زيادة معدلات الإصابة بالسكري بين المراهقين

بسبب نقص إفراز الأنسولين أو البدانة والغذاء غير الصحي

زيادة معدلات الإصابة بالسكري بين المراهقين
TT

زيادة معدلات الإصابة بالسكري بين المراهقين

زيادة معدلات الإصابة بالسكري بين المراهقين

ذكرت أحدث دراسة تناولت مرض السكري بنوعيه الأول والثاني أن معدلات انتشار المرض لا تزال مرتفعة بين الأطفال والمراهقين بالشكل الذي يعد تهديداً لصحة الشباب على المدى الطويل. ويأتي هذا رغم الجهود المبذولة لمكافحته نظراً للمضاعفات الخطيرة التي يسببها المرض على المدى الطويل، وتأثيره على جميع أجهزة الجسم، وبشكل خاص على القلب والأوعية الدموية، الأمر الذي يترتب عليه زيادة احتماليات حدوث السكتة الدماغية وجلطة الشرايين والفشل الكلوي المزمن.
نشرت الدراسة في مطلع شهر مارس (آذار) من العام الجاري في مجلة «لانست» The Lancet Diabetes & Endocrinology الطبية واسعة الانتشار في العدد الذي تناول مرض السكري والغدد الصماء، وأدرجت فيه تقارير طبية للعديد من المؤسسات الطبية الأميركية، ومنها تقرير مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC بعد دراسة طويلة كانت بدايتها عام 2000 لتتبع معدلات الإصابات الجديدة. وتبين إصابة 18 ألفاً من الشباب، حيث من تبلغ أعمارهم 19 عاماً وأقل تم تشخيصهم بالنوع الأول من المرض، سواء تمت ولادتهم به، أو في الطفولة المبكرة، أو عند بداية المراهقة. وأيضاً إصابة 5200 من الأطفال؛ حيث من تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً تم تشخيصهم بالنوع الثاني، وذلك في الفترة بين عامي 2002 و2018.
أوضحت الدراسة أن الإصابة بالمرض من النوع الأول زادت بنسبة 2 في المائة سنوياً. وهذا النوع الذي يعتمد على الأنسولين بشكل مباشر وفي الأغلب يحدث نتيجة لنقص إفراز الأنسولين أو لغياب إفرازه بشكل كامل نتيجة لعيب خلقي أو نتيجة لعدم الاستجابة له، وفي الغالب يحدث في وقت مبكر من حياة الطفل. وأيضاً زادت الإصابات بالنوع الثاني من المرض بنسبة 5.3 في المائة سنوياً، وفي الأغلب سبب الزيادة في هذا النوع يرجع لانتشار البدانة والغذاء غير الصحي الذي يحتوي على كميات كبيرة من الكربوهيدرات والدهون.
كانت الزيادات المسجلة في معظمها لأطفال ينتمون لأصول آسيوية أو لاتينية، وبالنسبة للعمر الذي تم فيه تشخيص كل نوع كان تقريباً عمر العاشرة في النوع الأول، بينما كان 16 عاماً في النوع الثاني.
وارتبط التشخيص إلى حد ما بالتقلبات المناخية؛ بمعنى أن زيادة تشخيص النوع الأول كان يحدث عادة في الشتاء وتبلغ ذروته في شهر يناير (كانون الثاني)، ويمكن تفسير ذلك من خلال التقلبات في ساعات النهار، وتناول الوجبات، وانخفاض مستويات فيتامين «دي» نتيجة لعدم التعرض بشكل كاف لأشعة الشمس، بجانب زيادة احتماليات حدوث عدوى فيروسية مما يمكن أن يلعب دوراً في الإصابة. وفي المقابل، كانت ذروة تشخيص النوع الثاني في شهر يوليو (تموز) من العام، وربما يكون السبب في ذلك زيادة تناول الوجبات الجاهزة الضارة في الفترات التي يكثر فيها التنزه وممارسة الأنشطة المختلفة.

تهديدات السكري

يمثل مرض السكري تهديداً حقيقياً للصحة سواء للدول الفقيرة لاعتماد الغذاء بشكل أساسي على كميات كبيرة من الكربوهيدرات مثل الخبز والنشويات لتعويض النقص في البروتين الحيواني. أما في الدول المتقدمة فينتشر المرض بسبب نمط الحياة الذي يعتمد على الوجبات السريعة ومشروبات الطاقة والعصائر المحفوظة والحلويات، وجميعها ضارة بالصحة. وتبعاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها هناك 37 مليون أميركي يعانون من مرض السكري، نسبة منهم تبلغ 90 في المائة أصيبوا بالنوع الثاني.
يؤدي مرض السكري إلى انخفاض تدفق الدم في الأوعية الدموية وخاصة الطرفية، مما يؤثر بالسلب على معظم أجهزة الجسم ومنها الكليتان، وعلى المدى الطويل يؤدي إلى تلف الكلية وفشلها. كما يسبب التهاب الأعصاب الطرفية في القدم. وتزامناً مع نقص سريان الدم تزيد فرص الإصابة بقرحة القدم مما يمكن أن يؤدي في النهاية إلى حدوث غرغرينة في القدم والحاجة لبترها. وأيضاً يؤدي إلى اعتلال الشبكية بشكل كبير نتيجة لتأثيره على الأوعية الدموية الصغيرة الموجودة في شبكية العين، وهو ما يجعل المرض مسبباً رئيسياً لفقدان البصر. وحسب منظمة الصحة العالمية WHO، هناك ما يقرب من مليون شخص حول العالم فقدوا البصر بسبب السكري. وإضافة إلى ذلك، فإنه يضعف مناعة الجسم بشكل عام ويجعله أكثر قابلية للإصابة بالأمراض المعدية.
في الماضي، أي قبل أقل من 50 عاماً، كان انتشار مرض السكري من النوع الثاني نادر الحدوث في الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 45 عاماً. ولكن الدراسات الحديثة أظهرت أن معدل إصابة المراهقين والشباب المصابين بداء السكري من النوع الثاني في ارتفاع مستمر. وإحدى هذه الدراسات أشارت إلى زيادة معدل الإصابات بنسبة 56.4 في المائة بين المراهقين في آخر ثلاثة عقود. وبطبيعة الحال سوف تؤدي زيادة النوع الثاني في المراهقين والشباب في عمر الزواج إلى رفع احتماليات إصابة أطفالهم بالنوع الأول، حيث تلعب الوراثة دوراً هاماً في حدوث المرض، وبحلول عام 2060 سوف تكون نسبة الزيادة في الإصابات قد وصلت إلى 700 في المائة وهي نسبة كبيرة جداً.
حذرت الدراسة من زيادة المعدلات، وشددت على ضرورة أن تُبذل جهود كبيرة لمحاولة الحد من الانتشار وتشجيع ممارسة الرياضة بين الأطفال والمراهقين وحثهم على النشاط البدني خاصة في الدول المتقدمة، وتوفير مصادر البروتين الحيواني للدول الفقيرة، ونشر ثقافة الطعام الصحي، والاستعانة بالدعم النفسي لعلاج اضطرابات الطعام، وما يسمى الأكل العاطفي emotional eating، حيث يكون تناول الطعام انعكاساً للحالة النفسية للمراهق، وأيضاً يجب على الآباء مساندة أبنائهم بتوفير البدائل الغذائية الصحية، وتقديم النموذج الجيد في الالتزام الصحي.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

علوم سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـ40 في المائة من العلاج التقليدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لا مانع من بعض العزلة للأطفال والحديث معهم عندما يكونون مستعدين لذلك (أرشيفية - وسائل إعلام أميركية)

طفلي لا يريد التحدث معي... ماذا أفعل؟

تنصح طبيبة نفسية بإعطاء الأطفال مساحتهم الخاصة عندما لا يريدون التحدث.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفريق أجرى جراحة كهربائية لعلاج انسداد القنوات الصفراوية بواسطة روبوتات مصغرة (المركز الألماني لأبحاث السرطان)

روبوتات بحجم المليمتر تنفذ عمليات جراحية دقيقة

حقّق باحثون في المركز الألماني لأبحاث السرطان إنجازاً جديداً في مجال الجراحة بالمنظار، حيث طوّروا روبوتات مصغرة بحجم المليمتر قادرة على تنفيذ جراحات دقيقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)
الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)
TT

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)
الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـنسبة 40 في المائة من العلاج التقليدي، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

يُعد سرطان الرئة السبب الرئيسي للوفاة بالسرطان في العالم، حيث ينجم عنه نحو 1.8 مليون حالة وفاة كل عام. معدلات البقاء على قيد الحياة لدى أولئك الذين يعانون من أشكال متقدمة من المرض، حيث تنتشر الأورام، ضعيفة بشكل خاص.

وفقاً لبيانات دراسة عالمية، فإن المرضى الذين تم تشخيصهم بأشكال متقدمة من سرطان الرئة والذين تناولوا تركيبة «أميفانتاماب» و«لازرتينيب» ما زالوا على قيد الحياة دون ظهور تقدم في مرضهم بعد 23.7 شهراً في المتوسط. ووجدت التجربة أن متوسط ​​البقاء على قيد الحياة الخالي من التقدم لدى المرضى الذين يستخدمون الدواء العادي - «أوسيميرتينيب»، كان 16.6 شهراً.

وقال الخبراء إن هذا الاختراق جاء وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان، حيث إن الفهم الأكبر لما يحفز الأورام المحددة يوفر طرقاً أفضل للتغلب على المرض.

وأوضح البروفسور مارتن فورستر، اختصاصي الأورام الطبية في مستشفى الكلية الجامعية والمشارك الرئيسي في التجربة بالمملكة المتحدة: «لقد أدى الفهم الأفضل للبيولوجيا التي تحرك سرطانات الرئة إلى توجيه تطوير هذه العلاجات المستهدفة. من المدهش أن نرى أن هذا المزيج الجديد يُظهر سيطرة أطول على السرطان من (أوسيميرتينيب)، والذي كان بحد ذاته علاجاً رائداً قبل بضع سنوات فقط».

من جهته، أفاد البروفسور رافاييل كاليفانو، استشاري الأورام الطبية والباحث ضمن التجربة «من خلال الجمع بين هذين العقارين، اللذين يوقفان السرطان عن النمو بطرق مختلفة، نرى تحسناً كبيراً في معدلات البقاء على قيد الحياة الخالية من التقدم مقارنة بالعقار الذي نستخدمه حالياً».

وتابع «لا تزال معدلات البقاء على قيد الحياة لسرطان الرئة منخفضة للغاية مقارنة بأنواع أخرى من المرض، لذا فإن رؤية مثل هذه النتائج الإيجابية هي تطور مرحب به».

في أغسطس (آب)، تمت الموافقة على التركيبة الدوائية هذه من قبل إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة. يأمل الأطباء المشاركون في التجربة أن يكون العلاج متاحاً أيضاً لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا في المستقبل.