جمهوريون يدعون إلى «محاسبة» بكين

بعد ترجيحات أميركية بـ«تسرب كورونا» من مختبر صيني

يضعون الكمامات في أحد شوارع هونغ كونغ أمس (أ.ف.ب)
يضعون الكمامات في أحد شوارع هونغ كونغ أمس (أ.ف.ب)
TT

جمهوريون يدعون إلى «محاسبة» بكين

يضعون الكمامات في أحد شوارع هونغ كونغ أمس (أ.ف.ب)
يضعون الكمامات في أحد شوارع هونغ كونغ أمس (أ.ف.ب)

أثار تقرير جديد لوزارة الطاقة الأميركية حول أصول فيروس «كورونا» جدلاً واسعاً حول القضية في الولايات المتحدة وحول العالم. فـ«ترجيح» الوزارة أن الفيروس تسرّب من مختبر صيني، ولّد انتقادات حادة لإدارة الرئيس الحالي جو بايدن من قبل الجمهوريين، وزاد من التوتر في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
وفيما رفض مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك سوليفان تأكيد التسريبات التي نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، والتي أشارت إلى أن «تسريباً» في الصين أدى «على الأرجح» إلى التسبب بالوباء، إلا أنه أشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن أصدر توجيهات للمجتمع الاستخباراتي للتحقق من مصدر الفيروس.
وأضاف سوليفان «الرئيس بايدن طلب بشكل محدد من المختبرات الوطنية التابعة لوزارة الطاقة أن تكون جزءاً من هذا التقييم؛ لأنه يريد استعمال كل وسيلة بحوزتنا لتحديد ما الذي حصل».
لكن هذا الموقف لم يمنع الجمهوريين من الإعراب عن غضبهم الشديد لدى سماع تقييم وزارة الطاقة، وهو تقييم مختلف عن موقفها السابق الذي لم يحسم مصدر الفيروس من قبل.
وقال مسؤولون أميركيون إن ترجيح الوزارة «منخفض الثقة» وغير مؤكد، مشيرين إلى أن مصدر تسرب الفيروس هو مختبرات صينية تقوم بأبحاث بيولوجية وليس شبكات تجسس أو أمن قومي.
وغرّدت النائبة الجمهورية مارجوري غرين: «الأشخاص أنفسهم الذين تهكموا علينا وألغوا آراءنا وأرادوا زجنا في السجن؛ لأننا قلنا إن الفيروس أتى من مختبر في ووهان، بدأوا يقولون ما قلناه نحن منذ البداية». وتوعّد الجمهوريون الذين شكلوا لجنة خاصة للنظر في مصدر الفيروس، وتعاطي إدارة بايدن مع الوباء، بعقد جلسات استماع للتحقيق في القضية، أولها جلسة تعقد يوم الثلاثاء في لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي للتحقيق في «رد الإدارة على انتشار الوباء». وقال النائب الجمهوري مايك غالاغر الذي يترأس اللجنة الخاصة للتحقيق بشأن الفيروس أن لجنته ستنظر في شهر مارس (آذار) في جهود الصين لـ«التأثير على المنظمات الدولية كمنظمة الصحة العالمية»، والتي استبعدت أن يكون مصدر الفيروس تسريباً من المختبرات الصينية. وأضاف غالاغر «الأدلة تتراكم منذ أكثر من عام لمصلحة النظرية القائلة إن مصدر الفيروس تسرب مختبري. وأنا سعيد أن بعض الوكالات الأميركية بدأت بالاستماع إلى المنطق وتغيير تقييمها حول القضية».
واتفق رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيم جوردان مع تقييم زميله، فقال: «الحكومة باتت تعترف الآن بما يعلمه الأميركيون منذ فترة». وسعى صقور الحزب إلى التشديد على القضية الأهم بالنسبة إليهم وهي محاسبة الصين. فقال السيناتور الجمهوري توم كوتون: «لا يهم إن ثبت أننا كنا على حق. ما يهم هو محاسبة الحزب الشيوعي الصيني للحرص على عدم حصول أمر مشابه مرة أخرى». ودعم السيناتور الجمهوري دان سوليفان هذا الموقف، فقال: «الصين بلد ليس لديه مشكلة بالكذب على العالم بشكل علني».
وذكّر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايك مكول بالتحقيقات التي أجرتها لجنته في العام 2021، التي خلصت إلى أن مصدر الفيروس هو مختبر صيني. فقال: «منذ عام ونصف العام وبعد تحقيقات مكثفة، أصدرتُ تقريراً يشير بالأدلة الدامغة إلى أن فيروس (كورونا) تسرب من معهد ووهان للفيروسات بسبب الظروف الخطرة وغير الآمنة في المختبر، وأن هذا التسرب تحول إلى وباء عالمي لأن الحزب الشيوعي الصيني سعى إلى التستر على أخطائه بدلاً من تحذير العالم». ودعا مكول الإدارة الأميركية إلى البدء بالتنسيق فوراً مع الشركاء والحلفاء لمحاسبة الصين، ووضع ضوابط عالمية للحرص على عدم حصول أمر مشابه مجدداً.

الصين تعترض
واعترضت بكين بشدة على الفرضية التي طرحتها وزارة الطاقة الأميركية. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ خلال تصريحه اليومي: «لا بد من الكف عن التلويح بهذه النظرية المتعلقة بحدوث تسرب من مختبر، والكف عن تشويه سمعة الصين، والتوقف عن تسييس الأبحاث المتعلقة بمنشأ الفيروس». وقال نينغ إن «خبراء من الصين ومنظمة الصحة العالمية، وبناءً على زيارات ميدانية لمختبرات في ووهان ومحادثات متعمقة مع الباحثين، توصلوا إلى استنتاج موثوق مفاده أن خيار التسرب من المختبر غير مرجح إلى حد كبير».
وفي فبراير (شباط) 2021، خلص خبراء من منظمة الصحة العالمية وعلماء صينيون، إلى أنه «غير محتمل إلى حد كبير»، أن يكون الفيروس تسرب إثر حادث في معهد علم الفيروسات الصيني في ووهان، وفضلوا فرضية المنشأ الطبيعي للفيروس، وانتقاله إلى البشر عن طريق حيوان «وسيط». وفي تعقيب، قالت منظمة الصحة العالمية، أمس الاثنين، إنها «اطلعت على المقالات الصحافية، لكنها لم تتلقَ أي معلومات» حول الموضوع.
وقال المتحدث باسم المنظمة طارق جاساريفيتش: «ستواصل منظمة الصحة العالمية والمجموعة الاستشارية العلمية حول منشأ مسببات المرض الجديدة SAGO مراجعة جميع الأدلة العلمية المتاحة التي يمكن أن تساعد في تقديم المعرفة بالنسبة لمنشأ فيروس (سارس - كوف 2)، وندعو الصين والمجتمع العلمي لإجراء الدراسات اللازمة لذلك». وأضاف «في انتظار مزيد من العناصر، تظل جميع الفرضيات على الطاولة».


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

روما تعتزم استضافة اجتماع لوزراء دفاع مجموعة السبع لأول مرة

تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)
تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)
TT

روما تعتزم استضافة اجتماع لوزراء دفاع مجموعة السبع لأول مرة

تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)
تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)

أعلن وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو، اليوم (السبت)، أنّ روما ستنظّم للمرة الأولى اجتماعاً لوزراء دفاع مجموعة السبع، من دون تحديد موعد لذلك، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبحسب بيان صادر عن وزارته، قال كروسيتو في براغ خلال مشاركته في منتدى غلوبسيك الذي يناقش خصوصاً الدفاع والسياسة الخارجية الأوروبية «لم يكن هناك اجتماع لمجموعة السبع مخصّص للدفاع، سيكون هناك واحد للمرة الأولى هذه السنة في إيطاليا لأنني أردت بشدّة أن تتعامل مجموعة السبع مع (موضوع) الدفاع».

وأضاف «أرى من السخيف أن تهتم مجموعة السبع بالسياحة... ولا تهتم أبداً بالدفاع».

وتترأس إيطاليا مجموعة السبع هذه السنة. وإضافة إلى إيطاليا، تضم هذه المجموعة كندا وفرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

كذلك، أعرب كروسيتو عن دعمه لقرار رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الذي أعلنته الجمعة في براغ، والذي ينص على إحداث منصب مفوّض للشؤون الدفاعية.

وقال «هذا خيار عادل للغاية، لم تهتم أوروبا أبداً بالدفاع، حتّى أنّه ليس هناك مفوضية للدفاع في الاتحاد الأوروبي».

وأضاف «يشير خيار أورسولا فون دير لايين إلى مسار جديد بالنسبة لأوروبا بدأ غداة الغزو الروسي لأوكرانيا».

وتابع الوزير الإيطالي «اعتقدنا أنّه يكفي أن نكون أصدقاء مع الولايات المتحدة وأن ذلك سيضمن مستقبلنا وأنّنا يمكن أن نكون مسالمين ونعيش في أمان من دون أي كلفة».

وختم «اكتشفنا أنّ الأمر لم يكن كذلك وأننا يجب أن نستثمر في الأمن وأن قواتنا المسلّحة، في جميع الدول الأوروبية، لم تكن مستعدة لتلقي صدمة حرب لأنها كانت مُعدّة أصلاً للمشاركة قدر الإمكان في بعض البعثات الدولية».