تفاؤل بريطاني بتقدم مفاوضات التجارة الحرة مع دول الخليج

وينتل لـ «الشرق الأوسط»: الاتفاق سيعزز ناتجنا المحلي بـ1.6 مليار استرليني

توم وينتل كبير مفاوضي الجانب البريطاني برفقة رئيس الفريق التفاوضي السعودي فريد بن سعيد العسلي (الشرق الأوسط)
توم وينتل كبير مفاوضي الجانب البريطاني برفقة رئيس الفريق التفاوضي السعودي فريد بن سعيد العسلي (الشرق الأوسط)
TT

تفاؤل بريطاني بتقدم مفاوضات التجارة الحرة مع دول الخليج

توم وينتل كبير مفاوضي الجانب البريطاني برفقة رئيس الفريق التفاوضي السعودي فريد بن سعيد العسلي (الشرق الأوسط)
توم وينتل كبير مفاوضي الجانب البريطاني برفقة رئيس الفريق التفاوضي السعودي فريد بن سعيد العسلي (الشرق الأوسط)

كشف كبير المفاوضين البريطاني توم وينتل عن إحراز المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون «تقدما كبيرا» في المفاوضات لتوقيع اتفاق تجارة حرة، عشية انطلاق جولتها الثالثة في الرياض.
وغداة وصول أكثر من مائة مفاوض بريطاني إلى العاصمة السعودية الرياض، قال وينتل في حوار مع «الشرق الأوسط» إن هناك إرادة سياسية قوية لدى الجانبين لإبرام اتفاقية تجارة حرة طموحة وشاملة وحديثة. وتوقع أن تساهم الاتفاقية في زيادة التجارة بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي بنسبة لا تقل عن 16 في المائة، وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بنحو 1.6 مليار جنيه إسترليني.

جولة ثالثة
قال وينتل، الذي يقود الوفد البريطاني في الجولة الثالثة من المفاوضات التجارية، إنه وفريقه «متحمسون» لوجودهم في الرياض، مؤكدا أن المفاوضات أحرزت «تقدما جيدا حتى الآن»، وأن هناك إرادة للحفاظ على «استمرار هذا الزخم»، وأكد «لدينا هذا الأسبوع فرصة للعمل مع الزملاء في مجلس التعاون الخليجي للبناء على عملنا، ومعالجة بعض الأجزاء الأكثر تحديا من الاتفاق».
واعتبر وينتل اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي «لحظة مهمة في العلاقات»، مشددا على أنها تُشكل فرصة اقتصادية كبيرة لجميع الأطراف.
ويُشارك أكثر من 100 مفاوض بريطاني من مختلف الإدارات الحكومية في جولة المفاوضات الراهنة، وفق وينتل الذي أوضح أن الجولة الثالثة تتم بطريقة «هجينة»، إذ يُسافر عدد من المفاوضين البريطانيين إلى الرياض، بينما يشارك آخرون بصورة افتراضية. كما توقع وصول أعداد مماثلة من مفاوضي دول مجلس التعاون الخليجي.

تفاؤل بريطاني
بدا كبير المفاوضين البريطاني متفائلا حيال تقدم المفاوضات، وقال إن «هناك إرادة سياسية قوية لدى الجانبين. فقد التزمت المملكة المتحدة وكذلك مجلس التعاون الخليجي بالتفاوض على اتفاقية تجارة حرة طموحة وشاملة وحديثة، تتناسب مع القرن الحادي والعشرين»، وتابع «لقد أحرزنا تقدما كبيرا في هذه المرحلة المبكرة من المفاوضات، وناقشنا كل مجال من مجالات السياسة العامة في المفاوضات حتى الآن».
وعن موعد إبرام الاتفاقية، اكتفى وينتل بالتشديد على أن «التفاوض على اتفاق طموح أكثر أهمية من الوفاء بأي موعد نهائي بعينه»، مضيفا أن هدفه يتمثل في «تأمين اتفاق يوفر أقصى فائدة ممكنة للأعمال من كلا الجانبين».

