديّ، للتأكد مما إذا كان المخرج الشاب قادراً على رفد بطليه المخضرمين بأسباب الحيوية والتجدد اللازمين لاكتشاف مناطق في دواخلهما لم يكتشفاها بعدُ، ولتقديم هذه المناطق سافرةً وبلا أقنعة أمام الملأ. وأعترف مع ذلك بأن الشعور الذي انتابني في الطريق إلى قاعة المسرح، كان أقرب إلى التوجس والإشفاق، منه إلى الوثوق بقدرة هذا الثلاثي المغامر، على بعث الروح في جسد المدينة والفن على حد سواء.
كانت معالم الطريق الموصلة إلى قلب شارع «الحمراء»، كافية تماماً لأن تضع العابر في صورة الواقع المزري لأحد أكثر الأماكن اتصالاً بأزمنة بيروت الوردية، وتجسيداً لتعدديتها الثقافية ودورها التنويري. فالنفايات المكدسة في الحاويات، أو المندلقة خارجها دون أن تجد من يرفعها، توفر البيئة الملائمة للفئران والجراذين، وسائر الحشرات والحيوانات الصغيرة الشاردة. والكهرباء الشحيحة الصادرة عن المولدات لا تكاد تمكّن المارة القلائل من تبيّن مواطئ أقدامهم على الأرصفة. وإذ يشكل المتسولون والباعة البائسون والمنقبون في النفايات، نسبة غير قليلة من الموجودين في الشارع، يشعر العابر في المكان أن المدينة التي يقطنها لم تعد تمتّ بصلة إلى المدينة التي احتضنت ذات يوم أحلام ساكنيها وقاصديها الكثر، وكانت المختبر المعرفي، وقِبلة الرجاء وفسحة الحرية. وهو الآن لا يملك أن يدفع عن نفسه شعوراً بالخوف من التعرض للسرقة أو الأذى، يداهمه على حين غرة.
وفي المسافة المفضية إلى «مسرح المدينة»، قلت لنفسي إن التسمية نفسها لم تعد تستقيم، ما دام المضاف إليه قد أُفرغ من معناه، وبات شبيهاً بطلل إسمنتي واسع لما كانه في الماضي، ثم تذكرت ما كان زياد الرحباني قد توصل إليه في مسرحيته المؤثرة «شي فاشل» في ثمانينات القرن الفائت، من أننا لا نستطيع أن ننشئ مسرحاً للمدينة، في ظل تشظي هذه الأخيرة وانفراط عقدها واندحارها الشامل، إلا أن هذه الهواجس سرعان ما أخذت في التراجع منذ اللحظة الأولى لبداية العرض. لم يكن ثمة ديكور واضح المعالم، أو جدران داخلية تعزل زمان العمل ومكانه عن زمن المدينة ومكانها، أو ستائر للفصل بين خشبة التمثيل ومقاعد الحضور، بل فضاء مفتوح يضم الجميع بين ظهرانيه، ويوحد بين مصايرهم، في حين يتيح لظلام الداخل وشحّ أدواته، أن يبدو امتداداً طبيعياً لظلام المدينة الخارجي وواقعها المدقع، إلا أن تقشف الديكور والسينوغرافيا، وغياب الزخرفة الجمالية الشكلية، والإطباق شبه الكامل للعتمة، لم تكن أموراً بلا دلالة، بل كانت أكثر وسيلة نجاعةً أتاحت لجسدي روجيه عساف وحنان الحاج علي المتقابلين أن يستعيدا معاً، وبكل ما أوتياه من تراكم الخبرات وقوة الإيحاء، سردية المدينة المكلومة من جهة، وسردية الجسد المهيض من جهة أخرى.
لقد أمكن لعلي شحرور، مستفيداً من اشتغاله السابق على حركات الجسد واستنطاق تعبيراته المختلفة، أن يحث كلاً من حنان وروجيه على إطلاق العنان لما ادّخراه للحظة كهذه، من حرقة الأسئلة، ومن حيوية غائرة في الأعماق، ومن صرخات الاحتجاج المكتوم على الوأد الممنهج للمدينة وأهلها المتبقين. وعبر استعادة الفنانين الزوجين لمراحل مختلفة من علاقتهما العاطفية الطويلة، استطاعا معاً أن يجعلا كل مَن في القاعة مسمراً على نحو كلي باتجاه كل نأمة تصدر عنهما، وكل حركة يقومان بها، وكل ما يكتنف وجهيهما من علامات الوله أو الضيق، الفرح الاحتفالي بالحب أو التبرم بآلامه وعذاباته. ومع أن التفاوت النسبي في السن بين الطرفين، اللذين سبق لهما أن ضربا عرض الحائط بجميع التابوهات الدينية والاجتماعية التي تفصل بينهما، قد انعكس بشكل جلي في جسد حنان اللدن والمحتفظ بالكثير من مرونته، وجسد عساف الأكثر تعبيراً عن ثقل السنين؛ فإنهما عرفا كيف يقلصان فجوة الزمن ومفاعيله، بأدائهما التمثيلي البارع من جهة، وبقوة الحب وجدواه من جهة أخرى.
لقد كان الزوجان المنهكان يدركان تمام الإدراك أنهما لا يملكان الكثير لكي يفعلاه، لانتشال المدينة التي أوصلها الساسة الفاسدون والممسكون بمقاليدها، إلى مآلها المأساوي وحضيضها المدقع، إلا أن ذلك لم يقدهما، مع المخرج الشاب وفريق العمل، إلى فقدان الإيمان بجدوى الفن، الذي إن لم يكن من مهماته تقديم الحلول والإجابات الشافية، فإنه قادر على رفد النفوس العطشى بجرعة من الأمل، ومنع الظلام من أن يستتب بشكل كلي. فقد راهنا معاً على ما تبقى في عمق روحيهما من كنوز، ووجدا في الحب الذي يوحدهما برباطه، الصخرة الأخيرة التي تعصمهما من الغرق.
وفي هذه المرثية نصف الصامتة ونصف الإيمائية لواقع المدينة الراهن، تكتسب الحركات والسكنات والرقصات المختلفة بعدها الطقوسي، وتتحول إلى رقًى وتعازيم في مواجهة الشيخوخة، كما في مواجهة الخواء المستشري. وهذا البعد الطقوسي للعمل ينسحب على الزمن المسرحي الذي يجعل من غسق المدينة حيزه وفضاءه، حيث يستجمع ليل بيروت كل ما لديه من العتمة لكي يمنع فجرها المرتقب من القدوم، أو يؤخر انبلاجه قدر ما يستطيع. أما البطلان اللذان يواكبان خريف المدينة بخريف عمريهما المتفاوت في صفرته، فيحاولان إنقاذ ما يمكن إنقاذه، معولين على ما تنتشله الذاكرة من لحظات الفرح الغائرة، أو مراهنين على ما لم يستنفد بعدُ من طاقة الجسد، وجذوة الروح، ونثار الأحلام.
على أن كل ذلك لم يكن ليتحقق من دون موسيقى عبد قبيسي ذات الضربات المدهشة التي تواكب حركة الجسد المتفاوتة بين الإيقاع الجنائزي، كما في مشهد الجسد المحتضر، والحركة البطيئة لزمن الكهولة، كما في رقصة «زوربا»، والتسريع الرشيق للإيقاع في مشهد الزفاف الاستعادي. والأمر نفسه ينسحب على تصميم الإضاءة الذي عرف الفرنسي غيوم تيسون بواسطته، كيف يقيم الحدود الفاصلة بين الأماكن والأزمنة والأحوال المتبدلة لواقع المدينة ولنفوس قاطنيها. وحيث تفتقر الأشياء والكائنات إلى الصلابة، وحيث للحضور مذاق الغياب، واليقين يختلط بنقيضه، كان العرض برمته أشبه بنص صامت، تقوم فيه الحركات والسكنات وقسمات الوجوه، مقام الأبجدية المنطوقة.
وإذا كان لا بد من كلمة أخيرة في هذا الصدد، فهي أن مسرحية «إذا هوى»، التي تقاسم ألقها الفريد كلّ من علي شحرور وروجيه عساف وحنان الحاج علي، وآخرون، بدت بمثابة انتصار رمزي لروح المدينة المطعونة في صميمها، ولقدرة الحب والفن على توفير القوارب اللازمة للنجاة، بعد أن يؤول كل شيء إلى غرق محتوم.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.