في سبعينات القرن الماضي، أطلق الدكتور وديع حداد، مسؤول «المجال الخارجي» في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، عمليات شغلت الدوائر السياسية والأمنية والإعلامية بنجمين: الأول كارلوس الفنزويلي الذي سطع نجمُه بعد عملية خطف وزراء «أوبك» في فيينا، والثاني الشابة الفلسطينية ليلى خالد التي شاركت في 1969 و1970 في خطف طائرتين.
نشرت في صيف 2001 تحقيقاً مطوَّلاً عن حداد. سألني رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، في تلك الفترة عن سبب اهتمامي بقصة حداد، فأجبته أنَّه الفضول الصحافي. سمعت لاحقاً من أحد العارفين أنَّه خلال زيارة لمنزل حداد في بيروت غداة استهدافه في صيف 1970 بقذائف إسرائيلية، لفته أنَّ شاباً لبنانياً كان يشارك في إزالة شظايا الزجاج. غلبني الفضول وعرفت بعد محاولات متكرّرة أنَّ الشاب هو الحريري. أسهمت خالد من دون أن تقصد في إنقاذ حداد من الموت بسبب وجودها في شقته، عندما استهدفتها صواريخ «الموساد» في 1970. حين روت لي ذلك تذكرت الشاب الذي قيل إنَّه جمع شظايا الزجاج.
أكَّدت ليلى خالد معرفتها بالحريري وقالت: «كان يسكن مع أخي خالد خلال دراستهما في جامعة بيروت العربية. قبل سنة من موعد تخرجه جاء إلى منزل شقيقتي في محلة المزرعة في بيروت. قال إنَّه قرر الذهاب للعمل في السعودية». وأضافت: «زارنا لاحقاً في لبنان والتقى وديع وكلفناه مهمة نقل سلاح إلى أوروبا»، وأنَّه فعل ذلك أكثر من مرة بين 1970 و1971.
لاحظت أنَّ حداد كان بارعاً في استخدام بعض الصداقات، وفي هذا السياق كلف ذات يوم، شاباً كردياً يسارياً القيامَ بمهمات استطلاع في أوروبا. وكنت سمعت قبل سنوات أنَّ ذلك الشاب الكردي تبوأ لاحقاً منصباً رفيعاً، فذهبت شكوكي إلى الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني. اغتنمت فرصة لقاء معه خلال زيارة له إلى دمشق، وسألته فأكَّد القصة، لكنه تمنَّى بود عدم التركيز كثيراً عليها «كي لا يقول أصدقاؤنا الأميركيون إنَّ رئيس العراق إرهابي سابق»، وربما لتفادي القول إنَّ رحلته كانت جزءاً من خطة لاغتيال شمعون بيريز.
... المزيد