مسحوق قابل للاستنشاق يحمي من «كورونا» و«الإنفلونزا»

يتحد مع المُخاط لمنع وصول الفيروس للرئة

إنفوغراف يوضح آلية عمل المسحوق (الفريق البحثي)
إنفوغراف يوضح آلية عمل المسحوق (الفريق البحثي)
TT

مسحوق قابل للاستنشاق يحمي من «كورونا» و«الإنفلونزا»

إنفوغراف يوضح آلية عمل المسحوق (الفريق البحثي)
إنفوغراف يوضح آلية عمل المسحوق (الفريق البحثي)

طور باحثون من جامعة ولاية كارولينا الشمالية الأميركية مسحوقاً قابلاً للاستنشاق يمكن أن يحمي الرئتين والممرات الهوائية من الغزو الفيروسي، عن طريق تقوية الطبقة المخاطية في الجسم.
وخلال التجارب التي أجريت على بعض الحيوانات مثل الفئران وبعض أنواع الرئيسيات غير البشرية (القرود)، والتي نشرت نتائجها في 9 فبراير (شباط) الجاري بدورية «نيتشر ماتريال»، قلل المسحوق من احتمالات حدوث العدوى، دون التأثير في وظائف الرئة الطبيعية.
ويقول كي تشينغ، أستاذ الهندسة الطبية الحيوية بجامعة ولاية كارولينا الشمالية، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع الدراسة: «الفكرة وراء هذا العمل بسيطة، وهي أنه يجب أن تخترق الفيروسات المخاط من أجل الوصول إلى الخلايا وإصابتها؛ لذلك أنشأنا مادة لاصقة حيوية قابلة للاستنشاق تتحد مع المخاط لمنع الفيروسات من الوصول إلى خلايا الرئة».
ويضيف: «المخاط هو حاجز هيدروجيل طبيعي في الجسم، ونحن فقط نعزز هذا الحاجز».
وتتكون الجسيمات الدقيقة للمسحوق القابل للاستنشاق من الجيلاتين والبولي (حمض الأكريليك) المطعمة بإستر غير سام، وعند إدخالها بيئة رطبة، مثل الجهاز التنفسي والرئتين، تنتفخ الجسيمات الدقيقة، وتلتصق بالطبقة المخاطية، ما يزيد من التصاق المخاط. وتكون التأثيرات أقوى خلال الساعات الثماني الأولى بعد الاستنشاق، ويتحلل المسحوق حيوياً على مدار 48 ساعة، ويتم تطهيره تماماً من الجسم.
وفي نموذج فئران التجارب، منع المسحوق انتشار جسيمات الفيروس بكفاءة 75 في المائة بعد 4 ساعات من الاستنشاق، ثم انخفضت النسبة إلى 18 في المائة بعد 24 ساعة، ووجد الباحثون نتائج مماثلة عند اختبارهم هذا المسحوق ضد الالتهاب الرئوي وفيروسات الإنفلونزا.
وفي حالة نموذج الرئيسيات غير البشرية (القرود) الخاصة بالفيروس الأصلي ومتغير دلتا، قلل العلاج بالمسحوق الأحمال الفيروسية، من 50 إلى 300 ضعف بالنسبة للمجموعة الضابطة، ولم يكن هناك أي من الأعراض المرتبطة بشكل شائع بالعدوى في الرئيسيات، مثل التهاب الرئة أو التليف، ونظراً لأن الرئيسيات لا تظهر أعراض العدوى نفسها مثل البشر، فإن الحمل الفيروسي هو العلامة القياسية المستخدمة لتحديد الأعراض.
ونظر الباحثون أيضاً في السمية المحتملة في المختبر، وكان 95 في المائة من مزارع الخلايا التي تعرضت لتركيز عالٍ (10 مجم) من المسحوق ظلت بصحة جيدة، أما الفئران التي أعطيت جرعات يومية لمدة أسبوعين فقد احتفظت برئتها ووظيفة الجهاز التنفسي بحالة طبيعية.
ويقول تشينغ: «إن استخدام المسحوق أسهل وأكثر أماناً من الحواجز المادية الأخرى أو المواد الكيميائية المضادة للفيروسات؛ فهو يعمل مثل القناع غير المرئي للأشخاص في المواقف التي يصعب فيها إخفاء الأقنعة، ومن أمثلة ذلك وقت ممارسة التمارين الرياضية الشاقة، أو وقت الأكل أو الشرب، أو في التفاعلات الاجتماعية الوثيقة، ويمكن للأشخاص أيضاً استخدام المسحوق فوق القناع الجسدي للحصول على حماية أفضل». ويضيف: «قوة المسحوق أنه لا يقتصر بالضرورة على الحماية من (كوفيد - 19) أو الإنفلونزا، فنحن نبحث فيما إذا كان يمكن استخدامه أيضاً للحماية من أشياء مثل المواد المسببة للحساسية، أو حتى تلوث الهواء، أو أي شيء يمكن أن يضر الرئتين».
ويبدي محمد شوكت، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط (جنوب مصر)، حماساً لهذا الاختراع الجديد، كونه يؤهل لمرحلة التعايش مع الفيروس، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل التكهنات تشير إلى تحول الفيروس لمرحلة التوطن، وهذا يقتضي الجاهزية بأفكار للوقاية منه، وميزة هذه الوسيلة أنها ملائمة للجميع، حيث لا يفضل البعض استخدام الحقن».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض