كيف ساهمت الأزمة الأوكرانية في تعزيز صادرات مصر من الغاز؟

إحصاء رسمي أشار إلى زيادة بنسبة 33 بالمائة

أنشطة البحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي في مصر... (وزارة البترول المصرية)
أنشطة البحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي في مصر... (وزارة البترول المصرية)
TT

كيف ساهمت الأزمة الأوكرانية في تعزيز صادرات مصر من الغاز؟

أنشطة البحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي في مصر... (وزارة البترول المصرية)
أنشطة البحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي في مصر... (وزارة البترول المصرية)

يبدو أن الأزمة الروسية-الأوكرانية رمت بظلالها على قطاع صادرات مصر من الغاز المسال، ففي ظل الشُح الذي تعاني منه أوروبا في قطاع الطاقة بعد توقيع عقوبات على روسيا تشمل خفض الإمدادات، شهد قطاع الغاز الطبيعي في مصر انتعاشه انعكست في حجم صادرات 2022 التي ارتفعت بنسبة 33 في المائة. ما أثار تساؤلات حول مساهمة الأزمة الأوكرانية في تعزيز صادرات مصر من الغاز.

وكشفت الشركة المصرية للغازات الطبيعية «جاسكو» أن إجمالي الكميات المنقولة من الغاز الطبيعي عبر الشبكة القومية للغازات الطبيعية تجاوز 72 مليار متر مكعب في 2022، وحسب إفادة رسمية، فإن "إنتاج مصر من الغاز نجح في تأمين احتياجات قطاع الكهرباء بالإضافة إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى، فضلًا عن ارتفاع حصة التصدير".

وقال وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، إن مصر تسعى إلى نمو وتطوير قطاع الغاز الطبيعي. وأضاف خلال انعقاد الجمعية العامة لاعتماد نتائج أعمال شركة «جاسكو» عن عام 2022، أن "مصر تتوسع في قطاع الغاز الطبيعي من خلال تطوير البنية التحتية الأساسية، بغرض تقديم حل جاهز لتلبية احتياجات أوروبا من الغاز".

ويُعدد تامر أبو بكر، رئيس غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات المصرية، أسباب ارتفاع صادرات مصر من الغاز الطبيعي للعام الماضي. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «تسببت الأزمة الروسية- الأوكرانية في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي على نحو تسبب في انتعاشه بسوق الغاز، كما أن زيادة الطلب الأوروبي ساعد في تصدير كميات فورية بأسعار مجزية».

ويوضح أبو بكر أن الغاز الذي تم تصديره عبر الأنابيب المصرية له عدة مصادر. ويقول «تعتمد مصر على الغاز الطبيعي المملوك لشركات أجنبية تعمل داخل إسرائيل وتحتاج إلى تصدير حصتها إلى أوروبا، لكنها لا تملك البنية التحتية الأساسية اللازمة مثل وحدات تسييل الغاز، من ثم تعتمد على مصر في هذه المهمة». ويضيف «في هذه الحالة يمكن لمصر شراء الغاز بأسعار أقل ثم يُعاد تصديره، أو أن يتم تصدير الغاز إلى أوروبا والعالم من خلال الأنابيب المصرية، فضلًا عن حصة مصر من الغاز المُصدر مباشرة». ورغم الانتعاشه التي شهدتها صادرات مصر من الغاز، غير أن رئيس غرفة البترول يتطلع إلى "عودة قطاع الصناعة الداخلية على أن يوجه الغاز لتحقيق انتعاشه داخلية". ويرى «صحيح مصر سوق مُبشر للغاز المسال؛ غير أنها ليست بديلًا لروسيا في السوق العالمي لفارق حجم الإنتاج».

حسب بيانات على الموقع الرسمي للوكالة الدولية للطاقة، اقتربت فاتورة استيراد الغاز في الاتحاد الأوروبي من 400 مليار يورو في عام 2022، أي أكثر من ثلاثة أضعاف الانفاق في عام 2021. فيما انخفضت حصة روسيا من إجمالي الطلب على الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي من 40 في المائة في عام 2021 إلى أقل من 10 في المائة بحلول عام 2022. كذلك انخفض استهلاك الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي بنسبة 19.3 في المائة في الفترة من أغسطس (آب) 2022 إلى يناير (كانون ثاني) 2023. بينما جاءت مصر في قائمة الخمس دول الأولى بين 27 دولة مصدرة للغاز إلى أوروبا، حسب بيانات «يوروستات».

عمر الكومي، الخبير الدولي في إسالة الغاز الطبيعي، شارك مع شركة "يونيون فينوسا" الإسبانية في إنشاء أول مصنع للإسالة بمصر في دمياط (دلتا مصر)، يرى أن "التداعيات العالمية رفعت الطلب على الغاز المصري". ويقول لـ«الشرق الأوسط»، "ما يحدث لم يسبق له مثيلاً، فرغم الخسائر العالمية ثمة مكاسب تتحقق لمصر".

واعتبر الكومي أن "مصر سوقاً واعداً قادماً لا محالة"، مضيفاً «مصر قادرة أن تتوسع في تصدير الغاز المسال، لأنها البلد الوحيد في شرق البحر المتوسط التي تتوفر لديها إمكانيات تسييل الغاز، في حين أن الدول المجاورة، على شاكلة اليونان وقبرص، تملك الغاز ولا تملك البنية التحتية الأساسية للتصدير». وأشار إلى أنه «رغم توفر الفرصة، غير أن الطاقة الحالية لمصانع الإسالة محدودة، ولابد من التوسع فيها وهي مهمة قد تستغربي بين ثلاث إلى أربع سنوات، لكنها تكلفة أقل من إنشاء مصنع جديد، من ثم مصر خلال السنوات القادمة قادرة على مضاعفة صادراتها من الغاز ثلاث مرات لصالح الجيران مع الحصول على عمولات التسييل».

يُذكر أن الولايات المتحدة هي أكبر مصدر ومستهلك للغاز الطبيعي، والتي تعتمد أوروبا على الإمدادات الأميركية في المقام الأول، بينما تأتي روسيا في المرتبة الثانية في قائمة الدول المنتجة للغاز تليها إيران، والصين، وقطر.

أنشطة البحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي في مصر... (وزارة البترول المصرية)


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
TT

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

قال مسؤول محلي في قطاع الصحة ونشطاء سودانيون إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بالسودان، اليوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل تسعة، وإصابة 20 شخصاً.

وذكر المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر، و«تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر»، وهي جماعة مؤيدة للديمقراطية ترصد العنف في المنطقة، إن طائرة مسيَّرة أطلقت أربعة صواريخ على المستشفى، خلال الليل، مما أدى إلى تدمير غرف وصالات للانتظار ومرافق أخرى.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، أظهرت صور حطاماً متناثراً على أَسرَّة بالمستشفى ودماراً لحق الجدران والأسقف. وتقول قوات «الدعم السريع» إنها لا تستهدف المدنيين، ولم يتسنَّ الوصول إليها للتعليق.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى أزمة إنسانية واسعة، ونزوح أكثر من 12 مليون شخص. وتُواجه وكالات الأمم المتحدة صعوبة في تقديم الإغاثة.

والفاشر هي واحدة من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي انتصار قوات «الدعم السريع» هناك إلى عنف على أساس عِرقي، كما حدث في غرب دارفور، العام الماضي.