أدوية مشتقات الكورتيزون.. الموازنة بين الفوائد والمخاطر

يمكن للمرضى التقليل من آثارها الجانبية الضارة

أدوية مشتقات الكورتيزون.. الموازنة بين الفوائد والمخاطر
TT
20

أدوية مشتقات الكورتيزون.. الموازنة بين الفوائد والمخاطر

أدوية مشتقات الكورتيزون.. الموازنة بين الفوائد والمخاطر

مشتقات الكورتيزون أو ما تسمى أدوية «كورتيكوستيرويد» Corticosteroid medications، مثل الكورتيزون، وهيدروكورتيزون وبريدنيزون، هي بالفعل أدوية واسعة الاستخدام في الطب الحديث، وذلك نظرا لأنها تتمتع بإمكانات كبيرة في علاج مجموعة متنوعة من الحالات المرضية أو المظاهر المرضية لكثير من الأمراض، مثل الطفح الجلدي وحساسية الأنف أو العينين أو الربو أو أمراض اضطرابات جهاز مناعة الجسم كالذئبية الحمراء والالتهابات الروماتزمية وغيرها.
ولكن وعند الاستفادة من هذه الأدوية تظل المشكلة دوما في مخاطر تسببها بالآثار الجانبية المحتمل حصولها بنسب متفاوتة لدى فئات متنوعة من المرضى. ولذا يبقى التعاون مع الطبيب واتباع إرشاداته من أهم خطوات الحد من احتمالات حصول الآثار الجانبية لهذه الأدوية، وبالتالي رفع إمكانيات الاستفادة منها بطريقة تجعل المعالجة بها أكبر جدوى من احتمالات حصول مخاطر تناولها.

* أدوية الكورتيزون

* الأدوية المحتوية على الكورتيزون تعمل بطريقة مماثلة لهرمونات الجسم التي تنتجها الغدد الكظرية adrenal glands بشكل طبيعي ويومي، وثمة في الجسم غدتان كظريتان تجلس كل واحدة منها على قمة كل كلية. وتؤدي هرمونات هذه الغدد الكثير من المهام في الجسم وهي لازمة لعمل الجسم بطريقة أساسية. وعند تناول جرعات دوائية تتجاوز الكميات المعتادة في الجسم، فإنها تقوم بتهدئة وكبح جماح عمليات الالتهابات في الجسم، وخاصة المرتبطة بحالات الحساسية أو حالات اضطرابات عمل جهاز مناعة الجسم. وبالتالي يمكن الاستفادة من هذه الأدوية وبتلك الكميات في تقليل حدة مظاهر وأعراض حالات الالتهابات والحساسية مثل التهابات المفاصل وحساسية الربو. كما يُمكنها أيضا قمع الانفلات في نظام المناعة بالجسم، وبالتالي يمكنها أن تساعد في التحكم بعمل جهاز المناعة الذي قد يضطرب ويهاجم عن طريق الخطأ أنسجة الجسم كالتي توجد في الكلى أو الكبد أو الجلد أو المفاصل أو غيرها.

كما أن هذه الأدوية تمثل علاجا لمرض أديسون، الذي تكون فيه الغدد الكظرية غير منتجة لما يكفي من هرموناتها. إضافة إلى ذلك كله، تساعد هذه الأدوية الستيرويدية على منع حصول حالة «رفض العضو» عند الشخص الذي تتم له عملية زراعة عضو، مثل الكلى أو الكبد أو القلب.

ومن الضروري إدراك أنه قد يتم تلقي الأدوية الستيرويدية بعدة طرق، مثل: - عن طريق الفم. كأقراص دوائية أو كبسولات دوائية أو كشراب، وذلك كعلاج دوائي يساعد في علاج الالتهاب والألم الذي يصاحب بعض الحالات المزمنة مثل التهاب المفاصل الروماتيزمي والذئبية الحمراء.

- عن طريق استنشاق الرذاذ إلى الرئة أو إلى داخل الأنف. وهذه الأشكال من الأدوية تساعد في التحكم بالالتهابات المرتبطة بالربو أو الحساسية الأنفية.

- مستحضر موضعي. ويمكن على هيئة الكريمات أو المراهم التي تساعد على إتمام عمليات التئام الكثير من الأمراض الجلدية.

- عن طريق الحقن. ويستخدم هذا النموذج الدوائي في علاج الأعراض والعلامات أو الألم والتهاب في المفاصل أو الأوتار العضلية، كما يُستخدم الحقن في الوريد في الحالات الشديدة الخطورة على الجسم للإسراع باستفادة الجسم من هذه الأدوية مثل حالات الربو الشديد أو غيرها من الحالات الحرجة.

ومثلها مثل جميع أنواع الأدوية، هناك مخاطر لحدوث آثار جانبية جراء تلقي الأدوية الستيرويدية. وبعض الآثار الجانبية يمكن أن يتسبب في مشكلات صحية خطيرة. ولذا عندما يعرف المريض ما هي الآثار الجانبية المحتملة فإن بإمكانه اتخاذ خطوات للسيطرة على تأثيراتها على صحته، والتي من أهمها إبلاغ الطبيب واتباع إرشاداته في كيفية العمل حينئذ بطريقة تحول دون أضرار التوقف المفاجئ عن تناولها.

* آثار جانبية

* آثار جانبية لتلقي الكورتيزون عن طريق الفم. يؤثر تناول الكورتيزون عن طريق الفم على الجسم بأكمله بدلا من مجرد منطقة معينة، ولذا فهو أكثر احتمالا في أن يتسبب بآثار جانبية كبيرة. وتعتمد نوعية وحجم الآثار الجانبية على كمية جرعة الدواء الذي يتلقاها المريض، ويمكن أن تشمل الآثار الجانبية: - ارتفاع ضغط العينين (الغلوكوما).

- احتباس السوائل في الجسم، مما قد يتسبب في تورم أسفل الساقين.

- زيادة ضغط الدم.

- تقلب المزاج.

- زيادة الوزن، مع زيادة تراكم الدهون في البطن والوجه والجزء الخلفي من الرقبة.

وعندما يتم أخذ الكورتيزون عن طريق الفم على المدى الطويل، قد تواجه المريض مشكلات مثل:

- تغيم العدسة في واحدة أو كلتا العينين (إعتام عدسة العين أو الماء الأبيض).

- ارتفاع السكر في الدم، الذي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مرض السكري.

- ازدياد خطر الإصابة بعدوى الميكروبات.

- ترقق العظام (هشاشة العظام) وسهولة الإصابة بالكسور.

- تقاعس الغدة الكظرية عن إنتاج هرمون الغدة الكظرية.

- ترقق الجلد، بما يجعل من السهل الإصابة بالكدمات وبطء التئام الجروح.

- آثار جانبية من الكورتيزون المستنشق. عند استخدام الستيرويدات المستنشقة عبر الفم والحلق وصولا إلى الرئة، وعدم اتباع إرشادات الطبيب حول ضرورة الغرغرة لتنظيف الحلق والفم بعد الاستنشاق، فإن ذلك يمكن أن يسبب: عدوى فطرية في الفم، بحة في الصوت. وتجدر ملاحظة أن الدراسات الطبية لم تثبت أنها ذات تأثيرات سلبية على نمو الطول لدى الأطفال.

* آثار جانبية من أدوية الكورتيزون الموضعية. الستيرويدات الموضعية يمكن أن تؤدي إلى ترقق الجلد الرقيق، وربما إثارة ظهور حب الشباب.

* الآثار الجانبية لحقن الكورتيزون. يمكن أن تسبب حقن الأدوية الستيرويدية في آثار جانبية قرب موقع الحقن. وقد تشمل الآثار الجانبية الألم والعدوى الميكروبية الموضعيين، وتقلص من الأنسجة الجلدية وفقدان اللون في الجلد.

* تقليل الآثار

* إن تقليل احتمالات حصول بعض الآثار الجانبية للأدوية الستيرويدية ممكن جدا عبر اتباع بعض الوسائل، ومنها:

- متابعة توجيهات الطبيب حول تناول الجرعات الدوائية للأدوية الستيرويدية لتخفيف حدة المرض الأصلي وبالتالي يمكن للطبيب تقليل كمية جرعة الأدوية هذه دون الإضرار بالجسم.

- اتخاذ القرارات السليمة خلال العلاج بالأدوية الستيرويدية لفترة طويلة، والتحدث مع الطبيب حول الطرق الأمثل لتقليل الآثار الجانبية، مثل تقليل عدد السعرات الحرارية التي يتناولها الشخص في وجبات الطعام اليومي أو زيادة النشاط البدني لمنع زيادة الوزن. وتجدر ملاحظة أن ممارسة الرياضة يمكن أن تساعد في الحد من ضعف العضلات وهشاشة العظام، كما يساعد تناول الكالسيوم وفيتامين «دي» في بناء العظام بما يمكن أن يُسهم في خفض احتمالات حصول ترقق العظام بسبب الكورتيزون.

- اتخاذ الحيطة والحذر عند وقف العلاج بعد أخذ الكورتيزون عن طريق الفم لفترات طويلة، لأن الغدد الكظرية تنتج في هذه الظروف كميات أقل من هرموناتها الطبيعية، ولذا فإن التدرج في التوقف يُعطي الغدد الكظرية فرصة لمعاودة نشاط إنتاجها الطبيعي لهرموناتها.



«جنة البكتيريا»... هل إسفنجة المطبخ مضرة بالصحة؟

استخدام الإسفنجة نفسها في جميع أنحاء المطبخ يمكن أن يتسبب في نشر الجراثيم بين الأسطح (معهد التنظيف الأميركي)
استخدام الإسفنجة نفسها في جميع أنحاء المطبخ يمكن أن يتسبب في نشر الجراثيم بين الأسطح (معهد التنظيف الأميركي)
TT
20

«جنة البكتيريا»... هل إسفنجة المطبخ مضرة بالصحة؟

استخدام الإسفنجة نفسها في جميع أنحاء المطبخ يمكن أن يتسبب في نشر الجراثيم بين الأسطح (معهد التنظيف الأميركي)
استخدام الإسفنجة نفسها في جميع أنحاء المطبخ يمكن أن يتسبب في نشر الجراثيم بين الأسطح (معهد التنظيف الأميركي)

تعد إسفنجة المطبخ من الأدوات المهمة، حيث نستخدمها لتنظيف الأطباق التي نتناولها، لكنها بيئة رطبة مليئة بالفتات وتعتبر مثالية لنمو البكتيريا، والتي تتميز أنواع عديدة منها بمهاراتها في التعامل مع البيئة القاسية لكن أفضل مكان تفضل العيش فيه، هو إسفنجة المطبخ، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

حيث إن الإسفنج هو جنة البكتيريا فهو دافئ ورطب ومليء بفتات الطعام المغذي الذي تتغذى عليه الميكروبات.

ولفتت «بي بي سي» إلى أن ماركوس إيغرت، عالم الأحياء الدقيقة في جامعة فورتفاغن في ألمانيا نشر في عام 2017، بيانات جديدة عن البكتيريا في إسفنجات المطبخ المستعملة، حيث اكتشف عدداً هائلاً من الميكروبات في تلك الإسفنجيات، بلغ 362 نوعاً، وفي بعض الأماكن، وصلت كثافة البكتيريا إلى 54 مليار فرد لكل سنتيمتر مربع، وقال: «هذه كمية هائلة، تُقارب عدد البكتيريا الموجودة في عينة براز بشرية».

وتوفر الإسفنجيات المليئة بالثقوب والجيوب، بيئةً مناسبةً لتجمع الميكروبات.

ووفقاً لما وجده لينغتشونغ يو، عالم الأحياء في جامعة ديوك الأميركية، وفريقه، في دراسة أجريت عام 2022 أن الإسفنجيات ذات الجيوب ذات الأحجام المختلفة تُشجع على نمو الميكروبات بشكل أكبر.

ويقول إيغرت: «وجود مجموعة متنوعة من أحجام المسام المختلفة في إسفنجات المطبخ أمرٌ بالغ الأهمية لتشجيع نمو البكتيريا، وهذا منطقي، فبالنسبة للميكروبات، هناك كائنات فردية مثل البكتيريا التي تفضل النمو بمفردها، وهناك بكتيريا تحتاج إلى صحبة غيرها. داخل الإسفنجة، يوجد العديد من التراكيب أو البيئات المختلفة التي تُسعد الجميع».

وقالت الصحيفة إنه لا شك إن الإسفنج مكان جيد للبكتيريا ومع ذلك، لا يعني هذا بالضرورة أن هذه الأدوات تُشكل خطراً على صحتنا أيضاً فالبكتيريا موجودة في كل مكان على جلدنا، وفي التربة، وفي الهواء المحيط بنا وليست جميعها ضارة، بل إن العديد منها يؤدي وظائف حيوية. لذا، السؤال المهم هو: هل تستحق البكتيريا الموجودة في الإسفنج القلق حقاً؟

وفي الدراسة التي أجراها إيغرت عام 2017، قام بتتبع تسلسل الحمض النووي لأكثر أنواع البكتيريا شيوعاً على الرغم من استحالة تحديد النوع الدقيق لكل بكتيريا، فإن خمسة من كل عشرة أنواع من أكثر الأنواع شيوعاً كانت وثيقة الصلة ببكتيريا معروفة بأنها تُسبب عدوى للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة كما أن إجراءات التنظيف مثل التسخين في الميكروويف أو الشطف بالماء الساخن والصابون، لم تنفع، فرغم أنها قضت على بعض البكتيريا، فإنها سمحت لسلالات أخرى أكثر مقاومة بالازدهار.

ويقول إيغرت: «فرضيتنا هي أن إجراءات التنظيف قد تُؤدي إلى نوع من عملية الانتقاء، حيث يُمكن للبكتيريا الناجية القليلة أن تنمو وتتكاثر بأعداد كبيرة مرة أخرى، وإذا كررت هذا الأمر عدة مرات، فقد يؤدي ذلك إلى ظهور مجموعة من البكتيريا أكثر تكيفاً مع التنظيف».

ولفتت الصحيفة إلى دراسة أجريت في عام 2017، حيث جمعت جينيفر كوينلان، أستاذة سلامة الغذاء في جامعة برايري في الولايات المتحدة، وزملاؤها، إسفنجات مطبخ من 100 منزل، ووجدت أن 1-2 في المائة فقط من هذه الإسفنجات تحتوي على بكتيريا مرتبطة بالتسمم الغذائي.

إسفنجة مستخدمة في تنظيف الأطباق (أ.ف.ب)
إسفنجة مستخدمة في تنظيف الأطباق (أ.ف.ب)

ودُعمت هذه النتيجة بدراسة أجريت عام 2022، قارنت فيها سولفيج لانغسرود، العالمة في معهد نوفيما النرويجي لأبحاث الأغذية، البكتيريا الموجودة في إسفنجات وفرش غسل الأطباق، ووجدت مجموعة شائعة من البكتيريا غير الضارة وغير المسببة للأمراض في كلا النوعين من الأدوات.

وقالت كوينلان: «الغالبية العظمى من البكتيريا الموجودة على الإسفنج لا تسبب الأمراض، بل تُسبب فقط رائحة كريهة، ستجعلها كريهة مع مرور الوقت مع ذلك، هناك احتمال أن يكون استخدام إسفنجة لمسح اللحوم النيئة أو الدجاج النيء سبباً في وجود بعض هذه البكتيريا المسببة للأمراض عليها، وقد وجدت الدراسات أنه يمكن عزل مسببات الأمراض من إسفنج المطبخ».

لذا، في حين أن البكتيريا التي تنمو في الإسفنجة ليست ضارة عادةً، إلا أنه في حال ظهور بكتيريا خطيرة مثل السالمونيلا، فإن بنية الإسفنجة تجعلها مكاناً مثالياً لنمو هذه البكتيريا.

وهناك أدلة على ذلك، ففي دراسة لانغسرود، عندما أدخل الباحثون السالمونيلا إلى إسفنجات المطبخ، ازدهرت، ولكن عندما أضافوا هذه البكتيريا إلى الفرش، ماتت، وقد يكون ذلك لأن الفرش غالباً ما تجف بشكل أكثر فعالية بين الاستخدامات، مما يؤدي إلى قتل بكتيريا السالمونيلا، بينما يمكن أن تظل الإسفنجة رطبة من الداخل إذا استُخدمت يومياً.

وبشأن المدة التي يجب عندها تغيير إسفنجة المطبخ؟ قالت كوينلان إنه من منظور النظافة، يُفضّل استبدالها أسبوعياً، ولكن هناك أشياء يمكنك القيام بها لإطالة عمرها الافتراضي.

وأضافت: «هناك طريقتان سهلتان لتنظيفها يمكنك وضعها في غسالة الأطباق في نهاية المساء، أو تسخينها في الميكروويف لمدة دقيقة حتى ترى البخار يتصاعد، وهذا سيقضي على معظم مسببات الأمراض».

وكانت الدراسات أظهرت أن غسل الإسفنجة في غسالة الأطباق أو الميكروويف يُقلل من تراكم البكتيريا، ويكون أكثر فعالية من نقعها في المُبيّض. ولكن كما أوضحت دراسة إيغرت، فإن هذا قد يُؤدي إلى ظهور سلالات أكثر مقاومة، وبالتالي يُصبح التنظيف أقل فعالية مع مرور الوقت.

كما أن وضع الإسفنجة في الماء المغلي والمطهر يقضي على معظم البكتيريا، مع أن بعضها قد يبقى على قيد الحياة، وخاصة تلك التي تُشكّل أغشية حيوية لزجة واقية ولكن وُجد أن هذه الطريقة فعالة في الحد من مُسببات الأمراض المُحتملة مثل السالمونيلا.

ومن جانبها قالت إيغرت: «لا أنصح باستخدام إسفنجات المطبخ إطلاقاً. في الواقع، لا أجد أي معنى لاستخدامها في المطبخ. الفرشاة أفضل بكثير لأنها تحتوي على بكتيريا أقل وتجف بسهولة أكبر، كما أنها أسهل في التنظيف».