تحقيق: الجفاف «كابوس» يهدد حاضر العراق ومستقبله... وشمال شرقي سوريا عطشان بين نهرين

بلاد الرافدين الأكثر تأثراً بالتغير المناخي... وانخفاض كبير في منسوب دجلة والفرات

هور الجبايش جنوب العراق بعد أن ضربه الجفاف وغادره السكان (شاترستوك)
هور الجبايش جنوب العراق بعد أن ضربه الجفاف وغادره السكان (شاترستوك)
TT

تحقيق: الجفاف «كابوس» يهدد حاضر العراق ومستقبله... وشمال شرقي سوريا عطشان بين نهرين

هور الجبايش جنوب العراق بعد أن ضربه الجفاف وغادره السكان (شاترستوك)
هور الجبايش جنوب العراق بعد أن ضربه الجفاف وغادره السكان (شاترستوك)

بعد سنوات الخوف الطويلة الناجمة عن الحروب والصراعات السياسية وأعمال العنف والإرهاب التي اختبرها العراقيون والسوريون خلال السنوات الأخيرة، يقف البلدان اليوم على حافة «كابوس جديد» ومخاوف عنوانها: الجفاف والتصحر والتأثر الشديد بالتحولات المناخية التي تضرب كثيراً من الدول. وفيما يأتي العراق في مقدمتها، طبقاً للإحصاءات الأممية والدولية، فإن جارته سوريا ليست بعيدة عن هذا الواقع. وتعمقت خلال فصل الشتاء الحالي مخاوف سكان البلدين، بالنظر للتحولات الكارثية وغير المسبوقة التي طرأت على مناسيب نهري دجلة والفرات في ذروة فصل الشتاء؛ حيث لاحظ معظم سكان المدن الواقعة على النهرين (أغلب المدن العراقية تقع ضفافهما، وشمال شرقي سويا) أن مناسيب النهرين انخفضت بشكل كبير في محافظات جنوب البلاد (ذي قار، والديوانية، وبابل، وميسان) إلى الحد الذي يمكن معه عبورهما سيراً على الأقدام، وهو أمر لم يسبق أن شاهدوه في موسم الأمطار. وما يعزز من مشاعر الخوف، هو أن الأنباء الواردة عن سد الموصل الذي يقع بالقرب من منابع نهر دجلة القادم من الجارة التركية، قد انخفضت مناسيبه إلى نحو 30 في المائة، مقارنة بمثل هذه الأيام من العام الماضي، وكذلك الأمر بالنسبة لمناسيب نهر الفرات الذي يمر عبر الأراضي السورية إلى العراق.
في الموروث الشعبي العراقي، يردد الفلاحون مقولة إن «فلاح الصدور أفضل من ملاك البزايز»، ويقصدون بها أنك إن عملت فلاحاً على أرض تقع في مقدمة النهر، أفضل لك من أن تكون مالكاً للأرض في نهايته، بالنظر لأن المياه غالباً متوفرة في بدايته، ومن السهولة الحصول عليها خلافاً لنهاية النهر. غير أن حالة الجفاف التي تضرب البلاد ربما سيتساوى فيها فلاح المقدمة وملاك النهاية.
قبل سنوات قليلة، كان الحديث عن احتمالية جفاف نهر الفرات وتحول نهر دجلة إلى مجرد ساقية صغيرة في غضون عقدين، ضرباً من الخيال في نظر معظم العراقيين؛ لكن اليوم باتت كل الاحتمالات قائمة. وقد أكدت وزارة الموارد المائية ذلك قبل أيام، في حال «استمرت السياسات التركية بمنع حصة العراق، واستمر تراجع هطول الأمطار».
وكان تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي، قد قال مطلع العام الماضي، إن «العراق من أكثر دول العالم تأثراً بتغير المناخ، ما يستدعي الحاجة إلى مواجهة تبعات الأزمة».
وذكر التقرير أن «تبعات تغير المناخ ستؤثر على الفئات الأشد فقراً، وسط تضاؤل الحيازات الزراعية للمزارعين».

يعتمد العراق في تأمين المياه أساساً على نهري دجلة والفرات، وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران، وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوب العراق، لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج العربي؛ لكن المسؤولين في وزارة المواد المائية يؤكدون أن العراق خسر 70 في المائة من حصصه المائية، بسبب السياسات التي يمارسها كل من تركيا وإيران، وإلى حد ما سوريا.
وغالباً ما اشتكى العراق خلال السنوات الماضية من السياسات المائية التي تنتهجها تركيا وإيران حياله؛ خصوصاً بعد قيام أنقرة ببناء سدود كبيرة على منابع النهر، ومنها سد «إليسو»، وتتهم بغداد طهران بحرف مسار أكثر من 30 نهراً عن جريانها وصولاً إلى الأراضي العراقية. وخلال السنتين الأخيرتين، تعرضت مناطق شاسعة من أهوار جنوب البلاد إلى الجفاف والتصحر؛ ما دفع مئات الأسر التي تعيش على الزراعة وتربية الحيوانات هناك إلى النزوح إلى المدن ومناطق أخرى، بعد أن فقدت مزارعها وحيواناتها نتيجة الجفاف.
الجفاف والتصحر في العراق قضية متشعبة الرؤوس، وعلى الرغم من معرفة كثيرين بها، فضلاً عن أصحاب الاختصاص والجهات الرسمية، فإن الدولة، بنظر معظم المختصين، لم تقم منذ سنوات طويلة بما يكفي للتقليل من آثارها وتداعياتها.
- أسباب التصحر
عاملان أساسيان يقفان في مقدمة أبرز أسباب التصحر والجفاف في العراق: الأول يتمثل في قيام دولتي الجوار (تركيا وإيران) بإنشاء سدود على منابع الأنهار داخل أراضيهما وحرف مسارات بعضها، ما أسهم في ضياع النسبة الأكبر من حصة العراق المائية، وهذا من بين أكبر المآخذ التي تسجل على الحكومات العراقية المتتالية التي لم تتمكن من إقناع الدولتين أو إرغامهما على عدم التجاوز على حصص العراق، مع غياب أي اتفاقية جديدة تضمن مشاركة أنقرة وطهران الضرر مثلما يتشاطران الفائدة.
وثاني أبرز أسباب الجفاف والتصحر هو مسألة شحة الأمطار في مواسم الشتاء الأربعة الماضية، وهي شحة غير مسبوقة اضطرت معها السلطات الحكومية إلى استخدام مخزونها المائي في السدود لإيصال المياه لتغطية المواسم الزراعية الآخذة في التراجع، إذ انخفضت الأراضي المزروعة في الموسم الماضي إلى النصف، ويتوقع أن تمر البلاد بموسم مماثل هذا العام، ما يعرض البلاد إلى خطر النقص الغذائي.
سبب آخر أسهم بشكل فاعل في حالة الجفاف والتصحر التي تضرب البلاد، يعود إلى بقاء معظم وسائل الري على الأساليب البدائية والقديمة، ما يتسبب في هدر أكبر قدر من المياه، وهذا أيضاً من بين الانتقادات التي توجه للحكومات المتعاقبة التي أخفقت في بناء منظومات حديثة للري، ولم تسعَ إلى إدخال الطرق التكنولوجية الحديثة في الزراعة. وهناك أيضاً سبب التجاوزات الكبيرة التي يقوم بها كثيرون مع غياب الردع الكافي وقوة القانون، ومن بين تلك التجاوزات قيام الأشخاص النافذين بإنشاء بحيرات واسعة لتربية الأسماك.
وقبل أيام قال وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله، إن «في البلاد أكثر من ألفي بحيرة لتربية الأسماك غير مجازة رسمياً من الدولة، وبعض البحيرات تصل إلى نحو 400 كيلومتر مربع»، وما يترتب على ذلك من حاجتها لمورد مائي كبير على امتداد أيام السنة، وكذلك ما يترتب عليه من حرمان بقية الفلاحين من زراعة مئات الهكتارات.
- المبادرة الكبرى
الانتقادات الكثيرة التي توجَّه للحكومات والسلطات العراقية منذ سنوات نتيجة تقصيرها في إدارة ملف المياه والاهتمام بحالة الجفاف والتصحر التي تجتاح البلاد، دفعت حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني إلى تدشين نوع من «الاستجابة المتأخرة» بعد أن قام، السبت، بافتتاح مؤتمر المناخ الأول في محافظة البصرة الجنوبية، وقال فيه إن «الحكومة ماضية في برنامجها الذي أولى معالجة تأثيرات التغيرات المناخية أهمية خاصة، وقد وضعت معالجات عدّة لتخفيف الآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي ترافق التغيّر». وشدد على «أهمية متابعة كل ما يتعلق بتنفيذ الرؤية العراقية للعمل المناخي، وبصورة خاصة مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة، وجهود الحفاظ على حقوق العراق في مياه نهري دجلة والفرات». وأطلق السوداني ما وصفها بـ«مبادرة كبرى لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة في عموم محافظات العراق، يرافقها إطلاق دليل وطني للتشجير الحضري».
وكشف عن «تضرر أكثر من 7 ملايين مواطن، عانت مناطقهم الجفاف، ونزحوا بمئات الألوف لفقدانهم سبل عيشهم المعتمدة على الزراعة والصيد، وأكثر ما يُؤسف له الجفافُ الشديد الذي أصاب أهوارنا الجميلة».
ودعا السوداني «الدول الصديقة ومنظمات الأمم المتحدة كافة لدعم العراق في مواجهة آثار التغيرات المناخية، وكذلك ندعو الدول الأطراف في الاتفاقيات الدولية البيئية، لتعزيز بنود التعاون الدولي في الإدارة المشتركة لأحواض الأنهار العابرة للحدود، والحفاظ على حقوق الدول المتشاطئة».
- القلق الأممي
أما الممثلة الأممية في العراق جينين بلاسخارت، فقالت خلال كلمة في مؤتمر المناخ: «الحقيقة هي أن التحديات البيئية تشكل خطراً محدقاً. وغالباً ما يتم تجاهلها؛ بما أننا منشغلون بإدارة حياتنا اليومية. ولكن تغير المناخ هو في نهاية المطاف أحد أكبر التحديات العالمية التي نواجهها بشكل جماعي. وبالتالي، لا يمكننا تحمل أن يتشتت انتباهنا. إننا بحاجة إلى التركيز، ونحتاج إلى أن نظل يقظين».
وأعربت بلاسخارت عن أسفها لخسارة مساحات واسعة من المسطحات المائية في أهوار الجنوب، وهجرة عدد كبير من سكانها نتيجة الجفاف، ورأت أن «الحال كذلك بالنسبة لمناطق أخرى من البلاد. وصحيح أن جنوب العراق لا يزال المنطقة الأكثر تضرراً؛ لكن الجفاف ألحق أضراراً بالغة بالأنشطة الزراعية في الشمال، سلة الغذاء في العراق». وأضافت أن «ملوحة المياه والتربة والتصحر واختفاء الأراضي الزراعية ليست بأقل من مخاوف بيئية وجودية. وكما قلت، هنا في العراق، أزمة المياه أمر حقيقي». وتابعت: «اسمحوا لي أن أؤكد هنا: إن تغير المناخ وندرة المياه من العوامل التي تضاعف التهديد. وإذا تُركت دون معالجة، فإنها ستزيد من خطر الفقر وانعدام الأمن الغذائي وفقدان التنوع البيولوجي والنزوح والهجرة القسرية، وانعدام الاستقرار، والصراع. ولكي نكون واضحين: إن ذلك يحدث بالفعل. إن العراق معرض للخطر الشديد».
ورأت أن «المجتمعات الريفية والفئات الفقيرة أو المهمشة والأقليات وذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والفتيات؛ هؤلاء هم الأشخاص الذين سيعانون أكثر من غيرهم؛ خصوصاً عندما تتداخل نقاط الضعف». وخلصت بلاسخارت إلى التأكيد على أن «التحديات البيئية التي تواجه العراق ليست جميعها محلية. فقد أشرت للتو إلى دول الجوار التي تخفض بصورة فعلية تدفق أنهار العراق. ما الذي يعنيه ذلك؟ إنه يعني أن العراق لا يمكنه حل هذه التحديات وحده. ولا يمكن لأي دولة أن تفعل ذلك».
- الواقع البيئي
وفي موضوع ذي صلة بمؤتمر المناخ، أكدت مديرية بيئة محافظة البصرة، الاثنين، أن «المؤتمر سينتج برامج ومشروعات تخص الواقع البيئي في المحافظة التي تنتج ثلاثة أرباع النفط في البلاد، وتعاني مشكلات تلوث شديدة».
وقال مدير بيئة البصرة وليد الموسوي، لوكالة الأنباء الرسمية، إن «النهوض بالواقع البيئي للبلاد يحتاج إلى موازنات مالية، وهو ما تم رصده بالإيعاز من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بالإضافة إلى المساهمات الكبيرة التي قُدمت من المنظمات الأممية ودول الاتحاد الأوروبي وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة».
وأضاف أن «هذه المساهمات ستغير من الواقع البيئي في العراق، وقد يتم نصب محطات عملاقة لمعالجة مياه الصرف الصحي ومياه الشرب، وكذلك معالجة التربة من الألغام التقنية لوزارة النفط». وتابع الموسوي بأن «المشروعات ستكون على 3 مراحل (سريعة - متوسطة - طويلة الأمد)، وستظهر نتائج ملموسة لها بشكل سريع إذا تم العمل بجدية»، مؤكداً أن «المؤتمر سيكون بادرة خير لتغيير حقيقي بواقع البيئة في العراق».
وكشف عن أن «الوضع البيئي الحالي في العراق يعد متراجعاً على جميع الصعد، والبلاد تعاني بيئة هواء ملوثة، وشح مياه، ونوعية مياه ملوثة، بالإضافة إلى تربة ملوثة بأشكال عديدة من أنواع الملوثات، من بينها الألغام والانسكابات النفطية». ولفت الموسوي إلى أن «هناك انتهاكات بيئية من قبل القطاعين العام والخاص، وأن القطاع العام يسهم في تلوث البيئة بنسبة 90 في المائة». ومع تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وازدياد التصحر، يعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة للآثار السلبية للتغير المناخي في العالم، وفق الأمم المتحدة. ويعدّ ملف المياه أساسياً وشائكاً بالنسبة للبلد شبه الصحراوي الذي يبلغ عدد سكانه نحو 42 مليوناً. وسُجل في فبراير (شباط) تراجع في منسوب نهري دجلة والفرات في جنوب البلاد؛ خصوصاً بسبب قلة الإيرادات الواصلة من الجارة تركيا، وفق السلطات، وزيادة الاستهلاك المائي بما يتخطى المساحات المقررة من السلطات.
واتهمت بغداد مراراً جارتيها تركيا وإيران بالتسبب في خفض كميات المياه الواصلة إلى أراضيها، لا سيما بسبب بنائهما سدوداً على النهرين. وفي ديسمبر (كانون الأول) دعا البنك الدولي العراق، إلى اعتماد نموذج تنمية «أكثر اخضراراً ومراعاة للبيئة»؛ لمواجهة التحدي المناخي، وإلى «تحديث نظام الري» و«إعادة تأهيل السدود».
وكان خبير الأرصاد الجوية صادق عطية قد تحدث عن واقع غير مطمئن لوضع المياه في البلاد. وقال عطية في تدوينة عبر «فيسبوك» مطلع مارس الجاري: «حافظوا على ما هو متوفر من المياه، فموسم الصيف اللاهب والجاف قادم... إن شحة مياه نهري دجلة والفرات وجفاف أغلب روافدهما تنذر بموسم صيف هو الأشد جفافاً حسب المعطيات الحالية». وأضاف أن «ما تبقى من موسم الأمطار لن يكون كافياً ليغني المنسوب في النهرين أو في بحيرات الخزن والسدود».
- أجفّ شتاء يصيب «السلة الغذائية»
يراقب مزارعو وأبناء مناطق شمال شرقي سوريا السماء هذه الأيام التي تبدو خالية من الغيوم، علّها تجلب الخير لإنقاذ محاصيلهم العطشى ومواشيهم الجائعة. ويلقي الجفاف بظلاله هذا العام للسنة الثالثة على التوالي، مع انحسار المساحات الخضراء الصالحة للزراعة جراء انعدام سقوط الأمطار الكافية منذ أكثر من شهر. ويقول خبراء ومزارعون، إن «أجفّ» شتاء منذ بضعة عقود تشهده هذه المناطق الواقعة بين نهري الفرات ودجلة التي تعرف باسم «سلة سوريا الغذائية»، ترافق مع النقص الحاد في المصادر المائية وتراجع منسوب نهر الفرات، بعد استخدام تركيا هذا السلاح ضد «الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا».
وبدرجات متشابهة، أصاب الجفاف مساحات شاسعة من الأراضي مع دخول المنطقة فصل الربيع، غير أن الأراضي المهددة بالجفاف تقدر بنحو ثلثي الأراضي الصالحة للزراعة. وقال المسؤول في الإدارة الذاتية، سلمان بارودو، الرئيس السابق لهيئة الاقتصاد لإقليم الجزيرة، في تصريح حصري لـ«الشرق الأوسط» من مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة: «إذا نظرنا إلى المائة سنة الفائتة، فلن نجد 3 أعوام متتالية من الجفاف تصيب سوريا عموماً ومناطق شمال شرقي البلاد خصوصاً».
وتبلغ نسبة المساحات المزروعة هذا العام من مادتي القمح والشعير على مستوى شمال شرقي سوريا، نحو 2.983.000 هكتار، منها 300.000 هكتار قمح مروية على الآبار الجوفية؛ لكن هذا الجفاف أضر بالفعل مساحات كبيرة من محاصيل الحبوب، حسب المزارع سكفان خليل (54 سنة) المتحدر من مدينة القامشلي، والذي يمتلك قطعة أرض زراعية تبلغ نحو 100 هكتار.
وقال في حديثه إن إنتاج محاصيل الحبوب آخذ في الانخفاض بسبب هذا الجفاف: «نعاني تأثراً كبيراً في تراجع مواسم القمح والشعير الذي انعكس سلباً على حياة كثير من المزارعين. حقيقةً سيضطر المزارعون خلال السنوات المقبلة إلى تقليص المساحات المزروعة أو تركها نهائياً».
وحذرَ المسؤول الكردي سلمان بارودو من تدهور القطاع الزراعي والاقتصادي والحيواني، حال عدم هطول الأمطار في الأيام العشرة المقبلة؛ ونقل قائلاً: «ستدخل المنطقة مرحلة الخطر؛ لأن المحاصيل البعلية هي الأكبر من ناحية الخطورة، لاعتمادها على الأمطار الشتوية. بالتالي سيهدد الجفاف أكثر من مليوني هكتار، وستخرج كاملة عن خطة الإنتاج»، حسب قوله. وحسب سكان المنطقة، فإن هذا الجفاف هو الأسوأ منذ عقود، والذي سيؤدي إلى تدمير المجتمعات الزراعية والثروة الحيوانية التي تعتمد عليها المناطق الشمالية الشرقية من سوريا. ويزرع معظم سكان محافظة الحسكة أراضيهم بعلاً تروى على الأمطار الموسمية؛ لكن هذا العام كانت شحيحة، وستؤثر سلباً على دورة الإنتاج في القطاع الزراعي، وعلى الثروة الحيوانية.
ويقول دلسوز (37 عاماً) وهو فلاح من ريف مدينة القامشلي الشرقي، ويعمل في قطعة أرض تقدر بنحو 20 هكتاراً، إنه حتى إذا هطلت الأمطار خلال شهر مارس (آذار) الحالي، وكامل شهر أبريل (نيسان) القادم: «فإن ذلك لن ينقذ محاصيل الحبوب البعلية؛ لأنها تعتمد بشكل رئيسي على استمرار الهطولات، فتأخير سقوط المطر أذبل محاصيل الحبوب من الشعير والقمح وحتى العدس، وستتحول علفاً للماشية».
ويقول مزارعون وخبراء إن المواسم الزراعية بالأعوام الماضية مرّت بمرحلة جفافٍ مشابهة، وقد أظهر مؤشر معدلات المطر لهذا العام أن المنطقة لم تشهد نقصاً في مياه الأمطار على هذا النحو منذ عام 1970 على الأقل، لتكون أسوأ سنة سجلت مستويات متدنية من سقوط الأمطار على الإطلاق، وهذه الكارثة ستنعكس سلباً على آلاف من العمال الذين يكسبون عيشهم من خلال العمل في المحاصيل الزراعية الموسمية، إضافة إلى سائقي الجرارات والحصادات الزراعية، على أمل أن تكون المساحات المروية على الآبار البحرية «طوق النجاة» لهذا لقطاع الزراعي بالمنطقة.
ويقول المزارع عبدو حمزة الذي يمتلك قطعة أرض زراعية في قريته تنورية، الواقعة بالجهة الشرقية من القامشلي، إن هذا العام كما الأعوام الماضية: «يذكرنا بسنوات الجفاف التي شهدتها سوريا والمنطقة قبل سنوات. آنذاك كان هناك قحط وجفاف، واليوم يتكرر السيناريو والحالة تماماً»، وعكف هذا المزارع كغيره من أبناء المنطقة عن زراعة أرضه التي تبلغ نحو 500 دونم (تعادل نحو 50 هكتاراً)، ويعزو السبب إلى تأخر هطول الأمطار، ليزيد: «العام الماضي خسرنا كثيراً في الموسم، كحال جميع أبناء المنطقة؛ لكن هذا العام تكاليف الزراعة ارتفعت 300 في المائة، وبالفعل الجفاف والقحط جلب خسارة أكبر بكثير من سابقاتها هذا العام».
ويعتمد إنتاج القمح في سوريا على مياه نهر الفرات والآبار الجوفية بنسبة 30 في المائة من إجمالي الإنتاج السنوي، وتتهم الإدارة الذاتية تركيا بعرقلة تدفق منسوب نهر الفرات الذي يغطي القسم الأكبر من أراضي مدينتي الرقة ودير الزور، شمال شرقي هذا البلد المنقسم الذي يشهد حروباً داخلية، إذ تستخدمه أنقرة كسلاح للضغط عليها، واتهمت دمشق أيضاً تركيا بحجز مياه نهر الفرات، وعدم الالتزام بالاتفاقية الموقعة في سنة 1987. ولمنع مزيد من الكوارث الاقتصادية والتصدي لآثار الجفاف، أكد سلمان بارودو أن الإدارة الذاتية قامت بتوجيه الفلاحين والمزارعين من أجل مواجهة حالة الجفاف: «بالاعتماد على نظم وطرق الري الحديثة، وترشيد استعمال واستهلاك المياه، بدلاً من إغراق الأراضي الزراعية بالمياه بشكل دوري للحفاظ على المياه الجوفية».
ويتوقع مسؤولو الإدارة ومزارعون أن مزيداً من دورات الجفاف ستصيب المنطقة، مصحوبة بتأخير الهطولات المطرية في فصل الشتاء، وهو ما سيلحق ضرراً كبيراً بالمحاصيل الزراعية ومنعها من النمو بشكل كامل. واتفق بارودو وجميع أصحاب الأراضي المشاركين في هذا التقرير على أن دورات التغير المناخي ستؤدي في الأعوام المقبلة إلى معدلات أمطار أقل؛ ودورات جفاف أكثر تكراراً.

غداً: الأردن يخشى على أمنه المائي ولبنان قلق من شح الأمطار


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي لمنزل بالمخيم الجديد وسط قطاع غزة

دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (رويترز)
دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي لمنزل بالمخيم الجديد وسط قطاع غزة

دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (رويترز)
دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (رويترز)

قال تلفزيون الأقصى، إن عدداً من القتلى والجرحى سقطوا في قصف إسرائيلي لمنزل بالمخيم الجديد غرب النصيرات وسط قطاع غزة.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم، ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين في الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الماضي إلى 35 ألفا و386، بينما زاد عدد المصابين إلى 79 ألفا و366 .

وقالت الوزارة في بيان إن 83 فلسطينيا قتلوا وأصيب 105 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية على القطاع خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.


إصابة ناقلة نفط في هجوم حوثي

أفراد السفينة «غالاكسي ليدر» المحتجزون لدى الحوثيين منذ 6 أشهر (أ.ب)
أفراد السفينة «غالاكسي ليدر» المحتجزون لدى الحوثيين منذ 6 أشهر (أ.ب)
TT

إصابة ناقلة نفط في هجوم حوثي

أفراد السفينة «غالاكسي ليدر» المحتجزون لدى الحوثيين منذ 6 أشهر (أ.ب)
أفراد السفينة «غالاكسي ليدر» المحتجزون لدى الحوثيين منذ 6 أشهر (أ.ب)

أصيبت ناقلة نفط ترفع علم بنما في هجوم صاروخي استهدفها في جنوب البحر الأحمر، ما أدى إلى إشعال حريق على متنها دون وقوع إصابات بين أفراد طاقمها.

وأكدت القيادة المركزية الأميركية أن جماعة الحوثي استهدفت ناقلة نفط بصاروخ مضاد للسفن في البحر الأحمر. وأوضحت أن الناقلة «إم تي ويند» التي ترفع علم بنما وتملكها وتديرها اليونان، رست مؤخراً في روسيا وكانت متجهة إلى الصين.


اشتباكات بالأيدي بين نواب البرلمان العراقي في جلسة انتخاب رئيسه

جانب من جلسة البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من جلسة البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

اشتباكات بالأيدي بين نواب البرلمان العراقي في جلسة انتخاب رئيسه

جانب من جلسة البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من جلسة البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)

قرر البرلمان العراقي، مساء السبت، رفع جلساته بعد افتعال عدد من النواب شجاراً وإثارة الفوضى داخل قبة البرلمان.

وأظهرت لقطات تلفزيونية وقوع شجار واشتباكات بالأيدي بين نواب على خلفية عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للبرلمان.

وأسفرت الجولة الأولى من الانتخابات عن تقدم النائب سالم العيساوي بـ158 صوتاً على منافسه النائب محمود المشهداني الذي حصل على 137 صوتاً من أصل مجموع عدد النواب الذين حضروا الجلسة والبالغ عددهم 311 نائباً.

ولم يتمكن أي من المرشحين من تحقيق مجموع 166 صوتاً المطلوب للفوز.

جانب من جلسة البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)

وأوضحت اللقطات التلفزيونية أن القوات الأمنية تدخلت وحاولت إنهاء الشجار داخل البرلمان، كما شوهد رئيس البرلمان بالإنابة محسن المندلاولي وهو يحاول إنهاء الفوضى.

وكان البرلمان قد شرع منتصف نهار السبت بعقد جلسة عادية لانتخاب رئيس جديد له خلفاً لمحمد الحلبوسي الذي أقيل من منصبه بقرار من القضاء على خلفية الإدانة في قضية فساد مالي وتزوير.


غانتس يطرح خطة لـ«غزة بعد الحرب»... ويهدد بالاستقالة من الحكومة إذا رُفضت

بنيامين نتنياهو وبيني غانتس (صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الإسرائيلية)
بنيامين نتنياهو وبيني غانتس (صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الإسرائيلية)
TT

غانتس يطرح خطة لـ«غزة بعد الحرب»... ويهدد بالاستقالة من الحكومة إذا رُفضت

بنيامين نتنياهو وبيني غانتس (صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الإسرائيلية)
بنيامين نتنياهو وبيني غانتس (صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الإسرائيلية)

هدد عضو مجلس الحرب الإسرائيلي وزير الدفاع السابق، بيني غانتس، بالاستقالة من حكومة بنيامين نتنياهو إذا لم تتم الموافقة على خطة لغزة ما بعد الحرب بحلول 8 يونيو (حزيران) المقبل.

وفي خطاب ألقاه غانتس، مساء اليوم (السبت)، قال إن «أقلية صغيرة سيطرت على قرار إسرائيل وتقود البلاد إلى المجهول»، متهماً بعض السياسيين الإسرائيليين بالتفكير في مستقبلهم فقط، ما يعني أن «هناك حاجة لتغيير فوري»، وفق ما نقلته «وكالة أنباء العالم العربي».

ووضع غانتس في خطابه 6 أهداف للعمل عليها قبل الثامن من يونيو؛ وهي إعادة المختطفين، وتقويض حكم حركة «حماس»، ونزع السلاح من قطاع غزة، وإقامة ائتلاف أوروبي - عربي لإدارة القطاع لا يشمل «حماس» ولا السلطة الفلسطينية في رام الله بقيادة محمود عباس، وإعادة سكان الشمال، وضمان خدمة كل الإسرائيليين في الجيش.

وقال غانتس في خطابه: «نحن في حرب من أجل البقاء، نحن في حرب وجودية، وسنتغلب على أعدائنا لنضمن مستقبل دولة إسرائيل».

وأضاف: «دخلنا الحكومة والائتلاف لنخدم دولة إسرائيل ولم نطلب مناصب، لكن لم يتم اتخاذ قرارات حيوية، وأقلية صغيرة سيطرت على قرار إسرائيل وتقودها إلى الهاوية».

وأشار غانتس إلى أن هناك حاجة «لتغيير فوري»، وأنه لن يتم ترك الأمور على حالها، وتعهد بالعمل على ضمان حصول إسرائيل على ما وصفه بـ«انتصار حقيقي».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الأربعاء الماضي، أنه لن يوافق على حكم إسرائيلي عسكري في غزة بعد انتهاء الحرب والقضاء على «حماس». وأضاف أن وجوداً أمنياً لإسرائيل في غزة بعد الحرب من شأنه أن يؤدي إلى «خسائر غير ضرورية في أرواح الإسرائيليين». وقال إنه طلب تشكيل هيئة حكم بديلة لـ«حماس»، ولم يتلقَّ رداً.

غانتس زعيم صغير

من جانبه، هاجم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، السبت، غانتس ووصفه بأنه«منافق وكاذب» ويعمل على تفكيك الحكومة.

وقال بن غفير، في بيان نشره في حسابه على موقع «إكس»، «بيني غانتس هو زعيم صغير، وكان منذ اللحظة الأولى لانضمامه إلى الحكومة منخرطاً بشكل أساسي في محاولات تفكيكها، ولم تكن رحلاته إلى واشنطن لإجراء محادثات ضد موقف رئيس الوزراء سوى جزء صغير من عمليات تخريبه».

وتابع بن غفير: «الرجل الذي استضاف محمود عباس في منزله، وأحضر عمالاً من غزة، وقاد اتفاقية تسليم الغاز مع لبنان، وأزال الحواجز الأمنية في الضفة الغربية، وعرّض جنود وحدة غولاني للخطر (من منطلق القلق على الفلسطينيين)، هو الرجل الأخير الذي يمكن أن يقدم بدائل أمنية».

ودعا بن غفير إلى تغيير سياسة الحكومة، وقال: «لقد حان الوقت لتفكيك الحكومة بمفهومها الراهن وتغيير السياسة إلى حكومة حازمة وقوية وحاسمة».

وقال نتنياهو، (الأربعاء)، في خطاب: «لا جدوى من الحديث عن ترتيبات اليوم التالي للحرب، ما دامت حماس في السلطة في غزة».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الأحد الماضي، وجود خلافات ومواجهات كلامية بين نتنياهو وغالانت بعدما قرر الأخير إجراء مناقشات مع كبار قادة الجيش والعسكريين حول مسألة «اليوم التالي» للحرب في غزة، والعملية في رفح، دون حضور نتنياهو.


المستشار الألماني يحذر إسرائيل من شن هجوم شامل في رفح

المستشار الألماني أولاف شولتس خلال فعالية انتخابية أقامها حزب «الاشتراكي الديمقراطي» في مدينة كارلسروه (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس خلال فعالية انتخابية أقامها حزب «الاشتراكي الديمقراطي» في مدينة كارلسروه (د.ب.أ)
TT

المستشار الألماني يحذر إسرائيل من شن هجوم شامل في رفح

المستشار الألماني أولاف شولتس خلال فعالية انتخابية أقامها حزب «الاشتراكي الديمقراطي» في مدينة كارلسروه (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس خلال فعالية انتخابية أقامها حزب «الاشتراكي الديمقراطي» في مدينة كارلسروه (د.ب.أ)

حذّر المستشار الألماني أولاف شولتس، إسرائيل من شنّ هجوم شامل محتمل في مدينة رفح الواقعة أقصى جنوب قطاع غزة الفلسطيني. وطالب بزيادة المساعدات للسكان الفلسطينيين.

جاء ذلك خلال فعالية انتخابية أقامها حزب شولتس «الاشتراكي الديمقراطي» في مدينة كارلسروه، اليوم (السبت)، في إطار انتخابات البرلمان الأوروبي المزمع إجراؤها في ألمانيا في التاسع من يونيو (حزيران) المقبل.

وقال شولتس، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، «نحن متفقون في ألمانيا وفي أوروبا، وكذلك في الحكومة الأميركية أيضاً، على أنه من غير المسؤول التفكير في شنّ هجوم الآن على رفح التي لاذ إليها ملايين اللاجئين وهم دون حماية. لا يمكن أن ينتهي هذا الأمر بشكل جيد».

وطالب شولتس أيضاً بضرورة توصيل مساعدات إنسانية كافية إلى غزة، وهو ما صاحبته هتافات عالية من عشرات المحتجين ضد حرب غزة.

وقال شولتس: «500 شاحنة يومياً هو الحد الأدنى. مَن يشن حرباً، يتحمل المسؤولية أيضاً عن الجانب الإنساني والسكان المدنيين الذين هم ضحايا الحرب».

يذكر أنه رغم التحذيرات الدولية المشددة، تقدّم الجيش الإسرائيلي من الشرق إلى مدينة رفح في القطاع المحاصر قبل أكثر من أسبوع، كما أعلنت إسرائيل، اليوم، استئناف عملياتها في رفح ووسط وشمال القطاع الواقع على ساحل البحر المتوسط.

وتقول القيادة الإسرائيلية إنها تهدف من خلال عمليتها في رفح إلى تدمير آخر كتائب لحركة «حماس» يعتقد أنها موجودة في المدينة الواقعة على الحدود المصرية.


إسرائيل تعلن استعادة جثة جديدة لمحتجز من قطاع غزة

جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)
TT

إسرائيل تعلن استعادة جثة جديدة لمحتجز من قطاع غزة

جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) اليوم (السبت)، استعادة جثة محتجز إسرائيلي رابع من قطاع غزة خلال عملية خاصة مشتركة.

وقال بيان الجيش و«الشاباك» إنه تمت استعادة جثة المحتجز رون بنيامين بعد امتلاك الجيش لمعلومات مؤكدة تفيد بأنه قتل خلال هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، ونقل عناصر «حماس» جثته إلى قطاع غزة.

وأضاف الجيش أن جثة بنيامين أعيدت مع جثث المحتجزين الثلاثة يتسحاق غلرانتر وشاني لوك وعميت بوسكيلا بناء على معلومات توفرت خلال تحقيقات أجراها جهاز «الشاباك» مع مسلحين تم القبض عليهم داخل قطاع غزة.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن أمس العثور على جثث 3 محتجزين إسرائيليين في قطاع غزة، في الوقت الذي أكد فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إصراره على إعادة جميع المحتجزين «أحياء وأمواتاً».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أمس، إن «حماس» هي من قتلت المحتجزين يتسحاق غلرانتر وشاني لوك وعميت بوسكيلا أثناء هروبهم من حفلة موسيقية أقيمت في 7 أكتوبر بمحاذاة حدود غزة ونقلت جثثهم إلى قطاع غزة.

وقال القيادي في حركة «حماس» عزت الرشق في بيان، إن «ادعاء الاحتلال - إن صح - عن وصوله إلى جثامين بعض أسراه لدى المقاومة في قطاع غزة»، ليس «إنجازاً» لحكومة نتنياهو، بل هو «محاولة للتغطية على خسائره وفشله الذريع أمام بسالة المقاومة» في جباليا والزيتون وشرق رفح.


الانقسام يتعمق في إسرائيل حول حكم غزة

نتنياهو وغانتس في ملصق دعائي عشية انتخابات مارس 2021 (رويترز)
نتنياهو وغانتس في ملصق دعائي عشية انتخابات مارس 2021 (رويترز)
TT

الانقسام يتعمق في إسرائيل حول حكم غزة

نتنياهو وغانتس في ملصق دعائي عشية انتخابات مارس 2021 (رويترز)
نتنياهو وغانتس في ملصق دعائي عشية انتخابات مارس 2021 (رويترز)

قالت مصادر في مجلس الوزراء، الذي يدير شؤون الحرب (كابينت الحرب)، إن العلاقات بين أعضاء الكابينت المصغر «تدهورت بشكل ملحوظ» في الآونة الأخيرة، خاصة بسبب عدم اتخاذ قرارات استراتيجية وعدم إحراز تقدم في قضية المحتجزين.

وحسب المصادر التي تحدثت لقناة «كان» التلفزيونية، فإن حلّ المجلس الوزاري يبدو «أقرب من أي وقت مضى». وقالت المصادر: «العلاقات المتوترة داخل المجلس الوزاري ليست بين أفراد المستوى السياسي أنفسهم فقط، بل بينهم وبين القيادة العسكرية كذلك».

وكان وزراء في الحكومة قد هاجموا وزير الدفاع يوآف غالانت بقوة، وطالبوا بإقالته، متهمين إياه بالمسؤولية عن الفشل المستمر، بعد خلافات حول موضوع «اليوم التالي» للحرب في غزة، بعدما رفض حكماً عسكرياً في القطاع يسعى له نتنياهو.

وردّ غالانت على الوزراء قائلاً: «أنا أول من يعارض دولة فلسطينية، وأؤيد السيطرة الإسرائيلية من النهر إلى البحر. لكن غزة ليست جبل الشيخ، ولا هي أورشليم (القدس)، هناك مليونان من الفلسطينيين، وليست هناك مصلحة إسرائيلية». ورأى غالانت أن حكماً عسكرياً في غزة سيكلف كثيراً من الدم والمال والوقت.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع وزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بيني غانتس يعقدون مؤتمراً صحافياً في قاعدة كيريا العسكرية في تل أبيب 28 أكتوبر 2023 (رويترز)

تحالف ثلاثي

وقبل الاجتماع كان مقرراً أن يخرج بيني غانتس في خطاب يعتقد أنه سيحدد فيه لنتنياهو شروطه من أجل البقاء في المجلس. وقال موقع «واللا» عن مصادر إن غانتس سيعلن شروطه ومطالبه لنتنياهو من أجل بقائه في الحكومة ومجلس الحرب. جاء ذلك فيما دعاه زعيم المعارضة، يائير لبيد، للاستقالة من أسوأ حكومة في تاريخ إسرائيل والمطالبة بانتخابات مبكرة.

وناقش مجلس الوزراء، الذي يدير شؤون الحرب، لمدة 10 دقائق خلال جلسته السابقة، موضوع المفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن، ثم قاطع رئيس الوزراء المتحدثين قائلاً إنه لم يبقَ ما يكفي من الوقت لمناقشة الموضوع، وإنه سيحدد موعداً لمتابعة المناقشة. وعدم الاتفاق على أولويات الحرب، بما في ذلك إنجاز صفقة تبادل، وحول «اليوم التالي» في غزة، سيعني انهيار مجلس الحرب، خصوصاً أن الوزير الثاني في المجلس غادي أيزنكوت ينوي الاستقالة بسبب تحكم الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموترتيش في نتنياهو. وكان أيزنكوت هدّد سابقاً بالاستقالة إذا أفشل اليمين المتطرف اتفاق صفقة. ويتضح أن التحالف الثلاثي بين غالانت وأيزنكوت وغانتس يهدد فعلاً قوة نتنياهو داخل المجلس.

دمار جراء غارات إسرائيلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

مباحثات التهدئة

في غضون ذلك، يحاول الوسطاء، بمن فيهم الولايات المتحدة، دفع مباحثات تهدئة جديدة بين إسرائيل وحركة «حماس»، لكن اعتقاداً سائداً في إسرائيل بأن أي اتفاق لن يرى النور إلا بتضييق الخناق على زعيم «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار. وقالت مصادر لهيئة البثّ الإسرائيلية (كان) إن الوسطاء يحاولون تجديد مباحثات التهدئة، بعدما وقفت أمام طريق مسدودة، وإن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، الذي يصل إلى إسرائيل يوم الأحد، سيناقش مع المسؤولين الإسرائيليين الاتصالات الخاصة بالصفقة.

وتهدف زيارة سوليفان إلى وقف هجوم إسرائيلي أوسع تخطط له إسرائيل على مدينة رفح الحدودية مع مصر. ويعتقد البيت الأبيض أن التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى هو الطريق الوحيدة من أجل الوصول إلى وقف إطلاق نار في غزة ومنع اجتياح شامل لمدينة رفح، وربما إنهاء الحرب التي أصبحت مصدر تهديد كبير للرئيس الأميركي جو بايدن قبل الانتخابات الرئاسية.

وكان سوليفان، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية، قال لسفراء 17 دولة، لديهم مواطنون تحتجزهم «حماس»، يوم الأربعاء الماضي، إن إدارته تعتقد أن السنوار انسحب من محادثات الهدنة الأسبوع الماضي، على أمل زيادة الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة.

وزعم سوليفان أن السنوار لا يريد الوصول إلى اتفاق الآن، على أمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط الدولي على إسرائيل لإنهاء الحرب.

مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

الضغط على «حماس»

وأخبر سوليفان السفراء أن ثمة حاجة للضغط على «حماس»، من خلال مخاطبة الحركة مباشرة أو عبر وسطاء. وكانت «حماس» وافقت على مقترح مصري من أجل صفقة تبادل، لكن إسرائيل رفضت، وقالت إن المقترح معدل، قبل أن تنهار المباحثات. وضمن المحاولات الأميركية لإطلاق جولة أخرى، زار بريت ماكغورك، كبير مستشاري الرئيس بايدن لشؤون الشرق الأوسط، الدوحة، يوم الأربعاء، والتقى برئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لمناقشة استئناف المحادثات، وفقاً لمصدرين مطلعين على الاجتماع تحدثا إلى موقع «أكسيوس» الأميركي.

لكن يرى مسؤولون إسرائيليون مطلعون على سير المفاوضات، بحسب هيئة البث الإسرائيلية، أنه من الضروري تضييق الخناق على زعيم «حماس» في غزة، السنوار، وتكثيف الضغط عليه، «لأن هذا هو السبيل الوحيدة التي يمكن من خلالها دفع صفقة إطلاق سراح المختطفين في القطاع». وأكد المسؤولون: «حالياً هناك مأزق فعلياً، لكن هناك محاولات من الدول الوسيطة».


«الأونروا»: 800 ألف شخص أُجبروا على الفرار من رفح

نازحون فلسطينيون يتجمعون لشراء المياه من سيارة مياه في مخيم مؤقت برفح (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يتجمعون لشراء المياه من سيارة مياه في مخيم مؤقت برفح (أ.ف.ب)
TT

«الأونروا»: 800 ألف شخص أُجبروا على الفرار من رفح

نازحون فلسطينيون يتجمعون لشراء المياه من سيارة مياه في مخيم مؤقت برفح (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يتجمعون لشراء المياه من سيارة مياه في مخيم مؤقت برفح (أ.ف.ب)

أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، السبت، أن 800 ألف شخص «أجبروا على الفرار» من رفح في أقصى جنوب قطاع غزة منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في المدينة هذا الشهر.

وقال فيليب لازاريني، عبر منصة «إكس»، إن «ما يقرب من نصف سكان رفح أو 800 ألف شخص موجودون على الطريق، بعد أن أجبروا على الفرار منذ أن بدأت القوات الإسرائيلية العملية العسكرية في المنطقة في 6 مايو (أيار)»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأشار مفوض «الأونروا» إلى أن الادعاءات بأن الناس في غزة يمكنهم الانتقال إلى مناطق آمنة أو إنسانية هي ادعاءات «كاذبة».

ووصف لازاريني الظروف الإنسانية في غزة بـ«الكارثية»، وقال إن ذلك سيستمر دون فتح المعابر البرية و«الوصول الآمن إليها»، مشيراً إلى أن 33 شاحنة فقط وصلت إلى رفح منذ 6 مايو (أيار).


إسرائيل تستهدف طريق دمشق - بيروت... عمليتا اغتيال خلال 24 ساعة

جنود ومواطنون يعاينون سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة مجدل عنجر الجمعة (أ.ف.ب)
جنود ومواطنون يعاينون سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة مجدل عنجر الجمعة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف طريق دمشق - بيروت... عمليتا اغتيال خلال 24 ساعة

جنود ومواطنون يعاينون سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة مجدل عنجر الجمعة (أ.ف.ب)
جنود ومواطنون يعاينون سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة مجدل عنجر الجمعة (أ.ف.ب)

تواصل التصعيد على جبهة جنوب لبنان، مع استمرار تسجيل عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل ضد عناصر وقياديين في «حزب الله» وحركة «حماس»، بحيث باتت طريق دمشق - بيروت هدفاً للقصف الإسرائيلي مع تسجيل عمليتي اغتيال خلال 24 ساعة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت، بأن مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة قرب حاجز للفرقة الرابعة بمنطقة الديماس بريف دمشق، على الطريق الواصلة بين دمشق - بيروت، ما أدى لتدميرها واحتراقها وسط مصير مجهول يلاحق شخصين؛ هما قيادي بـ«حزب الله» ومرافقه، كانا يستقلان السيارة.

وهذا الاستهداف هو الثاني من نوعه في هذه المنطقة خلال 24 ساعة، بعدما كان القصف الإسرائيلي استهدف مساء الجمعة، القيادي في «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» شرحبيل علي السيد، في بلدة مجدل عنجر على بعد 5 كيلومترات من الحدود مع سوريا.

وتشكّل هذه الطريق معبراً أساسياً لقياديي «حزب الله» وخط إمداد ينقل عبره شاحنات الأسلحة والذخائر.

دخان يتصاعد من مكان استهدف بالقصف الإسرائيلي في خراج بلدة راميا الجنوبية السبت (أ.ف.ب)

وصباح السبت، استهدفت مسيرة إسرائيلية دراجة نارية في الناقورة حيث أصيب الراكب وهو صياد سمك، بجروح، نقل على أثرها إلى المستشفى، في وقت طال فيه القصف بلدات جنوبية عدة.

في المقابل، أعلن «حزب الله» تنفيذه عمليات عدة، وقال في بيانات متفرقة إنه استهدف «تجمعاً ‏لجنود الجيش الإسرائيلي في محيط ثكنة برانيت بالأسلحة الصاروخية»، ورد على استهداف صياد في الناقورة بقضف موقع رأس الناقورة البحري بقذائف المدفعية.

وبعد الظهر أعلن «حزب الله» استهدافه ‏التجهيزات التجسسية في موقع الرمثا بالأسلحة المناسبة، ومن ثم المنظومات الفنية والتجهيزات التجسسية في موقع الراهب بالأسلحة المناسبة، كما أعلن استهداف تموضع لجنود إسرائيليين داخل غرفة في ثكنة راميم بمحلقة هجومية انقضاضية أصابتها بشكل مباشر.

ترتيبات لدفن القتلى

في غضون ذلك، ومع التصعيد المستمر في الجنوب، بات الأهالي يستفيدون من هذه الفترات للمشاركة في تشييع قتلاهم وتفقد منازلهم، بينما لا يزال بعضهم الآخر لا يتجرأ على الذهاب إلى بلداتهم رغم أنه يتم التنسيق بين الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» التي تنسق بدورها مع الجيش الإسرائيلي لتأمين الهدوء في المنطقة.

مقاتلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان الحميس الماضي (أ.ف.ب)

ويؤكد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» أنه عند تحديد موعد لتشييع القتلى في الجنوب يبلغ المعنيون الجيش اللبناني بالمكان والزمان، وهو بدوره يبلغ قوات «اليونيفيل» التي تبلغ بدورها الجيش الإسرائيلي، وهو ما يؤكد عليه أيضاً مصدر في قوات «اليونيفيل» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتشكّل مراسم تشييع أشخاص قتلوا في المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله»، الفرصة لسكان ميس الجبل الحدودية لزيارة قريتهم المدمّرة بناء على هذا الهدوء المؤقت، لكن في المقابل، لا يزال آخرون يخشون من هذه المغامرة منطلقين في ذلك من وقائع سابقة، حيث سجّل قصف إسرائيلي على مقربة من تشييع أحد قتلى «حزب الله».

وتقول إحدى السيدات التي تعيش في بيروت واعتادت أن تنتقل في الصيف إلى عيتا الشعب لقضاء العطلة، لـ«الشرق الأوسط»: «في الأسابيع الأولى للحرب، ذهبت مرات عدة إلى القرية وتفقدت المنزل، لكن منذ ما بعد الهدنة في شهر نوفمبر (تشرين الأول) الماضي، لم أغامر بذلك، لا سيما أن بعض الأحيان يتم استهداف التشييع كما حصل سابقاً في قريتنا». وتلفت إلى أنه ورغم أن قريباً لها قتل في الحرب فإنها لم تشارك في التشييع.

تشييع أحد قتلى «حزب الله» في بلدة ميس الجبل الجنوبية الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)

وكان الجيش الإسرائيلي قد استهدف أحد المنازل في بلدة عيتا الشعب، على مقربة من موقع تشييع أحد عناصر «حزب الله»، في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

والأمر نفسه حصل في 5 الشهر الحالي، حيث قتلت عائلة كاملة مؤلفة من 4 أشخاص، بضربة إسرائيلية في ميس الجبل، بينما كانت تقام مراسم تشييع. وكان فادي حنيكة، الوالد، قد استغل فترة تشييع أحد القتلى لإخراج أغراض له من منزله، لكن الطيران الإسرائيلي استهدفه بصواريخ، ما أدى إلى مقتله وزوجته وولديه وتدمير منزلهم.

بدورها، تبدو ميس الجبل أشبه بساحة معركة، أما سكانها النازحون بمعظمهم فيستغلّون الهدوء النسبي المؤقت الذي يسجّل خلال مراسم تشييع لتفقّد منازلهم والإتيان بأغراض لم يفكّروا بحملها معهم عندما هربوا تحت وطأة القصف الإسرائيلي، من دون أن يدركوا أن غيابهم عن منزلهم سيطول كل هذا الوقت.

وأمام ركام منزله الذي لم ينجُ منه إلا خزان مياه بلاستيكي، يقول عبد العزيز عمار (60 عاماً) لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «البيت سوّي بالأرض»، موضحاً: «منازل أهلي وأخي وابن أخي دمّرت كلياً».

ويقول: «يأتي الشخص إلى القرية للمشاركة في تشييع، ولا بدّ أن يستغلّ الفرصة للاطمئنان على منزله لإلقاء نظرة عليه، وإذا لم يكن مدمّراً، فلأخذ أغراض يحتاجها في مكان إقامته».

وعلى مرأى من نقاط عسكرية في الجانب الإسرائيلي، يشارك غالباً مئات من أهالي البلدات والقرى الحدودية في تشييع القتلى، وغالبيتهم من مقاتلي «حزب الله» الذي ينظّم مراسم عسكرية ويرفع راياته ويردّد عناصره ومناصروه هتافات الولاء له، بينما طائرات الاستطلاع الإسرائيلية لا تفارق الأجواء.

وأمام منزل مدمّر جزئياً، امتلأت شاحنة بمقتنيات نجت من القصف بينها غسالة وعربة طفل ودراجة نارية وكراسي بلاستيكية، يقول عبد العزيز عمار: «بغض النظر عمّا إذا كنت أحمل السلاح أم لا، فإن مجرّد وجودي في بلدتي يعني أنني هدف أمام الإسرائيلي»، مشيراً إلى مقتل 4 مدنيين من عائلة واحدة خلال الشهر الحالي.


نواب تمردوا على أحزابهم... البرلمان العراقي يفشل ثانيةً في انتخاب رئيسه

جانب من تحضيرات البرلمان العراقي لجلسة انتخاب رئيسه (إعلام المجلس)
جانب من تحضيرات البرلمان العراقي لجلسة انتخاب رئيسه (إعلام المجلس)
TT

نواب تمردوا على أحزابهم... البرلمان العراقي يفشل ثانيةً في انتخاب رئيسه

جانب من تحضيرات البرلمان العراقي لجلسة انتخاب رئيسه (إعلام المجلس)
جانب من تحضيرات البرلمان العراقي لجلسة انتخاب رئيسه (إعلام المجلس)

بعد تنافس شديد بين مرشحين بارزين وانقسام حاد بين القوى السياسية المتنفذة، أخفق البرلمان العراقي في اختيار رئيسه الجديد.

وعقد البرلمان، اليوم (السبت)، جلسة وصفت بـ«السلسة»، لانتخاب رئيس جديد، تنافس فيها 3 مرشحين.

وقبل بدء عملية الانتخاب، صوت البرلمان بالموافقة على تمديد فصله التشريعي لمدة 30 يوماً أخرى تأكيداً لقرار اتخذته رئاسة المجلس، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.

جولة ثانية غير حاسمة

وكما الجولة الأولى في يناير (كانون الثاني) الماضي، انتهت جولة التصويت الثانية إلى نتيجة غير حاسمة، إذ حصل سالم العيساوي على 158 صوتاً، ومحمود المشهداني 137 صوتاً، وعامر عبد الجبار على 3 أصوات، بينما بلغت عدد الأصوات الباطلة 13، وفقاً لبيان الدائرة الإعلامية.

وأدلى 311 نائباً (من إجمالي 329) بأصواتهم في الجولة الأولى التي انطلقت في الساعة الرابعة عصراً بالتوقيت المحلي في بغداد.

وكانت الدائرة الإعلامية للبرلمان قالت إن إجراءات انتخاب رئيس البرلمان بدأت بمشاركة 258 نائباً.

ويفترض بالفائز أن يحصل على 167 صوتاً (النصف + واحد) ليضمن منصب الرئيس.

لوحة احتساب أصوات النواب المتنافسين على منصب رئيس البرلمان (إعلام المجلس)

وبعد الجولة الثانية، قال رئيس البرلمان بالوكالة، محسن المندلاوي، إنه «يأذن للنواب بأخذ استراحة، وبعدها يتخذ القرار بالذهاب إلى جولة ثالثة أو رفع الجلسة إلى إشعار آخر»، وتابع: «ربما نرفع الجلسة».

واتهم حزب «تقدم»، الحكومة، «بالتدخل في انتخاب رئيس البرلمان، خلافاً للدستور العراقي»، على حد تعبير النائب يحيى المحمدي.

وقالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن اتصالات مكثفة أجريت بين قادة الكتل السياسية لبحث الخيار المناسب، وطالب عدد منهم بتأجيل جلسة الانتخاب إلى موعد آخر، خصوصاً مع المنافسة الشديدة بين العيساوي والمشهداني.

وفسر مراقبون النتائج المتقاربة بين المتنافسين بأن عشرات النواب تمردوا على اتفاقات قادة الأحزاب، لا سيما النواب الشيعة الذين صوتوا للعيساوي على حساب المشهداني.

وقبل يوم من الجلسة، رجح النائب السابق، مشعان، فوز المرشح سالم العيساوي على حساب محمود المشهداني، وقال إن فوز الأخير يفتح الباب أمام عودة نوري المالكي إلى منصب رئيس الوزراء من جديد.

محمود المشهداني (يمين) وسالم العيساوي في جلسة انتخاب رئيس البرلمان (إكس)

ماذا حدث قبل جلسة الانتخاب؟

عقدت القوى السياسية مداولات قبل ساعات من عقد الجلسة (مساء السبت) للتوافق على مرشح نهائي، لكن الأمور ذهبت إلى تقديم ترشيح 4 نواب وترك الأمر لأصوات الكتل السياسية.

ونقلت «وكالة أنباء العالم العربي» عن مصادر أن الآراء كانت متأرجحة بين محمود المشهداني (مرشح «تحالف تقدم - الصدارة»)، وسالم العيساوي (مرشح «تحالف السيادة» بقيادة خميس الخنجر)».

وزعمت المصادر أن الانقسام يعود بسبب «مخاوف لدى حركة (عصائب أهل الحق) و(تيار الحكمة) و(منظمة بدر) من تولي المشهداني، ويرون أحقية العيساوي بالمنصب».

وكان من المفترض أن تصوت لصالح المشهداني كتل «تقدم» و«الصادقون» و«بدر» و«دولة القانون» و«الاتحاد الوطني»، ونواب محافظة كركوك، ونواب «بابليون» التي يتزعمها ريان الكلداني، وفقاً لمصادر برلمانية.

وقالت كتلة «الإطار التركماني» في البرلمان إنها منحت صوتها لمرشح «ينصف المكون التركماني ويسعى لنيل حقوقه المشروعة أسوة بباقي المكونات».

وقال عزام الحمداني، المتحدث باسم «تحالف عزم» السُني بقيادة النائب مثنى السامرائي، لوسائل إعلام محلية، إن «القوى السياسية خاضت اجتماعات واتصالات مكثفة قبل عقد الجلسة، وهذا أمر طبيعي، فكل جهة تريد كسب الأصوات لمرشحيها لهذا المنصب... بعد أن اقتصرت المنافسة على العيساوي والمشهداني».

وتأجلت عدة مرات جلسات لاختيار رئيس جديد للبرلمان منذ نوفمبر (تشرين الثاني).

نواب عراقيون خلال فرز أصوات انتخاب رئيس جديد للبرلمان (إعلام المجلس)

وأعلن حزب «تقدم»، الذي يتزعمه الحلبوسي، الأسبوع الماضي، تأييده ترشيح المشهداني لمنصب رئيس البرلمان.

وعشية انعقاد جلسة اختيار رئيس البرلمان، قال المرشح سالم العيساوي: «ينبغي على أي رئيس للسلطة النيابية... الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً، وعدم السماح أو القبول أو التساهل مع أي مشاريع تهدد كيان البلاد»، في إشارة إلى رفضه مشروع الإقليم السُني الذي يواجه الحلبوسي اتهامات بدعمه.

من جانبه، قال محمود المشهداني إنه «حريص على مصلحة الشعب العراقي، وتعهد «بالعمل على تفعيل وتنشيط الدور الرقابي لمجلس النواب وتسريع عجلة تشريع القوانين».

وفي جلسة صاخبة استمرت أكثر من 10 ساعات في يناير (كانون الثاني) لاختيار رئيس للبرلمان، حصل مرشح «تقدم» في ذلك الوقت شعلان الكريم على 152 صوتاً مقابل 97 صوتاً للعيساوي، و48 صوتاً للمشهداني، و6 أصوات للنائب المستقل عامر عبد الجبار، وصوت واحد لطلال الزوبعي.

ووفقاً للدستور، يحتاج الفوز بالمنصب إلى نسبة 50 بالمائة زائد واحد، وتأجلت الجلسة لعدم حصول أي من المرشحين على العدد الكافي من الأصوات للفوز من الجولة الأولى.

ما أهمية منصب رئيس البرلمان؟

بموجب عرف سياسي اتبع بعد أول انتخابات تشريعية وفق دستور دائم في العراق عام 2006، يسند منصب رئاسة البرلمان العراقي إلى السُنة، بينما يتولى الكرد منصب رئيس الجمهورية، والشيعة رئاسة الوزراء.

وعلى مدار عقدين، تنظر الأحزاب السنية إلى هذا المنصب على أنه مرجعيتهم السياسية، وموقع رمزي يضمن حضورهم في العملية السياسية منذ سقوط نظام صدام حسين.

ومن المفترض أن يكون رئيس البرلمان مسؤولاً عن مسار تشريع القوانين في البلاد، لكن اقتراحها والتصويت عليها دائماً يخضعان لنفوذ القوى الشيعية التي تمتلك أغلبية في مجلس النواب.

ومع مجيء محمد الحلبوسي إلى المنصب، في سبتمبر (أيلول) 2018، بات ينظر إلى رئيس البرلمان كزعامة موازية للزعامات الشيعية في البلاد، وذلك بعدما طرح الحلبوسي نفسه لاعباً قوياً في الساحة المحلية.

وانتخب الحلبوسي نائباً في البرلمان خلال الدورة البرلمانية 2014 إلى 2018، وشغل عضوية لجنة حقوق الإنسان في 2014-2015 واللجنة المالية في 2015-2016 ثم رئيس اللجنة المالية في 2016 -2017.

نواب يدلون بأصواتهم في جلسة انتخاب رئيس البرلمان 18 يوليو 2024 (إعلام المجلس)

وبينما كان الحلبوسي (أصغر رئيس برلمان في تاريخ البلاد) يُوصف بالسياسي المناور والمفاوض البراغماتي، اكتسب منصب رئيس البرلمان في حالته بعداً سياسياً أكثر أهمية، قبل أن يتعرض الرجل إلى قرار قضائي أخرجه من قبة البرلمان.

وقضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بإنهاء عضوية الحلبوسي بعد النظر في دعوى قضائية اتهمته بتزوير تأريخ استقالة النائب ليث الدليمي.

ورفض الحلبوسي القرار، وقال إنه لا يحق للمحكمة النظر بصحة عضوية نائب إلا بعد قرار من مجلس النواب.

وحينها، قال مقربون من الحلبوسي إن «الإطار التنسيقي» لا يرغب في صعود بزعامة سنية منافسة، فيما كان المراقبون يميلون إلى الاعتقاد بأن إيران تشاطرهم هذا المسار في العراق.