أسعار القمح تترقب اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية

عامل يقوم بحصاد محصول القمح في قرية قرب العاصمة الأوكرانية كييف العام الماضي (رويترز)
عامل يقوم بحصاد محصول القمح في قرية قرب العاصمة الأوكرانية كييف العام الماضي (رويترز)
TT

أسعار القمح تترقب اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية

عامل يقوم بحصاد محصول القمح في قرية قرب العاصمة الأوكرانية كييف العام الماضي (رويترز)
عامل يقوم بحصاد محصول القمح في قرية قرب العاصمة الأوكرانية كييف العام الماضي (رويترز)

واصلت أسعار العقود الآجلة للقمح ارتفاعها في بداية تعاملات يوم الاثنين في بورصة شيكاغو للحاصلات، بعد تسجيلها أكبر ارتفاع لها خلال شهر، يوم الجمعة، في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، في الوقت الذي يقيّم فيه المتعاملون آفاق محادثات تجديد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية خلال الأسبوع الحالي.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن الاتفاق الحالي ينتهي يوم 18 مارس (آذار) الحالي، ويمكن استمراره لمدة 120 يوماً أخرى في حال لم يعلن أي طرف رغبته في تعديله أو إلغائه. وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أهمية تمديد الاتفاق الذي سمح لأوكرانيا بتصدير نحو 24 مليون طن حبوب من موانئ البحر الأسود منذ يوليو (تموز) الماضي.
ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، القول إن وفداً روسياً سيشارك في المناقشات الرامية إلى تجديد الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن سعر القمح ارتفع بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 6.8075 دولار للبوشل الواحد يوم الاثنين، بعد ارتفاعه بنسبة 2 في المائة يوم الجمعة، مشيرة إلى تراجع سعر القمح في الشهر الماضي بنحو 18 في المائة، ليصل لأقل مستوياته منذ يوليو عام 2021.
وقال أندرو وايتلو، أحد المديرين المؤسسين لشركة «أيبسود3 دوت نت» للاستشارات الاقتصادية: «نعتقد أنهم سيتوصلون إلى اتفاق، لكن روسيا قد تضع المزيد من الشروط، أو ستحاول فرض المزيد من الشروط».
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، يوم الأحد، إن «الطرفين الروسي والأوكراني ينظران بإيجابية لتمديد اتفاقية الحبوب، ونحن على قناعة بأنه سيتم تمديدها في 18 مارس الجاري»، وفقاً لوكالة «الأناضول».
وبيّن أن تركيا قامت بما يلزم، وبما يقع على عاتقها، مشيراً إلى أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يواصل محادثاته مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في القضايا التي تخص العلاقات بين موسكو وكييف.
وأشار أكار إلى أن «نحو 24 مليون طن من الحبوب تم نقلها بواسطة 795 سفينة عبر ممر الحبوب حتى الآن». وشدد على أهمية الحبوب للبلدان الأفريقية من حيث الأسعار والمجاعة والاستقرار السياسي.
ويأتي ذلك في حين زادت الإمدادات في الأسواق بفضل بدء ضخ المحاصيل من روسيا وأستراليا وكندا، ما أسهم في خفض الأسعار خلال الفترة الماضية. وفي الوقت نفسه سجلت أسعار العقود الآجلة للذرة تغيراً طفيفاً، في حين ارتفع سعر فول الصويا بنسبة 0.5 في المائة، في الوقت الذي يجري فيه تقييم وضع الإمدادات في ظل توقع تحقيق محصول قياسي في البرازيل، وتراجع المحصول في الأرجنتين لأقل مستوياته منذ عشرين عاماً تقريباً بسبب موجة الجفاف.


مقالات ذات صلة

ما نوع الخبز الذي يجب تناوله لخفض مستويات الكولسترول السيئ؟

صحتك يساعد خبز الذرة في مكافحة الكولسترول السيئ (متداولة)

ما نوع الخبز الذي يجب تناوله لخفض مستويات الكولسترول السيئ؟

نصح الأطباء بنوع معين من الخبز للمساعدة في خفض مستويات الكولسترول السيئ وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية، هو خليط دقيق الذرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة «الخليج للسكر» بجبل علي في دبي (رويترز)

«الخليج للسكر»: الطاقة الفائضة في الشرق الأوسط تحدّ من الإنتاج

قال جمال الغرير، العضو المنتدب لشركة «الخليج للسكر»، الثلاثاء، في مؤتمر دبي للسكر، إن الشركة التي تتخذ من دبي مقراً تعمل بطاقة 70 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
شمال افريقيا صورة تم توزيعها في يناير 2024 تظهر نساء وأطفالاً في مخيم زمزم للنازحين شمال دارفور بالسودان (رويترز)

الاتحاد الأفريقي: الحرب السودانية «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

وصف مسؤولون في الاتحاد الأفريقي الحرب الأهلية السودانية بأنها «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، وحذّروا من أنها تترك مئات آلاف الأطفال يعانون سوء التغذية.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
الاقتصاد مزارع صيني يفحص حبوب القمح خلال موسم الحصاد في مقاطعة هنان الصينية (رويترز)

تراجع أسعار الغذاء العالمية في يناير بقيادة السكر والزيوت

قالت منظمة «الفاو»، يوم الجمعة، إن أسعار السلع الغذائية العالمية انخفضت في يناير بفضل تراجع حاد في أسعار السكر والزيوت النباتية

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق تلوث الهواء في الهند يكبد المحاصيل الزراعية خسائر فادحة (جامعة ستانفورد)

تلوث الهواء يكبد المحاصيل خسائر فادحة

أفادت دراسة أميركية بأن تلوث الهواء الناتج عن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم يتسبب في انخفاض كبير في غلة المحاصيل في الهند، مما يؤثر على الأمن الغذائي. وأوضح…

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الرسوم الجمركية في عهد ترمب... أداة تفاوض أم ضرورة لتمويل العجز؟

دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)
دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية في عهد ترمب... أداة تفاوض أم ضرورة لتمويل العجز؟

دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)
دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)

في خضم دوامة إعلانات الرسوم الجمركية التي يطلقها دونالد ترمب، يتشبث المحللون السياسيون بأمل واحد، وهو أن هذه الرسوم ليست سوى تهديد يستخدمه الرئيس الأميركي للضغط على شركائه التجاريين وانتزاع تنازلات منهم، أي أن تهديده سيكون أكبر من أفعاله الفعلية. لكن هذا الافتراض يغفل حقيقة أخرى مهمة: ترمب ليس فقط يلوّح بالرسوم الجمركية بوصفها سلاحاً تفاوضياً، بل هو بحاجة ماسة إلى الأموال.

فالوضع المالي للولايات المتحدة في حالة يرثى لها، حيث بلغ العجز في الموازنة أعلى مستوياته منذ عام 1975 خارج فترات الأزمات، فيما يتجه الدين العام للنمو بمعدل يفوق ضعف معدل نمو الاقتصاد خلال العقود المقبلة. ورغم هذا الوضع المتأزم، تعهد ترمب بتنفيذ تخفيضات ضريبية ضخمة تصل إلى 10 تريليونات دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، مما يفاقم التحديات المالية، وفق صحيفة «التلغراف».

وفي هذا السياق، يُحذّر الخبراء من أن ترمب لا يرى في الرسوم الجمركية مجرد أداة للضغط الجيوسياسي، بل يعدها أيضاً مصدراً رئيساً لتمويل أجندته الضريبية، ما يعني أنها ستظل جزءاً أساسياً من سياساته الاقتصادية. وكما يوضح مايكل مارتينز، مؤسس شركة «أوفرتون أدفايزوري»، فإن «ترمب يرى في الرسوم الجمركية وسيلة لزيادة الإيرادات، وسيستخدمها فريقه مبرراً لخفض الضرائب». وقد أكد ترمب هذا التوجه في خطاب تنصيبه، عندما قال: «بدلاً من فرض الضرائب على مواطنينا لإثراء الدول الأخرى، سنفرض الرسوم الجمركية والضرائب على الدول الأجنبية لإثراء مواطنينا». كما شدّد مستشاره التجاري، بيتر نافارو، في حديث لشبكة «سي إن بي سي» على أن «الرسوم الجمركية ستكون جزءاً مهماً للغاية من نقاشات خفض الضرائب».

لكن التفاؤل بعودة الأمور إلى طبيعتها قد يكون في غير محله، إذ يشير مارتينز إلى أن «هذا النهج لن يختفي، ولا ينبغي لأحد أن يتفاجأ إذا واصل ترمب توسيع وزيادة الرسوم الجمركية»، مضيفاً أن «كثيراً من قادة العالم يستخفون بشغف ترمب بهذه السياسة».

ويتجلى عمق الأزمة المالية الأميركية بوضوح في تقرير مكتب الموازنة في الكونغرس، الذي يتوقع أن يصل العجز الفيدرالي الأميركي في السنة المالية 2025 إلى 1.9 تريليون دولار، أي ما يعادل 6.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يقارب ضعف متوسط العجز البالغ 3.8 في المائة خلال الخمسين عاماً الماضية. وهذه المشكلة ليست آنية، بل تزداد سوءاً، حيث يُتوقع أن يصل العجز إلى 2.7 تريليون دولار، أو 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035.

ويقول جيمس نايتلي، كبير الاقتصاديين الدوليين في بنك «آي إن جي»: «الوضع المالي للولايات المتحدة سيئ للغاية منذ البداية»، ما يعني أن الاقتراض سيواصل ارتفاعه بوتيرة متسارعة. وفي فبراير (شباط) الماضي، أصدرت هيئة المحاسبة الحكومية تحذيراً صارخاً مفاده أن الحكومة الأميركية تواجه «مستقبلاً مالياً غير مستدام». وبحلول عام 2027 سيصل الدين العام إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 106 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا لم يتم التعامل معه، فسوف يزداد بمعدل يفوق ضعف معدل نمو الاقتصاد ليصل إلى 200 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2047.

وتعتمد هذه التوقعات على فرضية انتهاء التخفيضات الضريبية التي أقرها ترمب في 2017 بحلول نهاية 2025، وهي التخفيضات التي شملت معظم معدلات ضريبة الدخل الشخصي. لكن ترمب يسعى إلى تمديدها، مما سيضيف 5.5 تريليون دولار إلى إجمالي الاقتراض خلال العقد المقبل. يقول نايتلي: «هذا هو الأساس الذي ننطلق منه، وهذا سيكلف 5.5 تريليون دولار دون أي فوائد مباشرة للمواطنين، لأن ذلك سيبقي معدلات الضرائب دون تغيير. لن يكون هناك أي تأثير مالي إيجابي، لكنه سيفاقم الأوضاع المالية الأميركية على المدى الطويل».

ولا يقتصر طموح ترمب على تمديد التخفيضات الضريبية الحالية، بل يتطلع إلى خطوات أوسع، مثل إلغاء الضرائب على العمل الإضافي، وهي خطوة قد تكلف أكثر من تريليوني دولار خلال العقد المقبل. كما أن خططه لإلغاء الضرائب على مزايا الضمان الاجتماعي ستضيف ما بين تريليون و1.5 تريليون دولار إلى العجز، بينما سيكلف إلغاء الضرائب على الإكراميات ما بين 200 و500 مليار دولار خلال الفترة نفسها. بالإضافة إلى ذلك، فإن خفض الضريبة على الشركات من 21 في المائة إلى 15 في المائة للشركات التي تركز إنتاجها في الولايات المتحدة سيكلف نحو 300 مليار دولار.

وبمجموع هذه السياسات، ستحتاج إدارة ترمب إلى تمويل إضافي يُقدَّر بنحو تريليون دولار سنوياً. ورغم أن بعض هذه الإجراءات قد لا تُنفذ بالكامل - مثل إلغاء الضرائب على العمل الإضافي، الذي قد يواجه معارضة في الكونغرس بسبب تداعياته على الإنتاجية - فإن الفجوة التمويلية التي يجب سدها تظل هائلة. ويوضح مارتينز أن «ترمب يؤمن بالنهج العدواني أولاً، وسيدفع باتجاه خفض ضريبة الشركات إلى أقصى حد ممكن. علامته التجارية السياسية تقوم على كونه رجل أعمال سابقاً».

لكن تمرير هذه التخفيضات يتطلب إقناع الكونغرس، وكذلك الأسواق المالية التي ستراقب عن كثب مدى قدرة الحكومة على تمويل هذه السياسات. وحتى الآن، لم يتسبب ارتفاع العوائد على سندات الخزانة الأميركية في رفع أسعار الفائدة على الديون الحكومية طويلة الأجل إلى مستويات تنذر بأزمة مالية وشيكة، لكن هذا قد يتغير قريباً. وكما يحذر روبن بروكس، الزميل البارز في معهد «بروكينغز»، فإن «الولايات المتحدة تتمتع بامتياز مالي هائل – القدرة على تمويل عجز ضخم بأسعار فائدة منخفضة مع الحفاظ على عملة قوية – لكن لا أحد يعرف متى سينتهي هذا الامتياز». ويضيف: «نحن نلعب بالنار، لأن هذا الامتياز ليس من دون حدود. حقيقة أن الأسواق لم تسعّر هذا بعد، لا تعني أنها لن تفعل ذلك غداً».

أما الحل الآخر الذي يطرحه ترمب لموازنة المالية العامة، والمتمثل في الاعتماد على «وزارة الكفاءة الحكومية» بقيادة إيلون ماسك لتقليص الإنفاق الحكومي، فمن غير المرجح أن يسفر عن توفيرات كافية. فثلثا الإنفاق الحكومي الأميركي مخصص لبرامج إلزامية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، ولا يمكن تقليص ذلك بسهولة. أما الثلث المتبقي، فهو إنفاق تقديري، لكن معظمه - أي نحو ثلثي هذا الجزء - يذهب إلى الدفاع العسكري، ما يعني أن الجزء القابل للتخفيض فعلياً ضئيل للغاية. حتى إيلون ماسك نفسه أقر بأن التوفير الفعلي قد يكون نصف الهدف المعلن، قائلاً: «إذا حاولنا خفض 2 تريليون دولار، فلدينا فرصة جيدة لتحقيق خفض بقيمة تريليون دولار».

كل هذا لا يعني أن الرسوم الجمركية ستكون بالضرورة مصدراً فعالاً أو كافياً للإيرادات. فوفقاً لمعهد «بيترسون» للاقتصاد الدولي، فإن فرض ترمب لرسوم بنسبة 10 في المائة على جميع السلع، و60 في المائة على الصين قد يجلب 225 مليار دولار سنوياً، لكن هذا الرقم لا يأخذ في الحسبان تأثير الرسوم على النمو الاقتصادي. ويوضح بروكس أن «زيادة الرسوم تؤدي إلى انخفاض الكميات المستوردة، مما يقلل من العائدات». وبحسب التقديرات، فإن الحد الأقصى للإيرادات التي يمكن تحصيلها من الرسوم الجمركية قد لا يتجاوز 100 مليار دولار سنوياً، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالفجوة المالية الهائلة.

وفي نهاية المطاف، يظهر بوضوح أن اعتماد ترمب على الرسوم الجمركية بوصفها مصدراً أساسياً للإيرادات ليس كافياً، مما قد يدفعه إلى البحث عن مصادر تمويل بديلة أو إلى إعادة النظر في بعض وعوده المالية.