الجزائر تترقب محاكمة وزيرين سابقين للإعلام بـ«تهم فساد»

بدء مساءلة 11 ناشطاً من تنظيم انفصالي أمام الجنايات

فرحات مهني (الشرق الأوسط)
فرحات مهني (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر تترقب محاكمة وزيرين سابقين للإعلام بـ«تهم فساد»

فرحات مهني (الشرق الأوسط)
فرحات مهني (الشرق الأوسط)

بينما بدأت محكمة الاستئناف الجنائية بالعاصمة الجزائرية، اليوم، مساءلة ناشطين سياسيين متهمين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، يتمثل في حركة تطالب بالاستقلال الذاتي بمنطقة القبائل، يرتقب إحالة وزيرين سابقين للإعلام إلى المحاكمة قريبا، بناء على تهم فساد تخص أموال الإعلانات الحكومية.
ويرتقب أن يحاكم القضاء وزيري الإعلام سابقا جمال كعوان وحميد قرين وفق وقائع فساد، تعود إلى فترة 2015 – 2019، وتتمثل في توزيع ريوع الإشهار العمومي على «صحف مجهرية»، أي ذات طاقة سحب ضعيفة، بحسب ما جاء في تحريات الشرطة. وأودع قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالعاصمة، أمس، كعوان، الحبس الاحتياطي، فيما وضع قرين تحت إجراءات الرقابة القضائية. كما أمر بسجن أمين شيكر، مدير عام «وكالة النشر والإعلانات» الحكومية سابقا.
ويتابع كعوان بصفته مديرا سابقا للجهاز نفسه، الذي قادة قبل توليه وزارة الإعلام، كما تمت إحالة أربعة أطر من «الوكالة» إلى الرقابة القضائية. وجاء في بيان لمحكمة الاستئناف أن الشرطة حققت مع المسؤولين السابقين «حول وقائع فساد وتبديد للمال العام، تخص الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، تسببت في خسائر للخزينة العمومية تقدر بالملايين من المال العام. ويتعلق الأمر باستفادة جرائد مجهرية، وأخرى لا وجود لها في الساحة الإعلامية من حصص إشهارية». وما هو شائع أن «وكالة النشر» تتصرف في الإعلانات الحكومية، بناء على أوامر من جهات عليا في الدولة.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وضعت محكمة في العاصمة وزير الرياضة ومدير «وكالة الإعلانات» السابق، عبد القادر خمري، في الحبس الاحتياطي على إثر تحقيقات أمنية تعود إلى 1999، تعلقت بعقود محل شبهة فساد أبرمتها الوكالة، وأموال صرفت في طبع ونشر الصحف العمومية والخاصة والكتب في مطابع الدولة. كما تناولت في جزء منها صفقات مالية مع دور نشر أجنبية.
وبخصوص محاكمة نشطاء التنظيم الانفصالي التي بدأت اليوم، فقد شملت التهم المرتبطة بـ«حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروفة اختصارا بـ«ماك»، 11 ناشطا، أبرزهم ممثل التنظيم بمحافظات القبائل الأمازيغية شرق البلاد، بوعزيز آيت شبيب، ورئيسة «المؤتمر الأمازيغي العالمي» قميرة نايت سيد. كما يحاكم غيابيا رئيس «الحكومة المؤقتة للقبائل»، فرحات مهني اللاجئ في فرنسا منذ سنوات طويلة، وثلاثة أشخاص آخرين يوجدون خارج البلاد، بحسب الوقائع التي يتضمنها الملف.
وكانت المحكمة الابتدائية قد أدانت المتهمين في 15 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بالسجن لفترات تراوحت بين عامين و5 سنوات مع التنفيذ، باستثناء فرحات المعني والثلاثة الموجودين بالخارج؛ حيث تمت إدانتهم بالسجن مدى الحياة. ولوحظ وجود مكثف لرجال الأمن بمدخل المحكمة، التي تقع بالضاحية الشرقية للعاصمة، وسمح لأفراد عائلات المتهمين، فقط، بحضور جلسة المحاكمة، التي توقع صحافيون مكلفون تغطيتها، أن تطول لكثرة عدد الشهود والمحامين المترافعين عن المتهمين.
وكان الدفاع قد احتج في المحاكمة الأولى على اتهام النشطاء بـ«الإرهاب»، فهم – حسبه - «مناضلون سياسيون ولم يتم ضبط أسلحة ولا متفجرات لديهم، كما أن الجهات التي اعتقلتهم وحققت معهم لا تملك ضدهم دليلا على أنهم حرضوا على الإرهاب، أو استعملوا القوة ضد مؤسسات الدولة». وأكد محامو قميرة نايت سيد أن اتهامها بالانتماء إلى تنظيم انفصالي «لا يستند لوقائع مادية؛ خصوصاً أن المنظمة غير الحكومية، التي تقودها (المؤتمر الأمازيغي العالمي)، تمنع قوانينها الانتماء إلى أي تنظيم آخر». وقد استشاطت والدة نايت سيد غضبا عندما سمعت القاضي يطلق الحكم بالسجن ضدها في المرة الأولى. وصرخت داخل المحكمة بأن عائلتها «ساهمت في تحرير البلاد من المستعمر الفرنسي، فلا يعقل بعد 60 سنة من الاستقلال أن نعامل كإرهابيين!!».
وفي صيف 2021 اتهمت الحكومة «ماك» وتنظيما إسلاميا محظورا، يسمى «رشاد»، بالتسبب في حرائق مدمرة نشبت بمنطقة القبائل، خلفت عشرات القتلى وخسائر كبيرة في الحقول والمواشي والمباني. كما اتهمت دولا بدعم الحركتين ماديا. ونفى فرحات مهني من منفاه صلة التنظيم بالكارثة، ودعا إلى «إجراء تحقيق دولي لتحديد المسؤولين الحقيقيين عن الأحداث».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
TT

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

قال شهود عيان إن قوات الأمن السودانية أطلقت الذخيرة لتفريق المئات من المتظاهرين احتجاجاً على مقتل أحد الشباب تحت التعذيب في معتقلات جهاز الأمن والمخابرات بمدينة كسلا (شرق السودان).

وحاصر متظاهرون غاضبون (الأحد) مقر الأمن في المدينة، وطالبوا بتقديم المسؤولين المتورطين من رجال الأمن إلى العدالة فوراً.

ويتحدر القتيل، ويدعى الأمين محمد نور، من إحدى أكبر المجموعات السكانية بإقليم شرق السودان، الذي ظلّ لسنوات طويلة يعاني من الصراعات ذات الطابع القبلي.

وأظهرت تسجيلات مصورة، متداولة بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، أعداداً كبيرة من المتظاهرين يفرون من أصوات الذخيرة الحية التي تُسمع بوضوح.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المئات من المحتجين الغاضبين تجمّعوا منذ الصباح الباكر، وأغلقوا كل الطرق والمداخل المؤدية إلى مقرَي النيابة العامة، وجهاز الأمن والمخابرات بالمدينة.

وردّد المحتجون هتافات تطالب بتسليم الجناة للعدالة، وإقالة مدير جهاز الأمن والمخابرات على الفور ومحاسبته على هذه الجريمة.

وقالت مصادر محلية، إن قوات أمن بالزي المدني، وأخرى ترتدي الأزياء الرسمية للشرطة، أطلقت الذخيرة الحية بكثافة لتفريق المئات من المتجمهرين حول المناطق الأمنية.

ولم يتسنَّ التأكد من وقوع قتلى أو إصابات وسط المحتجين، في حين أصدر «تجمع شباب قبائل البني عامر والحباب» بولاية كسلا ليل السبت - الأحد بياناً أكد فيه أن الشاب القتيل، الأمين محمد نور، جرى اعتقاله من قبل مجموعة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، و«فارق الحياة نتيجة للتعذيب الذي تعرّض له». وأضاف أن «تقرير التشريح بمستشفى كسلا أظهر وجود كدمات على أجزاء واسعة من جسده».

الشاب القتيل الأمين محمد نور (مواقع التواصل )

وذكر البيان، أن مدير جهاز الأمن والمخابرات بالولاية، العميد رضوان، أبلغ ناظر قبيلة البني عامر، بخبر وفاة الشاب المعتقل، زاعماً بوجود علاقة بين القتيل و«قوات الدعم السريع»، ومدعياً في الوقت نفسه، أن الوفاة «نتيجة لضيق التنفس». وقال «التجمع القبلي» إن تقرير الطب الشرعي فنّد ادعاءات مدير جهاز الأمن، مؤكداً أن وفاته حدثت بسبب التعذيب.

وأعلن «التجمع» خطوات تصعيدية بإغلاق السوق الرئيسية بالمدينة، مؤكداً أنه لن يتم تسلم جثمان القتيل إلا بعد القبض على المتهمين وتسليمهم للشرطة ومثولهم أمام النيابة. كما طالب بإقالة مدير جهاز الأمن بولاية كسلا، وتحميله كامل المسؤولية عن الحادثة.

بدورها، قالت «لجان مقاومة كسلا» (مجموعة محلية)، إن جهاز الأمن «يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الذي أدى إلى مقتل المعتقل».

من جانبه، قال «تحالف قوى الحرية والتغيير»، وهو أكبر التكتلات السياسية في البلاد: «نتيجة لإعادة سلطات القمع والاعتقال لجهاز الأمن، قامت عناصره باعتقال وتعذيب المواطن الأمين محمد نور بصورة وحشية حتى فاضت روحه».

ودان في بيان هذه الجريمة، مطالباً «بتسليم المتهمين فوراً لمحاكمة علنية وعادلة لينالوا الجزاء، وترك القضاء العادل يقول كلمته من دون أي تدخلات سياسية لعرقلة وصول القضية إلى نهايتها».

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

وأعادت الحادثة إلى الأذهان اغتيال المعلم أحمد الخير عوض الكريم تحت التعذيب الشديد داخل المقر نفسه إبان الاحتجاجات الشهيرة في 2019 التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول، عمر البشير، الموالي للإسلاميين.

وخرج وقتها مدير عام الشرطة بولاية كسلا ليقول إن المعلم أحمد الخير توفي «نتيجة تسمم حدث مع آخرين من القوات النظامية بعد تناولهم وجبة فول بالجبن»، لكن تقرير الطبيب الشرعي أكد أنه تعرّض للتعذيب الشديد والضرب بآلة حادة، بما أدى إلى وفاته.

وأعاد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بأمر تنفيذي بعد أقل من شهر على انقلابه على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، جهاز الأمن والمخابرات بكامل صلاحياته السابقة، ومنحه سلطة القبض والاعتقال على الأشخاص، والتفتيش والحجز على الأموال.

ونصّ الأمر على «عدم اتخاذ أي إجراءات في مواجهة أفراد القوات النظامية، التي تتولى تنفيذ قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997».

ويقول مراقبون «إن جهاز الأمن والمخابرات السوداني، اتُّهم في حقبة البشير على مدى 3 عقود، بارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات ضد المعارضين لحكم الإسلاميين، وقُتل داخل معتقلاته المئات من المواطنين؛ بسبب التعذيب».

وأصدرت محكمة سودانية في ديسمبر (كانون الأول) حكماً بإعدام 31، وتبرئة 7 من منسوبي جهاز الأمن، بتهمة قتل المعلم أحمد الخير، بعد تعرضه للتعذيب.