قمة فرنسية ـ بريطانية الجمعة لقلب صفحة الخلافات بين البلدين

الملك تشارلز الثالث في زيارة دولة أولى لباريس في 27 مارس

برنامج فرنسي حافل لتشارلز الثالث خلال قيامه بزيارة دولة (رويترز)
برنامج فرنسي حافل لتشارلز الثالث خلال قيامه بزيارة دولة (رويترز)
TT

قمة فرنسية ـ بريطانية الجمعة لقلب صفحة الخلافات بين البلدين

برنامج فرنسي حافل لتشارلز الثالث خلال قيامه بزيارة دولة (رويترز)
برنامج فرنسي حافل لتشارلز الثالث خلال قيامه بزيارة دولة (رويترز)

تتأهب باريس ولندن لطي صفحة التوتر والخلافات التي طغت على علاقاتهما الثنائية، في السنوات الخمس الماضية، مع وجود تيريزا ماي ثم بوريس جونسون، وأخيراً ليز تراس، على رأس الحكومات البريطانية المتعاقبة.
ومع وصول ريشي سوناك إلى 10 داوننغ ستريت، وهو المعروف باعتداله قياساً بمن سبقه، وفي ظل الحرب الروسية على أوكرانيا التي تدفع الأوروبيين لتوثيق علاقاتهم، عادت الحرارة إلى العلاقات الفرنسية - البريطانية. ولعل أبرز دليل على ذلك هو القمة الـ36 المشتركة التي سيستضيفها قصر الإليزيه بعد غد الجمعة، وهي الأولى التي تلتئم منذ عام 2018.
لن يتوقف التقارب بين العاصمتين عند هذا الحد، بل سيتعزز مع زيارة الدولة التي سيقوم بها الملك تشارلز الثالث إلى فرنسا في 27 من الشهر الحالي، وهي الأولى من نوعها التي يقوم بها إلى الخارج منذ خلافته والدته الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت في 8 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وكان الرئيس ماكرون وجه دعوة للملك الجديد عند مشاركته في تشييع الملكة إليزابيث.
وتعد زيارة الدولة الأعلى بروتوكولياً، وتأتي لتتوج التقارب المتجدد بين فرنسا وبريطانيا. وأُعد برنامج حافل لتشارلز الثالث ولعقيلته الملكة كاميليا باركر.
وتقول المصادر الفرنسية إن زيارة تشارلز الثالث «تعد رمزاً حافلاً بالمعاني الإيجابية»، واستمراراً لإرث الملكة إليزابيث التي كان تعلّقها بالصداقة الفرنسية - البريطانية معروفاً، علماً بأنها كانت تتكلم الفرنسية بطلاقة، ومتشربة بالثقافة الفرنسية.
سيكون لقاء ماكرون - سوناك الثاني من نوعه بعد اجتماعهما في شرم الشيخ في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على هامش قمة التغيرات المناخية والبيئية (كوب 27).
وينظر إلى قمة، الجمعة، على أنها الحلقة التي سترسي «تطبيع العلاقات» بين الجانبين وإعادة إطلاق التعاون بينهما في العديد من المجالات، وأهمها أربعة: تشديد العمل المشترك لمواجهة الهجرات غير الشرعية المنطلقة من الشواطئ الفرنسية باتجاه بريطانيا، التعاون الدفاعي، تعزيز العمل المشترك في ملف الطاقة بما فيها الطاقة النووية، وأخيراً تواصل التنسيق في التعامل مع الحرب الروسية على أوكرانيا.
على الرغم من توقيع البلدين اتفاقاً جديداً بشأن الهجرات تلتزم بموجبه لندن بدفع مبلغ 72 مليون يورو مقابل زيادة باريس أعداد رجال الشرطة والدرك إلى 900 رجل لمنع انطلاق المهاجرين من منطقة «كاليه» باتجاه الشواطئ الإنجليزية، فإن مستوى التعاون بينهما ليس كافياً.
وتفيد الأرقام الرسمية البريطانية بأن 45 ألف مهاجر نجحوا العام الماضي في اجتياز بحر المانش واللجوء إلى بريطانيا، على الرغم من الجهود المشتركة، وتعزيز الجانب الفرنسي دورياته البرية والبحرية واعتماد سياسة منع المهاجرين غير الشرعيين من إقامة مخيماتهم بالقرب من الشاطئ. أما عندما تحصل مآسي غرق في مياه بحر المانش أو «القنال الإنجليزي»، فإن الطرفين يتبادلان الاتهامات بخصوص الجهة التي تتحمل المسؤولية، علماً بأن موضوع الهجرات غير الشرعية بالغ الحساسية بالنسبة للبريطانيين الذين كان ملف السيطرة على حدودهم أحد أسباب الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وفي المقابل، فإن الجانب الفرنسي يعتبر أن تدفق الهجرات لن يتوقف طالما قوانين الهجرة البريطانية لم تتغير. ومن المفترض أن تعرض حكومة ريشي سوناك مشروع قانون جديداً على البرلمان خلال الأسبوع الحالي.
يشكل ملف التعاون الدفاعي أحد المحاور التي يريد الطرفان السير بها إلى الأمام بعد الآثار السلبية التي ترتبت عليه بسبب «البريكست». وبين الطرفين معاهدتان دفاعيتان؛ الأولى تعود لعام 1998 وتسمى «معاهدة سان مالو»، حيث تم توقيعها. والثانية «معاهدة لانكستر هاوس» التي وقعت في عام 2010. والمشكلة أن العديد من بنود المعاهدتين بقي حبراً على ورق.
ثم إن الطرفين تباعدا بعد أن لعب رئيس الحكومة الأسبق بوريس جونسون دوراً رئيسياً في تعطيل صفقة الغواصات الفرنسية لأستراليا، وفي إقامة «تحالف أوكوس» الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، وقد استبعدت منه فرنسا التي لها مصالح كبرى في منطقة الهندي - الهادئ.
وتفيد المعلومات المتوفرة بأن باريس ولندن تريدان إعادة إحياء وتعزيز العلاقات الدفاعية؛ إنْ في ميدان الصناعات الدفاعية المشتركة أو ترجمة خطة تكوين قوة مشتركة من 10 آلاف رجل تشبه قوة الانتشار السريع.
وفي نوفمبر الماضي، أعلن ماكرون أنه يتمنى معاودة العمل المشترك مع بريطانيا بشأن «العمليات العسكرية والقدرات النووية والهجينة». وتنص «معاهدة لانكستر» على إطلاق تعاون في مجال الصواريخ والقدرات النووية... وما يدفع فرنسا بهذا الاتجاه الخلاف الذي ما زال مستحكماً مع ألمانيا، شريكتها التقليدية، في القطاع الدفاعي، بعد قرار ألمانيا السعي لـ«درع فضائي» مضاد للصواريخ بمشاركة 14 دولة أوروبية، ويستند إلى التكنولوجيا الألمانية، وأيضاً الأميركية والإسرائيلية، وقد استبعدت منه فرنسا.
ليس بعيداً عن التعاون الدفاعي رغبة الطرفين في تعزيز التعاون في قطاع الطاقة النووية للأغراض المدنية السلمية، وتحديداً إنتاج الطاقة الكهربائية. والمعروف أن «شركة كهرباء فرنسا» لها الدور الأبرز في ميدان النووي المدني في بريطانيا؛ إذ إنها تدير المحطات البريطانية، وهي المسؤولة عن إقامة المحطات الجديدة.
ويسعى الطرفان إلى تعزيز علاقاتهما في هذا القطاع الذي تأثر كثيراً بسبب الحرب الأوكرانية، وتوقف وصول الغاز الروسي إلى القارة القديمة.
لا شك أن تطورات الحرب في أوكرانيا، وعزم الطرفين على مواصلة دعم كييف، سيشكلان أحد محاور اللقاء الرئيسية.
ولا ينتظر الإعلان عن مبادرات جديدة في هذا السياق، علماً بأن رئيس الحكومة البريطانية يسير على خطى بوريس جونسون لجهة الدعم المطلق وغير المحدود لأوكرانيا، بينما الرئيس الفرنسي، على الرغم من وقوفه إلى جانب أوكرانيا، فإنه يأخذ في الاعتبار ظروف وشروط وضع حد للحرب، وكيفية ضمان أمن أوروبا، ما يتطلب ترك باب الحوار مع روسيا مفتوحاً.


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.