الإدارات المؤقتة كابوس يلاحق أندية تونس المثقلة بالديون

الأفريقي التونسي يعيش أزمة مالية خانقة منذ رحيل رئيسه الرياحي (أ.ف.ب)
الأفريقي التونسي يعيش أزمة مالية خانقة منذ رحيل رئيسه الرياحي (أ.ف.ب)
TT

الإدارات المؤقتة كابوس يلاحق أندية تونس المثقلة بالديون

الأفريقي التونسي يعيش أزمة مالية خانقة منذ رحيل رئيسه الرياحي (أ.ف.ب)
الأفريقي التونسي يعيش أزمة مالية خانقة منذ رحيل رئيسه الرياحي (أ.ف.ب)

لم يسلم نادي الأفريقي، المعروف في تونس بلقب «نادي الشعب»، من الأزمات الإدارية والمالية التي طالت معظم أندية البلد العربي، مما دفع عدداً من رؤساء الأندية إلى الاستقالة بينما يعزف كثيرون عن تحمل المسؤولية خوفاً من العواقب.
وتأجلت انتخابات رئاسة نادي الأفريقي عدة مرات لعدم تقدم مرشحين للمنصب، ليقرر يوسف العلمي رئيس الهيئة التسييرية المؤقتة مواصلة مهامه حتى نهاية الموسم الحالي.
ويعيش الأفريقي، الذي تأسس عام 1920. أزمة مالية خانقة منذ رحيل رئيسه الأسبق سليم الرياحي في 2017. وانعكست على تدهور نتائج الفريق وابتعاده عن المنافسة.
وأدت الأزمات المالية لأندية تونسية أخرى إلى هروب مسؤولين أو سجن البعض بسبب تراكم الديون أو إصدار صكوك بنكية دون رصيد، مثل الرئيس السابق للبنزرتي عبد السلام السعيداني الذي هرب إلى فرنسا عام 2020 رغم أنه حقق نجاحات في بداية فترته الرئاسية، لكن المشاكل المالية أجبرته على بيع معظم لاعبي الفريق.
وقال عثمان جنيح رئيس الهيئة التسييرية الحالية لنادي النجم الساحلي لـ«رويترز» إن عزوف رجال الأعمال والمسؤولين عن إدارة الأندية يعود إلى «تراجع الإيرادات التي توفرها الجماهير بسبب تردي أوضاع الاستادات».
وتشرف على معظم أندية الدوري الممتاز هيئات تسييرية مؤقتة على غرار الصفاقسي والنجم الساحلي والأفريقي في انتظار تنظيم جلسات انتخابية لتعيين إدارات ثابتة بأهداف واضحة.
وأضاف جنيح أن الوضع المالي السيء لمعظم الأندية نتيجة تلقائية «للسياسة الفاشلة»، التي ينتهجها اتحاد الكرة الوطني ووزارة الرياضة التي «جمدت التمويل وتركت الأندية غارقة في الديون وتشرف على الإفلاس».
وعقب نهاية موسم 2014 - 2015 أعلن تسعة رؤساء للأندية من إجمالي 16 انسحابهم من مهامهم، وقرروا الدعوة لانتخاب مجالس إدارات جديدة تتحمل الأعباء المالية والإدارية الثقيلة.
يرى رشيد الزمرلي، المتحدث باسم النادي الأفريقي أن سبب الأزمة الأساسي في عدم وجود رؤية واضحة عن مستقبل إيرادات الأندية، والمستندة على تذاكر المباريات والاشتراكات بالأندية، مشيراً إلى أن «جدول المباريات ساهم بطريقة ما في تراجع الإيرادات، بجانب تهرب المستثمرين من دعم الأندية».
وباستثناء الترجي والنجم الساحلي تواجه معظم الأندية تهديدات بالإفلاس إذا استمر غياب الدعم المالي من الاتحاد والسلطات.
وطالب الزمرلي بمراجعة القواعد الخاصة بتحديد سقف لقيمة عقود اللاعبين والمدربين، نظراً لأن نفقات الأندية أكبر من إيراداتها، مما ينتج عنه عمل الإدارات لموسم أو موسمين على أقصى تقدير ثم تغادر لتراكم الديون.
ووسط المناخ المتوتر بين الأندية ووزارة الرياضة بسبب غياب التمويل تراجعت المواهب المتميزة التي يمكنها تخفيف الأعباء المالية عن الأندية.
ورداً على اتهام الاتحاد التونسي للعبة بالضلوع في إغراق الأندية بالديون، قال ناجي شاهد عضو الاتحاد إن الإشكال قانوني بالأساس، ويتعلق بقانون التمويل العمومي للجمعيات الصادر في 2013 والذي يظل تنقيحه من مسؤوليات وزارة المالية.
وأضاف شاهد أن وزارة الرياضة لا تمنح الاتحاد سوى 1.1 مليون دينار فقط (600 ألف دولار) في صورة رواتب لمدربي المنتخبات، لذا لا يعتبر الاتحاد مسؤولاً عن تمويل الأندية.
وأقر بأن الفراغ الإداري أزمة ممتدة في الدرجات الأدنى وليس في الدوري الممتاز فقط.
وبرر كثرة الديون بقلة الحضور الجماهيري في الاستادات وعدم الاستفادة من حقوق البث التلفزيوني وغياب المواهب التي يمكنها دعم ميزانيات الأندية عند الاحتراف خارج تونس.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)
وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)
TT

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)
وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا. ولموسكو، الحليفة للأسد ودمشق منذ أعوام طويلة، ميناء عسكري وقاعدة جوية على الساحل السوري، ما يسهّل عملياتها في المتوسط والشرق الأوسط ووسط أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، غير أن إطاحة الأسد بعد ربع قرن في الحكم عرّضت هذا الحضور للخطر.

