ألقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس، بمسؤولية تعرض مئات من طالبات المدارس الثانوية في أنحاء البلاد للتسميم، على أعداء لبلاده، فيما انضمت الأمم المتحدة وألمانيا إلى مطالب دولية بـ«تحقيق شفاف» لكشف «جميع حالات» تسميم طالبات في إيران.
وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها جنيف، إن هجمات السم استهدفت 37 مدرسة، في 4 مدن على الأقل، وبدأت الهجمات في نوفمبر (تشرين الثاني) بمدينة قم، لكنها اشتدت الأسبوعين الماضيين، مما دفع بعض أولياء الأمور إلى منع بناتهن من الذهاب للمدارس.
وعلق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لأول مرة على الحادث في خطاب عام. وقال في كلمة أمام حشد بجنوب إيران أمس، للتلفزيون الرسمي على الهواء: «هذا مخطط أمني لإحداث الفوضى في البلاد مع سعي الأعداء إلى بث الخوف وانعدام الأمن بين أولياء الأمور والتلميذات».
وكانت إيران قد ألقت باللوم على الدول الغربية بإذكاء الاحتجاجات التي اجتاحت عموم إيران، بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب.
وقال وزير الصحة الإيراني بهرام عين اللهي الثلاثاء، إن مئات الفتيات في مدارس مختلفة عانين من التسمم. وأشار بعض السياسيين إلى احتمال استهدافهن من جماعات معارضة لتعليم الفتيات.
وأمس، أفادت وكالة «إيسنا» الحكومية نقلاً عن شهرام صيادي، رئيس جامعة الطب في محافظة البرز المجاورة للعاصمة طهران، بأن عدداً من طالبات هذه الجامعة أصبن بالتسمم خلال وجودهن في السكن الجامعي. وقال صيادي إن 21 طالبة جرى نقلهن مساء الخميس، إلى المستشفى بـ6 سيارات إسعاف وحافلة. وأضاف: «جميعهن بحالة جيدة ويغادرن المستشفى تدريجياً».
- اعتقالات
قبل ذلك، نشرت وكالتا «فارس» و«تسنيم» التابعتان لـ«الحرس الثوري»، تسجيل فيديو من سائق شاحنة، أوقفته السلطات بدعوى نشر مواد سامة قرب مدرسة. وكانت الداخلية الإيرانية قد نفت تقارير عن اعتقالات.
وقال رضا كريمي صالح، نائب حاكم ضاحية برديس بشمال شرقي طهران، إن ناقلة وقود عثر عليها بجوار مدرسة في إحدى ضواحي طهران رصدت أيضاً في مدينتين أخريين، ومن المحتمل أن تكون متورطة في حوادث التسميم. وأفاد بأن السلطات صادرت الناقلة وألقت القبض على سائقها، حسبما نقلت «رويترز» عن وكالة «تسنيم».
وأوضح أن الناقلة نفسها كانت أيضاً في قم وبروجرد بإقليم لرستان بغرب إيران، حيث عانت تلميذات أيضاً من التسميم. ولم يدلِ بمزيد من التفاصيل. وقال صالح، في إشارة إلى منطقة برديس: «الحراس في موقف للسيارات، حيث كانت ناقلة الوقود متوقفة، أصيبوا أيضاً بالتسمم».
- تحذير من استياء عام
لم يحدد الرئيس الإيراني من هؤلاء «الأعداء»، ولم يقدم دليلاً على اتهاماته. وفي أدبيات المسؤولين الإيرانيين يقصد بـ«الأعداء» عادة الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى تتهمها طهران بالعمل ضد مصالحها.
في الأثناء، قال خطيب جمعة زاهدان، وأبرز رجال الدين السنة في إيران، عبد الحميد إسماعيل زهي، إن «كثيرين يعتقدون أن التسمم في المدارس هو استمرار لقمع الاحتجاجات».
وأثارت القضية موجة غضب في البلاد، حيث استنكر البعض صمت السلطات حيال تزايد عدد المدارس المعرضة للخطر. وحذر إسماعيل زهي، السلطات، من أن الهجمات على المدارس ستؤدي إلى استياء عام بين الإيرانيين. وقال: «تسمم التلميذات عمل غير إنساني ومعادٍ للإسلام وعداء مع تعليم النساء وانتقام من حراكهن». وقال: «نأمل في تحديد هوية المسؤولين عن الجريمة المتسلسلة ومحاسبتهم على أفعالهم».
وانتقد إسماعيل زهي، السلطات الإيرانية، على «الكذب» بشأن قتل المحتجين، وكذلك بشأن الهجمات بالغاز السام على مدارس البنات. وقال: «الفتيات اللاتي شاركن في الاحتجاجات الآن يواجهن هذا التعامل».
ودعا إلى وقف مثل هذه التصرفات، وقال: «من يعلمون ولا يتصدون لهذا السلوك لا يستحقون بلادنا». وأضاف: «من يصدق أن المسؤولين والأجهزة الأمنية والعسكرية لا تعرف (المنشأ)؟ يعرفون أشياء بديهية على وجه السرعة، لكن لا يعرفون قضية انتشرت على نطاق واسع»، منتقداً إنكار بعض المسؤولين لوقائع الاحتجاجات، وقال: «أسوأ حاكم يكذب على أمته... الكذب أسوأ أنواع فنون الحكم»، وأضاف: «أكاذيب رجل الدين هي أسوأ أنواع الأكاذيب».
من جانبه، قال إمام الجمعة وممثل المرشد الإيراني في مشهد، رجل الدين المتشدد أحمدي علم الهدى، إنه تجب «مواجهة نزع الحجاب». وقال علم الهدى وهو والد زوجة الرئيس الإيراني: «اليوم، حرب العملة وإشاعة سوء الحجاب، استراتيجيتان للعدو وتجب مواجهتهما». وقال: «لا يمكن للقوة الأمنية للنظام أن تبدي مرونة في هذا المجال... يجب عليكم جميعاً، نساء ورجالاً، أن تواجهوا تيار نزع الحجاب».
- طهران مطالبة بالتحقيق
في جنيف، دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم (الجمعة)، إلى إجراء تحقيق بشفافية في الهجمات. وقالت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شامداساني، في إفادة صحافية: «نعبر عن قلقنا العميق إزاء الاشتباه باستهداف الفتيات عمداً في ظروف تبدو غامضة». وأضافت أنه ينبغي إعلان نتائج التحقيق الحكومي وتقديم الجناة إلى العدالة.
من جانبها، تبقى منظمة الصحة العالمية على اتصال بالسلطات الصحية الإيرانية. وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس، إن الوكالة على اتصال مع السلطات الصحية الوطنية والمتخصصين في المجال الطبي بشأن هذه الحوادث، وكانت «تستخدم وسائل أخرى لاستيعاب ما حدث بشكل أفضل حتى تكون لدينا أدلة أفضل».
بدورها، قالت أنالينا بيربوك وزيرة الخارجية الألمانية اليوم (الجمعة)، إن تقارير عن هجمات بالسم تستهدف تلميذات في إيران، صادمة، ويجب التحقيق فيها بشكل كامل، لتنضم بذلك ألمانيا إلى الولايات المتحدة في التعبير عن المخاوف من الأمر.
وكتبت بيربوك على «تويتر»: «يجب أن تتمكن الفتيات من الذهاب إلى المدرسة بلا خوف... هذا حقهم الإنساني ببساطة. يجب التحقيق بشكل كامل في كل الحالات».
رئيسي يلوم {الأعداء} في قضية التسمم... ومطالب دولية بالتحقيق
إصابة 21 طالبة جامعية في إيران... وإمام جمعة زاهدان ربطها بقمع الاحتجاجات
رئيسي يلوم {الأعداء} في قضية التسمم... ومطالب دولية بالتحقيق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة