«فرقة انتحارية بكتيرية» تستهدف الأورام

تجنيد البكتيريا لقتل الأورام  (مصدر علمي)
تجنيد البكتيريا لقتل الأورام (مصدر علمي)
TT

«فرقة انتحارية بكتيرية» تستهدف الأورام

تجنيد البكتيريا لقتل الأورام  (مصدر علمي)
تجنيد البكتيريا لقتل الأورام (مصدر علمي)

من خلال الجمع بين الاكتشافات في علم المناعة السرطاني والهندسة الوراثية المتطورة، أنشأ باحثو جامعة كولومبيا الأميركية، ما يشبه الـ«فرقة الانتحارية البكتيرية» لاستهداف الأورام، وجذب الخلايا المناعية إلى السرطان لتدميره.
ويمثل هذا البحث الجديد، الذي نُشر أمس (الخميس) في دورية «ساينس أدفانسيس»، خطوة كبيرة إلى الأمام في الجهود المبذولة لتجنيد البكتيريا غير المسبِّبة للأمراض لمكافحة السرطان.
وعرف العلماء منذ سنوات أن بعض أنواع البكتيريا يمكن أن تزدهر داخل الأورام، وتم التكهن بأن هذا يرجع إلى عدة عوامل منها انخفاض درجة الحموضة داخل الورم، وهذا يدعم نمو البكتيريا ويمنع إزالتها بواسطة الخلايا المناعية، فتم بناء استراتيجية لمكافحة الورم باستخدام هذه الحقائق.
وتعتمد هذه الاستراتيجية على استخدام سلالة بروبيوتيك من بكتيريا (إي كولاي)، مصمَّمة بدائرة تحلل متزامنة، وبمجرد أن تصل الخلايا البكتيرية إلى مستوى محدد داخل الورم يتم تحفيز الدائرة، مما يتسبب في تحلل معظم البكتيريا، أو تفككها، وإطلاق محتوياتها، والتي يكون من بينها نسخة محوَّرة من جين بشري يجذب الخلايا التائية «القاتلة» إلى الورم.
ولزيادة الفاعلية العلاجية، أضاف الباحثون سلالة بكتيرية ثانية تعبّر عن جين آخر، وهذه المرة لجذب الخلايا المتغصنة، حيث تأكل الخلايا التغصنية المنشطة الخلايا السرطانية، ثم تقدم مستضداتها إلى الخلايا التائية، والتي يمكنها بعد ذلك التعرف على الخلايا السرطانية بشكل أفضل والاستجابة لها بشكل أكثر موثوقية.
وفي نماذج الفئران السرطانية، وجد الباحثون أن البكتيريا المهندَسة التي يتم توصيلها عن طريق الوريد، حفّزت استجابات مناعية قوية ضد الأورام التي تم حقنها مباشرةً بالبكتيريا، وكذلك الأورام البعيدة التي لم يتم حقنها.
ويقول نيكولاس أربيا، أستاذ مساعد في علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة في كلية «فاجيلوس للأطباء والجراحين» بجامعة «كولومبيا»، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة: «ما نراه هو أن البكتيريا لن تستعمر إلا بيئة الورم، ولا تصل إلا إلى مستوى كافٍ من النِّصاب لتحفيز التحلل داخل الورم، لذلك لا يمكننا اكتشاف البكتيريا في الأعضاء السليمة الأخرى».
ويواصل العلماء العمل على هذا النظام لتحسينه، مع إرساء الأساس لإدخاله في التجارب السريرية، وقدم الباحثون طلباً للحصول على براءة اختراع حول هذا النهج.


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب
TT

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

عن دار «بيت الياسمين» للنشر بالقاهرة، صدرتْ المجموعة القصصية «شجرة الصفصاف» للكاتب محمد المليجي، التي تتناول عدداً من الموضوعات المتنوعة مثل علاقة الأب بأبنائه، وخصوصية الموروث الشعبي لدى المصريين، لكن المؤلف يتوقف بشكل خاص أمام العلاقة بين الشرق والغرب، ويقدم مقاربة جديدة لتلك العلاقة الملتبسة. ويعتمد المؤلف في تلك المقاربة على التقاط مواقف إنسانية بسيطة من الحياة اليومية لمصريين يعيشون بالولايات المتحدة وسط زحام الحياة اليومية، لكنها تنطوي على مواقف عميقة الدلالة من ناحية أثر الغربة روحياً على الأفراد، وكيف يمكن أن تكون الهجرة ذات أسباب قسرية. هكذا يجد القارئ نفسه يتابع وسط أحداث متلاحقة وإيقاع سريع مأساة تاجر الأقمشة الذي وقع أسيراً لأبنائه في الخارج، كما يجد نفسه فجأة في قلب مدينة كليفلاند بين عتاة المجرمين.

اتسمت قصص المجموعة بسلاسة السرد وبساطة اللغة وإتقان الحبكة المحكمة مع حس إنساني طاغٍ في تصوير الشخصيات، والكشف عن خفاياها النفسية، واحتياجاتها الروحانية العميقة، ليكتشف القارئ في النهاية أن حاجات البشر للحنو والتواصل هى نفسها مهما اختلفت الجغرافيا أو الثقافة.

ومن أجواء المجموعة القصصية نقرأ:

«كان الجو في شوارع مدينة لكنجستون بولاية كنتاكي ممطراً بارداً تهب فيه الرياح، قوية أحياناً ولعوباً أحياناً أخرى، فتعبث بفروع الأشجار الضخمة التي تعرت من أوراقها في فصل الخريف. هذه هي طبيعة الجو في هذه البلاد بنهاية الشتاء، تسمع رعد السحب الغاضبة في السماء وترى البرق يشق ظلمة الليل بلا هوادة، حيث ينسحب هذا الفصل متلكئاً ويعيش الناس تقلبات يومية شديدة يعلن عدم رضاه بالرحيل.

يستقبل الناس الربيع بحفاوة بالغة وهو يتسلل معلناً عن نفسه عبر أزهار اللوزيات وانبثاق الأوراق الخضراء الوليدة على فروع الأشجار الخشبية التي كانت بالأمس جافة جرداء، تحتفل بقدومه أفواج من الطيور المهاجرة وهي تقفز بين الأغصان وتملأ كل صباح بألحانها الشجية. وسط هذا المهرجان السنوي بينما كنت عائداً من عملي بالجامعة حيث تكون حركة السيارات بطيئة نسبياً شاهدت هناك على الرصيف المجاور رجلاً مسناً في عمر والدي له ملامح مصرية صميمة ويرتدي حلة من الصوف الأزرق المقلم ويلف رأسه بقبعة مصرية الهوية (كلبوش) وعلى وجهه نظارة سميكة. كان الرجل يسير بخطوات بطيئة وكأنه لا يريد الوصول، واضعاً يديه خلف ظهره مستغرقاً في التفكير العميق دون أن يهتم بمن حوله. من النادر أن ترى واحداً في هذه المدينة يسير على قدميه هكذا في طريق عام بهذه الطريقة وفي هذا الجو البارد. انحرفت بسيارتي إلى اليمين نحوه وعندما اقتربت منه أبطأت السير وناديته:

- السلام عليكم، تفضل معي يا حاج وسأوصلك إلى أي مكان ترغب.

اقترب الرجل مني أكثر ليدقق في ملامحي وانثنى قليلاً وهو ينظر إليّ وقال:

- أريد الذهاب إلى مصر، تقدر توصلني أم أن المشوار طويل؟».