هل ليبيا في انتظار قرار دولي جديد؟

موالون لسيف القذافي يحذرون مجدداً من محاولة إقصائه

لقاء يجمع المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بمقر الأمم المتحدة مطلع الأسبوع  الحالي (البعثة الأممية)
لقاء يجمع المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بمقر الأمم المتحدة مطلع الأسبوع الحالي (البعثة الأممية)
TT

هل ليبيا في انتظار قرار دولي جديد؟

لقاء يجمع المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بمقر الأمم المتحدة مطلع الأسبوع  الحالي (البعثة الأممية)
لقاء يجمع المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بمقر الأمم المتحدة مطلع الأسبوع الحالي (البعثة الأممية)

تكثّف الأطراف الدولية المعنية بالأزمة الليبية جهودها راهناً، لإيجاد «حل فعّال» لتحريك الأوضاع المتجمدة بالبلاد، بينما فرقاء السياسة في الداخل لا يزالون مختلفين حول المسار الدستوري اللازم لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المرجوة هذا العام.
ومنذ بداية الشهر الجاري، يتوقع الليبيون حدوث «متغير ما» قد يطرأ على مسار قضيتهم بالنظر إلى اجتماعات دولية عديدة، وتحركات أممية على صُعد مختلفة.
ويعزز هذا الاعتقاد، اتفاق عبد الله باتيلي المبعوث الأممي، مع أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي ونائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، داي بينغ، مطلع الأسبوع الجاري، على ضرورة دعم إجراء الانتخابات الليبية قبل نهاية العام الجاري، بجانب اقتراح البعثة تشكيل لجنة رفيعة المستوى تُعنى باستكمال القوانين الانتخابية، وهو ما يُنظر إليه على أنه «تجاوز لدور مجلسي النواب و(الدولة)».
وكشف باتيلي، جانباً من فحوى لقائه مع بلينكن، مغرداً عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «اتفقنا على ضرورة دعم المجتمع الدولي لحل تيسره الأمم المتحدة، ويملك زمامه الليبيون من أجل إجراء الانتخابات عام 2023، بوصفها الوسيلة المثلى لتلبية تطلعات الليبيين إلى وجود مؤسسات شرعية».
بيد أن طبيعة الأوضاع المتداخلة في ليبيا لا تجدي معها نفعاً المواعيد المُسبقة التي تضربها الأطراف الدولية لإجراء الاستحقاق المنتظر، دون حل المعضلة من الداخل، حسب متابعين محليين. فعلى سبيل المثال، لا تزال التخوفات التي يظهرها أنصار النظام السابق من إقصاء سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، من المشهد السياسي، حاضرة في أذهانهم، قياساً على محاولات استبعاده في الانتخابات المؤجلة نهاية 2021.
وبشأن ما إذا كانت ليبيا ستتمكن من إجراء الاستحقاق المؤجل قبل نهاية هذا العام، يتمسك إدريس إحميد، المحلل السياسي الليبي، بضرورة وجود حل ليبي - ليبي مبدئياً، بعيداً عن التدخلات الخارجية، لافتاً إلى ما تشهده البلاد من صراع روسي - أميركي، بجانب الخلافات الواضحة داخلياً بين الأطراف الرافضة لشروط الترشح للانتخابات.
وأرجع إحميد ذلك إلى «عمق الأزمة الليبية وانعدام الثقة بين الأطراف السياسية»، متابعاً في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «إذا أردنا إجراء انتخابات؛ فلا بد أن يكون هناك حل ليبي - ليبي واضح، بجانب الانخراط في مصالحة وطنية حقيقية، بين الأطراف المتصدرة للمشهد السياسي بحيث تصل إلى اتفاق».
وذهب إحميد، إلى أنه «في ظل هذه الفوضى والانقسام؛ لا يمكن إجراء انتخابات في البلاد هذا العام”، ورأى أن «التدخل الخارجي سبق أن أفشل إجراء الانتخابات السابقة، خصوصاً مع رفض الولايات المتحدة بعض المرشحين للرئاسة».
وبالعودة إلى لجنة الانتخابات رفيعة المستوى التي اقترحتها البعثة الأممية، فقد عدها خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا «غير مقبولة»؛ إذ رأى أن قرار تشكيلها ينص على أن قراراتها لن تكون ملزمة إلا بعد موافقة باتيلي، وهو «ما يمس السيادة الوطنية للدولة»، وفقاً لوصفه.
وقبل أن يتم الإعلان بشكل رسمي عن اللجنة، قال المشري في تصريحات إعلامية، إن مشروع إحاطة باتيلي، الذي عرضه على الدول المجتمعة في واشنطن احتوى على «كوارث»، وزاد: «باتيلي يريد أن يكون الحاكم الحقيقي في ليبيا، وأن يُقر التشريعات الانتخابية».
ومن المرجح أن تضم اللجنة قرابة أربعين شخصية ليبية بحد أقصى، على أن يكونوا من الشخصيات السياسية الرئيسية وقادة المكونات القبلية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني والجهات الأمنية، ومندوبين عن النساء والشباب.
ما تنتظره ليبيا وفق التحركات الدولية التي جرت خلال الأسبوع الفائت، لا يتوقف على لجنة الانتخابات المقترحة من البعثة فقط، بل ما لمح إليه نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، بشأن وجود «خطة بديلة محتملة» لتجاوز حالة الفشل في الوصول إلى حل داخلي في ليبيا، وفق ما نقلته عنه قناة «ليبيا الأحرار».
وعادة ما تثير التحركات الدولية، هواجس ومخاوف قطاعات ليبية كثيرة، ويترجمونها على أنها تدخُّل في شؤون بلادهم، وهنا يتحدث سعد السنوسي البرعصي القيادي في تيار المرشح سيف الإسلام القذافي، عن توجه دولي لإجراء انتخاب البرلمان أولاً، على أن يتولى الأخير انتخاب رئيس البلاد المقبل.
وعدّ البرعصي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» هذا الاتجاه «عرقلة متعمدة للانتخابات الليبية، وتمكيناً لتيار الإسلام السياسي من السلطة في ليبيا»، محذراً في السياق ذاته من محاولات لإقصاء سيف الإسلام القذافي، وقال: «إن حدث ذلك فستكون ضربة قاصمة للجهود المبذولة تجاه المصالحة الوطنية، وستجر البلاد إلى مزيد من التشرذم والاقتتال والفوضى».
ورأى البرعصي أن «الخيار الحقيقي والعملي يتمثل في الاحتكام إلى الشعب الليبي من خلال انتخابات مباشرة ليقرر من يحكمه، وعلى الجميع احترام ذلك، دون إقصاء أي مرشح بعينه؛ وذلك إذا أراد العالم نهاية حقيقية للصراع القائم في ليبيا».
وفي سياق إجراء انتخابات برلمانية أولاً دون الرئاسية، رفض عدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني هذا المقترح، وقالوا في بيان اليوم (الاثنين) إن الأجسام السياسية الحالية «عجزت عن إيجاد صيغة توافقية لإجراء الانتخابات؛ ما ترتب عليه تدهور وتردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والمعيشية في ليبيا».
وطالبت الأحزاب والمنظمات، بعقد الانتخابات الرئاسية المباشرة والبرلمانية بشكل متزامن في أقرب الآجال ليختار الشعب الليبي، معلنة رفضها أي خيارات أخرى «قد تُطيل عمر الأجسام القائمة الآن، وتستبعد دور الأحزاب في إيجاد تسوية سياسية عادلة وشاملة ومستدامة».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.