مكاسب مليارية
توقع وينتل أن تؤدي اتفاقية التجارة الحرة إلى زيادة التجارة بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي بنسبة 16 في المائة على الأقل، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة بنحو 1.6 مليار جنيه إسترليني على الأمد البعيد.
وقال إن «اتفاقية التجارة الحرة فائقة الطموح، التي تسعى المملكة المتحدة إلى تأمينها، من الممكن أن تحقق مكاسب أعظم؛ لذا فكلما كنا أكثر طموحا في المفاوضات كانت المكاسب أفضل للجميع. إنه سيناريو رابح لكل الأطراف». واعتبر وينتل أن الاتفاقية ستكون مُفيدة لاقتصادات جميع الأطراف، «فاقتصاداتنا تتكامل فيما بينها، وهناك منافسة مباشرة محدودة بين شركاتنا». وأضاف أنه من شأن أي اتفاق تجاري تعزيز سلاسل الإمداد، بما يُساعد في تنمية الصناعات المحلية التي يتخصص كل جانب فيها.
وعن نطاق المفاوضات، قال وينتل: «ناقشنا جميع المجالات التي تشملها بعض أكثر اتفاقيات التجارة الحرة طموحا وحداثة التي جرى الاتفاق عليها في مختلف أنحاء العالم خلال السنوات الأخيرة».
وتابع أن ذلك يشمل تجاوز الترتيبات المعتمدة اليوم لإزالة الحواجز، فضلا عن تحسين بيئة الأعمال، وتيسير الاستثمار في اقتصادات بعضنا بعضا، كما شملت المباحثات تعزيز التعاون في مجالات التجارة الحديثة؛ مثل الابتكار، والمجال الرقمي، والبيئة.
وقال وينتل: «نحن حريصون على إبرام اتفاق من شأنه تحقيق أكبر قدر ممكن من الفوائد للأعمال في المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي. ويمكن لاتفاقية التجارة الحرة أن تدعم خطط رؤية دول مجلس التعاون الخليجي، وتُعزز قدرة القطاع الخاص على دفع النمو الاقتصادي. لدينا اقتصادات متكاملة بالفعل، وهناك فرص مشوقة في جميع القطاعات».

مفاوضات شاملة
فضلت أطراف التفاوض خوض مفاوضات شاملة بين دول مجلس التعاون الخليجي وبريطانيا، بخلاف مفاوضات ثنائية، لتحقيق «أكبر قدر من المكاسب». ويقول وينتل إن «مجلس التعاون الخليجي يعادل سابع أكبر سوق للتصدير في المملكة المتحدة. ومن شأن اتفاقية تجارة حرة شاملة مع الكتلة الخليجية بالكامل أن تعود بأعظم الفوائد الاقتصادية والاستراتيجية على الجانبين».
وتابع أن «أولويتنا تتمثل في التوصل إلى اتفاق طموح مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي»، لافتا إلى أنه «في إطار هذا الاتفاق، هناك فرصة لضمان التزامات إضافية يمكن لبعض الأعضاء أن يبنوا عليها»، مضيفا أن المملكة المتحدة ستستفيد بشكل كامل من هذه الفرص لضمان تعظيم الفوائد مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بشكل ثنائي.

فرص وتحديات
عند سؤاله عما إذا كان «بريكست» يعزز موقف بريطانيا التفاوضي، جاء رد وينتل إيجابيا دون تردد، فقال: «بسطت المملكة المتحدة السيطرة على سياستها التجارية عندما غادرت الاتحاد الأوروبي. نحن خامس أكبر اقتصاد في العالم، وثاني أكبر مُصدر للخدمات. وأصبحنا اليوم مستقلين ويمكننا التفاوض على اتفاقيات تجارة حرة حديثة وشاملة وطموحة مع شركاء، مثل دول مجلس التعاون الخليجي».
وذكر وينتل أن المملكة المتحدة وقعت، منذ «بريكست»، اتفاقيات تجارية مع 71 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يعادل حجمه التجاري 814 مليار جنيه إسترليني، مشيرا إلى أن بلاده تتفاوض اليوم على اتفاقيات تجارية مع دول مجلس التعاون الخليجي، والهند، وكندا، والمكسيك، وإسرائيل.
أما عن التحديات الاقتصادية التي تواجهها بريطانيا منذ انحسار جائحة «كورونا»، واحتمال انعكاسها في المفاوضات التجارية، فلم يبدُ وينتل قلقا. وقال: «كانت المملكة المتحدة صاحبة أسرع نمو اقتصادي في بلدان مجموعة الدول السبع في العام الماضي، مع بلوغ الاستثمار الرأسمالي مستويات قياسية بنحو 600 مليار جنيه إسترليني على مدى السنوات الخمس المقبلة»، وتابع «نحن سادس أكبر مستثمر في دول مجلس التعاون الخليجي، باستثمار إجمالي يبلغ 31 مليار جنيه إسترليني خلال السنوات العشرين الماضية. وارتفعت علاقاتنا التجارية الثنائية بنسبة 76 في المائة وفقا لأحدث البيانات السنوية من 23.6 مليار إلى 54.5 مليار جنيه إسترليني. بيد أن القوة الحقيقية لعلاقتنا تُقاس على مدى عقود وقرون، فعلاقتنا شراكة طويلة الأمد، وليست شراكة قائمة على الدورات الاقتصادية».


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

«المركزي النرويجي» يُبقي الفائدة ثابتة ويتوقع خفضها في 2026

مبنى البنك المركزي النرويجي في أوسلو (رويترز)
مبنى البنك المركزي النرويجي في أوسلو (رويترز)
TT

«المركزي النرويجي» يُبقي الفائدة ثابتة ويتوقع خفضها في 2026

مبنى البنك المركزي النرويجي في أوسلو (رويترز)
مبنى البنك المركزي النرويجي في أوسلو (رويترز)

أبقى البنك المركزي النرويجي يوم الخميس سعر الفائدة الرئيسي عند 4 في المائة، وهو ما جاء متوافقاً مع توقعات غالبية المشاركين في استطلاع أجرته «رويترز»، وأكد مجدداً أن المزيد من التيسير النقدي محتمل خلال عام 2026.

وارتفعت قيمة الكرونة النرويجية إلى 11.96 مقابل اليورو بحلول الساعة 09:09 بتوقيت غرينتش، بعد أن كانت عند 12.01 قبيل الإعلان.

وقال البنك المركزي في بيان: «التوقعات غير مؤكدة، ولكن إذا استمر الاقتصاد في التطور وفق السيناريو المتوقع حالياً، فمن المرجح أن يتم خفض سعر الفائدة الرئيسي بشكل إضافي خلال العام المقبل».

وتوقع جميع الاقتصاديين - باستثناء واحد من بين 28 مشاركاً في استطلاع الرأي الذي أُجري في الفترة من 10 إلى 15 ديسمبر (كانون الأول) - أن يبقي البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير يوم الخميس، بينما توقعت الغالبية خفض البنك للفائدة مرتين خلال 2026.

غير أن البنك المركزي لا يزال يتوقع خفضاً واحداً فقط بمقدار 25 نقطة أساس خلال العام المقبل، وفقاً لمنحنى أسعار الفائدة الآجلة الصادر يوم الخميس.

وقالت المحافظة إيدا وولدن باش في بيان: «لسنا في عجلة من أمرنا لتخفيض سعر الفائدة، ولم يطرأ أي تغيير يُذكر على توقعات أسعار الفائدة منذ تقرير سبتمبر (أيلول)».

وبدأ بنك النرويج دورة تيسيرية في يونيو (حزيران)، وخفض سعر الفائدة الرئيسي مرة أخرى في سبتمبر، لكنه أبقى أسعار الفائدة ثابتة منذ ذلك الحين.

كما أظهرت بيانات هيئة الإحصاء النرويجية أن التضخم الأساسي انخفض في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 3 في المائة على أساس سنوي، بانخفاض عن 3.4 في المائة في أكتوبر (كانون الأول)، وهو ما جاء أكثر من المتوقع، ولكنه لا يزال أعلى من الهدف الرسمي للبنك المركزي البالغ 2 في المائة.

وأظهر مسح أجراه البنك المركزي لقطاع الأعمال انخفاضاً في معدلات استغلال الطاقة الإنتاجية لدى الشركات النرويجية مؤخراً، ويتوقع المسؤولون تباطؤ النمو في أوائل 2026 مقارنة بالمستويات المرتفعة الحالية.


«المركزي السويدي» يثبت الفائدة عند 1.75 % ويتبنى نهج التريث

مبنى البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)
مبنى البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)
TT

«المركزي السويدي» يثبت الفائدة عند 1.75 % ويتبنى نهج التريث

مبنى البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)
مبنى البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)

أبقى البنك المركزي السويدي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 1.75 في المائة، يوم الخميس، مؤكداً توقعه استمراره عند هذا المستوى لبعض الوقت.

وبدأ الاقتصاد السويدي يظهر علامات تعافٍ بعد 3 سنوات من النمو المتقطع، ومن المتوقع أن تزداد وتيرته في العام المقبل، رغم احتمال مواجهة بعض التحديات، وفق «رويترز».

في الوقت ذاته، يُتوقع أن يتباطأ معدل التضخم بعد عام تجاوز فيه الهدف المحدد من قبل البنك المركزي عند 2 في المائة. فقد تراجعت ضغوط الأسعار العالمية، وتعززت قيمة الكرونة السويدية، كما من المتوقع أن تتلاشى التأثيرات الفنية التي أسهمت في إبقاء الأسعار مرتفعة خلال عام 2025.

وأشار البنك المركزي، في بيان رسمي، إلى أن مجلس إدارته قرر الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير عند 1.75 في المائة، مع توقع استمرار هذا المستوى لفترة مقبلة.

ومع ذلك، يظل الغموض قائماً بشأن المستقبل. وأوضح البنك أن التوترات التجارية العالمية، والحرب في أوكرانيا، والتقييمات المرتفعة لأسهم شركات التكنولوجيا، إضافة إلى تطورات الاستهلاك المحلي للأسر خلال العام المقبل، تمثل عوامل خطر محتملة.

وأضاف البنك المركزي: «نراقب التطورات من كثب، ونحن مستعدون لتعديل السياسة النقدية إذا تغيرت التوقعات».

وكان محللو استطلاع أجرته «رويترز» قد أجمعوا على توقع عدم تغيير سعر الفائدة، مع احتمالية رفعه في أوائل عام 2027.

ومن المقرر أن يصدر البنك المركزي قراره التالي بشأن السياسة النقدية في 29 يناير (كانون الثاني).


«إنفيديا» تخطط لبناء حرم جديد بمليارات الدولارات في شمال إسرائيل

العلامة التجارية لشركة «إنفيديا» (رويترز)
العلامة التجارية لشركة «إنفيديا» (رويترز)
TT

«إنفيديا» تخطط لبناء حرم جديد بمليارات الدولارات في شمال إسرائيل

العلامة التجارية لشركة «إنفيديا» (رويترز)
العلامة التجارية لشركة «إنفيديا» (رويترز)

أعلنت شركة «إنفيديا» الأميركية العملاقة للتكنولوجيا، اليوم (الخميس)، رسمياً خططاً لبناء حرم جديد كبير في شمال إسرائيل، كاشفةً تفاصيل مشروع يُتوقع أن يُحدث تأثيراً واسعاً على فرص العمل والإسكان والتنمية في مختلف أنحاء المنطقة.

ووفق موقع «واي نت» الإسرائيلي، تُقدَّر الاستثمارات في هذا الحرم الضخم، المقرّر إقامته في كريات طيفون، بمليارات عدة من الشواقل على مدى عدد من السنوات. ومن المتوقع أن تبدأ أعمال البناء في عام 2027، على أن يتم الإشغال الأولي للموقع في عام 2031.

وتعتزم «إنفيديا»، الشركة الأعلى قيمة سوقية في العالم بنحو 4.3 تريليون دولار، تطوير الموقع على مساحة نحو 22 فداناً، مع نحو 160 ألف متر مربع من المساحات المبنية. وسيتولى فريق «إنفيديا» المعماري الدولي تصميم المشروع، مستلهماً في ذلك المقرّ الرئيسي اللافت للشركة في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا.

وسيشمل الحرم مساحات خضراء، ومركزاً للزوار، ومقاهي ومطاعم، إضافة إلى مختبرات ومساحات عمل تعاونية، تهدف إلى تعزيز الابتكار داخل «إنفيديا»، وكذلك مع الشركات الناشئة وشركاء آخرين.

وتُعدّ إسرائيل بالفعل أكبر وأهم مركز تطوير لشركة «إنفيديا» خارج الولايات المتحدة، كما تُصنَّف الشركة من بين أكبر أرباب العمل في قطاع التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل. ومن المتوقع أن يستوعب الحرم المزمع إنشاؤه - وهو الثاني من حيث الحجم بعد المقرّ الرئيسي للشركة في وادي السيليكون - أكثر من 10 آلاف موظف، أي نحو ضعف عدد العاملين الحاليين لـ«إنفيديا» في إسرائيل، ونحو ثلث قوتها العاملة العالمية المنتشرة في 38 دولة.

وجرى اختيار الموقع الواقع عند الطرف الغربي لمدينة كريات طيفون عقب عملية تنافسية شاركت فيها عشرات السلطات المحلية في شمال البلاد، من بينها يوكنعام، وحيفا، ومجدال هعيمك، والعفولة، وحريش، وحتى نتانيا، سعياً لاستضافة المشروع.

وستخصّص الأراضي لشركة «إنفيديا» بخصم يبلغ 51 في المائة، في حين تُقدَّر قيمتها بعشرات ملايين الشواقل. وقد مُنحت بالفعل الموافقات المطلوبة بموجب القانون الإسرائيلي لبيع الأرض لشركة أجنبية من وزارتي الدفاع والخارجية. ومن المتوقع أن تدفع «إنفيديا» في المرحلة الأولى نحو 90 مليون شيقل مقابل جزء من الأرض، من دون احتساب ضريبة القيمة المضافة وتكاليف التطوير.

وبرزت «إنفيديا» عالمياً بوصفها رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وإحدى الشركات القيادية في الحوسبة الفائقة، ويعود ذلك إلى حدّ كبير إلى اعتمادها على وحدات معالجة الرسوميات (GPU) التي تنتجها، والتي تُعدّ ملائمة بشكل خاص لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي بفضل قدراتها على المعالجة المتوازية.

تطوّرت عمليات «إنفيديا» في إسرائيل انطلاقاً من استحواذها عام 2019 على شركة «ميلانوكس تكنولوجيز»، وأسهمت أساساً في تطوير تقنيات تتيح سرعات ربط استثنائية بين المعالجات في مزارع الخوادم. ومنذ الاستحواذ على «ميلانوكس»، اشترت «إنفيديا» 3 شركات ناشئة إسرائيلية إضافية. وتتوزّع مكاتب الشركة اليوم في تل حاي، ويوكنعام، ورعنانا، وتل أبيب، وبئر السبع.

ويضمّ مركز التطوير الإسرائيلي للشركة مجموعة أبحاث في الذكاء الاصطناعي يقودها البروفسور غال تشيشيك، تعمل على موضوعات متقدمة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتعلّم الآلي، ومعالجة اللغة الطبيعية. وتركّز فرق أخرى على الروبوتات وأنظمة المركبات ذاتية القيادة، وبرمجيات القيادة الذاتية، والأمن السيبراني، وتحسين أداء الألعاب. وفي يوكنعام، تشغّل «إنفيديا» أيضاً أول حاسوب فائق لها في إسرائيل، المعروف باسم «Israel-1».

وإلى جانب الحرم المزمع إنشاؤه، أفادت صحيفة «كالكاليست»، الشقيقة لموقع «واي نت»، أمس، بأن «إنفيديا» ستباشر قريباً بناء أحد أكبر مراكز البيانات في إسرائيل والشرق الأوسط، على مساحة نحو 30 ألف متر مربع في المنطقة الصناعية «ميفو كرمل» قرب يوكنعام. وسيضمّ المرفق حاسوباً فائقاً جديداً وأكثر تقدماً من «Israel-1»، ومن المتوقع استخدامه حصرياً لأغراض البحث والتطوير الخاصة بالشركة، بما في ذلك تطوير نماذج لغوية ضخمة ومشروعات متقدمة في الذكاء الاصطناعي.

ومن المرجّح أن يسهم تشييد كلٍّ من الحرم الجامعي ومركز البيانات في تحويل المنطقة إلى قطب تكنولوجي رئيسي، يجذب آلاف فرص العمل ومئات الشركات الجديدة، بعضها مباشرة ضمن وظائف «إنفيديا»، وأخرى بوصفها مزوّدي خدمات للمنشآت الجديدة.

«إنفيديا»... داعم قوي لإسرائيل

يُعرف الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة «إنفيديا»، جنسن هوانغ - وهو رائد أعمال وُلد في تايوان وهاجر إلى الولايات المتحدة في سن التاسعة - بأنه من أبرز الداعمين لإسرائيل، إذ يثني باستمرار على عمليات الشركة في إسرائيل ويواصل الاستثمار فيها.

وقال هوانغ: «تحتضن إسرائيل بعضاً من ألمع التقنيين في العالم، وقد أصبحت الوطن الثاني لشركة (إنفيديا). وسيشكّل حرمنا الجديد مكاناً تتعاون فيه فرقنا، وتبتكر وتبني مستقبل الذكاء الاصطناعي. ويعكس هذا الاستثمار التزامنا العميق والمستمر بعائلاتنا في إسرائيل وبمساهماتهم الفريدة في عصر الذكاء الاصطناعي».

الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» جنسن هوانغ (أ.ف.ب)

وفي الأسبوع الماضي، استضاف هوانغ، أفينتان أور، وهو موظف إسرائيلي في «إنفيديا» أُفرج عنه بعد 738 يوماً من الاحتجاز لدى حركة «حماس»، في المقرّ الرئيسي للشركة في وادي السيليكون. وزار أور المقرّ برفقة شريكته نوعا أرغاماني، حيث كان في استقباله مسؤولو «إنفيديا» في إسرائيل الذين كانوا يزورون الولايات المتحدة آنذاك.

وعقب عودة أور، وجّه هوانغ رسالةً مؤثرةً إلى موظفي «إنفيديا» حول العالم، أشاد فيها بشجاعة والدة أور، ديتسا أور، كما نوّه بالدعم الثابت الذي قدّمه موظفو «إنفيديا» في إسرائيل لعائلة أور طوال فترة الاحتجاز.

وقال عميت كريغ، نائب الرئيس الأول لهندسة البرمجيات في «إنفيديا» ورئيسة مركز التطوير الإسرائيلي للشركة، اليوم عقب الإعلان: «كان نموّ إنفيديا في إسرائيل لافتاً، مدفوعاً بالمواهب الاستثنائية والتميّز الهندسي لفرقنا. ونحن ممتنّون لجنسن وقيادة إنفيديا على الثقتة والدعم في هذه المرحلة الجديدة من النمو، كما نشكر وزارة المالية وسلطة أراضي إسرائيل على شراكتهما. ونتطلع إلى تحويل هذه الرؤية إلى واقع ومواصلة بناء مستقبل الذكاء الاصطناعي».

من جانبه، وصف إيدو غرينبلوم، رئيس المجلس المحلي في كريات طيفون، المشروع بأنه «مشروع تحويلي للمجلس وللمنطقة الشمالية بأكملها». وأضاف: «نحن واثقون من أن اختيار إنفيديا لهذه المنطقة سيُثبت أنه الخيار الصحيح، ونشكر الشركة على ثقتها».