أوروبا تسعى لمواجهة ارتفاعات الكهرباء بـ«عقود طويلة الأجل»

مزارع يعمل في حقل محاط بأبراج كهربائية في بريطانيا (رويترز)
مزارع يعمل في حقل محاط بأبراج كهربائية في بريطانيا (رويترز)
TT

أوروبا تسعى لمواجهة ارتفاعات الكهرباء بـ«عقود طويلة الأجل»

مزارع يعمل في حقل محاط بأبراج كهربائية في بريطانيا (رويترز)
مزارع يعمل في حقل محاط بأبراج كهربائية في بريطانيا (رويترز)

تسعى المفوضية الأوروبية إلى التوسع في عقود إمدادات الكهرباء طويلة الأجل في دول الاتحاد الأوروبي؛ لحماية الشركات والأسر من تذبذب الأسعار، بحسب مسودة خطة أولية، وفق وكالة الأنباء الألمانية.
يذكر أن أوروبا تحصل على احتياجاتها من الكهرباء بشكل أساسي من محطات الوقود الأحفوري مثل الديزل (السولار) والغاز الطبيعي والكهرباء، أو من الطاقة النووية أو محطات الطاقة المتجددة.
وبعد تقليص روسيا إمداداتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا عقب بدء غزوها لأوكرانيا في فبراير (شباط) من العام الماضي، ارتفعت أسعار الجملة للغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي بشدة، مما أدى إلى ارتفاعات صاروخية لأسعار الكهرباء وصدور دعوات لإصلاح سوق الكهرباء في الاتحاد.
ولمعالجة التذبذب في أسعار الكهرباء، ترغب المفوضية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، في تشجيع عقود الكهرباء طويلة المدى التي تضمن توريد الكهرباء للعملاء بأسعار مستقرة، وتشجع على ضخ المزيد من الاستثمارات في شركات توليد الكهرباء.
وبحسب مسودة خطة المفوضية، فإنه على دول الاتحاد الأوروبي ضمان حد أدنى لسعر الكهرباء من مشروعات التوليد الجديدة، في حين يجب أن تصل أي إيرادات تزيد عن مستوى معين إلى المستهلكين.
وأضافت أن هذه الحوافز ستطبق على كل مشروعات توليد الكهرباء من الوقود غير الأحفوري، بما في ذلك محطات الطاقة النووية.
في الوقت نفسه، تقول المفوضية إن أي عقود طويلة الأجل بين شركات التوليد والمستهلكين ستكون مضمونة من جانب الحكومات؛ حتى تكون ذات جدوى اقتصادية.
كما تتضمن المسودة إجراءات لإدارة تفاوت الطلب، حيث تؤدي ذروة الطلب في السوق قصيرة الأجل إلى ارتفاع الأسعار.
ومن المقرر أن تقدم المفوضية المسودة للحكومات الأعضاء والبرلمان الأوروبي الأسبوع المقبل. وبعد ذلك ستجري مفاوضات بين البرلمان والعواصم الأوروبية من أجل الوصول إلى الصياغة النهائية حتى يمكن دخولها حيز التطبيق.
كانت شبكة خطوط نقل الكهرباء في بريطانيا، قد أعلنت تحذيراً نادراً من نقص الإمدادات أول من أمس الثلاثاء، ودعت محطات التوليد التي تعمل بالفحم للاستعداد للعمل، في ظل تضرر الإمدادات من موجة الثلوج التي تضرب البلاد.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن بيان صادر عن شركة «ناشيونال جريد» المشغلة لشبكة الكهرباء البريطانية، القول إن الإمدادات أقل من المستوى المطلوب بنحو 700 ميغاواط، مشيرة إلى أنها مستعدة لاستقبال 370 ميغاواط إضافية من محطات الفحم إذا لزم الأمر.
وقال آدم بيل، رئيس صنع السياسات في مؤسسة «ستون هيفن» للاستشارات: «رغم أن استخدام الفحم ليس إيجابياً إطلاقاً فإنه أفضل من انقطاع الكهرباء. والآن، في وسط أزمة طاقة، من الحكمة أن نقوم بذلك».
إلى ذلك، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا لأعلى مستوياتها خلال أسبوعين، خلال تعاملات أمس، حيث أوقفت الإضرابات واردات الغاز الطبيعي المسال في فرنسا، وضربت موجة من الطقس البارد الجزء الشمالي من القارة الأوروبية.
وارتفعت العقود الآجلة المعيارية بنسبة تصل إلى 4.3 في المائة، حيث أخذ المتداولون في الاعتبار تأثير نقص الإمدادات في سوق تواجه بالفعل نقصاً في تدفقات الغاز من روسيا.
وارتفعت العقود الآجلة الهولندية للغاز الطبيعي، المعيار القياسي الأوروبي للغاز، بنسبة 2.3 في المائة لتصل إلى 44.37 يورو للميغاواط في الساعة، بحلول الساعة 9:35 صباح الأربعاء، في أمستردام. كما ارتفعت العقود الآجلة البريطانية للغاز الطبيعي بنسبة 2.9 في المائة.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.