أخذت ظاهرة التسمم في مدارس إيران أبعاداً جديدة؛ إذ كلف الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، وزير الداخلية التحقيق، في وقت أكدت فيه السلطات تعرض أكثر من 100 طالبة لـ«التسمم بالغاز» أمس؛ وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية، بعد سلسلة من الحالات المماثلة المسجلة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي أثارت التعاطف بشكل متزايد في البلاد.
وقال رئيس «خدمة الاستشفاء» إن طالبات من 7 مدارس للبنات في مدينة أردبيل (شمال) استنشقن صباحاً مكونات غازية، وجرى نقل 108 أشخاص إلى المستشفى. وأوضح أن الحالة العامة للطالبات في تحسن، وفق وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».
وأظهرت نتائج فحوصات السموم التي توصلت إليها وزارة الصحة ونقلها نائب، أن المادة السامة المستخدمة في قم تتكون بشكل خاص من غاز النيتروجين N2. المصنوع بشكل أساسي من النيتروجين والمستخدم في الصناعة أو سماداً زراعياً.
وبعد رصد التسمم في مدن طهران وقم وأردبيل وبروجرد، امتدت الظاهرة إلى مدينة كرمانشاه ذات الأغلبية الكردية في غرب البلاد.
وأفادت وسائل الإعلام بحالات تسمم جديدة في 3 مدارس على الأقل في طهران؛ ففي مدرسة ثانوية في غرب العاصمة، أصيبت الطالبات «بالتسمم جراء رش نوع من الرذاذ»؛ على ما نقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن آباء الطالبات. وأفاد المصدر نفسه بوصول خدمات الطوارئ إلى الموقع.
وأظهرت مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي تجمعات لأسر الطالبات، ويسمع منها هتافات منددة بالنظام، كما ردد بعض الأهالي شعار: «المرأة... الحياة... الحرية» الذي تحول إلى شعار أساسي في الاحتجاجات التي هزت البلاد بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى «شرطة الأخلاق» بدعوى «سوء الحجاب» في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقدرت المتحدثة باسم لجنة الصحة البرلمانية، زهراء شيخي، الأربعاء، إصابة نحو 800 طالبة في مدينة قم منذ تسجيل أولى حالات التسمم عبر الجهاز التنفسي في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، و400 في بروجرد (غرب).
وكانت قناة «بي بي سي - فارسي» قد ذكرت الثلاثاء أنها أجرت تحقيقاً استقصائياً أظهر إصابة أكثر من 830 شخصاً؛ من بينهم 650 طالبة، بحالات تسمم خلال 3 أشهر. وشمل التحقيق الحالات التي رُصدت حتى 26 فبراير (شباط) الحالي.
كلف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الأربعاء، وزير الداخلية، أحمد وحيدي، «متابعة القضية في أسرع وقت ممكن... وإطلاع» الناس على سير التحقيق من أجل «تبديد مخاوف الأهالي»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الموقع الإلكتروني للرئاسة.
وبعد ظهر أمس، قال وحيدي للصحافيين إن السلطات ما زالت تحقق مع «المسؤولين المحتملين» عن حالات التسمم، لكن لم يجر توقيف أي أحد حتى الآن. وأضاف: «حتى الآن ليس لدينا تقرير نهائي يشير إلى استخدام مادة معينة ذات طبيعة سامة» لتسميم الطالبات.
جاء ذلك، بعدما قال وزير الصحة الإيراني، بهرام عين اللهي، إن مئات الفتيات الإيرانيات في مدارس مختلفة تعرضن لهجمات «تسميم خفيفة» خلال الأشهر القليلة الماضية.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن عين اللهي قوله: «التحقيق في مصدر هذا السم الخفيف... وما إذا كان تحركاً مقصوداً، ليس من اختصاص وزارتي». وقال إن التسمم ليست له أعراض جانبية، لكنه أشار إلى «ضعف العضلات والخمول والغثيان لساعات».
وأثارت القضية غضباً في البلاد، وندد البعض بصمت السلطات عن العدد المتزايد من المدارس التي شهدت هذه الظاهرة. وقالت وزارة الصحة، الأحد، إن «بعض الأفراد» يسعون عبر ذلك إلى «إغلاق كل المدارس، خصوصاً مدارس الفتيات».
وفي عام 2014، تظاهر الناس في شوارع مدينة أصفهان بعد موجة هجمات باستخدام الأحماض بدا أن هدفها هو ترويع النساء اللائي ينتهكن قواعد الزي الإسلامي الصارمة في البلاد.
وكتبت السياسية الإصلاحية، أذر المنصوري، على «تويتر»: «لو كانت هويات منفذي الهجمات بالأحماض قد حُددت وعوقبوا آنذاك؛ لما تجرأت مجموعة من الرجعيين على فتياتنا البريئات في المدارس»؛ وفق «رويترز».
وانتقد كثير من كبار رجال الدين والمشرعين والساسة الحكومة؛ لأنها لم توقف هجمات السم، ولأنها أعلنت عن أسباب متناقضة لها. وحذر البعض بأن تفشي الإحباط لدى العائلات قد يشعل مزيداً من الاحتجاجات.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رجل الدين طباطبایي بروجردي قوله: «يدلي المسؤولون بتصريحات متناقضة... أحدهم يقول إنها متعمدة، وآخر يقول إنها مرتبطة بالأمن، ومسؤول ثالث يلقي باللوم على أنظمة التدفئة في المدارس».
ووجه «مجمع المدافعين عن حقوق الإنسان»؛ الذي ترأسه المحامية شيرين عبادي، رسالة إلى الأمم المتحدة حول تسميم الطالبات.
وفي إشارة إلى الاحتجاجات الأخيرة؛ قالت الرسالة إن السلطات «لجأت إلى تسميم جماعي لعدد كبير من التلميذات في المدارس الثانوية لترهيب الأسر؛ خصوصاً الفتيات».
تسمم تلميذات المدارس يأخذ أبعاداً جديدة في إيران
رئيسي يأمر وزير الداخلية بالتحقيق
تسمم تلميذات المدارس يأخذ أبعاداً جديدة في إيران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة