من هي أم ليوناردو دافنشي؟

روائي يجزم أن والدته كاترينا اختُطفت خلال طفولتها واستعبدت في قوقازيا بوسط آسيا

خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في فلورنسا أمس لإطلاق رواية «ابتسامة كاترينا» (أ.ف.ب)
خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في فلورنسا أمس لإطلاق رواية «ابتسامة كاترينا» (أ.ف.ب)
TT

من هي أم ليوناردو دافنشي؟

خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في فلورنسا أمس لإطلاق رواية «ابتسامة كاترينا» (أ.ف.ب)
خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في فلورنسا أمس لإطلاق رواية «ابتسامة كاترينا» (أ.ف.ب)

لغز لطالما أثار اهتمام العلماء وأربكهم لقرون: من هي بالضبط والدة ليوناردو دافنشي؟
بعض الحقائق معروف منها أن اسمها كاترينا، وأنه في وقت ما في عام 1451، كانت تربطها علاقة بكاتب العدل بييرو دافنشي، وأنجبت في 15 أبريل (نيسان) 1452 ابناً خارج إطار الزواج وعُمّد باسم ليوناردو. وهناك لوح تذكاري يحمل تاريخ ميلاد الفنان الشهير في كنيسة «سانتا كروتشه» ببلدة «فينشي» التي تبعد نحو 30 ميلاً عن فلورنسا بإيطاليا، حيث جرت المعمودية على الأرجح.
تكهن الباحثون على مر السنين بأن والدة الفنان ربما كانت فلاحة أو مراهقة يتيمة ذات أصل متواضع أو ربما كانت من أصول يهودية أو صينية.
الثلاثاء الماضي، نُشرت نظرية أخرى من المرجح أن تثري الجدل الأكاديمي في فلورنسا ضمن مقدمة لرواية تاريخية جديدة. يعتقد مؤلف الرواية، المؤرخ البروفسور كارلو فيتشي، أن والدة ليوناردو قد اختطفت عندما كانت فتاة صغيرة واستعبدت بمنطقة القوقاز الجبلية في آسيا الوسطى.

المؤلف الروائي كارلو فيتشي مع روايته «ابتسامة كاترينا» (أ.ف.ب)

تتضمن الرواية «إيل سوريسو دي كاترينا» أو «ابتسامة كاترينا»، في جوهرها العلمي وثيقة عُثر عليها حديثاً واكتشفها البروفسور في أرشيف ولاية فلورنسا، كتبها والد ليوناردو بخط يده. بالنسبة إلى الرواية، دمج البروفسور فيتشي، الذي يدرس في جامعة «أورينتا يونيرفسيتي» في نابولي، الحقيقة مع الخيال لصياغة قصة صاخبة تأخذ القارئ بصحبة «كاترينا» وهي تشق طريقها إلى فلورنسا، ولاحقاً إلى بلدة «فينشي»، عبر بحر آزوف والقسطنطينية (إسطنبول الحديثة) وفينيسيا... وينتهي الأمر بوفاتها في ميلانو؛ حيث عاشت مع ابنها الذي كان يعمل في المحكمة المحلية.
قال باولو غالوزي؛ الخبير المختص بحياة وفنون ليوناردو والمدير السابق لـ«متحف جاليليو» في فلورنسا: «أود أن أعرضها على أنها قصة وثائقية. الأمر ينطوي على تناقض لفظي لشرح هذا الكتاب؛ لأنه مزيج من نوعين متباينين تقليدياً». وقال إن الكتاب، الذي صدر أمس الأربعاء، منح الشخصيات هويات ووجوهاً وعاطفة، وهي عناصر غائبة عن الروايات العلمية. لكن البحث كان سليماً.

رواية «ابتسامة كاترينا» (أ.ف.ب)

وأضاف غالوزي أن الوثائق التي جمعها البروفسور فيتشي قد قدمت طرحاً مقنعاً، حتى وإن كانت مجرد «فرضية» الغرض منها «إثراء النقاش».
يعود تاريخ الوثيقة، التي عثر عليها البروفسور فيتشي، إلى خريف عام 1452، بعد نحو 6 أشهر من ولادة ليوناردو. تسجل الوثيقة تحرير امرأة شركسية مستعبدة تدعى كاترينا من قبل مالكها. وذكر البروفسور فيتشي، الثلاثاء في المؤتمر الصحافي، أن الأدلة على أن الوثيقة تشير إلى والدة ليوناردو على وجه التحديد قد تعززت من خلال أوراق ملكية أخرى تتبع سلسلة من الأدلة المرتبطة بكاترينا، جميعها ذات صلة بوالد ليوناردو.
في النهاية؛ تزوج والد ليوناردو بامرأة فلورنسية شابة، وفي العام التالي لولادة ليوناردو، رتب بييرو دافنشي زواجاً بين كاترينا وشخص يعمل مزارعاً وعامل فرن عاش في ضواحي فينشي. أنجبت كاترينا 4 بنات وابناً آخر، ويمكن القول إن ولادة ليوناردو قد عادت بالنفع عليه وعلى العالم بأسره.
يستهل المؤلف والتر إيزاكسون السيرة الذاتية التي كتبها للفنان الشهير عام 2017 بقوله: «لسوء حظ ليوناردو دافنشي أنه وُلد خارج إطار الزواج. لو لم يحدث ذلك لكان بمقدوره أن يصبح كاتب عدل مثل الأبناء الشرعيين في عائلته الذين يعود بداية نسلهم إلى 5 أجيال في الأقل».
قال البروفسور فيتشي إنه قرر اتباع نهج أدبي لإعلان اكتشافه؛ لأنه كان يأمل في الوصول إلى جمهور أوسع، ذلك رغم أنه ذكر في مقابلة هاتفية الأسبوع الماضي أنه بصدد كتابة مقال علمي في هذا الصدد، وأنه تأثر بقصة كاترينا، التي قال إنها تعكس معاناة كثير من اللاجئين المعاصرين. وقال الثلاثاء: «لقد شعرت بحاجة ملحة لرواية القصة بطريقة مختلفة».
تعدّ تلك النظرية الأحدث في حياة كاترينا قبل ولادة ليوناردو. فقد ذكر الباحث أنجيلو باراتيكو أنه وجد نفسه في دائرة الضوء الإعلامي بعد أن افترض علناً في عام 2014 أن والدة ليوناردو كانت امرأة صينية مستعبدة. وقال في مقابلة هاتفية: «قلت إنه إذا كان صحيحاً، كما ذكر سيغموند فرويد ذات مرة، أن ليوناردو قد رسم (الموناليزا) لتحاكي ملامح والدته، فإن (الموناليزا) كانت صينية»، مضيفاً: «يمكنك أن تتخيل كيف كان رد فعل الناس»، قالها ضاحكاً.
وقال إن نظرية السيد باراتيكو تستند إلى دراسة سابقة أجراها رينزو سيانتشي، أول أمين لـ«مكتبة ليوناردو» في «فينشي» الذي افترض منذ سنوات أن كاترينا كانت امرأة مستعبدة تعيش في منزل فاني دي نيكولو دي سير فان، وهو صديق ثري لوالد ليوناردو.
وقال أليساندرو فيزوسي، الباحث المختص بفنون ليوناردو ومدير «جمعية ليوناردو دافنشي للتراث»، وهي جمعية تتبعت نسب أحفاد الفنان الشهير، إن كتاباً سينشر قريباً عن نسب ليوناردو سيعرض مرة أخرى فكرة أن والدة الفنان الشهير كانت هي كاترينا المستعبدة المملوكة للثري فاني دي نيكولو. وقال: «نحن على قناعة بأن هذه الوثائق تشير إلى كاترينا هذه (والدة ليوناردو)». لكن فضوله دفع به لقراءة كتاب البروفسور فيتشي والقول إنهم سيقارنون بين النظريتين.
وقال البروفسور فيتشي، الثلاثاء، إن البحث السابق الذي أجراه السيد سيانتشي والسيد فيزوسي كان «المرشد» لعمله، حتى لو لم يتفق معهما على هوية كاترينا.
قبل توحيد إيطاليا في القرن التاسع عشر، كانت العبودية شائعة، رغم أنها لا تزال مجالاً في إيطاليا يتطلب مزيداً من البحث، وفق جوليا بونازا، الأستاذة بجامعة فينيسيا التي كتبت في هذا الموضوع. وكان الاتجار بالبشر القادمين من آسيا الوسطى قد بدأ في القرن الثالث عشر على يد تجار جنوا وفينيسيا. وكان غالبية الضحايا من النساء وغير المسيحيين، وإن لم يكن أطفالهم مستعبدين قانوناً.
كان يجري تعميد العبيد بمجرد وصولهم إلى أوروبا، وإعطائهم أسماء مسيحية، غالباً ماريا أو كاترينا، وبيعهم خدماً للعائلات الميسورة.
في هذا الإطار، قال سيرجيو توجنيتي، أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة «كالياري» الذي كتب عن العبودية: «لكن حتى لو كانت هناك عائلات تمتلك أشخاصاً مستعبدين، فلم يكن هذا أمراً شائعاً». جرى إطلاق سراح البعض في النهاية من قبل ملاكهم؛ عادة في إطار وصية من المالك قبل وفاته.
قبل بضع سنوات، نشر مارتن كيمب، الخبير المختص بفنون ليوناردو، كتاباً بالتعاون مع باحث إيطالي زعم فيه أن والدة ليوناردو كانت مراهقة محلية يتيمة، لكنه قال إن نظرية استعبادها هي أيضاً «نموذج يمكن تصوره».
وفي مقابلة، قال كيمب إنه يعتقد أن الناس مغرمون بقضية أصول والدة ليوناردو؛ لأنه رغم أن هذا الفنان قد كتب «آلاف وآلاف الصفحات» حول مجموعة واسعة من الموضوعات، فإن شخصيته لا تزال لغزاً.
لكنه تساءل: «مرة أخرى؛ هل معرفة من هي كاترينا أمر مهم حقاً؟ إذا نظرنا إلى فن ليوناردو، وعلمه، وهندسته، فماذا يعنينا بعد ذلك؟».
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)
يوميات الشرق من كواليس فيلم «المستريحة» (إنستغرام ليلى علوي)

أفلام مصرية جديدة تراهن على موسم «رأس السنة»

تُراهن أفلام مصرية جديدة على موسم «رأس السنة»، من خلال بدء طرحها في دور العرض قبيل نهاية العام الحالي (2024)، وأبرزها «الهنا اللي أنا فيه»، و«الحريفة 2».

داليا ماهر (القاهرة)

جيرارد: متحمسون لمواجهة العربي القطري 

الإنجليزي ستيفن جيرارد المدير الفني لفريق الاتفاق (رويترز)
الإنجليزي ستيفن جيرارد المدير الفني لفريق الاتفاق (رويترز)
TT

جيرارد: متحمسون لمواجهة العربي القطري 

الإنجليزي ستيفن جيرارد المدير الفني لفريق الاتفاق (رويترز)
الإنجليزي ستيفن جيرارد المدير الفني لفريق الاتفاق (رويترز)

أكد الإنجليزي ستيفن جيرارد، المدير الفني لفريق الاتفاق، أهمية احترام المنافس قبل مواجهة العربي القطري، الأربعاء، ضمن منافسات الجولة الرابعة من دور المجموعات ببطولة كأس الخليج للأندية.

وقال جيرارد، في المؤتمر الصحافي الخاص بالمباراة: «نحن متحمسون للغاية لمباراة الغد. الجزء الأول من البطولة كان رائعاً بالنسبة لنا، حيث قدمنا أداءً ممتازاً وحققنا نتائج جيدة. لكن الجزء الثاني هو تحدٍ أكبر بالنسبة لنا». وأفاد: «الفوز غداً سيمنحنا فرصة الوصول إلى نصف النهائي، وهو إنجاز لم يتحقق للنادي منذ 11 عاماً، وهذا الأمر يشكل دافعاً كبيراً لنا».

وأضاف: «الفريق يتفهم تماماً أهمية هذه المباريات، ونحن نعمل بشكل جماعي لتحقيق أهدافنا، المجموعة صادقة ومتضامنة، ونعرف جيداً متى يكون الأداء جيداً ومتى يحتاج للتحسين».

وتابع: «الخسارة الأخيرة أمام الاتحاد كانت مخيبة ونتيجة المباراة لم تكن كما أردنا، ولكن الآن أمامنا فرصة جديدة، ونحن جاهزون لملاقاة العربي، وسنحترم منافسنا لكن هدفنا هو الفوز والتأهل».

وعن استعدادات الفريق للمباراة، أكد جيرارد: «ندخل المباراة بكامل قوتنا وتركيزنا. نريد أن نحقق الثلاث نقاط، حيث لا مجال للتهاون في مثل هذه المباريات».

وتابع: «بالتأكيد هناك بعض اللاعبين الذين يعانون من الإيقاف خلال مواجهة الخليج المقبلة في الدوري، سنضع ذلك في الحسبان، ولكن هذا لن يؤثر على جاهزيتنا لمباراة الغد».

من جانبه، أبدى راضي العتيبي، مدافع الاتفاق، رغبته في إسعاد جماهير الاتفاق، قائلاً: «نحن مستعدون تماماً لهذه المباراة وهدفنا الوصول إلى نصف النهائي. نحن في يدنا فرصة كبيرة، وإن شاء الله نتمكن من إسعاد جماهيرنا وتحقيق الفوز».

وأضاف العتيبي: «جدول المباريات مزدحم ومرهق، لكن لا يوجد أي عذر أمامنا؛ نحن هنا لخدمة النادي، وأي مباراة نقوم بلعبها تتطلب منا تقديم أفضل مستوى».

وعن تألقه هذا الموسم، أرجع العتيبي الفضل للمدرب وجهازه المساعد، موضحاً: «المدرب وجهازه الفني لا يقصران معنا، ونحن أيضاً نعمل معاً كفريق واحد».

واختتم صاحب الـ24 عاماً تصريحاته قائلاً: «طموحنا هو فرح جماهيرنا ومدربنا، ونأمل في أن نحقق الفوز ونفرح جميعاً».