هل تنجح مبادرة المبعوث الأممي في إجراء الانتخابات الليبية؟

(تحليل سياسي)

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي لدى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي لدى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)
TT

هل تنجح مبادرة المبعوث الأممي في إجراء الانتخابات الليبية؟

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي لدى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي لدى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)

تتصاعد في ليبيا حالة من «التأييد والمعارضة» للمبادرة التي أطلقها عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي لدى البلاد، في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، منتصف الأسبوع الماضي، بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية قبل نهاية العام الحالي. وهو ما يطرح السؤال حول مدى إمكانية نجاحها من عدمه. ويتبنى المعارضون للطرح الأممي فكرة عدم التمكن من عقد الاستحقاق العامَ الحالي، ويرون أن «المدة المحددة لإنجازه غير كافية»، لافتين إلى وجود تباينات دولية «عميقة» بشأن المبادرة، التي حيّدت مجلسي النواب و«الدولة»، وتبحث من جديد عن تشكيل لجنة للانتخابات.
في هذا السياق، صعّد عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي من موقفه الرافض للمبادرة، متوعداً «بحمل السلاح في وجه البعثة الأممية، إن تجاوزت مجلسه وتعديله الدستوري». وفق ما نقله عنه (الخميس) موقع «ليبيا 24» الإخباري.
ومن جانبه، تساءل المستشار إبراهيم بوشناف، رئيس مجلس الأمن القومي الليبي، عن «مدى قابلية المبادرة للتطبيق عملياً»، وقال إن المجلس كلّف فيصل بوالرايقة، مدير الإدارة السياسية به، بالتواصل مع البعثة الأممية لطرح وجهة نظر المجلس. ودلل بوشناف على مدى الاعتراضات التي تواجهها مبادرة باتيلي، وقال إن «ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، هي روسيا والصين وفرنسا، لم تقبل بها، كما أن مصر المنخرطة بقوة في الشأن الليبي رفضتها، كما فعل كثير من الليبيين».
ورأى بوشناف أن «المطالبات الملحة بإصلاح النظام الانتخابي في ليبيا لم تتحقق»، معتبراً أن «معايير اختيار المجموعة المقترحة لإنجاز الانتخابات ستكون محل خلافات بين الأفرقاء».
وتقضي المبادرة التي طرحها باتيلي بتشكيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، وزعماء القبائل، والنساء، والشباب، مهمتها الوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وفي جلسة نقاشية أدارها «معهد الولايات المتحدة للسلام»، بحضور باتيلي، والسفير ريتشارد نورلاند المبعوث الأميركي لدى ليبيا، تم التطرق فيها إلى الانتخابات بالبلاد، واعتبروا أنها «لا تزال بعيدة» في ظل الأوضاع السياسية في ليبيا.
وكانت روسيا، التي وعدت بدراسة مبادرة باتيلي، قد تبنت أمام مجلس الأمن خطاباً رافضاً للمبادرة الأممية، حذرت من «أي تسرّع» في تنظيم الانتخابات المنتظرة. ورأى الممثل الروسي أن أي تحرك على مسار الانتخابات «لن يثمر أو يجدي نفعاً دون مشاركة الليبيين كافة فيه»، كما أن «الصيغ الجديدة قد لا تكون ناجحة، بسبب عدم معالجة الأخطاء السابقة».
ويعود جانب من هذه التحفظات إلى أن المبادرة الأممية لم تتطرق إلى آلية تكوين اللجنة الانتخابية المزمع تشكيلها، وعدد أعضائها، وإطار عملها الزمني، وما إذا كانت ستكلف بصياغة «قاعدة دستورية» للانتخابات، أو أنها ستتكفل فقط بالنقاط الخلافية بين المجلسين، وتقر ما سبق أن اتفقا عليه، هذا فضلاً عن البت في مسألة الحكومة التي ستشرف على الانتخابات.
ويفترض أن اللجنة الانتخابية ستكون عوضاً عن «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، الذي سبق أن انتخب السلطة التنفيذية في طرابلس (المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية) في فبراير (شباط) 2020، وهو الأمر الذي سيفتح باب الجدل بين الأفرقاء بالبلاد حول آليات تشكيل اللجنة الجديدة.
في سياق ذلك، وافق المجلس الأعلى للدولة، أمس، بشكل مفاجئ على التعديل الدستوري الثالث عشر، الذي أقره مجلس النواب، وسبق أن رفضه الأول قبل ذلك، وهو ما أرجعه سياسيون ليبيون إلى أن المجلسين «سيمضيان في مسار موازٍ لما طرحه باتيلي، وسيسرعان من وتيرة إنهاء القوانين اللازمة لعقد الانتخابات، وإلا سيخرجان من دائرة الضوء».
وسبق أن انقسم أعضاء المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بشأن التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري، الذي أصدره مجلس النواب ونشره في الجريدة الرسمية. وكان مجلس النواب قد دافع عن الجهود التي بذلها في المسار الدستوري، معتبراً إحاطة المبعوث الأممي «تضمنت مغالطات» بشأن فشل مجلسي النواب و«الدولة» في إقرار القاعدة الدستورية.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

قوى سياسية وعسكرية سودانية تبحث «اليوم الأول» بعد الحرب

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)
اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)
TT

قوى سياسية وعسكرية سودانية تبحث «اليوم الأول» بعد الحرب

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)
اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

شهدت العاصمة المصرية القاهرة اجتماعاً لأكثر من 15 حزباً وتنظيماً، بالإضافة إلى تنظيم العسكريين المتقاعدين المعروف باسم «تضامن»، تناول بشكل أساسي خطة «اليوم الأول» بعد وقف الحرب، وهو أول اجتماع بين قوى سياسية كانت ترفض الجلوس مع بعضها البعض. كما بحث الاجتماع دور القوى المدنية في إيقاف الحرب، وتقريب المواقف وإغاثة الضحايا وبناء مركز مدني موحد في مواجهة خطاب الكراهية.

وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الأحزاب التي شاركت في الاجتماع هي: حزب «الأمة القومي» ومثّله أحمد المهدي وعبد الجليل الباشا، والحزب الشيوعي ومثّله صديق يوسف ومسعود الحسن، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز الحلو، و«المؤتمر الشعبي» مثّله عبد القادر عز الدين، و«المؤتمر السوداني» ومثّله بكري يوسف، وحزب «البعث القومي» ومثّله كمال بولاد، و«الحركة الاتحادية» ومثّلها أحمد حضرة.

كما حضر الاجتماع «التحالف السوداني» ومثّله ماهر أبو الجوخ، والحزب «الوحدوي الناصري» ومثلته انتصار العقلي، والحزب «الوطني الاتحادي» محمد الهادي، و«القومي السوداني» ميرغني إدريس، و«تيار الوسط للتغيير» محمد نور كركساوي، و«التيار الاتحادي الحر» معاوية الشاذلي، وحزب «البعث السوري» بابكر محجوب، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان - التيار الثوري»، بالإضافة إلى ممثلين عن قيادة «تضامن» الذي مثّله اللواء متقاعد كمال إسماعيل، والعقيد متقاعد بجهاز أمن الدولة هاشم أبو رنات.

وأشار المصدر إلى أن أهمية الاجتماع تكمن في أنه «كسر الحواجز» بين القوى السياسية والمدنية، بما يمكّن من التحاور بينها من أجل وقف الحرب واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي. وأضاف أن المجتمعين أقروا عقد اجتماع آخر في وقت قريب من أجل صياغة «دليل عمل» يتضمن موقف القوى المدنية من المحاور الأساسية.

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان) 2023، ظلت قوى مدنية وسياسية تعمل من أجل تكوين «مركز مدني موحد»، يضغط على القادة العسكريين في الجانبين المتحاربين من أجل وقف الحرب، واستعادة التحول المدني الديمقراطي، و«تحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018» التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول عمر البشير.

وأدت مساعي هذه القوى إلى تكوين تحالف باسم «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» المعروف اختصاراً بـ«تقدم»، ويقوده رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك الذي عزله انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قام به قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان مع قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حينما كانا متعاونين قبل أن يتحاربا.

وعلى الرغم من أن تحالف «تقدم» يعد أوسع تحالف مدني تكوّن بعد اندلاع الحرب، فإنه لم يشمل قوى سياسية يسارية، أبرزها «الحزب الشيوعي» الذي كوّن تحالفاً آخر تحت مسمى «تحالف قوى التغيير الجذري»، وحزب «البعث العربي الاشتراكي» الذي كوّن تحالفاً آخر باسم «الجبهة الشعبية العريضة للديمقراطية والتغيير».