أعلنت السلطات الإيرانية توقيف أكثر من مائة شخص في إطار التحقيق بشأن سلسلة هجمات بمواد أدت إلى حالات تسميم طالت آلاف التلميذات وأثارت غضباً عارماً في البلاد.
وقالت وزارة الداخلية، في بيان نشرته وكالة «إرنا» الرسمية للأنباء: «جرى تحديد أكثر من 100 شخص كانوا متورطين في الحوادث المدرسية الأخيرة؛ حيث جرى اعتقالهم وفتح التحقيق معهم».
ولم تذكر الوزارة تفاصيل عن الأشخاص الذين اعتقلوا في محافظات عدة؛ بينها طهران وقم (شمال)، وأذربيجان الشرقية والغربية (شمالي غرب)، ومحافظتا كردستان وهمدان (غرب). لكنها لفتت إلى أن «من بين الموقوفين» أشخاصاً «قاموا بذلك بدوافع عدائية وبهدف بث الرعب والهلع في نفوس المواطنين والطلاب وإغلاق المدارس وخلق الشكوك تجاه الدولة»، ذاكرة احتمال «ارتباطهم بتنظيمات إرهابية»، متهمة منظمة «مجاهدي خلق» المعارضة.
وقال البيان أيضاً: «لحسن الحظ؛ منذ منتصف الأسبوع الماضي وحتى اليوم (الأحد)، انخفض عدد الحوادث في المدارس بشكل ملحوظ، ولم ترد تقارير عن حالات تسمم في أوساط الطلاب».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم منظمة «مجاهدي خلق»، شاهين قبادي، المقيم في باريس، إن الاتهامات «عرض سخيف للتغطية على دور المؤسسات التي يقودها خامنئي في هذه الجريمة الكبرى»، داعياً طهران إلى قبول اللجوء لتحقيق دولي. وأضاف، في بيان، أن «جريمة تسميم آلاف التلميذات (...) ليست إلا عمل نظام الملالي وأجهزته الأمنية والقمعية».
وهذا البيان الثاني الذي تصدره السلطات في غضون أسبوع. وكانت قد أعلنت الثلاثاء الماضي عن اعتقالات في 5 محافظات. واتهم نائب وزير الداخلية مجيد ميرأحمدي «مسببي حالات تسمم الفتيات» بالرغبة في «إغلاق المدارس» و«إلقاء اللوم على النظام» من أجل «إحياء أعمال الشغب الخامدة». وقال إن السلطات اعتقلت البعض الذين لديهم دوافع معادية للنظام. وأشار إلى تقديم النصح لمن ليست لديهم تلك الدوافع.
وتأتي الاتهامات للجماعة المعارضة بعدما أعرب مسؤولون في الحكومة ونواب في البرلمان عن اعتقادهم بأنه يجري تسميم الفتيات عن عمد، ربما من جانب جماعات تعارض تعليم الفتيات.
ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ يوماً بعد آخر، تتكرر الظاهرة: تلميذات في مدارس الفتيات يتنشقن روائح «كريهة» أو «غير معروفة» ثم تظهر عليهن أعراض مثل الغثيان وضيق التنفس والدوار.
والسبت الماضي، أصدرت «لجنة حقوق الإنسان» التابعة للجهاز القضائي الإيراني تقريراً حول حملات التسميم، قالت فيه إن «أقل من 10 في المائة من الطالبات أصبن بمادة مهيجة من نوع الغازات الحربية الخطيرة وغير القاتلة».
وأشار الأطباء إلى أن نوعاً من الغاز السام يمكن أن يكون مصدر الهجمات.
وأفاد محمد حسن أصفري، عضو لجنة التحقيق البرلمانية المكلفة التحقيق في حالات التسميم، إنه في المجموع «تضرر أكثر من 5 آلاف تلميذة» في «نحو 230 مدرسة» في 25 من أصل 31 محافظة بالبلاد منذ نهاية نوفمبر الماضي.
في مواجهة ازدياد الحالات، احتشد أهالي التلميذات وسكان للتعبير عن قلقهم ولدعوة السلطات إلى التحرك.
في 6 مارس (آذار) الحالي، طالب المرشد علي خامنئي بإنزال «عقوبات شديدة» بحق الأشخاص الذين سيثبت تورطهم في سلسلة حوادث التسميم بالغاز. ووصف الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، حوادث التسميم الأخيرة بأنها «مؤامرة جديدة من جانب العدو، وجريمة ضد الإنسانية».
وجاءت حالات التسميم في وقت حرج لحكام إيران، بعد حملة أمنية قمعت في الأغلب حركة احتجاجية استمرت 3 أشهر على مستوى البلاد أشعلتها وفاة مهسا أميني؛ الشابة التي توفيت يوم 16 سبتمبر (أيلول) الماضي في أثناء احتجازها لدى «شرطة الأخلاق» بدعوى «سوء الحجاب».
ودعت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى إجراء «تحقيق مستقل ذي مصداقية». وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيار: «إذا كانت عمليات التسميم هذه على صلة بالمشاركة في الاحتجاجات؛ فعندها يكون التحقيق فيها من ضمن صلاحيات بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في إيران».
وقبل ذلك، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان؛ إلى «تحقيق شفاف» تنشر نتائجه. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إن «المعلومات التي تفيد بتسميم تلميذات في إيران صادمة».
توقيف 100 شخص في إيران على خلفية «هجمات تسميم المدارس»
توقيف 100 شخص في إيران على خلفية «هجمات تسميم المدارس»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة