حُضْن الأم أفضل من الحضانات الطبية

«مبادرة الاحتضان» قد تنقذ آلاف الخُدّج

حُضْن الأم أفضل من الحضانات الطبية
TT
20

حُضْن الأم أفضل من الحضانات الطبية

حُضْن الأم أفضل من الحضانات الطبية

تبنت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP) مبادرة لتشجيع احتضان الأمهات لأطفالهن الرضع دون الانتظار لتحسن حالتهم الصحية في الحضانات. وتأمل الأكاديمية أن يساعد هذا الإجراء البسيط في إنقاذ حالات آلاف الأطفال.
وأُطلق على هذه المبادرة اسم «رعاية الأم الكنغر Kangaroo Mother Care» أو اختصاراً (KMC) كدليل على أهمية احتواء الرضيع بشكل حميمي أشبه بأنثى الكنغر. والمبادرة مفيدة جداً خصوصاً للرضع الخدج (المبتسرين) premature وقليلي الوزن. وأوصت الأكاديمية أيضاً بضرورة وضعهم على صدر الأم بعد الولادة مباشرةً حيث يمكن للرضيع أن يستفيد من الرضاعة الطبيعية، والأهم إحساس الأمان نتيجة لتلامس جلد الرضيع بشكل مباشر مع جلد الأم (skin - to - skin care) مما يساعد في التحسن.

الاحتضان الأول
أوضحت الأكاديمية، التي تعد أهم مرجعية لطب الأطفال في العالم، أن معظم وفيات الرضع الأكثر ضعفاً في الأغلب تكون في أول 24 ساعة بعد الولادة، ومبادرة الاحتضان يمكن أن تنقذ آلاف الأطفال الذين تفشل معهم التدخلات الطبية الحديثة. وبعيداً عن الجانب النفسي فإن حضن الأم يتفوق على الحضانة الطبية، في تقليل العدوى التي يصاب بها كثير من الرضع خصوصاً إذا استمر وجودهم فترات طويلة، وأيضاً يقلل بشكل ملحوظ من انخفاض حرارة الجسم (عامل من عوامل زيادة خطر الموت في الرضع) فضلاً عن زيادة الوزن بشكل أسرع، كما أن هذا الإجراء يسهم في حماية الأم من اكتئاب ما بعد الولادة وآثاره السيئة.
استندت مبادرة الأكاديمية إلى الكثير من الدراسات. ومؤخراً ذكرت مقالة علمية حديثة نُشرت في مجلة «نيو إنغلاند الطبية The New England Journal of Medicine»، أنه بالمقارنة مع الإجراء الحالي المتَّبَع في حالة الأطفال المبتسرين، وهو وضع الرضع الأكثر عُرضة للخطر في الحضانة لفترة تتراوح بين 3 و7 أيام، يمكن لحضن الأم بالشكل الحميمي أن يسهم في إنقاذ 150 ألف رضيع كل عام على وجه التقريب أي بنسبة مئوية تقترب من 25 في المائة، وهي نسبة كبيرة جداً خصوصاً إذا عرفنا أن هناك 15 مليون طفل مبتسر حول العالم يولدون سنوياً.
ونصحت الأكاديميةُ الأطباءَ بضرورة التعامل مع الإجراء بجدية وعدم الاعتماد على الحضانات كعلاج أوّلي وأساسي للرضع، فضلاً عن اعتبارها الأكثر أماناً، وأوضحت أن صدر الأم يمكن أن يكون أكثر وقاية وحماية من الحضانة، وأن انتظار التحسن الإكلينيكي ثم وضع الطفل على صدر الأم ربما يكون له أثر سلبي بالغ، وذلك حسب أحدث التوصيات التي صدرت من منظمة الصحة العالمية (WHO) في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، حينما قامت بتحديث إرشاداتها الخاصة بـ«رعاية الكنغرو KMC» لتبدأ مباشرة بعد الولادة دون انتظار فترة أولية في الحضانة، وأوضحت أن التلامس الجلدي المبكر والمطوّل والمستمر والرضاعة الطبيعية مفيدة جداً للرضع.

