السلطة الفلسطينية ترد على عملية نابلس بوقف الاتصالات مع تل أبيب

قررت التحرك باتجاه مجلس الأمن... وإسرائيل تستعد لعمليات انتقامية

فلسطينيون يتفقدون منزلاً هُدم خلال غارة للجيش الإسرائيلي على البلدة القديمة في نابلس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون منزلاً هُدم خلال غارة للجيش الإسرائيلي على البلدة القديمة في نابلس (أ.ف.ب)
TT

السلطة الفلسطينية ترد على عملية نابلس بوقف الاتصالات مع تل أبيب

فلسطينيون يتفقدون منزلاً هُدم خلال غارة للجيش الإسرائيلي على البلدة القديمة في نابلس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون منزلاً هُدم خلال غارة للجيش الإسرائيلي على البلدة القديمة في نابلس (أ.ف.ب)

أوقفت العملية العسكرية في نابلس التي شنها الجيش الإسرائيلي، أول من أمس (الأربعاء)، وراح ضحيتها 11 فلسطينياً، جميع الاتصالات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بعدما شعرت السلطة بأنها تلقَّت ضربة غادرة، بعد يومين فقط من سحبها مشروع التصويت على قرار في مجلس الأمن يدين المستوطنات، وفق اتفاق رعته الولايات المتحدة وكان يقضي بوقف جميع «الإجراءات الأحادية» من قِبَل الطرفين، بما في ذلك اقتحامات الجيش لمناطق السلطة الفلسطينية.
وقالت مصادر فلسطينية مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» إن جميع الاتصالات توقفت، بما في ذلك اتصالات كانت تهدف لتعزيز الاتفاق باتفاقات أخرى لجهة بناء الثقة بين الجانبين. وأكدت المصادر أن القيادة الفلسطينية، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قرَّرت وقف الاتصالات والتحرك فوراً باتجاه مجلس الأمن لطلب الحماية الدولية، في خطوة أولى قد تتبعها خطوات أخرى، بينما تقرر إبقاء التنسيق الأمني معلقاً.
وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير»، حسين الشيخ، قد أكد، في تغريدة، أن القيادة الفلسطينية قررت الذهاب إلى «مجلس الأمن الدولي» لطلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني «في ظل استمرار جرائم الاحتلال»، قبل أن يعلن المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أن مشاورات بدأت فعلاً مع رئيس مجلس الأمن حول كيفية حماية الشعب الفلسطيني.
التحرك الفلسطيني جاء بعد تلقي السلطة ضربتين، في أعقاب الاتفاق الأخير: الأولى في الهجوم الدامي على نابلس، والثانية عبر قرار إسرائيلي بالمصادقة على بناء 3 آلاف وحدة استيطانية.
وتمت المصادقة على الوحدات الاستيطانية، أمس (الخميس)، على الرغم من التزام إسرائيلي واضح للولايات المتحدة بأنها ستمتنع عن دفع أي خطط استيطانية خلال عدة شهور، مقابل سحب السلطة مشروع التصويت في مجلس الأمن.
وقال موقع صحيفة «هآرتس» العبرية إن «المجلس الأعلى للتخطيط والبناء الإسرائيلي» في الضفة المحتلة، سينعقد، مرة أخرى، أمس، ويصادق على بناء 4 آلاف وحدة أخرى، وهذا العدد هو الأكبر من حيث الوحدات السكنية الاستيطانية التي يتم المصادقة عليها خلال العامين الماضيين.
ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية المصادقة الإسرائيلية على بناء وحدات استيطانية جديدة، كجزء من آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة التي أقرها «الكابينت» الإسرائيلي سابقاً، واعتبرتها «امتداداً لجرائم الاحتلال».
وقالت إن السياسة «الاستعمارية العنصرية للاحتلال قائمة على الضم التدريجي الصامت للضفة الغربية المحتلة»، وهي استخفاف إسرائيلي رسمي بقرارات الشرعية الدولية وبيان مجلس الأمن الدولي الأخير الذي صدر بإجماع الدول الأعضاء.
ولم يعقب المسؤولون الإسرائيليون فوراً على مسألة البناء الاستيطاني، لكن مسؤولين عسكريين قالوا إنه لا أهمية لأي تفاهمات فيما يخص الوضع الأمني. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي رداً على ما إذا كان الهجوم على نابلس سيؤدي إلى تقويض التفاهمات وإشعال الأوضاع قبل رمضان إن «الدوافع المشتعلة كثيرة بالفعل، وهي نفسها التي كانت في عام 2022 ولا تزال. كل ما هو مطلوب منا أن نكون على استعداد لهجمات انتقامية؛ ليس فقط في الضفة، ولكن أيضاً بالقدس، وحتى من الداخل وغزة. نحن نعزز القوات في كل الجبهات والنقاط».
وأضاف: «سنواصل عملياتنا بقدر ما هو مطلوب ووفق الحاجة لذلك... لا أهمية لأي تفاهمات ما دام هناك خطر يتعلق بأمننا». ولاحقاً أقرت مصادر إسرائيلية بأن العملية في نابلس شكلت نهاية سريعة للتفاهمات. ونقلت القناة «12» العبرية أن هناك انتقادات من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لعملية اقتحام نابلس، لأنها أضرت باحتمال تهدئة الأوضاع ميدانياً.
وقالت مصادر إن قرار الاقتحام اتخذ من قبل القيادات الميداني، ولو كان عبر مستويات قيادية أعلى، لكان الأمر مختلفاً. وبدلاً من «تفاهمات التهدئة» تستعد إسرائيل لتصعيد وعمليات انتقامية في الضفة وغزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي والشرطة كذلك رفع مستوى التأهب استعداداً لرد عنيف محتمل على العملية الدامية. وقالت الشرطة إن رفع حالة التأهب سيشمل تركيز جهود أمنية إضافية في البلدات القريبة من الجدار الفاصل بالضفة الغربية والقدس ومدن مركزية أخرى، ونشر عدد من وحدات شرطة حرس الحدود الاحتياطية في القدس الشرقية. وقال مسؤول عسكري كبير للصحافيين، إن الجيش الإسرائيلي يتوقع رداً محتملاً على العملية العسكرية.
وقال الجيش الإسرائيلي في وقت متأخر من يوم الأربعاء، إن مسلحين فلسطينيين فتحوا النار من سيارة عابرة عند نقطة تفتيش تحرس بؤرة حومش الاستيطانية غير القانونية في شمال الضفة الغربية. وأمس، أعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية عن حادثة، عندما أقدمت امرأة فلسطينية على محاولة طعن حارس أمن عند مدخل مستوطنة «معالي أدوميم» في الضفة الغربية، وتم إطلاق النار عليها، ووُصفت إصابتها بـ«المتوسطة حتى الخطيرة».
وأكد مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية كانت تتوقع وتستعد لتداعيات محتملة لعملية نابلس، بما في ذلك ضربات انتقامية في الضفة الغربية والقدس وأماكن أخرى داخل إسرائيل، أو إطلاق صواريخ من الفصائل الفلسطينية من داخل قطاع غزة. وفعلاً أطلقت فصائل صواريخ من غزة، أمس (الخميس).
وتعيش الأراضي الفلسطينية حالة غضب غير مسبوق بعد الهجوم الإسرائيلي على نابلس.
وشلّ الإضراب الشامل جميع مناحي الحياة في الأراضي الفلسطيني «حداداً على أرواح شهداء نابلس»، وأغلقت المدارس والجامعات، والمصارف، والمحلات التجارية، أبوابها، وسط دعوات إلى الاستمرار بفعاليات المواجهة مع الاحتلال في كل مدينة وقرية ومخيم، والخروج في مسيرات غضب.
وقالت القوى الوطنية في بيان إن هذا الإضراب يأتي إسناداً لنابلس العصية على الانكسار، وإن «شعبنا الوفي سيدافع عن نفسه أمام فاشية الاحتلال، ولن ترهبه المجازر».
وأمام هذا الوضع المتفجّر، انبرى المحللون الإسرائيليون في قراءة «أين ستهب الرياح المقبلة؟»، وقال معلق الشؤون الفلسطيني، آفي سخاروف، بصحيفة «يديعوت أحرنوت»، إن الاتجاه واضح، والتصعيد مقبل. واعتبر أن العملية في وضح النهار بقلب نابلس ربما كانت ضرورية لمنع هجوم، لكن دوماً هناك ثمن لمثل هذه العمليات.
وحذر سخاروف من أنه من الصعب تحديد المدة التي ستفضل «حماس» خلالها إبقاء غزة خارج اللعبة.
وقال عاموس هرئيل المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس» العبرية إن ما حدث سيؤدي إلى مزيد من الهجمات الانتقامية بالضفة وإطلاق الصواريخ من غزة. واعتبر أن هذا النوع من العمليات وخطوات أخرى ستعزز الصراع أكثر من تفاديه.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

«هدنة غزة»: مطالبات بزيادة الجهود الدولية لتجاوز «الشكوك والفجوات»

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمَّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمَّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: مطالبات بزيادة الجهود الدولية لتجاوز «الشكوك والفجوات»

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمَّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمَّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

برزت في القاهرة تأكيدات مصرية على أهمية زيادة الجهود الإقليمية والدولية لإنجاز وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تزامناً مع مفاوضات غير مباشرة تستضيفها الدوحة بين طرفَي الحرب المشتعلة منذ أكثر من عام.

وتكشف تلك المطالبات المتزامنة مع حديث مسؤولين أميركيين عن وجود «شكوك وفجوات» تحيط بالمحادثات، وجود «عدم يقين» بشأن الاتفاق، حسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، واستبعدوا أن يجري الاتفاق في الوقت المتبقي من ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، مع استمرار جولات المحادثات دون «ترتيبات أو تنازلات حقيقية» على أن يكون الاتفاق قبيل أو مع تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري.

وناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، التطورات في قطاع غزة، وأكد «أهمية مواصلة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون عوائق»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، يوم الأحد.

بلينكن كان قد استبق ذلك الاتصال بتصريحات لصحيفة «نيويورك تايمز»، أكد خلالها أن إدارة جو بايدن «أمضت أشهراً في العمل على خطة ما بعد الصراع مع كثير من البلدان في المنطقة والشركاء العرب»، لافتاً إلى أنه «إذا لم تُتَح لنا الفرصة للبدء في محاولة تنفيذها من خلال اتفاق وقف إطلاق النار في غضون الأسبوعين المقبلين، فسنسلمها إلى إدارة ترمب القادمة ويمكنها أن تقرر ما إذا كانت ستمضي قدماً في ذلك».

وبينما لا تزال مفاوضات غير مباشرة في الدوحة، استؤنفت (الجمعة) بحضور وفد إسرائيلي وآخر من «حماس»، تحيطها «شكوك وفجوات تعوق إمكانية إحراز تقدم لوقف إطلاق نار في غزة قبل تنصيب ترمب، غير أن الجهود لا تزال مستمرة»، وفق ما كشف عنه مسؤولون أميركيون مطّلعون على المحادثات لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، في ظل عدم حسم أمور من بينها عدد الرهائن الذين سيجري إطلاق سراحهم في الصفقة، وإنهاء الحرب، والوجود العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة بعد نهايتها، فضلاً عن مخاوف تُبديها الحركة دائماً من عودة نتنياهو للحرب بعد تسليم الأسرى، وهو ما يجعلها تطالب بضمانات من دول لتنفيذ الاتفاق.

ومن المتوقع أن ينضم مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك، إلى محادثات الدوحة، من أجل دفع مساعي تأمين الصفقة قبل تنصيب ترمب، وسط تقديرات مسؤولين إسرائيليين كبار للصحيفة ذاتها أنه «لا تزال هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق»، من دون أن يقدموا أي ضمانات لذلك.

ويعتقد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير علي الحفني، أن «الجهود الدولية مطلوبة باستمرار، ومن المهم أن تدفع باتجاه اتفاق في ظل الشكوك والفجوات وعدم اليقين التي يشهدها مسار التفاوض حالياً»، مشيراً إلى أنه ليس هناك ما يبشّر بأن هناك اتفاقاً قبل تنصيب ترمب، ولكن هناك مساعٍ مستمرة من الوسطاء لتجاوز الخلافات والمسائل العالقة.