وسعى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، إلى طمأنة روسيا، واصفاً إياها بأنّها دولة «مهمّة»، قائلاً: «لا نريد أن تخرج روسيا من سوريا بالشكل الذي يهواه البعض».

* تراجع استراتيجي نحو ليبيا

في ظل عدم وضوح التشكيل السياسي في سوريا الجديدة، باتت موسكو مضطرة لبدء تراجع استراتيجي نحو ليبيا، وفي هذا السياق يقول جلال حرشاوي، الباحث في المعهد البريطاني «رويال يونايتد سرفيسز»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ ذلك يهدف «على وجه الخصوص للحفاظ على المهمات الروسية القائمة في أفريقيا»، مضيفاً أنّه «رد فعل لحفظ الذات» من جانب موسكو، الحريصة على «التخفيف من تآكل موقعها في سوريا».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2024، كشف اتحاد التحقيقات السويسري «All Eyes On Wagner» (كل العيون على فاغنر) وجود الأنشطة الروسية في نحو 10 مواقع ليبية، من بينها ميناء طبرق، حيث وصلت معدّات عسكرية في فبراير (شباط) وأبريل (نيسان) الماضي. وكان عديد القوات الروسية في فبراير 2024 يناهز 800 عنصر، لكنه ارتفع إلى 1800 في مايو من العام نفسه.

* رجال ومعدّات

في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية بأنّه تمّ نقل رادارات وأنظمة دفاع جوي روسية، من بينها «إس-300» و«إس-400» من سوريا إلى ليبيا، مستندة في ذلك إلى مسؤولين ليبيين وأميركيين. وفي هذا الإطار، يؤكد حرشاوي أنّه منذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، «تم نقل كمية كبيرة من الموارد العسكرية الروسية إلى ليبيا من بيلاروسيا وروسيا»، مشيراً في الوقت نفسه إلى إرسال مقاتلين. ومن جانبها، أفادت الاستخبارات الأوكرانية في الثالث من يناير (كانون الثاني) الحالي بأنّ موسكو تخطّط لـ«استخدام سفينتي الشحن (سبارتا) و(سبارتا 2) لنقل معدات عسكرية وأسلحة».

تركيا دعمت حكومة الوفاق الوطني السابقة وبعدها حكومة الدبيبة في طرابلس (الوحدة)

في هذا السياق، يقول الخبير في المجلس الأطلسي في واشنطن، عماد الدين بادي، إنّ هذا التحوّل «لا ينبع من تغيير قسري بسيط للحليف الإقليمي، بل من البحث عن الاستمرارية»، مؤكداً أنّها «خطوة تؤكد أهمية ليبيا بوصفها عنصراً في استراتيجية طويلة الأمد»، وأنّ «الأسد قدّم لموسكو مرسى على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، ومنصّة لاختبار قدراتها». وأثارت التحرّكات الروسية انزعاج حكومة طرابلس، والقوة الاستعمارية السابقة إيطاليا، بينما يراقبها الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو» بقلق. وقد أكد وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروسيتو، أنّ موسكو تنقل «موارد من قاعدتها السورية في طرطوس باتجاه ليبيا».

* الوجود الروسي أكثر وضوحاً

تحدثت مصادر عدة عن مساعٍ أميركية لإقناع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، برفض تمركز الروس بشكل دائم في ميناء طبرق، وهو أمر يسعون إليه منذ عام 2023، لكن الكرملين لن يتمتّع بالأريحية نفسها التي كانت متوافرة في عهد الأسد.

يقول أولف لايسينغ، المسؤول عن برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، إنّ سوريا «كانت مناسِبة على الصعيد العملي... كانت صندوقاً أسود دون دبلوماسيين أو صحافيين أجانب. (الروس) فعلوا إجمالاً ما أرادوه». ويضيف لايسينغ مستدركاً: «في ليبيا، سيكون الوضع أكثر تعقيداً بكثير. من الصعب الحفاظ على الأسرار هناك، كما أنّ الوجود الروسي سيكون أكثر وضوحاً».

المشير خليفة حفتر مع قادة قواته في بنغازي (الجيش الوطني)

إضافة إلى ذلك، سيتعيّن على موسكو التعامل مع قوى أخرى، من بينها تركيا، حليفة حكومة الوفاق الوطني، وبعدها «الوحدة» المؤقتة. كما ستكون حريصة على عدم تعريض مستقبلها للخطر إذا ساءت الأمور بالنسبة إليها. وفي هذا السياق، يقول فلاد كليبتشينكو، المراسل العسكري لموقع «تسارغراد» المؤيد للكرملين: «يجب عدم تكرار الأخطاء السورية والرهان، دون خيار بديل، على ديكتاتور محلي». وفي ليبيا المنقسمة، التي تشهد نزاعاً منذ الإطاحة بمعمَّر القذافي في عام 2011، يحاول كل طرف أن يُبقي خياراته مفتوحة مع الآخرين، حسبما يؤكد لايسينغ. فمنذ عام، تتقرب أنقرة من حفتر عبر مشاريع اقتصادية واجتماعات ذات غايات دبلوماسية، لكن هذا الأخير لن يستطيع أيضاً أن يدير ظهره للغربيين، الذين دعموه سراً انطلاقاً من قناعتهم بقدرته على وقف تمدُّد الإسلام السياسي. ويقول لايسينغ: «لذلك، هناك دون شك حدود لما يمكن لروسيا أن تفعله في ليبيا».