وجهت أصابح الاتهام إلى إسرائيل بتنفيذ هجوم بالصواريخ، بعد منتصف ليل السبت - الأحد، على مناطق وسط العاصمة السورية دمشق ومحيطها الذي يعج بالميليشيات الإيرانية، ما أدى إلى مقتل 15 شخصاً حتى كتابة الخبر مساء الأحد، في حصيلة «هي الأعلى جراء قصف إسرائيلي على دمشق». واستهدفت الصواريخ مبنى ضخماً في حي «تنظيم كفرسوسة» الراقي وسط دمشق، الخاضع لرقابة أمنية مشددة، ويقطن فيه إيرانيون، إضافة إلى مواطنين سوريين.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن صواريخ إسرائيلية استهدفت أيضاً مواقع توجد ضمنها ميليشيات إيرانية و«حزب الله» اللبناني، في منطقة واقعة ما بين منطقتي «السيدة زينب» و«الديابية» بريف دمشق الجنوبي، ما أدى إلى حدوث حرائق وانفجارات في الأماكن المستهدفة.
ونفت وكالة أنباء «تسنيم» الإيرانية، من جهتها، إصابة أي شخص إيراني بالهجوم. كما قالت وكالة «إرنا» إن مركز الإمام الخميني، أو ما يعرف باسم المدرسة الإيرانية، لم يتعرض لأي ضرر جراء الغارة الإسرائيلية.
كما كشف «المرصد» عن سقوط صاروخ عند دوار منطقة المزرعة الراقية غرب دمشق، وسط معلومات عن مقتل امرأة، إضافة إلى استهداف كتيبة الرادار في تل مسيح جنوب شهبا التابعة لمحافظة السويداء، جنوب سوريا.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن في لقاء تلفزيوني: «قد يكون هناك اجتماع للإيرانيين واستُهدف، أو أن هناك شخصية إيرانية من الصف الأول قد استُهدفت». وأوضح، أن هناك مدنيين وعسكريين قتــلوا في الاستهداف الإسرائيلي في المنطقة التي تقع قربها «المدرسة الإيرانية» أو المركز الثقافي الإيراني، مضيفاً أن المستهدف «قد يكون قائداً في فيلق القدس. ويقع المبنى الذي تم استهدافه وسط الحي، ويطلق عليه اسم «مقسم 12»، ويفصل بينه وبين مبنى «مجمع المدارس الإيرانية» إلى الجهة الجنوبية مبنيان آخران، وإلى الشمال على بعد نحو 500 متر هناك مبنى وزارة الداخلية، و«شعبة المخابرات العسكرية» التي تضم عدداً من الأفرع الأمنية، في حين تقع إلى الجنوب الشرقي منه على مسافة نحو 1 كيلومتر «إدارة المخابرات العامة»، أما من الغرب فهناك مبنى رئاسة مجلس الوزراء الذي يبعد عنه بمسافة تقارب 800 متر.
وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، بوجود أضرار في مبنى سكني يتكون من نحو عشرة طوابق طال القصف مدخله بصورة أساسية، وقد تضررت الطوابق السفلية بشكل كبير، وانهارت جدران فيها، كما تصدعت واجهة المبنى، وشوهد سكان يخرجون أغراضاً من منازلهم في المبنى الذي اضطروا إلى إخلائه.
ضرر في قلعة دمشق
وأفاد المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا، نظير عوض، للوكالة، بوجود أضرار طالت أبنية تابعة لقلعة دمشق الأثرية «بعد سقوط صاروخ نتيجة العدوان الإسرائيلي»، مشيراً إلى وجود أضرار كبيرة طالت أجهزة مسح حديثة، و«دمار واسع في المباني» التي تعد أيضاً أثرية.
ولم تطل الأضرار جسم القلعة نفسه، وفق مراسل الوكالة، الذي أفاد بوجود دمار كبير في المباني التابعة للقلعة والقريبة من سورها. وقال عوض إن «هذا أكبر ضرر يطول قلعة دمشق منذ بدء الحرب».
وتقع قلعة دمشق قرب سوق الحميدية الشهير والجامع الأموي الكبير، ويوجد أمامها تمثال صلاح الدين الأيوبي، وهي قلعة محصنة، تعد من أهم معالم فن العمارة العسكرية والإسلامية في سوريا في العصر الأيوبي، وقد أدرجت في قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي عام 1979 ميلادي.
وكانت وكالة أنباء «سانا» السورية الرسمية، قد نقلت عن مصدر عسكري، أنه «في تمام الساعة 00:22 من فجر الأحد (21:22 ت غ)، نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفاً بعض النقاط في مدينة دمشق ومحيطها من ضمنها أحياء سكنية مأهولة بالمدنيين»، مضيفاً: «وقد تصدت منظومة دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان، وأسقطت معظمها».
وأضاف المصدر، أن «العدوان أدى كحصيلة أولية إلى ارتقاء خمسة شهداء بينهم عسكري، وإصابة 15 مدنياً بجروح بينهم حالات حرجة»، كما أدى إلى «تدمير عدد من منازل المدنيين، وإلحاق أضرار مادية بعدد من الأحياء في دمشق ومحيطها».
مكتب تحويل لـ«حزب الله»
ونقل موقع «صوت العاصمة» عن مصادر لم يسمها، أن البناء المستهدف في «تنظيم كفرسوسة» تعود ملكيته لرجل الأعمال فاضل بلوي، مالك شركة الفاضل للحوالات المالية المرتبطة بميليشيا «حزب الله» اللبنانية. وقالت المصادر، إن الضربة استهدفت بشكل رئيسي جراج السيارات والغرف في قبو البناء، ما تسبب بدمار كبير في الجراج والطوابق الأربعة الأولى.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن عائلة البلوي المرتبطة بـ«حزب الله» والميليشيات الإيرانية، تملك عدة مبانٍ سكنية في الحي المذكور، مرجحة أن يكون البناء الذي تم استهدافه يُستخدم كمستودع وأنه مركز دعم لوجيستي للميليشيات.
هذا وكان حي «تنظيم كفرسوسة» قد شهد مقتل القيادي في «حزب الله» اللبناني، الموالي لإيران، عماد مغنية، في تفجير عام 2008. كما شهدت منطقة الزاهرة بدمشق مقتل القيادي في حركة «حماس» الفلسطينية عز الدين الشيخ خليل في تفجير عام 2004 .
ولم يصدر حتى كتابة الخبر أي تعليق رسمي عن إسرائيل التي شنّت خلال الأعوام الماضية مئات الضربات الجوّية في سوريا، طالت مواقع عسكرية سورية وأهدافاً إيرانيّة وأخرى لــ«حزب الله»، بينها مستودعات أسلحة وذخائر في مناطق متفرقة.
يذكر أنه قتل أربعة أشخاص بينهم جنديان سوريان في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، جراء قصف إسرائيلي استهدف مطار دمشق الدولي، ما وضعه خارج الخدمة لساعات، لتكون المرة الثانية التي يخرج فيها من الخدمة منذ يونيو (حزيران) 2022، حين أدى قصف إسرائيلي إلى تعليق كل الرحلات لنحو أسبوعين.
ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ ضربات في سوريا، لكنّها تكرّر أنّها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. كما أنه نادراً ما تشنّ إسرائيل ضربات مماثلة داخل دمشق، إذ تقتصر ضرباتها على مواقع عسكرية على أطراف العاصمة وفي ريفها ومناطق أخرى.