«على جسر وستمنستر»... قصص تمزج بين الأدب والفن التشكيلي

«على جسر وستمنستر»... قصص تمزج بين الأدب والفن التشكيلي
TT

«على جسر وستمنستر»... قصص تمزج بين الأدب والفن التشكيلي

«على جسر وستمنستر»... قصص تمزج بين الأدب والفن التشكيلي

عن دار «بيت الياسمين» بالقاهرة صدرت المجموعة القصصية «على جسر وستنمستر» للكاتبة والفنانة التشكيلية المصرية البريطانية المقيمة في لندن إيثار غراب. تضم المجموعة «52 نصاً» عبارة عن قصص قصيرة للغاية حتى أن بعضها يشبه الومضة السريعة وتدور في فضاءات إنسانية وعاطفية حيث تستفيد المؤلفة من خلفيتها الفنية فجاءت القصص مصحوبة بلوحات أو اسكتشات بالأبيض والأسود.
وفي تعليقه على هذا العمل، يقول الكاتب إبراهيم عبد المجيد في كلمة الغلاف الخلفي: «إن القصص القصيرة جدا التي صارت موضة الآن كثيرا ما يقع أصحابها في فخ المقال أو وجهة النظر وكثيرا ما تخلو من الحدث وتطوره ومن ثم فإن الكثير منها للأسف يبدو مجرد خواطر أو أفكار».
ويرى عبد المجيد أن تجربة المؤلفة في هذا العمل جاءت مختلفة كونها فنانة تشكيلية مما أعطاها القدرة على الإيجاز والكتابة في مساحة صغيرة لكن بمعانٍ إنسانية كبيرة، وهذا ما جذبه إلى قراءة قصصها، فهي لا تبتعد عن الحدث الذي يعتبر محور أي قصة وما تأتي به التطورات الروحية لدى الأبطال، كما أن النصوص تتعدد ألوانها ولغتها لتشكل لوحة فنية تترك الكثير من الانطباعات لدى المتلقي، مشاهدا كان أم قارئا.
وفي تقديمه لقصص المجموعة، يوضح الشاعر أحمد الشهاوي أنه منذ النص الأول نلحظ استفادة المؤلفة من دراستها واحترافها الفن التشكيلي واشتغالها على منطقتي النور والظل فيما تكتب، فهي تخلص النص من الحواشي والتفاصيل وتلخص وتجرد وتحذف معتمدة على مخيالها الشاطح في رسم العلاقات وتحديد الشخوص الذين تمنحهم حيوات أخرى في الصفحة التي تكتب. ولدى المؤلفة معرفة بالصور التي احتشدت عبر تجاربها وخرجت في الكتابة مجسدة بالحرف لا باللون وهنا تأتي متعة السرد التي تمنحها الكاتبة لمن يقرأ قصصها.
وبحسب الشهاوي، تمزج نصوص العمل بين ما هو شرقي وما هو غربي من دون أن تفقد ملامحها الشخصية وكثير من القصص حمالة أوجها متعددة، منفتحة وغير منغلقة وتمنح القارئ لذة الكشف، خاصة أنها تنحصر بين مكانين وزمانين يتواشجان ويتعانقان ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر.
وتنفتح نصوص إيثار غراب على كثير من الاحتمالات والقراءات والتأويلات وتعدد المعنى كل حسب قراءته وثقافته وبيئته، فمنذ الصفحة الأولى تنبه قارئها إلى أن الاحتمالات لا تنتهي مع حس ساخر لا يمكن تجاهله. ولا تؤمن المؤلفة بالأفكار الصاخبة، فجاء صوتها متدفقا بانسيابية من دون تعمد أو تكلف أو معاظلة مؤمنة بمقولة نجيب محفوظ التي جاء بها سنة 1954 «القصة هي شعر الدنيا الحديث».
ولدت «إيثار» بالقاهرة وتخرجت في كلية الفنون الجميلة بالزمالك عام 2005، شاركت عضوا في جماعة «التشكيل الحر» للفن التشكيلي في العامين 2004 و2005 قبل انتقالها إلى لندن. نشرت أعمالها في مجلة «تايم» الأميركية ضمن مشروع فوتوغرافي عن الفنانات المسلمات عام 2011، وهي تشارك في المعارض البريطانية للفنون التشكيلية بدءا من العام 2008.
ومن أجواء المجموعة نقرأ تحت عنوان «ابتسامة»:
«كم تعشق ابتسامته، تنظر إليه وهو يشاهد موقفا كوميديا على شاشة التلفاز... هاتان الغمازتان! قبل زواجهما كانت تبتسم لا إراديا كلما رأت غمازات مشابهة لغمازتيه، حتى وإن كانت على وجه طفل أو امرأة. لا يزال قلبها يخفق كلما رأتهما. يشعر بنظراتها فيلتفت إليها وابتسامة لا تزال تملأ وجهه:
- لماذا تبتسمين؟
اتسعت ابتسامتها قائلة:
- أحبك.
اتسعت ابتسامته هو الآخر بتلك الطريقة الطفولية التي أسرتها أول مرة رأتها ثم قال:
- أنا رجل محظوظ.
ضحكت قائلة:
- يمكنك أن تقول إنك تحبني، لا بأس في ذلك كما تعلم.
ضحك هو الآخر ولم يقل شيئا.
تنهدت وقامت لتعد العشاء. أخذ يراقبها حتى ابتعدت قليلا ثم قال بصوت خافت:
- أحبك.
سمعته فالتفتت له نصف التفاتة وابتسامة مطمئنة تعلو شفتيها ثم قالت بخفوت مماثل:
- أعرف».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

كائنات قد تعيش في جليد المريخ... ما القصة؟

دراسة جديدة تشير إلى أن طبقة سميكة بما يكفي من الجليد على المريخ قد تحمي أي شيء يعيش داخلها (رويترز)
دراسة جديدة تشير إلى أن طبقة سميكة بما يكفي من الجليد على المريخ قد تحمي أي شيء يعيش داخلها (رويترز)
TT

كائنات قد تعيش في جليد المريخ... ما القصة؟

دراسة جديدة تشير إلى أن طبقة سميكة بما يكفي من الجليد على المريخ قد تحمي أي شيء يعيش داخلها (رويترز)
دراسة جديدة تشير إلى أن طبقة سميكة بما يكفي من الجليد على المريخ قد تحمي أي شيء يعيش داخلها (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أنه قد يتم العثور على حياة ميكروبية غريبة داخل الجليد على سطح المريخ.

من شبه المؤكد أن العيش على سطح المريخ مستحيل؛ فهو يتعرض لمستويات عالية من الأشعة فوق البنفسجية التي قد تكون ضارة بأي شيء يحاول البقاء على قيد الحياة هناك، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».

لكن دراسة جديدة تشير إلى أن طبقة سميكة بما يكفي من الجليد على المريخ قد تحمي أي شيء يعيش فيها من هذا الإشعاع.

وهذه الكائنات لا بد أن تكون في مكان عميق بما يكفي لحمايتها من الأشعة فوق البنفسجية، ولكن أيضاً في نقطة ضحلة بما يكفي لتلقي الضوء المرئي لعملية التمثيل الضوئي.

في الدراسة الجديدة، وضع الباحثون نموذجاً لما إذا كان من الممكن وجود مثل هذه البقعة المثالية، نظراً للغبار ونوع الجليد الموجود على المريخ.

وجد الباحثون أنه إذا لم يكن الجليد يحتوي على كمية كبيرة من الغبار (0.01 إلى 0.1 في المائة) فقد توجد منطقة يمكن أن تدعم الحياة على عمق يتراوح بين 5 و38 سنتيمتراً. وإذا كان الجليد أنظف، فإن المنطقة الصالحة للسكن ستكون أكبر: على عمق يتراوح بين 2.15 و3.10 متر.

كما أن الغبار بالداخل من شأنه أن يذيب الجليد أحياناً، وهذا يعني أن هناك ما يكفي من الماء السائل للمساعدة في عملية التمثيل الضوئي المطلوبة.

ويحذر الباحثون من أن الدراسة الجديدة لا تشير إلى وجود حياة بالفعل داخل تلك المناطق الجليدية، لكنهم يشددون على أن هذه المناطق تشكل موقعاً رئيسياً عند البحث عن الحياة على المريخ.