هل سيتوقف صالح عن التصعيد ضد باتيلي؟

بعد أن أثنى «مجلس الأمن» على المبادرة الأممية بشأن الاستحقاقات الليبية

عبد الله باتيلي (أ.ف.ب)
عبد الله باتيلي (أ.ف.ب)
TT

هل سيتوقف صالح عن التصعيد ضد باتيلي؟

عبد الله باتيلي (أ.ف.ب)
عبد الله باتيلي (أ.ف.ب)

أُثيرت تساؤلات أخيراً حول تصعيد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ضد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، عقب هجوم شنه صالح على باتيلي، متهماً إياه «بتجاوز صلاحياته». جاء ذلك رغم ثناء «مجلس الأمن» على المبادرة الأممية بشأن الانتخابات الليبية.
انتقادات صالح، جاءت رداً على ما ذكره باتيلي خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة طرابلس بشأن «انتهاء صلاحيات مجلس النواب لانتهاء مدة انتخابه». وأبدى بعض السياسيين تخوفهم من أن «يكون ذلك مقدمة لصدام يتصاعد بمرور الوقت بين البرلمان والمبعوث الأممي، بدلاً من تعاونهما ووصولهما معاً لأرضية مشتركة تسمح باستثمار الزخم الدولي الراهن حول العملية الانتخابية».
عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، استبعد أن «يتم طي صفحة الخلاف الراهن بين البرلمان والمبعوث الأممي سريعاً، رغم إعلان مجلس الأمن الدولي، عبر بيانه الأخير، دعمه الكامل لمبادرة باتيلي بتشكيل فريق رفيع المستوى لتسيير إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري»، رافضاً «تصريحات المبعوث الأممي، التي تضمنت انتقادات للبرلمان والتشكيك في شرعيته»، على حد قوله.
ويفرق الزرقاء بين ما شهدته «علاقة البرلمان ببعض المبعوثين السابقين من خلافات وأجواء توتر، والصدام الراهن»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الخلافات لم تمتد يوماً للتشكيك في شرعية المجلس، وإنما انحصر أغلبها في نقاط وقضايا محدودة».
ووفقاً لرؤيته فإن «إعلان باتيلي خلال المؤتمر الصحافي ترحيبه بتوافق (النواب) و(الأعلى للدولة) على التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، وتطلعه لقيام اللجنة المشتركة من أعضائهما (6+6) بالتوافق ووضع القوانين الانتخابية خلال مدة زمنية تقارب الثلاثة أشهر، لا يمكن ترجمتها بالتراجع عن الرغبة الرئيسية للمبعوث بتجاوز المجلسين»، مسلطاً الضوء على ما أشار إليه بيان مجلس الأمن الدولي من «أنه سيسمح للفريق الليبي الرفيع المستوى، الذي سيضم شخصيات وممثلي مؤسسات سياسية وزعماء قبائل ومنظمات مدنية والجهات الفاعلة الأمنية، بالمشاركة في إنهاء صياغة الإطار الدستوري والقوانين الانتخابية لضمان قبولها».
أما عضو مجلس النواب الليبي، جلال الشهويدي، فقد انضم للطرح السابق في تحميل البعثة المسؤولية عن «تأجج الخلاف مع البرلمان»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف أغلبية النواب الرافض لمبادرة باتيلي لا يتأسس فقط على تجاوزها دورهم باعتبارهم أعضاء ممثلين للسلطة التشريعية، وإنما لغموضها واستهدافها إطلاق نسخة مكررة من ملتقى الحوار السياسي الذي عقد نهاية عام 2020 وبداية 2021، الذي اكتفى بانتخاب سلطة تنفيذية، وفشل في إقرار القوانين الانتخابية؛ مما عمق الأزمة السياسية»، مشيراً إلى «تشكك قطاع كبير من السياسيين والنشطاء الممثلين للقوى المتطلعة للتغيير بالبلاد في مصداقية البعثة».
من جهته قال رئيس حزب «تكنوقراط ليبيا»، أشرف بلها، إن «علاقة البرلمان والبعثة سوف تشهد مزيداً من التأزم خلال الفترة المقبلة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «إن مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) يرفضان بشدة أن تقوم البعثة بانتزاع إدارة ملف وضع الإطار القانوني للانتخابات من قبضتيهما».
وحول تشكك البعض في استمرارية اصطفاف (الأعلى للدولة) إلى جانب البرلمان في الخلاف مع البعثة، قال بلها: «بالطبع تحالف المجلسين ليس طويل الأمد، لكن من الصعب تصور انفصالهما خلال الفترة الراهنة، خصوصاً أن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، ومجموعة من الأعضاء المقربين منه سايروا البرلمان في الموافقة على التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، رغم اعتراض كتلة من أعضاء المجلس عليه».
وعن هدف هذه المسايرة، أكد بلها أن «الهدف هو انفراد المجلسين بوضع الإطار القانوني للانتخابات، ومن ثم تدشين موضع قدم لهما بالمشهد السياسي المستقبلي»، مرجحاً أن يظل «الموقف النهائي لـ(الأعلى للدولة) مرهوناً بتطورات الأحداث ومدى توافق اللجنة المشتركة (6+6) حول القوانين الانتخابية، خصوصاً معضلة ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للسباق الرئاسي من عدمه، إلى جانب إمكانية طرح أطراف أخرى استقطاب المشري ومجموعته بتضمين مطالبهم».
بينما استبعد عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن «يدخل صالح في مواجهة مع باتيلي، بل سوف يكتفي بما أطلقه من تصريحات، ومن المحتمل أيضاً أن يجتمع الاثنان في أقرب فرصة». ويرى معزب أن ما أثار غضب صالح من تصريحات المبعوث الأممي هو «اتهامه لـ(النواب) و(الأعلى للدولة) بعرقلة الانتخابات»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «صالح يحرص بدرجة كبيرة على الظهور أمام الرأي العام بأنه يقوم بكل ما يمكن عمله، من أجل التمهيد لإجراء الانتخابات، من إعداد قوانين وإقرار تعديل دستوري»، مضيفاً أن «هذه القوانين والتشريعات لا يمكن أن تقود للانتخابات، كونها تسمح بترشح كل من سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر، وهو ما أوجد كثيراً من الاعتراضات أمام تمريرها، خصوصاً في المنطقة الغربية، وللأسف صالح يدرك ذلك جيداً»، مستبعداً أن «تتوصل اللجنة المشتركة (6+6) لأي توافق مستقبلي حولها».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

أكبر حزب معارض يدعو إلى «وقف التسيير الأحادي لشؤون الجزائر»

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
TT

أكبر حزب معارض يدعو إلى «وقف التسيير الأحادي لشؤون الجزائر»

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)

دعا حزب «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض في الجزائر، إلى ما وصفه بـ«وضع حد للتسيير الأمني والأحادي لشؤون البلاد، والانخراط في عملية إصلاحات كبرى، قادرة على ضمان الديمقراطية السياسية، والتنمية الاقتصادية والازدهار الاجتماعي»، حسب ما أورده تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، اليوم السبت. وقال الأمين الوطني الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، يوسف أوشيش، خلال دورة استثنائية للمجلس الوطني، السبت، إنه «بات من الضروري تغيير المقاربات في ظل التغيرات الجيوستراتيجية الكبرى، التي يشهدها العالم»، داعياً إلى «تحديد مشروع وطني واضح وطموح، وإشراك جميع القوى الحية في البلاد فيه».

وأضاف أوشيش موضحاً أن ذلك يتم عبر «تبني وتشجيع الحوار، مع الاستعداد الدائم لتقديم التنازلات، وتشكيل التوافقات من أجل الحفاظ على البلاد، وتعزيز وحدتها وتماسكها». واستطرد ليؤكد أن الاستقرار الحقيقي «لن يتحقق إلا من خلال تسيير سياسي حكيم، يعتمد على بناء إطار ديمقراطي، قادر على بعث الثقة وحماية المصلحة العليا للأمة. فهذا هو الحصن الأقوى ضد كل محاولات تقويض سيادتنا وتهديد وحدتنا الترابية».

يوسف أوشيش خلال حملته للانتخابات الرئاسية (حملة المترشح)

في سياق ذلك، ذكر أوشيش أن التسيير الأمني لشؤون المجتمع، بحجة الحفاظ على النظام العام، لن يؤدي إلا إلى «إضعاف أسس المجتمع الجزائري، وتغذية مناخ الشك، والخوف والانقسام، إذ تعلمنا التجارب أن سياسات الغلق تولد التوترات، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى أزمات اجتماعية وسياسية أكثر خطورة». وعلق أوشيش، المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية التي جرت بتاريخ السابع من سبتمبر (أيلول) الماضي على الأحداث المتسارعة في سوريا، بالقول: «يجب أن تشكل درساً لنا، وتذكرنا بحقيقة ثابتة غير قابلة للتأويل، وهي أن قوتنا تكمن في وحدتنا، ومدى قدرتنا على بناء منظومة قوية ومستقلة، تمكننا من حماية أنفسنا من هذه التحولات الجيوسياسية الكبرى الماثلة أمام أعيننا»، داعياً مسؤولي البلاد وجميع القوى الحية في المجتمع إلى تعزيز المؤسسات، وتطوير الاستقلالية الاستراتيجية، وضمان الاستقرار والسلم الداخلي من خلال حوكمة عادلة، شاملة ومسؤولة، مع «الانخراط في ورشة كبيرة للسيادة والقدرة الدائمة على التكيف».

وانتقد أوشيش ما وصفه بـ«نقاشات سامة وخبيثة»، مؤكداً أنه «تقع على عاتق السلطة مقاومة كل الإغراءات السلطوية، كما تقع أيضاً على عاتق المجتمع بأسره محاربة شياطين الانقسام والتفرقة»، معتبراً أن إقالة محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، «لا تعد ذا أثر كبير، ما لم تعقبها إعادة نظر في القوانين العضوية، وفي النصوص المؤطرة للحياة السياسية بصفة عامة، وللعملية الانتخابية بصفة خاصة، لإضفاء المصداقية على العملية الانتخابية، ولاستعادة الثقة فيها، وضمان مشاركة مواطناتية فعلية».