دراسة تركية توقعت قبل أشهر دماراً واسعاً في «غازي عنتاب»

بسبب البناء غير المقاوم للزلازل

خريطة توضح اقتراب غازي عنتاب من مركز الزلزال (مجلة ديناميات التربة وهندسة الزلازل)
خريطة توضح اقتراب غازي عنتاب من مركز الزلزال (مجلة ديناميات التربة وهندسة الزلازل)
TT
20

دراسة تركية توقعت قبل أشهر دماراً واسعاً في «غازي عنتاب»

خريطة توضح اقتراب غازي عنتاب من مركز الزلزال (مجلة ديناميات التربة وهندسة الزلازل)
خريطة توضح اقتراب غازي عنتاب من مركز الزلزال (مجلة ديناميات التربة وهندسة الزلازل)

عادةً ما تحدث الوفيات عند وقوع الزلازل بسبب سقوط المباني، لذلك فإن المباني المقاومة للزلازل هي من الاشتراطات المهمة في المناطق المعروفة بقربها من المناطق ذات المخاطر الزلزالية العالية، وهو ما لم يتحقق في الحالة التركية، رغم تنبيه دراسة تركية نُشرت في مارس (آذار) من العام الماضي في مجلة «ديناميات التربة وهندسة الزلازل»، لخطورة ذلك.
ويعيش الكثير من الأشخاص الذين تضرروا من الزلزال في تركيا في مبانