الغرب يتوعد طهران بالمحاسبة ما لم توضح منشأ يورانيوم 84 %

الثلاثي الأوروبي محذراً من مخزون اليورانيوم الإيراني: لا يمكن استبعاد احتمال تصنيع جهاز متفجر نووي

صورة نشرتها وكالة «الطاقة الدولية» من انطلاق اجتماعها الفصلي في فيينا الاثنين الماضي
صورة نشرتها وكالة «الطاقة الدولية» من انطلاق اجتماعها الفصلي في فيينا الاثنين الماضي
TT

الغرب يتوعد طهران بالمحاسبة ما لم توضح منشأ يورانيوم 84 %

صورة نشرتها وكالة «الطاقة الدولية» من انطلاق اجتماعها الفصلي في فيينا الاثنين الماضي
صورة نشرتها وكالة «الطاقة الدولية» من انطلاق اجتماعها الفصلي في فيينا الاثنين الماضي

حذَّرت الدول الأوروبية إيران من أن عدم توضيحها «بشكل عاجل وفوري» مسألة العثور على آثار يورانيوم مخصب بنسبة 84 في المائة سيعرضها «للمحاسبة». وأضافت الدول الثلاث وهي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في بيان مشترك، أنها «لم تقتنع» بشرح إيران سبب العثور على هذه الآثار وتفسيرها بأنه كان «حادثاً عرَضياً». ودعت الدول أمين عام الوكالة رافائيل غروسي إلى إبقائها مطلعة «بأسرع وقت ممكن» على نتائج تعاون إيران، وقبل الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين في يونيو (حزيران). وفي هذا إشارة إلى إمكانية دعوة الدول الغربية لاجتماع طارئ لمجلس المحافظين لبحث إيران قبل الاجتماع الدوري بعد 3 أشهر.
وطغت مسألة العثور على آثار اليورانيوم بهذه النسبة المرتفعة على نقاشات مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ووصفت الدول الأوروبية الثلاث العثور على آثار يورانيوم بنسبة 84 في المائة، بأنها «خطوة تصعيدية جديدة تطرح أسئلة حول نوايا برنامج إيران النووي الذي يشكل تهديداً واضحاً للمنطقة والأمن العالمي»، مضيفة بأنه «لا يوجد تبرير مدني مقبول للتخصيب بهذه المستويات العالية».
وأشار البيان، الذي يعد من أشد البيانات لهجة التي تصدر عن الدول الثلاث حول إيران، إلى خطوات أخرى اتخذتها إيران تدل على عدم شفافيتها في برنامجها النووي، وتتعلق بتعديل إيران لأجهزة الطرد المركزي من الجيل السادس في منشأة فوردو، إضافة إلى استمرار رفضها إعطاء أجوبة حول المواقع السرية الثلاثة وتخفيض عمليات مراقبة المفتشين وإبقاء كاميرات المراقبة مغلقة. واستنتجت الدول الأوروبية بأن هذه الخطوات «تقرب إيران بشكل خطير من الأنشطة الفعلية المتعلقة بالسلاح النووي وتقوض مزاعم إيران بأن برنامجها سلمي». وقال البيان إن مخزون إيران من اليورانيوم المخصَّب بنسبة 60 في المائة «ضعف كمية المواد النووية التي لا يمكن استبعاد احتمال تصنيع جهاز متفجر نووي منها».
وألقت السفيرة الأميركية للوكالة الذرية لورا هولغايت كملة أمام مجلس المحافظين شكلت صدى لبيان الدول الأوروبية الثلاث. ودعت هولغايت إيران لتوضيح مسألة العثور على آثار يورانيوم بنسبة 84 في المائة، «بشكل عاجل»، ووصفت الخطوة «عن قصد أو غير قصد» بأنها تستمر «بزيادة التوتر إلى درجات غير مسبوقة».
وقالت هولغايت إن «استمرار إيران في إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة ليس له أغراض سلمية موثوقة. لا توجد دولة أخرى في العالم اليوم تستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة للغرض الذي تزعمه إيران»، وفي إشارة إلى أنشطة إيران في منشأة فوردو، أضافت: «يجب على إيران أن تكف عن استفزازاتها النووية ومتابعتها المستمرة للخطوات التي تشكل مخاطر انتشار خطيرة».
ورغم «القلق البالغ»، الذي عبر عنه مندوبو الدول الغربية داخل مجلس المحافظين من العثور على آثار يورانيوم عالية التخصيب بدرجات غير مسبوقة، فإنها رحبت في المقابل بالاتفاق بين غروسي وطهران، ولكنها بقيت حذرة تجاه التعاون الذي ما زال على إيران أن تثبته.
وقال دبلوماسي غربي رفيع مشارك في اجتماع مجلس المحافظين لـ«الشرق الأوسط»، إن الدول الغربية تأخذ مسألة العثور على يورانيوم مخصب بنسبة 84 في المائة «بالكثير من الجدية والقلق البالغ»، ولكنها تنتظر تفسير إيران بعد أن وعدت غروسي بذلك. ولكنه أضاف مشككاً في الحصول على رد مقنع، وقال: «لا نعرف تحديداً ما الذي تم الاتفاق عليه مع غروسي، ولكن علينا منح إيران فرصة». وأشار إلى أن إيران «لا يمكنها أن تستمر بهذه اللعبة طويلاً»، معبراً عن أمله بأن تتعاون تفادياً لتصعيد جديد.
وغروسي نفسه لا يبدو واثقاً من الاتفاق مع إيران، إذ تراجع عن بعض ما كان أعلنه ليلة عودته من طهران إلى فيينا عندما قال إن إيران ستعيد تركيب كاميرات المراقبة التي أزالتها سابقاً وإنها سمحت بالوصول إلى المواقع السرية ولأشخاص ذوي أهمية تريد الوكالة الحديث إليهم ضمن تحقيقها. وبعد أن نفت إيران الاتفاق على أي من تلك الأمور، عاد غروسي وقال في المؤتمر الصحافي الذي عقده في بداية انطلاق أعمال مجلس المحافظين، إن بعض الأمور ما زالت بحاجة للاتفاق عليها مع إيران، وإن فريقاً من الوكالة يسافر قريباً إلى طهران للقيام بذلك.
وقررت الدول الغربية عدم طرح مشروع قرار جديد يدين إيران هذه المرة داخل مجلس المحافظين، بعد أن تبلغت من غروسي بأنه توصل لتفاهمات محسوسة مع المسؤولين الإيرانيين لشرح المسائل العالقة. وقال دبلوماسيون غربيون مشاركون في اجتماعات المجلس لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس سينتظر ويقيّم ما يقدم الإيرانيون لغروسي في الأسابيع المقبلة قبل اتخاذ خطوات إضافية. ووصف أحد الدبلوماسيين الغربيين عدم طرح مشروع قرار يدين إيران هذه المرة بأنه «هدوء ما قبل العاصفة».
ودعت الصين أيضاً في كلمة ألقاها مندوبها لي سونغ أمام مجلس المحافظين، إيران إلى التعاون مع الوكالة وحل المسائل العالقة «في أقرب وقت ممكن». وحثَّ الأطراف المعنية على «الهدوء وضبط النفس لخلق الشروط اللازمة لاستئناف الجهود الدبلوماسية». واتهم السفير الروسي ميخائيل أوليانوف من جهته الدول الغربية بعرقلة التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران، وقال إنه ليس هناك «خطة ب» وأنه يجب العودة للاتفاق النووي.
وحمَّل الدبلوماسيون الغربيون إيران مسؤولية عدم التوقيع على الاتفاق، وذكرت المندوبة الأميركية والدبلوماسيون الأوروبيون بأن إيران امتنعت عن توقيع الاتفاق في أغسطس (آب) العام الماضي، مشيرين إلى أن الوضع زاد تعقيداً منذ ذلك الحين. وقالت السفيرة الأميركية إن إيران أدخلت شروطاً غير مرتبطة بالاتفاق ولا يمكن القبول بها مثل دعوتها لوقف التحقيق الذي تجريه الوكالة الدولية بالمواقع النووية السرية، وأضافت أنه «لا يمكن تخيل أن الوكالة قد تقوم بأي خطوة مماثلة مع أي دولة».
وشكك بضع الدبلوماسيين بنوايا إيران في التعاون مع غروسي رغم الوعود التي قطعتها عليه خلال زيارته لطهران الأسبوع الماضي. وذكَّر أحدهم في حديث لـ«الشرق الأوسط» بالاتفاق الذي تم التوصل إليه قبيل اجتماع مجلس المحافظين في مارس (آذار) العام الماضي بين إيران وغروسي. وكان الاتفاق آنذاك أكثر تحديداً ويتحدث عن مهل زمنية لم تفِ إيران بأي منها. ومقارنة بنص الاتفاق من العام الماضي، فإن الاتفاق الذي عاد به غروسي هذه المرة من طهران كان عاماً ويحمل الكثير من التفسيرات ولا يتضمن أي مهل زمنية. ويتحدث البيان عن أن إيران ستتعاون مع الوكالة في تحقيقها حول المواقع السرية وتوافق على زيادة عمليات المراقبة.
واتفاق العام الماضي الذي صدر بتاريخ 5 مارس 2022. تحدث عن أن الوكالة الذرية الإيرانية ستزوّد الوكالة الدولية برد مكتوب يتضمن شرحاً ووثائق تدعم الشرح، حول المواقع السرية الثلاثة، خلال 20 يوماً.
وتضمن الاتفاق أيضا أن الوكالة ستقيم الرد وترسل أي أسئلة إضافية لإيران خلال أسبوعين وأن غروسي سيلتقي بعد أسبوع من ذلك بالمسؤولين الإيرانيين في طهران لشرح هذه المسائل. وأضاف الاتفاق أن غروسي سيطلع مجلس المحافظين على النتائج قبل اجتماع يونيو 2022. ولكن الرد الذي حصل عليه غروسي آنذاك لم يكن «مقنعاً تقنياً»، وأبلغ المجلس بذلك الذي أصدر بدوره مشروع قرار يدين إيران ويدعوها للتعاون. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تبنى المجلس قراراً جديداً يدين إيران بسبب استمرار غياب تعاونها في التحقيق.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.


إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.