بن عساكر لـ«الشرق الأوسط»: منطلقات وركائز تأسيس السعودية خلت من الدوافع الدينية

اعتبر إقرار يوم سنوي للتأسيس مرحلة مهمة لسبر أغوار التاريخ السعودي بحيادية وإنصاف

مخطوطة تاريخية عن نسب الأسرة السعودية إلى بني حنيفة    -    رسمة للإمام عبد الله بن سعود
مخطوطة تاريخية عن نسب الأسرة السعودية إلى بني حنيفة - رسمة للإمام عبد الله بن سعود
TT

بن عساكر لـ«الشرق الأوسط»: منطلقات وركائز تأسيس السعودية خلت من الدوافع الدينية

مخطوطة تاريخية عن نسب الأسرة السعودية إلى بني حنيفة    -    رسمة للإمام عبد الله بن سعود
مخطوطة تاريخية عن نسب الأسرة السعودية إلى بني حنيفة - رسمة للإمام عبد الله بن سعود

اعتبر الباحث والمؤرخ الدكتور راشد بن عساكر، أن إقرار يوم سنوي للتأسيس يمثل مرحلة مهمة في التاريخ السعودي ويفتح آفاقاً وأبواباً جديدة لدراسة تاريخ السعودية بمراحلها الثلاث، وخصوصاً المرحلة الأولى وإجلاء الغموض عن هذا التاريخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن واقع الدولة السعودية ومنطلقاتها وأهدافها في بداية التأسيس بالاستناد إلى معرفة تاريخية شاملة وموثقة، مشدداً على أن تحقيق الأمن ونشر العدل والقضاء على الفوضى والتشرذم وتكوين دائرة مركزية حضارية واقتصاد مستديم ومنظم، ركائز ومنطلقات التأسيس الأول التي استمرت على نهجه الدولة طيلة ثلاثة قرون، لافتاً إلى أن البعد الديني في تأسيس الدولة لا وجود له ولم يكن سبباً في أهداف التأسيس لأن المجتمع الذي انطلقت من وسطه الدولة كان متديناً ولم تسجل عليه أي مظاهر أو ممارسات تخالف الدين.
وحمّل العساكر في حوار شامل مع «الشرق الأوسط» بعض المؤرخين المتقدمين والمتأخرين مسؤولية العبث بتاريخ الوطن، مبرزاً في هذا الصدد نموذجاً لذلك من خلال المؤرخ «ابن غنّام» الذي يُعدُّ أول من دوَّن أحداث ووقائع الدولة السعودية الأولى من خلال كتابه «روضة الأفكار» الذي كان من المفترض أن يضمنه في الحديث عن تاريخ الدولة ومؤسسها، لكنه خصصه في الأصل للشيخ محمد بن عبد الوهاب من خلال تتبع رسائله وجهوده ورحلاته، ولم يتطرق لتاريخ الدولة وقادتها وجهودهم في عملية التأسيس ومنطلقات الدولة والذي كان الدافع الأول فيه هو نشر الأمن وإحقاق الحق والعدل وليس البعد الديني؛ فالدين الإسلامي والشرائع والعبادات وجميع المظاهر الدينية لم تغب عن المشهد في المجتمع، بل إن ابن غنّام أرخ أحداثاً ووقائع وهو صغير أو كان في المهد.
وتطرق العساكر في حواره إلى الإصلاحات التي تمت في الدولة السعودية الأولى في جميع النواحي، كما لمح إلى أن اللحمة بين أبناء البلد وروح الانتماء لدى الأفراد والمجتمع ظهرت لأول مرة في الجزيرة العربية، إضافة إلى بروز ظاهرة مهمة في التركيبة السكانية والاجتماعية في الأقاليم والمناطق بالتداخل والتصاهر الأسري بين القبائل والبلدان.
ولم ينسَ الباحث الإشارة إلى أن الهوية السعودية ظهرت منذ التأسيس، فقد أطلقت على الدولة الوليدة مسمى السعودية نسبةً للأسرة الحاكمة (آل سعود)، مورداً وثائق وسجلات أجنبية ومحلية تؤكد ذلك وجاء الحوار كالتالي:

- آل سعود... جذور اجتماعية وتاريخية منذ قرون
> ونحن نعيش الذكرى الثانية ليوم التأسيس الأول على يد الإمام محمد بن سعود، هل تحدثنا عن الجذور التاريخية والاجتماعية للأسرة السعودية (آل سعود)؟
- تعود الجذور التاريخية والاجتماعية للأسرة السعودية إلى قبيلة واحدة، فالأسر الحاكمة في الرياض والدرعية تنتمي إلى قبيلة بني حنيفة من بكر بن وائل بن ربيعة العدنانية وهم حكام وسط الجزيرة العربية (نجد) منذ ما قبل الإسلام حتى اليوم، فقد قدم جد الأسرة السعودية الأمير مانع المريدي من الأحساء وكان والده أو جده قبل ذلك في حجر اليمامة (الرياض) إلا أن الظروف أدت إلى نزوحهم من الرياض إلى الأحساء في ظرف تاريخي لم يكشف سببه، والاحتمال العام أنه لأسباب أمنية واقتصادية في المقام الأول. فقد كانت الصلات قائمة بين ابن درع في الرياض ويرجح أنه الأمير عبد المحسن بن سعيد الدرعي الحنفي بالتواصل مع الأمير مانع المريدي، ولم ينقطع هذا التواصل مما يدل على الصلة الزمانية والمكانية بينهم. أقطع أمير حجر اليمامة (الرياض) ابن عمه موضع «الضيق» و«غبيراء» شمال الرياض ثم عُرف هذا الموقع بـ«المليبيد» و«غصيبة» ثم عرفت بالدرعية عام 850هـ - 1446م.
وقد برز جد الأسرة السعودية الأمير إبراهيم بن موسي بن ربيعة بن مانع المريدي الذي تولى الحكم في الدرعية عام 981هـ -1573م، وتمكن من ضبط الأمن وتأمين طرق القوافل؛ مما جعله شخصية مميزة في المنطقة وحكمت سلالته من بعده.

أقدم خريطة للدرعية رسمها القنصل الفرنسي في البصرة وبغداد جان باتيست لويس جاك روسو عام 1808م – 1223هـ

- تدوين من دون رصد الوقائع
> كمهتم وباحث في التاريخ وخصوصاً السعودي، كيف تقيّم الكتابات التاريخية عن وسط الجزيرة العربية؟
- وجد بعض المؤرخين والعلماء ممن دوّن أحداث المنطقة النجدية منذ القرن العاشر الهجري وإن كانت عبارة عن وقائع مختصرة عند تأسيس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ - 1727م، وظهر عدد من المؤرخين تفاوتت كتاباتهم ما بين مقتضب ومطول، مقتصراً على تدوين التاريخ الاجتماعي من دون الخوض في الوقائع التاريخية.
فمثلاً نجد من دوّن نسب الأسرة السعودية وانتماءها القبلي بشكل خاص، وذلك في عهد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود وقبل استشهاده عام 1218هـ - 1803م، وربما أن المدون لها الشيخ راشد بن خنين أو الشيخ محمد بن سلوم، وقمت بنشر هذه الورقات للمرة الأولى ضمن كتاب «قوافل الحج المارة بالعارض».

- ابن غنّام أرّخ للشيخ وتجاهل المؤسس
> هل يمكن القول بأن ابن غنام هو أول من دوّن أحداث ووقائع الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود، وما هي أبرز الملاحظات على كتاباته ومخطوطاته التي أشرتم إليها، وما هي أبرز الملاحظات على تدوينه خاصة أنكم نشرتم وتتبعتم مخطوطاته التي ذكرتم أنها بلغت سبعاً وعشرين نسخة خطية؟
- نعم، هو أقدم كتاب وصلنا حتى اليوم عن بعض الحوادث التي وقعت في تلك الفترة وإن كان هذا الكتاب اهتم بتدوين تاريخ الداعية الشيخ محمد بن عبد الوهاب وليس كتاريخ دولة. والهدف من جمع النسخ هو التتبع التاريخي لأحداث الدولة السعودية الأولى وهل وصلتنا النسخة كاملة أو كان بعضها مفقوداً! كذلك محاولة تتبع مصادر ابن غنام نفسه كونه عند تأسيس الدولة أو بوصول الداعية محمد بن عبد الوهاب للدرعية، فإن ابن غنام لم يكن مولوداً أو أن عمره يقارب ثلاث سنوات، فمن أين حصل على تلك المعلومات والأحداث، وكيف قام بصياغتها وتحريرها بعد مرور أكثر من نصف قرن على وقوعها! وهل كتب تاريخه بإنصاف أم دخله المجاملة والمبالغة كونه كان طالباً لدى الشيخ محمد بن عبد الوهاب؟ فقد سعى لجمع رسائل الشيخ وما يخصه وتجنّب ذكر رسائل الإمام محمد بن سعود ومخاطبته للأمراء والبلدان فلم يقدّم القدر الكافي من المعلومات على عكس المعلومات التي ساقها لشيخه.
فابن غنام كتب كتابه في الأصل للشيخ محمد بن عبد الوهاب وتتبع رسائله وجهوده، لكنه لم يكتب تاريخ الدولة وقادتها وجهودهم في عملية التأسيس ونشر الأمن الذي كان المنطلق الأساسي لقيام الدولة، فالدين الإسلامي والشرائع والعبادات والمظاهر الدينية قائمة وموجودة قبل الداعية محمد بن عبد الوهاب ولم تُفقد أو تغيب عن المشهد في المجتمع، إضافة إلى وجود علماء الدين والفقهاء ورواة الحديث بالمئات في نجد منذ القرن العاشر الهجري وجميعهم على المذهب الحنبلي المتمسك بالكتاب والسنة.
كتاب ابن غنام المسمى «روضة الأفكار» وهو أقدم ما وصلنا وتلقفه البعض بالتبجيل والمجاملة وأُدخلت فيه بعض الزيادات، منها ما هو منسوب له أو لغيره، حتى أن هناك بعض الرسائل كُتبت على لسان بعض الأئمة وهي ليست لهم، إنما كانت العادة أن من يكتب هذه الرسائل بعض طلاب العلم والوعاظ ويرسلون هذه النصائح الدينية باسم الإمام أو يدخل فيها اجتهادات معينة غير دقيقة، فقد كان كثير منهم مشغولين بتوحيد أجزاء كبيرة من البلاد لأشهر عدة وربما لسنوات، وقد استمرت هذه العادة، أي كتابة رسائل النصيحة - جارية منذ الدولة السعودية الأولى حتى عهد ثاني ملوك الدولة السعودية الثالثة الملك سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل.

- لا دوافع دينية لقيام الدولة
> ركزتم في طروحاتكم على البعد الأمني في قيام الدولة السعودية الأولى، واعتبرتم أن المرتكز الأساسي في ذلك هو تحقيق الأمن والعدل، وإقامة دولة مركزية حضارية موحدة في الجزيرة العربية ولم يكن للدين أي بُعد في ذلك، هل من إيضاح؟
- المجتمع في نجد متدين منذ دخول الرسالة المحمدية وبعد حروب الردة عاد الإسلام واستقرت الأحوال وأصبحت الشريعة هي المطبقة لدى المجتمع وأركان الإسلام قائمة في جميع أحوالهم وما ظهر من وثائق ومخطوطات بأن الأفراد وعموم المجتمع مسلمون بالفطرة وهذا ما نسلمه، لكن حسين بن غنام حاول أن يعلي من مقدار الداعية الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد تأسيس الدولة وبعد لقائه مع الإمام محمد بن سعود فكتب تاريخه بعد أكثر من خمسين سنة مع أن ابن غنام لم يدرك تأسيس الدولة ولا وقت لجوء الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى أمير الدرعية، وحقيقة الأمر فإن بروز الصراع الذي تم بين الإمام محمد بن سعود وأمير الرياض دهام بن دواس آل شعلان هو صراع سياسيي تم قبل قدوم الداعية محمد بن عبد الوهاب للدرعية بسنوات عدة والإمام محمد له فضل على دهام بن دواس والذي ساعده لتولي السلطة في الرياض عام 1152هـ - 1740م تقريباً، إلا أن دهام بن دواس قلب ظهر المجن للإمام محمد بن سعود عندما رغب في مهاجمة البلدة الملاصقة للرياض وهي منفوحة كون دهام أصله منها إلا أنه تم طرده من قبل أبناء عمه إلى الرياض، ومثّلَ اعتداء دهام على منفوحة خطراً على الدرعية ونقضاً للميثاق بين الدرعية ومنفوحة فهاجم الإمام محمد بن سعود قصر الحكم في الرياض رداً على هجوم دهام لحلفائه وبالتالي بدأت الحروب والغزوات بين البلدتين المهمتين منذ عام 1159هـ - 1746م وذلك لمدة ثمانية وعشرين عاماً، وحاول خلالها الإمام محمد أن يمد نفوذه إلى الرياض ويوسّع من دائرة حكمه للمنطقة ويدخلها تحت حكم واحد ويبدأ عملية التأسيس للدولة.
ولعلَّ من المعيب زعم بعض المؤرخين أن سبب هذه الحروب هو وجود شجرة أو قبر كان يعبد في الرياض أو غيرها! فالرياض وغيرها لا يوجد فيها شيء من هذه المخالفات إطلاقاً، وإن وجد فهو استثناء قد يمارسه فرد أو عدد محدود ولا تصل إلى الظاهرة أو الانتشار، وحتى ابن غنام نفسه عندما يتحدث عن سنوات هذه الحروب لا يذكر أن سببها وجود قبر أو صنم، فقُزّمت المسألة في ذلك للأسف الشديد لإعطاء قدسية لبعض رجال الدين وصناعة هالة التمجيد الشخصي لهم، ورغم هذه الهالة فإن بعض رجال الدين لم يشارك في الحروب ولم يرفع سيفاً في هذه الحرب، على عكس الإمام محمد بن سعود الذي سعى بنفسه بقيادة الجيوش والبدء بأسرته آل سعود وأبنائه ولهذا استشهد عدد من أبنائه في هذه العملية التوحيدية مثل الأميرين سعود وفيصل ابنَي محمد بن سعود في حربه مع أمير الرياض.
وتؤكد مراسلات بعض الأئمة من آل سعود، أن قيام دولتهم حدث بسبب حرصهم الأول على حفظ الأمن ونشره في مختلف أرجاء البلاد وهو ما يسمى في زمنه (الأمنية) كما في خطابات الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ونص خطابه إلى والي العراق بقوله «وأما الأمنية فهي التي لا نزال نقاتل الناس عليها حتى جعلنا الأرض كلها لله وجميع المسلمين مشتركون فيها، وصار الذئب لا يقدر يضر الشاة في أحكامنا». ويؤكد الإمام سعود لوالي بغداد العراق علي باشا الكتخدا، أنه متعهد بتحقيق الأمن للحجاج بقوله «ألا تتعرض للحجاج الذين يأتون إليك من طرف العراق مع الأمنية العمومية في جميع الطرق «وتحضرني رسالة من سلطان المغرب المولى سليمان بن محمد العلوي إلى الإمام عبد الله بن سعود آخر ائمة الدولة السعودية الثانية، حيث أرسل له رسالة مفادها الشكر لله، ثم شكر الإمام على تأمين الطرق والسبل وتأديب القطاع والنهاب فقال «من ملكه الله أزمة العرب، وقيادها فأحسن سياستها وأصلح سيرتها ومهد بلادها ويسر على يديه حسنة أمن السابلة من القطاع والنهاب،،، وحصل في الدواوين أفضل جزاء وحسن مآل»... وهناك غير هذه النصوص التي تجمع أن هدف قيام الدولة على يد آل سعود إنما لباعث أمني، فالأئمة لم يتعرضوا لتغير معتقدات الناس فنجد مثلاً القطيف أو في نجران بعض المذاهب الشيعية، ومع ذلك لم يلزمهم الأئمة من آل سعود باتباع مذهبهم. وهذه النظرة تؤكد أن عموم المجتمع متأصل في تدينه وليس بحادث عرضي فالمجتمع والأسرة المالكة وأهل البلدان متدينون ويحكّمون الشريعة في جميع تعاملاتهم بل ويقودون القوافل لحماية الحجاج إلى الأماكن المقدسة مثل قيام جد الأسرة السعودية الأمير إبراهيم بن موسي بن ربيعة بن مانع المريدي بذلك كما في أقدم وثيقة للأسرة السعودية عام 981هـ - 1573م، وكذلك قيادة أميري الدرعية وهما مقرن وربيعة ابنا مرخان بن إبراهيم بن موسي بن ربيعة وحجهم في عام 1039هـ - 1630م، وقس على ذلك كثيراً من خلال بعض الأحداث والقصائد والأوراق والوثائق الشرعية المحكمة للكتاب والسنة.

مخطوطة تاريخية عن نسب الأسرة السعودية إلى بني حنيفة

- امتداد في كل اتجاه
> ما هو أقصى اتساع للدولة السعودية الأولى، وماذا ترتب على ذلك؟
- توسعت الدولة من جنوب حوران في الشام وجنوباً إلى شمال الحديدة ومن الغرب البحر الأحمر ومن الشرق الخليج العربي، وخصوصاً في عهد الإمام سعود بن عبد العزيز الأول (الملقب بالكبير) وترتب على هذا التوسع ازدياد الموارد الاقتصادية وصاحبته القوة في تأمين الطرق والبلدان وساد العدل ولكون هذه المنافذ البحرية مهمة بالنسبة للموارد الاقتصادية والتجارية فكان القلق الدولي وخصوصاً البريطانيين، فلا يسمحون للعرب بنهضة أو سيطرة أو تجارة على هذه المنافذ فحدث بعض الاحتكاك، وساندت بريطانيا العثمانيين رغم خلافاتهم إلا أنهم رأوا في إبعاد السعوديين عن البحار مصدر سعادة وارتياح، وأن إبعاد السعوديين عن مصادر تلك المنافذ الاقتصادية تصب في صالح بريطانيا.

- إصلاحات شملت كل شيء
> ما أهم الإصلاحات في فترة الدولة السعودية الأولى وخصوصاً في عهد الإمام سعود الأول؟
- شملت الإصلاحات عدداً من النواحي العمرانية والعسكرية والعلمية، فتوسعت الدرعية وغيرها من البلدان وفي الشأن الاجتماعي زادت الأموال والمصروفات الخاصة للفقراء والأيتام والمحتاجين وغيرهم، واعتنى الإمام سعود بتطوير الجيش وإدخال فرق خاصة فيه تسمى «المنقية»، وهم فئة من المحاربين الذين ينتقون للأعمال العسكرية الخاصة وكان عددهم يقارب ثلاثمائة، بالإضافة إلى اختياره الفرسان من الحاضرة أو البادية وإسكانهم الدرعية مع الصرف على أهاليهم، وسعى للحصول على الأسلحة فبلغت المدافع قرابة الستين مدفعاً، كما كان للجيش ميزانية ضمن الدخل السنوي الذي بلغ قرابة المليوني ريال وحرص الدولة في عهده على العناية ببيت المال أو وزارة المالية في عهدنا ووضع لها فرقاً خاصة، منها أكثر من سبعين فريقاً وكل فريق يتكون من سبعة أشخاص وكل له مسؤولياته.
وبالنسبة للتوسع العلمي، فقد كثرت الكتاتيب والمدارس والحلقات العلمية وكثرت المخطوطات وتداولها وظهور أسماء نسّاخ بارزين مما زاد من وجود المكتبات الخاصة، وتميز الإمام سعود بأنه عد من أبرز القادة والذي جمع صفات الشجاعة والكرم والعلم والفصاحة والخطابة فقد كان يتم في قصر سلوى الحلقات والندوات التي يعلق عليها الإمام سعود، ومن الإصلاحات التي سعى إليها ضبط عملية الفتوى الدينية ومحاسبة بعض طلاب العلم والدعاة والحد من تجاوزاتهم ومحاسبتهم عند وقوع الخطأ.

- تغير اجتماعي غير مسبوق
> كيف تقرأ مستوى التغير الاجتماعي في مسار الدولة السعودية حتى اليوم؟
- لا شك حدث تحول مهم، وملامح ذلك التغير هو التداخل الاجتماعي بين البادية والحاضرة بشكل بارز خلال تلك المرحلة، وزادت الهجرات أي الانتقال من مكان إلى آخر بسبب الوفرة الاقتصادية والتحسن المعيشي نتيجة الأمن الذي ضربت أطنابه أرجاء الجزيرة العربية، كذلك برزت ظاهرة مهمة في التركيبات الاجتماعية للأقاليم والمناطق فقد زاد التداخل النسبي والتصاهر الأسري بين القبيلة ومنافستها الأخرى، وبالمثل بين البلدان المختلفة والعكس حتى اكتملت في أزمنتنا الحاضرة فأصبح المواطن في وسط المنطقة في نجد يتداخل أسرياً مع أسرة في المنطقة الجنوبية، والذي في شرق الجزيرة متداخل ومتصاهر مع الأفراد من غرب بلادنا فهذا لم يكن ليحدث مثل هذا منذ ألف سنة مضت ويعود ذلك بسبب ظل الدولة والأمن ولله الحمد.

- الهوية السعودية تشكّلت مع فجر التأسيس
> هل تشكلت الهوية السعودية مبكراً منذ تأسيس الدولة 1727م؟
- الهوية في مفهومها العام هي مجموعة خصائص وأنظمة وقيم وسمات تترجم روح الانتماء لدى الأفراد والمجتمع فيتميز بها، وهذه مرتبطة ومستقاة من واقع التكوين الاجتماعي والديني في المنطقة عموماً، لكن كيف تتم صياغتها حسب اللحمة الواحدة والمكان الواحد والمصير! هنا تم تحقيقها بوجود دولة مرتبطة بحياة الناس وأمنهم، يرأسها آل سعود، وعبر بعض المؤرخين بألفاظ مبسطة لهذه الهوية في الكتابات المحلية الأولى كالمسلمين ويعنون اجتماع البلد الواحد، وقد تعبر عند بعض القبائل بلفظ الطاعة وسلامة الحاكم والإمام، بينما نجد أقدم من دوّن عن الدولة السعودية بتوسع هو بوركهارت، فنص في إشاراته العامة لابن سعود وأنه «عائلة ابن سعود، المؤسس السياسي للدولة السعودية الأولى» أو لفظ السعوديين في كتابات دومنجو باديا الإسباني عام 1221هـ -1807م، ونجد تعريف الهوية مخلوطاً بلفظ كلمة الوهابيين أو الشيخ الوهابي وإطلاقهم لذلك هو بسبب تأثر هؤلاء الغربيين بعملية الإصلاح الديني التي جرت في أوروبا ونسبة المذاهب المتأخرة لديها من المذهب البروتستانتي والمذهب اللوثري وهو رائد الإصلاح الديني في أوروبا خلال القرن السادس عشر الميلادي.
ووجدت هناك كتابات وتدوينات بلفظ «السعوديين» كانتماء لدولة واحدة وبدأ يسري ذلك في النطاقين المحلي والإقليمي حتى وجدنا بعض الكتابات تسمي «الطائفة السعوديين» أو «السعوديون» وهذا في الدولة السعودية الأولى وقبل أن يتممها الملك عبد العزيز بالتسمية العامة «المملكة العربية السعودية» عام 1351هـ - 1932م.

- يوم التأسيس فتح آفاقاً لقراءة الواقع
> شكّل مرسوم التأسيس الذي أقرّه العام الماضي الملك سلمان بن عبد العزيز، بتخصيص 22 فبراير (شباط) من كل عام «يوماً للتأسيس» مرحلة مهمة في التاريخ السعودي، كيف يمكن قراءة ذلك كمؤرخ ولك عناية بالتاريخ؟
- إن بناء الفكرة على ضوء مقتضيات الحاضر وآمال المستقبل تلزم فهم الروابط التي توقظ الأفراد والشعوب لإدراك ماضيهم وتأثرهم به؛ فالحاجة إلى الوعي التاريخي من المتطلبات العامة عند الأمم فهي تتضمن فهم الماضي والتطلع في استكشافه واستجلاء المعاني الموصلة لفهمه وإدراكه في الواقع الحاضر، والمراحل المقبلة لتاريخنا السعودي تتطلب من مؤرخينا الفكر الصحيح الصريح بعمق المسؤولية، وتلمس الأسئلة المهمة التي تثيرها علاقتنا بماضينا، وتاريخ الدولة السعودية بمراحله كافة ولا سيما المرحلة الأولى منه مهم في بابه؛ كونه يشكل انطلاق جذوره وكيف تكونت مفاهيمه، والفرد السعودي الذي يعيش الحياة الحاضرة لا يمكنه أن يشيح بوجهه عن الماضي؛ ولهذا فإن المعالجة الصحيحة للقضايا التاريخية يجب أن تستند إلى معرفة تاريخية شاملة المدى، بعيدة الغور وتلمس عناصر القوة والجذور التي ارتبطت بها حتى الوصول إلى مرحلتها الحاضرة، وفي ظني أنه خلال العقود المقبلة ستتشكل آفاق جديدة لقراءة التاريخ السعودي مع فهم سرديته وفتح أبواب جديدة فيه وتسليط الضوء على حقبة التاريخية المجهولة وجميع ذلك بدعم القيادة وهمة الباحثين.


مقالات ذات صلة

أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

الرياضة أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

توج الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بطلي الشوطين الرئيسيين في كأس المؤسس، التي نظمها نادي سباقات الخيل في ميدان الملك عبد العزيز. وحقق «عسفان الخالدية» ابن «ليث الخالدية» المملوك لأبناء الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز لقب الشوط العاشر للخيل العربية، وحقق جائزة الخمسة ملايين ريال، وبلغت مسافة هذا الشوط 1600 متر، ونجح الجواد في وصول خط النهاية خلال 1:46 دقيقة، وذلك تحت قيادة المدرب سعد مطلق والخيال عبد الله العوفي.

فهد العيسى (الرياض)
السعودية تحتفي بعلمها الذي ظل شامخاً عالياً خفاقاً على مدى 3 قرون

السعودية تحتفي بعلمها الذي ظل شامخاً عالياً خفاقاً على مدى 3 قرون

احتفت المملكة العربية السعودية في جميع مناطقها، يوم أمس (السبت)، بـ«يوم العلم»، الذي يصادف 11 مارس (آذار)، والذي أقره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ليكون ذكرى سنوية خاصة بهذه المناسبة، حين أصدر في مطلع الشهر الحالي، أمراً ملكياً ليكون هذا التاريخ يوماً خاصاً بالعلم. وجاء في سياق الأمر الملكي: «وحيث إن يوم 27 من ذي الحجة 1355هـ الموافق 11 مارس 1937م، هو اليوم الذي أقر فيه الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه ـ العلم بشكله الذي نراه اليوم يرفرف بدلالاته العظيمة التي تشير إلى التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء، أمرنا بما هو آتٍ: أولاً: يكون يوم (11 مارس) من كل عام يوماً خاصاً بال

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سارية العلم في جدة تزيح طاجيكستان من «غينيس» وتحتل المركز الثاني

سارية العلم في جدة تزيح طاجيكستان من «غينيس» وتحتل المركز الثاني

من أفضل المشاهد التي يمكن أن تراها من نافذة الطائرة، وأنت قادم إلى جدة، «سارية العلم»، التي تحمل راية التوحيد، والتي رُفعت على السارية لأول مرة في اليوم الوطني السعودي في 23 سبتمبر (أيلول) 2014، وتُرفرف على ارتفاع 171 متراً، حيث تغطي النباتات مساحة 9 آلاف متر مربع من حولها، ويحيط بها 13 ضوءاً يمثل عددها مناطق المملكة الـ13. وبتثبيت العلم السعودي ورفعه عليها، كُسر الرقم القياسي في موسوعة «غينيس» لطاجيكستان البالغ 165 متراً، بفارق 6 أمتار، لتصبح بهذا المشروع ثاني أكبر سارية علم في العالم بعد سارية العاصمة الإدارية الموجودة في مصر.

أسماء الغابري (جدة)
«معرض العلم» السعودي يحاكي سيرته وتطوراته عبر 4 مراحل تاريخية

«معرض العلم» السعودي يحاكي سيرته وتطوراته عبر 4 مراحل تاريخية

استذكاراً ليوم 11 مارس (آذار)، يحتفل السعوديون للمرة الأولى بيوم العلم، وبقيمته الوطنية والتاريخية الممتدة منذ 3 قرون. وأعاد يوم العلم السعودي، الذي صدر بأمر ملكي، صلة السعوديين برمز الوحدة والسيادة الوطنية، وفتح نوافذ إلى التاريخ الشاهد على مراحل تطوره، متزامناً مع حقب مفصلية من تاريخ البلاد وهي تواجه شروط الاستدامة واستحقاقات التنمية. وفي ساحة العدل، المقابلة لجامع الإمام تركي بن عبد الله المعروف في منطقة قصر الحكم، ومن قصر المصمك التي تمثل الرياض القديمة، ومنطلق نهضة السعودية المعاصرة، نظمت وزارة الثقافة السعودية فعاليات فنية وثقافية وإثرائية تُرسي الارتباط الوثيق بين المواطن وبين العَلَم،

محمد هلال (الرياض)
«الدرعية» تستعيد أقدم أسواقها التاريخية وتحتفي بتراثها الثقافي

«الدرعية» تستعيد أقدم أسواقها التاريخية وتحتفي بتراثها الثقافي

بالتزامن مع يوم العلم الوطني السعودي، الذي تحتفل به السعودية لأول مرة تعزيزاً لقيمته التاريخية والوطنية، تستعيد الدرعية مهد الدولة السعودية الأولى، إحدى أعرق أسواقها التاريخية، حيث أحيت دوي حركتها التجارية وعبقها العلمي، إذ كانت محلاً لتبادل البضائع والتعليم في آن معاً. وتقع «سوق الموسم» التاريخية في الدرعية على ضفاف وادي حنيفة، واشتهرت بكثرة الحوانيت فيها، حيث يجتمع الناس لتبادل البضائع، والبيع والشراء، وتلبية احتياجاتهم المعيشية. السوق التي تتخذ موقعاً استراتيجياً، بتوسطها بين أهم أحياء منطقة الدرعية (الطريف والبجيري) على طرفي وادي حنيفة، كانت حوانيتها مبنيّة من القصب وسعف النخل، وكانت زاخرة

عمر البدوي (الرياض)

السعودية شريان الحياة للتنمية في اليمن

أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية التي تغطي قطاعات حيوية (الشرق الأوسط)
أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية التي تغطي قطاعات حيوية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية شريان الحياة للتنمية في اليمن

أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية التي تغطي قطاعات حيوية (الشرق الأوسط)
أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية التي تغطي قطاعات حيوية (الشرق الأوسط)

في إطار جهود السعودية لدعم التنمية المستدامة في اليمن، وحل الأزمات الإنسانية التي يمر بها، أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية التي تغطي قطاعات حيوية، مثل: التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة المتجددة، والنقل. وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز الاستقرار، وتحسين مستوى الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، واستدامة التنمية، والإعمار.

وتقدِّم السعودية إلى اليمن منذ السبعينات كافة أشكال الدعم التنموي والإنساني، ولم تدَّخر جهداً في سبيل دعم ازدهار اليمن واستقراره؛ لما يجمع المملكة باليمن من روابط أخوية وعلاقات تاريخية، ووشائج قربى وجوار جغرافي.

وامتداداً لهذا الدعم جاء تأسيس «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» في منتصف عام 2018، بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، برؤية استراتيجية تلبي الاحتياجات التنموية، وتتواءم مع أهداف التنمية المستدامة، وتوظِّف أفضل الممارسات العالمية الرائدة في مجالات التنمية والإعمار، بما يعزز كفاءة التخطيط، ويرفع فاعلية التنفيذ، ويضمن استدامة الأثر التنموي في اليمن.

قدم «البرنامج» 268 مشروعاً ومبادرة تنموية في 8 قطاعات حيوية شملت التعليم (الشرق الأوسط)

وتعد جهود «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» وما يقدمه من مشاريع ومبادرات تنموية، امتداداً وتكاملاً مع ما قدَّمته السعودية من دعم تاريخي لليمن، ويسير وفق استراتيجية تبدأ من رفع كفاءة وفعالية الدعم، بشراكات محلية وإقليمية ودولية، لمساعدة حكومة ومؤسسات الدولة اليمنية على تحقيق السلام والاستقرار والإعمار، وتحسين المستوى المعيشي للشعب اليمني، وتعزيز التنمية المستدامة في أنحاء الجمهورية اليمنية.

ويشمل تطبيق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مفاهيم الاستدامة في تدخلاته التنموية: بناء قدرات الكوادر اليمنية في شتى المجالات، واستخدام تقنيات الطاقة المتجددة، وبناء التواصل المجتمعي الفعال مع المستفيدين، دعماً للاستقرار، وربط أعمال التنمية بأعمال السلام.

وتمثلت منجزات «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» في تقديم 268 مشروعاً ومبادرة تنموية في 8 قطاعات حيوية، شملت: التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وتنمية ودعم قدرات الحكومة اليمنية، والبرامج التنموية في 16 محافظة يمنية.

ورفعت المشاريع والمبادرات التنموية قدرات القطاع الصحي، محققة أثراً إيجابياً في حياة 4 ملايين مستفيد؛ حيث يبرز منها مشروع «مدينة الملك سلمان الطبية والتعليمية» بالمهرة، كأكبر المشروعات الداعمة لقطاعي الصحة والتعليم، بمساحة بلغت مليون متر مربع، متضمناً بناء مستشفى متكامل بسعة 110 أسرَّة، و«مستشفى الأمير محمد بن سلمان» في عدن، بسعة سريرية تصل إلى 270 سريراً، مقدماً أكثر من 3 ملايين خدمة طبية منذ تشغيله، ومراكز طبية تخصصية، مثل: مراكز القلب وغسيل الكلى، وما يختص بعناية الأمومة والطفولة، وغيرها من المراكز الطبية المتخصصة.

إعادة تأهيل المطارات رفع الطاقة الاستيعابية للمواني وساهم في تعزيز الوصول والروابط الاجتماعية وتحسين الحياة اليومية ودعم الحركة التجارية (الشرق الأوسط)

ودعمت السعودية التعليم في 11 محافظة يمنية، شملت: تعز، وعدن، وسقطرى، والمهرة، ومأرب، وحضرموت، وحجة، ولحج، وأبين، وشبوة، والضالع، بمشاريع في التعليم العام والعالي والتدريب الفني والمهني، منها: حزمة تطوير جامعة عدن، وإنشاء وتجهيز كليات الطب والصيدلة والتمريض في جامعة تعز، وتطوير وتوسعة جامعة إقليم سبأ بمأرب.

وأسهمت مشاريع ومبادرات «البرنامج السعودي» في تعزيز الأمن المائي في اليمن، ورفعت كفاءة توزيع المياه وإدارتها. وكان من أبرز انعكاسات الدعم تغطية مائة في المائة من احتياجات المياه بمدينة الغيضة، و50 في المائة من احتياجات سقطرى، وكذلك 10 في المائة من الاحتياجات في عدن.

وحققت المشاريع في قطاع النقل أثراً إيجابياً عاد على 14 مليون مستفيد بمشاريع حيوية، من أهمها إعادة تأهيل 150 كيلومتراً من الطرق في مختلف المحافظات، منها إعادة تأهيل طريق العبر، وكذلك المنافذ الحدودية كمنفذ الوديعة، وإعادة تأهيل المطارات كمطار عدن الدولي ومطار الغيضة، ورفع الطاقة الاستيعابية للمواني، كميناء نشطون وميناء سقطرى، إسهاماً في تعزيز الوصول والروابط الاجتماعية وتحسين الحياة اليومية ودعم الحركة التجارية والاقتصادية، وتسهيل الوصول والمغادرة من اليمن براً وبحراً وجواً.

حققت المشاريع في قطاع النقل أثراً إيجابياً عاد على 14 مليون مستفيد بمشاريع حيوية من أهمها إعادة تأهيل 150 كيلومتراً من الطرق (الشرق الأوسط)

وعمل «البرنامج» على مبادرات رائدة، دعماً لسبل العيش والمعيشة، وتعزيز الصمود الريفي، وتمكيناً للمرأة والشباب اقتصادياً، وإعادة إحياء التراث والمحافظة عليه، وترميم المباني التاريخية، وتعزيز القدرات العاملة في المجال الثقافي، وتنفيذ مبادرات نوعية تسهم في تعزيز العملية التنموية. ومن هذه المشاريع ترميم قصر سيئون التاريخي لحمايته كمعلم ومركز ثقافي، ولما يمثله تعزيز قدرات المؤسسات الحكومية في اليمن من خطوة محورية في تعزيز الاستقرار، وتحفيز النمو الاقتصادي.

وصُممت مشاريع ومبادرات «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، ودعم البنية التحتية في شتى المجالات، وتمكين المجتمعات المحلية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز القدرة على الصمود الاقتصادي والاجتماعي، في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية.

ويعمل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» بالتنسيق مع الحكومة اليمنية والسلطات المحلية في المحافظات، وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والأممية والقطاع الخاص، إضافة إلى شركاء محليين وإقليميين ودوليين، كما لدى «البرنامج» 5 مكاتب تنفيذية في اليمن، لمتابعة سير المشاريع والإشراف عليها ميدانياً.

وشكَّل ما تبذله السعودية من جهود عبر «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» نموذجاً فاعلاً في دعم اليمن نحو التنمية والاستقرار.


السعودية تفرض خطاً أحمر لأمنها واستقرار اليمن

جانب من الآليات التي ضربها التحالف بعدما وردت عبر ميناء الفجيرة إلى المكلا الثلاثاء (رويترز)
جانب من الآليات التي ضربها التحالف بعدما وردت عبر ميناء الفجيرة إلى المكلا الثلاثاء (رويترز)
TT

السعودية تفرض خطاً أحمر لأمنها واستقرار اليمن

جانب من الآليات التي ضربها التحالف بعدما وردت عبر ميناء الفجيرة إلى المكلا الثلاثاء (رويترز)
جانب من الآليات التي ضربها التحالف بعدما وردت عبر ميناء الفجيرة إلى المكلا الثلاثاء (رويترز)

شهدتِ الساحةُ اليمنية، الثلاثاء، تطوراتٍ محوريةً أعادت خلالَها السعودية رسمَ معادلات الأمن وتحديد الخطوط الحمر وحدود التحالفات، وسط تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة؛ إذ أعلنتِ الرياض أسفَها إزاء ما وصفته بخطوات إماراتية «بالغة الخطورة» دفعت قوات تابعة لـ«الانتقالي» إلى تحركاتٍ عسكرية قرب حدودها الجنوبية، معتبرة ذلك تهديداً مباشراً لأمنِها الوطني وأمن اليمن والمنطقة.

وشدَّدتِ السعودية على أنَّ أمنها «خط أحمر»، مؤكدة التزامَها بوحدة اليمن وسيادته، ودعمها الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، مع تجديد موقفها من عدالة «القضية الجنوبية»، ورفض معالجتها خارج إطار الحوار السياسي الشامل.

وإذ دعتِ الرياض إلى خروج القوات الإماراتية من اليمن استجابة لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ووقف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف داخلي، نفذت قوات التحالف بقيادة السعودية ضربةً جوية «محدودة ودقيقة» استهدفت شحنةَ أسلحة وعربات قتالية أُدخلت إلى ميناء المكلا دون تصاريح رسمية، وفق ما أفاد به المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن اللواء ركن تركي المالكي.

من جهته، أعلنَ رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، وإعلان حالة الطوارئ لمدة 90 يوماً، مع طلبه خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن». وهي القرارات التي حظيت بمساندة المؤسسات الرسمية.

وعلى وقع هذه التطورات والمهلة التي حدَّدها العليمي، أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية سحب قواتها، بالتنسيق مع الشركاء المعنيين، وأكَّدت أنَّ قرار إنهاء مهمةِ القوات يأتي ضمن «تقييم شامل لمتطلبات المرحلة»، وبما ينسجم مع التزامات الإمارات ودورها في دعم أمن المنطقة واستقرارها.


عبد الله بن زايد وماركو روبيو يناقشان تطورات اليمن وأوضاع غزة

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وماركو روبيو وزير خارجية الولايات المتحدة (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وماركو روبيو وزير خارجية الولايات المتحدة (وام)
TT

عبد الله بن زايد وماركو روبيو يناقشان تطورات اليمن وأوضاع غزة

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وماركو روبيو وزير خارجية الولايات المتحدة (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وماركو روبيو وزير خارجية الولايات المتحدة (وام)

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، مع ماركو روبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة، العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، في اتصال هاتفي تناول أيضاً مجمل التطورات الإقليمية.

وحسب ما أفادت به وكالة أنباء الإمارات «وام»، ناقش الجانبان عدداً من الملفات ذات الاهتمام المشترك، من بينها الأوضاع في قطاع غزة، والتطورات الأخيرة في اليمن.

وأكد الشيخ عبد الله بن زايد، خلال الاتصال، التزام دولة الإمارات بالعمل مع الولايات المتحدة وشركائها من أجل دعم جهود بناء سلام مستدام في المنطقة، وترسيخ الأمن والاستقرار بما يخدم مصالح شعوبها.