بريطانيا تتخلى عن خطة «ضرائب الصناديق السيادية»

اتفاقات لحل أزمة الإضرابات مع عرض لزيادة الأجور

جانب من الحي المالي وسط العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
جانب من الحي المالي وسط العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

بريطانيا تتخلى عن خطة «ضرائب الصناديق السيادية»

جانب من الحي المالي وسط العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
جانب من الحي المالي وسط العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

أظهرت وثيقة حكومية أن وزير الخزانة البريطاني جيريمي هنت، تخلى عن خطة لفرض ضرائب على صناديق الثروة السيادية التي تستثمر في بريطانيا.
وجاء في الوثيقة، التي تتضمن تفاصيل الإجراءات الواردة في خطة الموازنة التي أعلنها هنت يوم الأربعاء، أن «الحكومة درست بعناية» الردود على مشاوراتها بشأن حصانة الصناديق السيادية من الضرائب المباشرة. وورد بالوثيقة التي كانت صحيفة «فايننشال تايمز» أول من نشرها يوم الجمعة: «قررت عدم إدخال تغيير على الإعفاء الحالي، وأنها ستواصل العمل بالطريقة نفسها المتبعة الآن».
وذكرت «فايننشال تايمز»، أن وزيرة الأعمال والتجارة كيمي بادينوك، حثت وزارة الخزانة على التخلي عن المقترحات خوفاً من انسحاب الصناديق السيادية من المشروعات في بريطانيا. ولدى صناديق الثروة السيادية من دول الشرق الأوسط وغيرها استثمارات كبيرة في بعض مشروعات البنية التحتية البريطانية، فضلاً عن حيازة العقارات للأغراض التجارية.
وفي شأن آخر مهم داخلياً، اتفقت الحكومة البريطانية ونقابات الرعاية الصحية في وقت متأخر مساء الخميس على مقترح يزيد الأجور خمسة في المائة في العام المقبل، وحثت العمال على قبوله، مما قد ينهي إضرابات عطلت الخدمة الصحية الوطنية لأشهر.
ويغطي الاتفاق الجديد مليون ممرضة ومسعف طبي وقابلة، وعاملين آخرين في إنجلترا، لمدة عامين حتى أوائل أبريل (نيسان) 2024، ولن تنتهي الإضرابات إلا إذا وافق الأعضاء على الاتفاق بعد فترة من المشاورات التي تجريها النقابات العمالية التي أوصت جميعها تقريباً بقبول العرض الجديد.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، «هذا العرض جيد لموظفي الخدمة الصحية الوطنية، وجيد لدافعي الضرائب، والأهم من ذلك أنه خبر سار للمرضى الذين لن تتعطل رعايتهم بعد الآن بسبب الإضراب».
وقالت الحكومة، إن العرض يشمل دفعة واحدة نسبتها 2 في المائة من رواتب السنة المالية 2022 - 2023، وزيادة 5 في المائة للأجور في السنة المالية 2023 - 2024 التي تبدأ في أوائل أبريل المقبل.
كما اتفقت الحكومة ونقابات التعليم في بريطانيا، صباح الجمعة، على إطلاق «محادثات مكثفة» في محاولة لإنهاء موجة إضرابات المدرسين بسبب الأجور. وأفاد بيان مشترك للنقابات ووزارة التعليم في بريطانيا بأن المحادثات سوف تضم أربع نقابات، وهي الاتحاد الوطني للتعليم، ورابطة قادة المدارس والكليات، والرابطة الوطنية لكبار المعلمين، ونقابة «ناسوت».
وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، بأنه لن يتم إعلان أي إضرابات جديدة لمدة أسبوعين لحين إجراء المحادثات. وأثارت هذه الخطوة الآمال في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الإضرابات في المدارس، بعد ساعات من توصل الحكومة إلى اتفاق بشأن الأجور مع الممرضات وعمال الإسعاف في البلاد.
وكان معهد الدراسات المالية في بريطانيا قال مساء يوم الخميس، إنه يجب على وزير الخزانة جريمي هانت، أن يدرس سحب 14 مليار جنيه إسترليني (16.9 مليار دولار) من الاحتياطي النقدي لتمويل زيادة الأجور للعاملين بالقطاع العام، حتى لا تتفاقم الأزمة في الخدمات الرئيسية.
ووفقاً لـ«بلومبرغ»، ذكرت المجموعة البحثية أن «من غير المعقول» ألا تدفع وزارة الخزانة أموالاً إضافية بعدما استغل هانت ميزانيته يوم الأربعاء لتوجيه أموال إلى قائدي السيارات وشركات ومتقاعدين أثرياء، بدلاً من تخصيصها لإنهاء موجة الإضرابات.
وعانت بريطانيا من نزاع عمالي خلال فصل الشتاء، أضر بالخدمات في جميع قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك السكك الحديد والرعاية الصحية، والخدمات المدنية.
وقال مدير المعهد بول جونسون، يوم الخميس، «لا يستطيع المرء الاستمرار في خفض أجور المدرسين والممرضات وموظفي الخدمة المدنية، سواء بالأسعار الحقيقية أو بالنسبة للقطاع الخاص، من دون حدوث عواقب في التوظيف واستبقاء الموظفين وتقديم الخدمة». وأوضح أنه «سيتعين توفير أموال من مصدر ما»، واقترح استخدام احتياطي بقيمة 14 مليار إسترليني لتمويل زيادات أجور تُدفع لمرة واحدة أو بأثر رجعي للمساعدة في إنهاء الإضرابات.


مقالات ذات صلة

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

الاقتصاد مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

قالت أكبر شبكة لبنوك الطعام في بريطانيا إن عدد الطرود الغذائية التي وزعتها زاد 37 بالمائة إلى مستوى قياسي بلغ ثلاثة ملايين طرد في عام حتى مارس (آذار) الماضي، إذ يعاني عدد متزايد من الناس بسبب أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت «ذا تراسل تراست» التي تدعم 1300 مركز لبنوك الطعام في أنحاء المملكة المتحدة، يوم الأربعاء، إن أكثر من مليون طرد غذائي جرى تقديمها لأطفال، بزيادة نسبتها 36 بالمائة خلال عام واحد. وأضافت أنه على مدار عام لجأ 760 ألف شخص لأول مرة إلى بنوك الطعام التابعة لها، بزيادة 38 بالمائة على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد «ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

«ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

رفعت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد آند بورز» (إس آند بي) تقديراتها لآفاق الدين البريطاني على الأمد الطويل من «سلبية» إلى «مستقرة»، مؤكدة أنها لا تفكر في خفضها في الأشهر المقبلة، وأبقت على درجتها لتصنيف الدين السيادي (إيه إيه/إيه-1). وقالت الوكالة في بيان، إن هذه النظرة المستقرة «تعكس الأداء الاقتصادي الأخير الأمتن للمملكة المتحدة واحتواء أكبر للعجز في الميزانية خلال العامين المقبلين». وأكدت خصوصاً أن «الإجراءات السياسية للحكومة على جبهة العرض وتحسن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدعما آفاق النمو على الأمد المتوسط رغم القيود الهيكلية الحالية»، لكن الوكالة حذرت من «المخاطر الناشئة عن ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ارتفع مؤشر ثقة المستهلك في بريطانيا خلال أبريل (نيسان) الجاري إلى أعلى معدلاته منذ نشوب حرب أوكرانيا. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن مؤشر ثقة المستهلك الذي تصدره مؤسسة «جي إف كيه» للأبحاث التسويقية ارتفع في أبريل الجاري ست نقاط، ليصل إلى سالب ثلاثين، ليسجل بذلك ثالث زيادة شهرية له على التوالي، وأعلى ارتفاع له منذ 14 شهرا. وتعكس هذه البيانات أن المستهلك البريطاني أصبح أكثر حماسا بشأن الآفاق الاقتصادية وأكثر استعدادا للإنفاق على مشتريات أكبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

رغم أن الاقتصاد البريطاني لم يسجل أي نمو خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، قال وزير المالية البريطاني جيريمي هانت يوم الخميس، إن التوقعات الاقتصادية «أكثر إشراقاً مما كان متوقعاً»، مضيفاً أنه من المفترض أن تتجنب البلاد الركود. وأظهرت بيانات رسمية، أن الاقتصاد البريطاني فشل في تحقيق النمو كما كان متوقعاً في فبراير؛ إذ أثرت إضرابات العاملين في القطاع العام على الإنتاج، لكن النمو في يناير (كانون الثاني) كان أقوى مما يُعتقد في البداية؛ مما يعني تراجع احتمالية حدوث ركود في الربع الأول قليلاً. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الخميس، إن الناتج الاقتصادي لم يشهد تغيراً يذكر على أساس شهري في فبراير.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عوائد السندات الألمانية ترتفع وسط توقعات اقتصادية متقلبة

أوراق نقدية من اليورو (رويترز)
أوراق نقدية من اليورو (رويترز)
TT

عوائد السندات الألمانية ترتفع وسط توقعات اقتصادية متقلبة

أوراق نقدية من اليورو (رويترز)
أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

صعدت عوائد السندات الألمانية، يوم الخميس، بعد انخفاضها الطفيف في اليوم السابق، في ظل إبقاء البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير، وزيادة البيانات الاقتصادية الألمانية الأخيرة من حالة عدم اليقين بشأن حجم وتوقيت الدعم الناتج عن خطة الإنفاق الألمانية.

وكانت العوائد تتذبذب بالقرب من المستويات التي شوهدت آخر مرة في منتصف يناير (كانون الثاني)، قبل التوصل إلى اتفاق سياسي في مارس (آذار) لزيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية. وارتفع عائد سندات الخزانة الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.5 نقطة أساس إلى 2.65 في المائة، بعد أن كان عند 2.63 في المائة في منتصف يناير، وفق «رويترز».

وفي خطوة مماثلة، خفض المجلس الألماني للخبراء الاقتصاديين توقعاته لنمو أكبر اقتصاد في أوروبا لعام 2026، متوقعاً نمواً متواضعاً فقط هذا العام.

كما خفّضت الأسواق توقعاتها بشأن تخفيضات أسعار الفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي بعد توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب تشريع إنهاء الإغلاق الحكومي، مع تقدير احتمال 52 في المائة لخفض 25 نقطة أساس بنهاية العام، مقارنة بـ60 في المائة في اليوم السابق، و82 نقطة أساس لخفض بنهاية عام 2026 مقابل 87 نقطة أساس.

وفي منطقة اليورو، لا يزال المتداولون يتوقعون احتمال 40 في المائة لخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس بحلول سبتمبر (أيلول)، مع توقع ثبات السعر عند 1.97 في المائة بحلول مارس 2027 دون تغيير عن المستويات السابقة مقارنة بالمستوى الحالي البالغ 2 في المائة.

كما ارتفع عائد سندات الخزانة الألمانية لأجل عامين، الأكثر حساسية لتوقعات البنك المركزي الأوروبي، بمقدار 0.5 نقطة أساس ليصل إلى 2.01 في المائة. وظلت تكاليف الاقتراض لأجل عامين في منطقة اليورو أقل قليلاً من المستويات التي سُجلت بعد اجتماع البنك المركزي الأوروبي في 30 أكتوبر (تشرين الأول)، مع افتراض الأسواق لمسار أسعار فائدة «أعلى لفترة أطول».

وصعد العائد على سندات الحكومة الإيطالية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.5 نقطة أساس إلى 3.38 في المائة، فيما بلغت الفجوة مع سندات الخزانة الألمانية الآمنة نحو 72 نقطة أساس، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2010.


استقرار الأسهم الأوروبية ترقباً للبيانات الأميركية الحاسمة

مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)
مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)
TT

استقرار الأسهم الأوروبية ترقباً للبيانات الأميركية الحاسمة

مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)
مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

استقرت الأسهم الأوروبية يوم الخميس، مع استعداد المستثمرين لصدور بيانات اقتصادية أميركية حاسمة بعد انتهاء أطول إغلاق حكومي في الولايات المتحدة، في حين قلّص سهم «سيمنز» من مكاسبه بعد إعلان الشركة عن أرباح أقل من المتوقع.

وارتفع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 585.13 نقطة بحلول الساعة 08:14 بتوقيت غرينتش، متداولاً بالقرب من أعلى مستوياته القياسية، وفق «رويترز».

وقادت أسهم التكنولوجيا مكاسب القطاعات بارتفاع نسبته 0.9 في المائة، مع تسجيل شركتي «إيه إس إم إل» و«إنفينيون» بوادر تعافٍ من الخسائر الكبيرة التي تكبدتاها الأسبوع الماضي.

وفي وقت متأخر من يوم الأربعاء، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب تشريعاً ينهي الإغلاق الحكومي، ما يمهد الطريق أمام الوكالات الفيدرالية لاستئناف جمع البيانات الضرورية لصنع السياسات. ومن المتوقع أن يكون تقرير الوظائف لشهر سبتمبر (أيلول) أول تقرير يُصدر، وسط توقعات المستثمرين بإمكانية خفض وشيك لأسعار الفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي بعد ظهور ثغرات في سوق العمل وفق استطلاعات الرأي.

في الوقت نفسه، تراجع سهم «سيمنز» بنسبة 4 في المائة بعد أن جاءت أرباحها الصناعية أقل من توقعات المحللين للربع الرابع، بينما كشفت الشركة عن خطط لتقليص حصتها في شركة «سيمنز هيلثينيرز».

وعلى الجانب الآخر، ارتفع سهم شركة «دليفري هيرو» بنسبة 2 في المائة بعد أن أعلنت الشركة الألمانية المتخصصة في الوجبات الجاهزة عبر الإنترنت توقعاتها بتسارع النمو في الربع الحالي، مدعوماً بانتعاش سوقها الآسيوية.


الإغلاق الأطول في تاريخ أميركا يترك الاقتصاد مثقلاً بالخسائر

ترمب يوقع على حزمة التمويل لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)
ترمب يوقع على حزمة التمويل لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)
TT

الإغلاق الأطول في تاريخ أميركا يترك الاقتصاد مثقلاً بالخسائر

ترمب يوقع على حزمة التمويل لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)
ترمب يوقع على حزمة التمويل لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)

بعد 43 يوماً من التوقف الجزئي للحكومة، انتهى الإغلاق الحكومي بالولايات المتحدة في وقت متأخر من يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، بعد أن صوت الكونغرس على مشروع قانون تمويل طال انتظاره، ووقع عليه الرئيس دونالد ترمب على الفور. وقد أنهى هذا الإجراء أطول فترة إغلاق حكومي في تاريخ البلاد، بعدما تسبب في تكاليف اقتصادية واجتماعية كبيرة وأثر على ملايين الأميركيين بشكل مباشر.

ولم يحصل الديمقراطيون على شروط التأمين الصحي التي طالبوا بإدراجها ضمن اتفاق تمويل الحكومة، بينما لم ينجُ الجمهوريون، الذين يسيطرون على السلطتين التشريعية والتنفيذية، من اللوم، وفقاً لاستطلاعات الرأي ونتائج بعض الانتخابات المحلية والولائية التي جاءت سلبية بالنسبة إليهم.

ترمب يوقع على «مشروع قانون التمويل» لإنهاء الإغلاق الحكومي في البيت الأبيض (رويترز)

وشمل الإغلاق تأثيراً مباشراً على نحو 670 ألف موظف فيدرالي سُرّحوا مؤقتاً، إضافة إلى نحو 42 مليون مستفيد من برامج المساعدات الغذائية الفيدرالية، التي توقفت جزئياً خلال الأزمة؛ مما تسبب في ضغوط مالية ونفسية كبيرة. وقال مكتب الموازنة في الكونغرس إن التأثير السلبي على الاقتصاد من المتوقع أن يتوقف في معظمُه بعد انتهاء الإغلاق، لكنه لن يُمحى بالكامل، حيث قدّر الخسارة الدائمة بنحو 11 مليار دولار لإغلاق استمر 6 أسابيع.

وتسبب الإغلاق أيضاً في سلسلة من المشكلات لملايين الأميركيين؛ فلم يتقاضَ الموظفون الفيدراليون رواتبهم، وتأخرت رحلات المسافرين وأُلغي بعضها، بينما توقفت برامج الأمان الاجتماعي، مثل «برنامج المساعدة الغذائية»، واضطر المواطنون إلى الانتظار في طوابير طويلة أمام بنوك الطعام.

وقال السيناتور جيري موران: «هذا الخلل يلحق ضرراً بمواطنينا واقتصادنا، ويرسل رسالة خطيرة إلى العالم. إنه يظهر لحلفائنا أننا شريك غير موثوق، ويظهر لخصومنا أننا غير قادرين على العمل معاً حتى للوفاء بالمسؤوليات الأساسية للكونغرس».

ويشمل الاتفاق تشريعات ثنائية حزبية أعدتها لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ لتمويل أجزاء محددة من الحكومة، مثل المساعدات الغذائية وبرامج المحاربين القدامى، والفرع التشريعي، بينما سيمدَّد باقي الاعتمادات حتى نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل؛ مما يمنح المشرعين أكثر من شهرين لإكمال مشروعات الإنفاق الإضافية.

ووفق أميتراجيت باتابيال، من «معهد ريتشاردسون للتكنولوجيا»، فإن الإغلاق أثر أيضاً على الثقة الدولية بالولايات المتحدة. حتى قبل الإغلاق، ساهمت الخلافات السياسية في واشنطن في خفض التصنيف الائتماني للبلاد؛ مما قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض. ويزيد الإغلاق من تآكل مكانة الولايات المتحدة بوصفها قائداً عالمياً للسوق الحرة والنظام الدولي القائم على القواعد، خصوصاً مع صعود الاقتصاد الصيني؛ مما يضعف صورة الولايات المتحدة بين المستثمرين الدوليين ويؤثر على مكانتها الاقتصادية العالمية.

أسباب الإغلاق

طالب الديمقراطيون بشروط عدة لدعمهم مشروع تمويل قصير الأجل، وكان المطلب المركزي هو تمديد «الائتمان الضريبي الموسع» الذي يقلل تكلفة التأمين الصحي عبر أسواق الرعاية الصحية بموجب «قانون الرعاية الميسرة». وقد عُزّز هذا الائتمان خلال الاستجابة لجائحة «كوفيد19»، ومرة أخرى من خلال «قانون الطاقة والرعاية الصحية الكبير» للرئيس جو بايدن، ومن المقرر أن ينتهي في نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

أشخاص يراقبون إقلاع طائرة بالقرب من برج مراقبة الحركة الجوية بمطار لوس أنجليس الدولي (أ.ف.ب)

ومن دونه، من المتوقع أن تتضاعف أقساط التأمين الصحي على ملايين الأميركيين، كما سيفقد أكثر من مليوني شخص تغطية التأمين الصحي بالكامل في العام المقبل، وفقاً لتقديرات مكتب الموازنة. وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر: «لم تواجه الأسر الأميركية من قبل وضعاً تضاعفت فيه تكاليف الرعاية الصحية في لمح البصر».

وبينما دعا الديمقراطيون إلى التفاوض بشأن هذا الملف، قال الجمهوريون إن تمرير مشروع تمويل الحكومة يجب أن يتم أولاً. وقال زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ، جون ثيون: «الجمهوريون مستعدون للجلوس مع الديمقراطيين فور توقفهم عن احتجاز الحكومة رهينة لمطالبهم الحزبية». وفي نهاية المطاف، وعد ثيون الديمقراطيين بإجراء تصويت في ديسمبر المقبل على «تمديد الائتمان الضريبي»، لكن كثيراً من الديمقراطيين طالبوا بحل مضمون وليس مجرد تصويت قد يفشل.