الأم والرضيع
أشارت الأكاديمية إلى معرفتها بوجود صعوبات في تبني هذه المبادرة في الوقت الحالي لعدة عوامل أهمها عدم ثقة الأطباء والعاملين في المجال الطبي في كفاءة الإجراء من الناحية الطبية حتى لو كانت نتائجه النفسية مؤكَّدة، إلى جانب ضرورة تغيير تصميم الرعايات المركزة للأطفال بالشكل الذي يجعلها تتعامل مع وجود الأم والرضيع إذا تطلب الأمر مع ضرورة التأكد من الحالة الصحية للأم وعدم إصابتها بأي أمراض مُعدية، ويتطلب الأمر تغيير ثقافة كاملة في التعامل مع المبتسرين.
من المعروف أن الرضع في العناية المركزة لحديثي الولادة يتعرضون للكثير من المخاطر التي تختلف في حدتها مثل مستويات الضوء والضوضاء الشديدة والإجراءات الطبية المتكررة سواء أخْذ عينات من الدم أو إعطاء أدوية وريدية إلى جانب المشكلات العصبية المتعلقة بالانفصال عن الأم مثل التفاعلات البصرية والصوتية وافتقاد اللمس الحسي بين جلد الأم والرضيع، مما يمكن أن يؤثر على النمو العصبي لهؤلاء المبتسرين إلى جانب التأثير السلبي على الأم وإصابتها بالقلق والتوتر.
يمثل فصل الرضيع عن الأم نوعاً من التوتر العصبي على الرضيع، مما يؤدي إلى خلل في التناغم بين المخ والغدة النخامية والغدة الكظرية (ما فوق الكلية suprarenal gland) يقود إلى إفراز الكورتيزول الذي يعد مؤشراً على التوتر والقلق، والمستويات المرتفعة منه على المدى الطويل يمكن أن تسبب آثاراً جانبية مثل مقاومة الإنسولين وارتفاع نسبة الدهون في الدم ونقص إفراز هرمونات النمو المختلفة إلى جانب التغييرات العصبية في المخ، حيث ترتبط المستويات المرتفعة بالاضطرابات السلوكية.
تعد فكرة الحضن المباشر بعد الولادة نوعاً من العلاج، لأن الدراسات توضح أن عملية ملامسة الجلد للجلد قد تكون وسيلة جيدة لتقليل القلق والتوتر العصبي عند الرضع، وعند إجراء التجارب ارتبط احتضان الأم لطفلها بانخفاض كبير في مستويات الكورتيزول المبكر خصوصاً خلال الفترات الحرجة من النمو في الشهور الأولى من عمر الرضيع. وعلى الرغم من عدم وجود توصيات بمدة معينة لاحتضان الرضع فإن الدراسات تشير إلى أن المدة كلما زادت أسهم ذلك في خروج الطفل من المستشفى سريعاً.
وأكدت الأكاديمية أن الأمر في النهاية متروك للأطباء لتقييم الوضع الطبي بشكل عام وتقرير إذا كانت حالة الرضيع تسمح بوجوده مع أمه من عدمه. وبالطبع هناك فروق فردية وإكلينيكية يمكن القياس عليها وتحديد المكاسب والمخاطر من كل إجراء طبي. وتهدف المبادرة إلى تشجيع الأطباء على منح الفرصة للأمهات بتقديم «رعاية الكنغر» في أسرع وقت ممكن لأنها مفيدة للأم والرضيع معاً وتسهم في التحسن الفعلي وتقلل المضاعفات الوارد حدوثها.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

فوائد صحية «تطيل العمر» تدفعك للمواظبة على شرب القهوة

صحتك الاستهلاك المعتدل للقهوة يعزز الصحة (رويترز)

فوائد صحية «تطيل العمر» تدفعك للمواظبة على شرب القهوة

أكد تحليل حديث قدرة الاستهلاك المعتدل للقهوة على إطالة العمر وتعزيز الصحة. وتشير الأدلة إلى أن استهلاك القهوة يقلل من خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسباب خفية وراء الانتفاخ المزمن واضطرابات الهضم

أسباب خفية وراء الانتفاخ المزمن واضطرابات الهضم

هل تعاني من انتفاخ دائم، عدم ارتياح بعد تناول الطعام، أو نوبات مزعجة من مشكلات الهضم؟ لست وحدك، وقد يكون السبب أعمق من مجرد القولون العصبي أو التوتر،

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك الأغذية الفائقة المعالجة ربما تُعيد برمجة الشهية في المخ

الأغذية الفائقة المعالجة ربما تُعيد برمجة الشهية في المخ

كشفت دراسة حديثة لباحثين في جامعة ماكجيل بكندا وجامعة هلسنكي بفنلندا عن الكيفية التي تُعيد بها الأطعمة فائقة المعالجة تشكيل دوائر الشهية في المخ،

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك تنظيف الأسنان وسيلة فعّالة للمساعدة في خفض معدلات الالتهاب الرئوي (آي ستوك)

احذر معجون الأسنان قد يكون ملوثاً بالرصاص ومعادن ثقيلة

أظهر بحث جديد أن معجون الأسنان يمكن أن يكون ملوثاً بمادة الرصاص وغيرها من المعادن الثقيلة الخطيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 8 نقاط تساعدك في تقييم مستوى شدة نشاطك البدني

8 نقاط تساعدك في تقييم مستوى شدة نشاطك البدني

جميعنا نمارس في كل يوم مقادير مختلفة من النشاط البدني بمستويات مختلفة من «الشدة». وفيما قد يقنع بعضنا بما يمارسه من «مشي معتاد» لفترات متفاوتة،

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

فوائد صحية «تطيل العمر» تدفعك للمواظبة على شرب القهوة

الاستهلاك المعتدل للقهوة يعزز الصحة (رويترز)
الاستهلاك المعتدل للقهوة يعزز الصحة (رويترز)
TT
20

فوائد صحية «تطيل العمر» تدفعك للمواظبة على شرب القهوة

الاستهلاك المعتدل للقهوة يعزز الصحة (رويترز)
الاستهلاك المعتدل للقهوة يعزز الصحة (رويترز)

يُعد السرطان أحد الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة حول العالم. وهو ثاني أكثر أسباب الوفاة شيوعاً بعد داء القلب الإقفاري (مرض يتسم بنقص الأوكسجين في عضلة القلب).

ويتسم علم وبائيات السرطان بالتعقيد، إذ يتأثر بعوامل خطر تتراوح بين الاستعدادات الوراثية وعوامل نمط الحياة القابلة للتعديل. ومن المعروف أن العوامل الغذائية تؤثر على معدل الإصابة بالسرطان.

فوائد القهوة

بدورها، تُعتبر القهوة من أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم، حيث يُنتج منها أكثر من 10 ملايين طن سنوياً. وقد أثار انتشار استهلاك القهوة بحوثاً مكثفة حول آثارها الصحية، وخاصة تأثيرها المحتمل على الأمراض العصبية المزمنة المرتبطة بالعمر، وفقاً لما ذكره موقع «سايكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية.

وقام تحليل حديث ومتطور بتجميع الأدلة المتوفرة من عدة دراسات حول تأثير استهلاك القهوة، وأكد التحليل قدرة الاستهلاك المعتدل للقهوة على إطالة العمر وتعزيز الصحة. وتشير الأدلة الحالية إلى أن استهلاك القهوة يقلل من خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان، ولكن ليس جميعها.

وتتميز المركبات الموجودة في القهوة بمجموعة من الخصائص الهامة النشطة بيولوجياً، ومنها خصائص مضادة للالتهابات وللسرطان وللسكري وللأكسدة، وخصائص وقائية للأعصاب، ومركبات تساعد على التحكم في نسبة السكر في الدم، أو تدعم صحة العظام، أو تُحسّن أيضاً الجلوكوز وحساسية الأنسولين، أو تُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وقد أظهرت أبحاث أن القهوة يمكن أن تُقلل من خطر الإصابة بمرضي باركنسون وألزهايمر.

وتعود التأثيرات الوقائية للقهوة إلى قدرتها على تقليل الالتهابات المزمنة والإجهاد التأكسدي. وتتجاوز فوائد القهوة مجرد احتوائها على مضادات الأكسدة، حيث يُغير الكافيين التركيب الكيميائي للعديد من أنواع الخلايا المرتبطة بتكوين السرطان. ويُعدّل الكافيين سلوك الجينات التي تتحكم في موت الخلايا المبرمج، وتنظيم دورة الخلية، وإصلاح الحمض النووي. ويُمكن للكافيين تحفيز الخلية على التوقف عن الانقسام وتثبيط تكاثر الخلايا السرطانية.

وقد يُقلل استهلاك القهوة من خطر الإصابة بسرطان الجلد والسرطانات المرتبطة بمتلازمة التمثيل الغذائي، مثل سرطان الكبد وسرطان القولون والمستقيم، وسرطانات الجهاز الهضمي، وسرطان البروستاتا، والسرطانات المرتبطة بالهرمونات، مثل سرطان الثدي وسرطان بطانة الرحم.

لكن القهوة ليست فعالة في تقليل خطر الإصابة بجميع أنواع السرطان، فقد أشارت دراسات سابقة إلى أنها قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة. لكن، اختفى هذا الارتباط الواضح عندما تناولت دراسات لاحقة حالات مثل التدخين والسمنة لدى المرضى.