واردات القمح المصرية... ساحة تنافس في الأزمة الأوكرانية

سفارة موسكو في القاهرة تتحدث عن «مؤامرة غربية»

تعبئة حاوية عملاقة بالقمح الأوكراني في أحد المواني وسط ازدياد فجوة الأمن الغذائي العالمي (إ.ب.أ)
تعبئة حاوية عملاقة بالقمح الأوكراني في أحد المواني وسط ازدياد فجوة الأمن الغذائي العالمي (إ.ب.أ)
TT

واردات القمح المصرية... ساحة تنافس في الأزمة الأوكرانية

تعبئة حاوية عملاقة بالقمح الأوكراني في أحد المواني وسط ازدياد فجوة الأمن الغذائي العالمي (إ.ب.أ)
تعبئة حاوية عملاقة بالقمح الأوكراني في أحد المواني وسط ازدياد فجوة الأمن الغذائي العالمي (إ.ب.أ)

مع بدء العام الثاني للحرب الروسية الأوكرانية، يبدو أن وتيرة الاتهامات المتبادلة بين روسيا والدول الغربية، ممثلة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، ما زالت «تتصاعد». ودخلت واردات القمح المصرية ساحة التنافس في الأزمة، وهو ما انعكس في البيان الصادر عن السفارة الروسية في القاهرة، (الاثنين)، والذي تضمن اتهامات مباشرة للغرب بـ«التآمر لتعطيل إمداد مصر بالقمح الروسي». وأشار إلى أن «الأرقام تعكس فشل المؤامرة». وذكرت السفارة الروسية أن «عام الحرب شهد انتعاشة في الواردات المصرية من القمح الروسي، والتي من المتوقع أن ترتفع خلال العام الزراعي 2022- 2023 لتصل إلى 8 ملايين طن».
في مصر، أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، (الثلاثاء)، إفادة رسمية تشير إلى «ارتفاع واردات مصر من الحبوب الروسية، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لتصل قيمتها إلى 334 مليوناً و318 ألف دولار، بزيادة تقدر بنحو 42 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2021؛ حيث قدرت قيمة واردات الحبوب بنحو 194 مليوناً و390 ألف دولار». وجاء القمح الروسي في مقدمة واردات مصر من الحبوب.
وبلغت واردات مصر الإجمالية من روسيا نحو 428 مليوناً و48 ألف دولار، في نوفمبر الماضي، مقابل نحو 391 مليوناً و577 ألف دولار للشهر عينه عام 2021، وفقاً للإحصاء المصري الرسمي.
وأثار استشهاد الجانب الروسي بحجم التبادل التجاري مع مصر للتدليل على ما تزعمه من «مؤامرة غربية» تساؤلات حول دخول مصر كلاعب في الأزمة الأوكرانية. ويرى السفير عزت سعد، مساعد وزير الخارجية السابق، وسفير مصر السابق لدى روسيا، أن أزمة الأمن الغذائي التي يعيشها العالم لا يمكن وصفها بـ«مؤامرة غربية». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يعيشه العالم من أزمة أمن غذائي واقع عززته الحرب الروسية- الأوكرانية، غير أن الحديث الروسي يحاول دعم نظرية المؤامرة منذ اندلاع الأزمة». لافتاً إلى أن «الحرب تسببت في رفع أسعار السلع الغذائية، فضلاً عن أسعار الطاقة، ما رمى بظلاله جلياً على الوضع الاقتصادي للدول، لا سيما الأكثر اعتماداً على الاستيراد مثل مصر».
ولا يعتبر سعد ارتفاع واردات مصر من القمح الروسي: «مؤشراً لمسار جديد تشهده العلاقات المصرية الروسية»، ويقول إن ثمة وضعاً عالمياً فرض مسارات بعينها: «فمنذ بداية الأزمة أطلقت مصر مجموعة عمل في نطاق مجلس الوزراء، من شأنها مواجهة أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم على خلفية الحرب، وجاءت روسيا ضمن دائرة البدائل المتاحة أمام مصر للقمح الأوكراني».
ويؤكد السفير أن علاقة مصر وروسيا «وطيدة» من قبل الحرب و«تحكمها منافع متبادلة». ويقول إن «الجانب الغربي يعي جيداً الرسائل السياسية الواضحة التي تعكس العلاقات المصرية- الروسية، وآخرها زيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، لموسكو، بعد ساعات من استقبال وزير الخارجية الأميركي في القاهرة، وهذا يعكس أهمية العلاقات المصرية على الصعيدين الغربي والروسي، على حد سواء».
هذا، وقالت يلينا تيورينا، مديرة قسم التحليلات باتحاد الحبوب الروسي، إن «مصر هي الدولة صاحبة الريادة في استيراد القمح الروسي خلال شهر يناير (كانون الثاني)؛ حيث تم شحن 191.5 ألف طن إلى مصر، مقابل 103 آلاف طن قبل عام». حسب «روسيا اليوم».
الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، ترى أن «ارتفاع واردات مصر من القمح الروسي هو اتجاه مبرر، وربما متوقع». وتضيف -في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»- أنه «منذ اندلاع الحرب العام الماضي، تعهدت روسيا بالوفاء بجميع التعاقدات الخاصة بالقمح؛ بل وأبدت استعداداً لتلبية حاجة مصر من القمح، والتي تأثرت بفعل الظروف المستجدة».
وتؤيد نورهان الشيخ البيان الروسي، وتشير إلى «المبالغات الغربية بشأن تورط الحرب الروسية- الأوكرانية في تفاقم أزمة الأمن الغذائي العالمي»، وتقول إنه «منذ اندلاع الحرب، والغرب يسعى لتحميل الحرب أزمة غذاء عالمية، غير أن الواقع يشير إلى أن تعميم الفكرة غير صحيح». وتوضح أن «الحرب الروسية وضعت أوروبا في أزمة غذاء وطاقة؛ لكن الحقيقة أن العقوبات الغربية على روسيا هي السبب الرئيسي في أزمة الغذاء الراهنة». وتشير أستاذ العلوم السياسية إلى أن ثمة مشهداً على الجانب المقابل للادعاءات الغربية، يدلل على أن «بعض الدول أتاحت لها الحرب فرصاً ذهبية». وتقول إن «مصر على سبيل المثال بدأت تقدم نفسها للعالم كمصدر واعد للغاز الطبيعي».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يتصدر ملفا «المساعدات المالية» و«الهجرة» محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، خلال زيارتها إلى القاهرة، الأربعاء والخميس.

ووفق إفادة لوفد الاتحاد الأوروبي إلى مصر، الأربعاء، فإن الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر، و«المناقشات الجارية حول مساعدات الاتحاد الأوروبي المالية الكلية، والوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط والمنطقة المجاورة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة». ووقع الاتحاد الأوروبي ومصر في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، اتفاقية تمويل استثماري بوصفها جزءاً من حزمة أكبر بقيمة 7.4 مليار يورو تهدف لتعزيز التعاون الاقتصادي ودعم استقرار مصر في ظل التحديات الإقليمية والدولية.

وأكد بيان وفد الاتحاد الأوروبي أن اجتماعات ميتسولا في القاهرة «تعد فرصة لمناقشة العلاقات البرلمانية، بما في ذلك تنظيم الاجتماع البرلماني المقبل بين الاتحاد الأوروبي ومصر في القاهرة، والمساعدة المالية الكلية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لمصر التي تجري مناقشتها حالياً في البرلمان الأوروبي، وتدفقات الهجرة واللجوء».

صورة للبرلمان الأوروبي بستراسبورغ (د.ب.أ)

وأشار الوفد إلى أنه من المقرر أن تجتمع ميتسولا، الخميس، مع وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، حيث تتركز المناقشات على عدد من الموضوعات، من بينها «الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، والمساعدات المالية الكلية للاتحاد الأوروبي، والوضع الجيوسياسي في المنطقة، بما في ذلك الحاجة إلى إعادة تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط والوضع في غزة والتطورات الأخيرة في سوريا».

وعلاقات مصر بالاتحاد الأوروبي الوثيقة، ويعد «الأوروبي» أيضاً المستثمر الرائد في مصر، حيث يبلغ رصيد الاستثمار المتراكم نحو 38.8 مليار يورو، يمثل نحو 39 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر. وتظل مصر ثاني أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب معلومات بعثة الاتحاد الأوروبي إلى مصر عبر موقعها الإلكتروني.

وكان وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المصري، محمود فوزي، قد أكد، الثلاثاء، حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع البرلمان الأوروبي ومواصلة التشاور بين النواب البرلمانيين المصريين والأوروبيين، «بما يخدم المصالح المشتركة ويدعم الحوار البنَّاء، وتوطيد أواصر التعاون البرلماني بين الجانبين».

وأشاد الوزير المصري خلال استقباله في القاهرة سفيرة الاتحاد الأوروبي ورئيسة بعثة الاتحاد إلى مصر، أنجلينا إيخهورست، «بالتطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبي منذ صدور الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة في مارس الماضي، خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية للقاهرة»، مؤكداً «اعتزاز مصر بالعلاقات الوثيقة التي تجمعها بالاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعد الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والتطورات الإيجابية التي يشهدها التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، إلى جانب التنسيق في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك».