معايير «بازل 3»... درع المصارف الأوروبية

«المركزي» يتابع الموقف... وإصرار على مسار الفائدة

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

معايير «بازل 3»... درع المصارف الأوروبية

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أعلن حاكم البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيلوروا دي غالو، الجمعة، أنّ «المصارف الفرنسية والأوروبية قوية للغاية»؛ وذلك غداة رفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة في ظلّ الاضطرابات التي يشهدها النظام المصرفي.
وقال عبر إذاعة «بي إف إم بيزنس»: إنّ «المصارف الأوروبية ليست في وضع بعض المصارف الأميركية لسبب بسيط للغاية، وهو أنّها لا تخضع للقواعد ذاتها»، في إشارة إلى انهيار بعض المصارف الإقليمية مؤخراً في الولايات المتحدة؛ ما أحدث اضطرابات في الأسواق.
وفي السياق، سلّط الحاكم الضوء على معايير «بازل 3» التي تمّ وضعها بعد الأزمة المالية في العام 2008، والتي «انتُقدت في بعض الأحيان» لكنّها أثبتت «فاعلية» قواعدها «على سيولة (المصارف) وأصولها الصافية».
وأوضح، أنّ 400 مجموعة مصرفية أوروبية تخضع لهذه المعايير في مقابل 13 في الولايات المتحدة، هي من كبرى المؤسسات في البلاد.
كذلك، أشار فيلوروا دي غالو إلى قرار «اتُخذ خلال إدارة (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترمب في العام 2019... قضى بإعفاء المصارف المتوسّطة والصغيرة من قواعد (بازل3)»، لافتاً إلى أنّ المصارف الإقليمية التي انهارت الأسبوع الماضي في الولايات المتحدة تعدّ من بينها.
وأدّت حالات الإفلاس هذه إلى تراجع أسواق الأسهم، التي تعافت في بداية الأسبوع قبل أن تتراجع مرة أخرى مع مخاوف بشأن استقرار بنك كريدي سويس. وحاول ثاني أكبر مصرف سويسري طمأنة الأسواق في منتصف الأسبوع معلناً اقتراض 50 مليار فرنك سويسري (50.6 مليار يورو) من البنك المركزي للبلاد لإعادة هيكلته.
وفي هذا الإطار، أشار فيلوروا دو غالو إلى أنّ «كريدي سويس» يعدّ «حالة خاصة معروفة منذ سنوات عدّة». وأضاف «إنه مصرف يعاني في الوقت ذاته من صعوبات في نموذج العمل... وإخفاقات في نظام الرقابة الداخلية»، مشجّعاً المؤسسة على «القيام بكلّ ما يلزم» للتعافي.
ولم تمنع هذه الأزمة البنك المركزي الأوروبي من الاستمرار في مكافحة التضخّم عبر رفع معدّلات الفائدة 0.5 نقطة مئوية الخميس كما كان مخطّطاً له. وقال حاكم البنك المركزي الفرنسي «أؤكد أولوية مكافحة التضخّم». وأضاف «أظن أنّنا أرسلنا إشارة ثقة قوية ومضاعَفة، إنها ثقة في استراتيجيتنا لمكافحة التضخّم وثقة في صلابة المصارف الأوروبية والفرنسية».
وفي غضون ذلك، قال متحدث باسم البنك المركزي الأوروبي، صباح أمس: إن البنك سيعقد اجتماعاً طارئاً لمجلس الإشراف في وقت لاحق الجمعة لبحث القلق في قطاع البنوك بعد التقلبات التي شهدتها السوق مؤخراً. وذكر المتحدث لـ«رويترز»: «سيجتمع مجلس الإشراف لتبادل الرؤى ولاطلاع الأعضاء على أحدث التطورات في قطاع البنوك».
وأكد البنك المركزي الأوروبي، أن «القطاع المصرفي في منطقة اليورو قادر على الصمود. وضع رأس المال والسيولة مستقر». ويسعى البنك المركزي إلى وصول معدل التضخم إلى 2 في المائة لتحقيق استقرار في الأسعار في منطقة اليورو على المدى المتوسط، لكن المعدل الحالي بعيد عن المستوى المستهدف منذ شهور.
وصرح فرنسوا فيليروي دي غالو، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، بأن قرار البنك رفع أسعار الفائدة بواقع خمسين نقطة أساس رغم الاضطرابات الراهنة في الأسواق المالية، يبعث بإشارة قوية على الثقة.
وقال دي غالو: إن «الأولوية مكافحة التضخم، ونحن لدينا التزام واحد، وهو خفض التضخم مرة أخرى إلى 2 في المائة». وأضاف «بعثنا بإشارة على الثقة، قوية ومزدوجة، فهي تعبر عن الثقة في استراتيجيتنا لمكافحة التضخم، والثقة في تضامن البنوك الأوروبية والفرنسية».
ومن جانبه، صرح بيتر كازيمير، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، بأن الأحداث الجارية في أسواق المال لن تغير وجهة نظره بشأن ضرورة الاستمرار في رفع أسعار الفائدة في الوقت المناسب.
وقال كازيمير، الذي يشغل منصب محافظ البنك المركزي السلوفاكي، في بيان نشره الموقع الرسمي للبنك يوم الجمعة: إن «زيادة الفائدة بواقع 50 نقطة أساس هي مسألة حتمية وضرورية»، مضيفاً أن «الوضع دقيق، ولكننا لم نصل بعد إلى خط النهاية».
وذكر كازيمير، أن معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني العناصر المتقلبة، وصل إلى 5.6 في المائة في فبراير (شباط)، وهو «شائك بشكل عنيد»، مشيراً إلى أنه في حين أن رفع أسعار الفائدة بدأ يؤتي ثماره، إلا أن المخاطر بشأن زيادة الأسعار «ما زالت مرتفعة». وأضاف، أنه ليس من المجدي التكهن بما سيفعله البنك المركزي الأوروبي في قراره المزمع في مايو (أيار) المقبل، ولكن مسار الحركة واضح.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

«بنك التنمية الجديد» لتعزيز الجهود في دول «البريكس»

شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)
شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)
TT

«بنك التنمية الجديد» لتعزيز الجهود في دول «البريكس»

شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)
شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)

أقر «بنك التنمية الجديد» آلية جديدة لتعزيز جهود التنمية في دول «البريكس»، خلال اجتماع عقدته الدول الأعضاء، السبت، في كيب تاون بجنوب أفريقيا.

وأنشأت الدول المؤسسة لمجموعة «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) «بنك التنمية الجديد». وضمّت مجموعة «بريكس» السعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا إلى عضويتها بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2024.

ولم يتم الكشف عن بنود الآلية الجديدة، لكن من المقرر أن تظهر ملامحها خلال فعاليات الاجتماع الحالي.

وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، محافظ مصر لدى «بنك التنمية الجديد»، رانيا المشاط، أهمية سد الفجوات التمويلية التي تواجه جهود تحقيق التنمية، من خلال التمويل المختلط الذي يجمع بين الاستثمارات الحكومية، والتمويلات الأخرى المتاحة من مختلف الأطراف ذات الصلة.

وأوضحت المشاط، في الجلسة النقاشية لمحافظي «بنك التنمية الجديد»، حول «فتح آفاق التمويل من أجل التنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والدول النامية»، أنه «في ظل انخفاض نسب التمويل المختلط، فإن التكامل بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، والحكومات، يُعد أمراً بالغ الأهمية للدفع قدماً بجهود التنمية».

وأضافت المشاط، أن الحكومات يجب أن تكون واضحة بشأن أولوياتها، وأيضًا على مستوى حجم الاستثمارات الحكومية التي ستتيحها، وتعظيم مبدأ ملكية الدولة، من أجل تحديد الاحتياجات الفعلية من بنوك التنمية متعددة الأطراف، وتشجيع الاستثمارات الخاصة، مؤكدة أن توضيح الأولويات في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول المختلفة يعزّز من فاعلية التعاون مع بنوك التنمية متعددة الأطراف، ويحفّز جذب استثمارات القطاع الخاص.

جاء ذلك، وفق بيان صحافي، خلال مشاركة الوزيرة في الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي البنك، المنعقد تحت عنوان «الاستثمار في مستقبل مستدام» خلال المدة من 28 - 31 أغسطس (آب) 2024 بمدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا.

وألقى الكلمة الافتتاحية للجلسة رئيسة «بنك التنمية الجديد» ديلما روسيف، ورئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية جين لي تشون، ورئيسة منظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو إيويالا، ومحافظو دول البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، وبنغلاديش، والإمارات العربية المتحدة، لدى البنك.

وفي كلمتها أوضحت المشاط، أن «تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص وإفساح المجال للقطاع الخاص يُعدّ أحد المحاور الأساسية لتشجيع الاستثمارات، ومن أجل تحقيق ذلك يجب أن تتحمّل الدولة تكلفة، وتتيح جزءاً من موازنتها الاستثمارية لتنفيذ المشروعات ذات الأولوية».

وفي سياق متصل، شددت الوزيرة على أن «التعاون بين دول الجنوب العالمي وزيادة جهود تبادل الخبرات والممارسات التنموية، يُعدان عنصرين حاسمين للاستفادة من التجارب الناجحة التي تساعد الدول النامية على تجاوز تحدياتها».

ثم انتقلت إلى الحديث حول الترابط الكبير بين جهود التنمية والعمل المناخي، وأنه «لا يمكن تجاهل هذا الترابط في أثناء السعي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ولذلك فقد أطلقت مصر المنصة الوطنية لبرنامج (نُوَفّي)، التي تتضمّن مشروعات ذات أولوية في مجالي التخفيف والتكيف بقطاعات المياه والغذاء والطاقة».

وأشارت الوزيرة إلى «أهمية التكامل بين التمويل الحكومي وما تقدمه بنوك التنمية متعددة الأطراف أو الشراكات الثنائية، بهدف خفض التكاليف إلى أدنى حد ممكن»، موضحة أن «أحد التحديات الكبرى التي نواجهها هو أن التمويل المطلوب للتنمية والعمل المناخي سيستمر في الزيادة مع مرور السنوات، وعلى الرغم من أن التمويلات التنموية تؤدي دوراً حيوياً في تلك القضية، فإنها لا تستطيع سد الفجوة المتنامية باستمرار، لذا يتعيّن على الدول النامية والناشئة اتخاذ نهج متعدد الأوجه لحشد التمويل للتنمية المستدامة».