ويرى أن المفاوضات ستبقى تراوح مكانها ما دامت الزيارات المكوكية المتكررة خلال الفترة الأخيرة لم تنتهِ إلى ترتيبات واضحة بأزمنة محددة، مستدركاً: «كلما استمرت التصريحات واللقاءات دون ترجمة فعلية، ستبقى التقديرات بالتفاؤل في التوصل إلى اتفاق غير دقيقة، كما رأينا طيلة فترة بايدن بأحاديث عن الاقتراب من صفقة دون أن يحدث ذلك، وسيأتي ترمب بخطط أخرى».

وهو ما يتفق معه الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية سعيد عكاشة، قائلاً إن الضغوط الأميركية، على مدار أكثر من عام خلال إدارة بايدن لم تستطع أن تصل إلى اتفاق، قائلاً: «ما لم تفعله واشنطن، حليفة إسرائيل، لن يتم من غيرها، لكن تبقى أدوار الوسطاء، لا سيما من القاهرة، مهمة في تقريب وجهات النظر، والسعي لإنهاء مأساة الفلسطينيين وعدم حدوث أي تصعيد حاضر بقوة ولن يتوقف».

ويرى أن الفجوات واضحة، وأبرزها مطالب «حماس» بالانسحاب الإسرائيلي، وكذلك مطلب نتنياهو بخصوص الرهائن الأحياء، وكلاهما سيمضى على هذا المنوال ما دام أنه لم تُقدَّم تنازلات حقيقية.

«حماس» من جانبها أعلنت يوم الجمعة، استئناف المفاوضات، وأكدت في بيان صحافي، جدِّيتها وإيجابيتها وسعيها إلى التوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة»، وفي اليوم التالي نشرت مقطعاً ظهرت فيه الرهينة الإسرائيلية ليري ألباغ، وهي تحثّ إسرائيل على بذل جهود أكبر لإطلاق سراح الرهائن، داعيةً حكومة نتنياهو إلى وقف العمليات العسكرية لعدم جدواها.

وأفاد موقع «i24» الإسرائيلي، الأحد، بأن «هذا النشر من (حماس) في إطار استراتيجية الحرب النفسية التي تنفذها (حماس) التي تنشر بانتظام صور الرهائن للضغط على الحكومة الإسرائيلية في المفاوضات الحالية».

عائلة ألباغ، التي طلبت من الحكومة الإسرائيلية وقادة العالم استغلال الفرصة الحالية لإنقاذ جميع الرهائن وإعادتهم، تلقَّت وعداً من نتنياهو، وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، باستمرار «الجهود لإطلاق سراح الرهائن»، وفق بيانين صحافيين لمكتبَي الأخيرَين.

وليس الفيديو الذي نشرته «حماس»، وحده الذي تستخدمه الحركة لتأكيد مطالبها، بل جرى إطلاق 16 صاروخاً في نحو أسبوع بعد توقف دام شهوراً، وتلك الصواريخ عادةً ما كانت تطلَق قبل إبرام اتفاق، وفق عكاشة، موضحاً أن «(حماس) تريد أن تقدم مرونة لكن في الوقت نفسه تؤكد أنها تقاوم وكذلك إسرائيل ستفعل أموراً مماثلة لمجرد أن يقولوا إنهم يبذلون جهوداً، لكنّ هذا يحتاج إلى تنازلات حقيقية وليست أحاديث فقط».

ولا يُعتقد أن الاتفاق سيكون جاهزاً قبل وصول ترمب للسلطة، ولن يستطيع الرئيس الأميركي تفعيل تهديده بشكل واقعي على «حماس»، مؤكداً أن الحركة ليس لديها ما تخسره خصوصاً أن إسرائيل فعلت في غزة أكثر من الجحيم الذي توعد به الرئيس الأميركي المنتخب المنطقة حال لم يطلَق سراح الرهائن قبل 20 يناير الجاري.

ويتوقع الحفني أن يحدث اتفاق قبل عشية تولي ترمب منصبه، أو تذهب إسرائيل معه لما بعد ذلك محاولةً منها لاختباره وكسب مكاسب من «الجحيم» الذي توعد به الشرق الأوسط، مرجحاً أن تكون الأيام المقبلة حاسمة في توضيح مسار الصفقة.