جرى أخيرا بمراكش، الافتتاح الرسمي لمتحف التراث اللامادي بالمقر القديم لبنك المغرب، بساحة جامع الفنا، وذلك بحضور عدد من المسؤولين والمثقفين والمساهمين في أشغال ترميم البناية وإنجاز هذا الفضاء المتحفي، الذي سيمكن زوار المدينة من اكتشاف تاريخ الساحة الشهيرة، وأخذ فكرة عن الحلقة وسائر الفنون التي تقترحها، مع التحسيس بقيمتها الحضارية وخلفيتها التراثية، ما يستدعي الحفاظ عليها.
والمتحف هو ثمرة شراكة بين المؤسسة الوطنية للمتاحف، وولاية جهة مراكش - آسفي، وجماعة (بلدية) مراكش، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، وبنك المغرب، والباحث حميد التريكي، ويحظى بدعم منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، ومجموعة من المؤسسات.
وصمم المتحف بشكل يسلط الضوء على تاريخ ساحة جامع الفنا، المصنفة تراثا ثقافيا للإنسانية من طرف منظمة اليونيسكو سنة 2008، وهو التصنيف الذي تذكر به لوحة تم نصبها على بعد أمتار من البناية المخصصة لهذا الفضاء المتحفي، كتبت بثلاث لغات، العربية والفرنسية والإنجليزية، تقول: «أعلنت منظمة اليونسكو الفضاء الثقافي لساحة جامع الفنا تحفة من التراث الشفوي واللامادي للإنسانية. تقع ساحة جامع الفنا في قلب المدينة القديمة، وتعد ملتقى ثقافيا وفنيا يجتمع فيه، فضلا عن سكان الحاضرة، الرواة والبهلوانيون والموسيقيون والراقصون ومروضو الأفاعي والشفاة والعرافون. وتعد كذلك فضاء للتبادل التجاري وفضاء ترفيهيا، كما تعد نموذجا لتخطيط حضري يعطي الأولوية للسكان والتعابير الثقافية واللقاءات والمبادلات. تجسد هذه اللوحة الاعتراف العالمي بالغنى المتميز لهذه الساحة وبالرمز الذي أصبحت تمثله».
ويكشف هذا الفضاء المتحفي الذي صمم في تناغم مع المبنى الذي يحتضنه، عن جزء خاص بالعملات احتفاء بـ«بنك المغرب(المصرف المركزي )» والعاملين به، فضلا عن فضاء مخصص لتقديم الساحة عبر الفنون التي تميزها، من خلال الرسم والمسرح والسينما والتصوير الفوتوغرافي، مع عرض عملين فنيين لجاك ماجوريل، يجسدان المشاهد اليومية للساحة، إضافة إلى لوحات فنانين تركوا بصمتهم على مستوى الفن التشكيلي المغربي.
وكان ماجوريل، الذي ولد في مدينة نانسي الفرنسية عام 1886، قبل أن يحل بمراكش لأول مرة عام 1919، حيث وجد السحر والفضاء الملائم ليستقر وليواصل مهنته وهوايته كرسام، اقتنى في عام 1924 قطعة أرض عمل على أن يجعل منها حديقة، اشتهرت لاحقا باسم «حديقة ماجوريل»، وأصبحت عنوانا ووجهة سياحية، وهي الحديقة التي تم افتتاحها عام 1947 أمام الزوار.
كما يقدم المتحف معرضا مخصصا لساحة جامع الفنا وللفاعلين فيها، يتوزع مساره بين تاريخ مراكش وساحة جامع الفنا، وتقديم الحلقة وروادها، وكذا أسرار مهاراتهم ومهنتهم.
ومن شأن افتتاح هذا الفضاء المتحفي أن يغني العرض السياحي بالمدينة الحمراء، بشكل يعطي قيمة مضافة لوجهتها، علاوة على ما يمثله على مستوى حفظ ذاكرة ساحة تقاوم التحولات الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بها
افتتاح متحف التراث اللامادي بساحة جامع الفنا في مراكش
افتتاح متحف التراث اللامادي بساحة جامع الفنا في مراكش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة