الرئاسة المصرية ترفض تسييس ملف «حقوق الإنسان»

أكدت العمل على توفير «حياة كريمة» للمواطنين

المستشار أحمد فهمي - المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية (الرئاسة المصرية)
المستشار أحمد فهمي - المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية (الرئاسة المصرية)
TT

الرئاسة المصرية ترفض تسييس ملف «حقوق الإنسان»

المستشار أحمد فهمي - المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية (الرئاسة المصرية)
المستشار أحمد فهمي - المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية (الرئاسة المصرية)

جددت الرئاسة المصرية التأكيد على موقفها الرافض لتسييس ملف «حقوق الإنسان». مستعرضة رؤية القاهرة في التعامل مع هذا الملف، اعتماداً على مبدأ توفير «حياة كريمة» للمواطنين.
وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في تصريحات تلفزيونية مساء الثلاثاء، إن «مصر تعمل بجد واجتهاد في ملف (حقوق الإنسان)». مشيراً إلى رفض ما وصفه بسياسة «المعايير المزدوجة» في التعامل مع هذه القضية. وأضاف، أن «القاهرة ترفض استخدام (حقوق الإنسان) من أجل تحقيق أهداف سياسية».
وأشار المتحدث الرسمي إلى «تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المستمر بأن الدولة أحرص على مواطنيها، وعلى تحقيق ما يعزز حقوقهم في كل المجالات». وقال: إن «السيسي أوضح رؤيته التي تعتبر توفير (حياة كريمة) وآمنة للمواطنين ضمن (حقوق الإنسان)».
وتأتي تصريحات الرئاسة المصرية في أعقاب لقاء جمع الرئيس المصري ورئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن، (الاثنين الماضي)، تطرق إلى ملف حقوق الإنسان. كما التقت رئيسة وزراء الدنمارك خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة عدداً من الحقوقيين وممثلي المجتمع المدني المصري.
وقال السيسي، في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، إنه «عرض، خلال المباحثات مع فريدركسن، رؤية بلاده في مجال (حقوق الإنسان)». وأضاف، أنه «يتحدث بصراحة في كل لقاء يجمعه مع الأصدقاء الأوروبيين، وأن رؤية مصر في هذه المسألة تعتمد على التطوير، والاهتمام بحياة الإنسان، في المجالات المختلفة كافة طبقاً للمعايير التي وضعتها المنظمات الدولية في هذا المجال». مشيراً إلى أنه «لمس تفهماً كبيراً من رئيسة وزراء الدنمارك».
وملف «حقوق الإنسان» أحد الملفات المطروحة على مائدة المناقشات الرسمية بين مصر وأوروبا، وعادة ما يثير تباينات على المستويين المحلي والدولي. وتواجه مصر بين الحين والآخر «انتقادات» لسياساتها في هذا الملف. كان آخرها تقرير من البرلمان الأوروبي دعا إلى «مراجعة» علاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر، في ضوء ما وصفه بـ«تقدم بسيط» في سجل حقوق الإنسان. وهو ما رفضه مجلس النواب المصري (البرلمان)، وقال: إنه «مبني على حزمة من المغالطات التي لا تمت للواقع بصلة، ويعكس نظرة متحيزة غير موضوعية إزاء حقيقة الأوضاع في مصر».
وفي سياق متصل، قال النائب عبد الوهاب خليل، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «مستقبل وطن»، في بيان صحافي (الأربعاء): إن «السياسة المتزنة التي تنتهجها الدولة المصرية، والمسار التصاعدي في ملف (حقوق الإنسان)، أجبر الدول الغربية على احترام مصر»، مشيراً إلى اللقاءات التي عقدها الرئيس المصري على مدار الأيام الماضية، وآخرها مع رئيسة وزراء الدنمارك.
ولفت خليل إلى «التقدم الذي أحرزته الدولة في هذا المجال»، عبر ما وصفه بـ«إجراءات غير مسبوقة»، من بينها إطلاق «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، وتشكيل «لجنة العفو الرئاسي». وقال: إن «الإجراءات التي اتخذتها مصر في ملف (حقوق الإنسان)، مقدرة لدى الكثيرين، ولغة حديث الغرب بشأن حقوق الإنسان في مصر تغيرت؛ وهو ما عكسته تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في وقت سابق، والتي أشاد فيها بـ(حقوق الإنسان) في مصر، وخاصة (لجنة العفو الرئاسي)».
وأطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في سبتمبر (أيلول) 2021، كما أعاد الرئيس المصري تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه. وفي أبريل (نيسان) الماضي، أعاد الرئيس المصري تفعيل لجنة «العفو الرئاسي»، وساهمت حتى الآن في الإفراج عن نحو 1300 سجين، حسب التصريحات الرسمية. تزامن ذلك مع الدعوة إلى «حوار وطني» حول مختلف القضايا السياسية.
من جانبه، قال المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية: إن «تحركات لسيسي على الساحة الأوروبية لها دلالات؛ تتمثل في صوت مصري رشيد متوازن ومعتدل يحظى باحترام دول العالم الكبرى». وأشار إلى أن «العالم يمرّ بتغيرات عميقة ولا بد من التحرك بفاعلية بأسلوب ممنهج». لافتاً إلى أن الرئيس المصري أجرى اتصالات مع عدد من رؤساء الدول خلال الفترة الأخيرة. وتابع، أن «مصر دولة فعالة في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وأن العالم يدرك قوتها وتأثيرها في هذا الإطار».
وأكد المتحدث الرسمي، أن «الرئيس المصري في تواصل دائم مع القادة العرب، من أجل التنسيق بشأن جميع الملفات التي تشغل المنطقة». وقال: إن «هناك إرادة سياسية لتعزيز مصالح الشعوب العربية»، مشدداً على «احترام مصر لسيادة الدول ورفضها التدخلات الخارجية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»
TT

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حمّلت مصر مجدداً «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، إن «التصرفات الأحادية الإثيوبية تتسبب في تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر، وارتباك في منظومة إدارة السدود».

واستعرض سويلم، خلال لقائه عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، رؤية مصر للتعامل مع قضية «سد النهضة»، وتاريخ المفاوضات، ونقاط الاختلاف مع إثيوبيا، مع «إبراز أوجه التعنت الإثيوبي خلال العملية التفاوضية، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية».

سويلم يلتقي عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج (وزارة الري المصرية)

وفشلت آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي دون التوصل لاتفاق.

وقال الوزير المصري إن «دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالى 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يصل حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - داخل حوض نهر النيل أو غيره من الأحواض بهذه الدول - إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تصل حصة مصر من المياه إلى 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعتمد عليها مصر بنسبة 98 في المائة لتوفير مواردها المائية».

وحذر خبراء مصريون من عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» يضمن حقوق دولتي المصب، وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطورة عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة لا تتوقف عند ما يثيره السد من مخاوف، إذ إنه قد يتحول لسابقة تدفع دولاً أخرى من دول المصب إلى إنشاء سدود دون اتفاقيات ودون التشاور مع دولتي المصب».

وأكد شراقي أن «النهج الإثيوبي في بناء سد النهضة في كل مراحله ينطوي على قدر كبير من التخبط وعدم الوضوح، ففي الوقت الراهن مثلاً لا نعرف متى تعمل توربينات توليد الكهرباء ومتى تتوقف». وحسب شراقي، فإن «الممارسات الإثيوبية بشأن سد النهضة تعمق الخلافات بين دول حوض النيل وتتسبب في توترات».

وتحرص مصر، وفق وزير الري، على دعم جهود التنمية المستدامة في دول حوض النيل بتنفيذ «العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول مثل مشروعات تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بالمناطق النائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار لكافة المشروعات».

وزير الموارد المائية والري المصري يلقي كلمة عن التحديات المائية لبلاده (وزارة الري المصرية)

ويرى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب أن «استمرار السياسات الإثيوبية الأحادية يزيد مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للصراع، خصوصاً مع ازدياد متطلبات التنمية بالعديد من دول الحوض»، وحسب تصريحات عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «لا يمكن إدارة ملف المياه بين دول حوض النيل دون اتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

بدورها، أشارت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إلى خلاف آخر بين مصر وإثيوبيا يتعلق بما يعرف بـ«اتفاقية عنتيبي»، وهي الاتفاقية التي أبرمت عام 2010، وتعارضها مصر والسودان، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتي المصب.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية أحدثت شرخاً في العلاقات بين دول المنابع والمصب، وهو ما سيؤدي إلى عرقلة أي جهود تنموية أو مشروعات مائية بدول حوض النيل، لأن الشرط الأساسي للمؤسسات الدولية المانحة هو وجود توافق وإجماع بين دول الحوض حول هذه المشروعات».

ووفق الطويل، فإن «السياسات الإثيوبية الإقليمية في مجملها تؤثر سلباً على العلاقات بين دول حوض النيل».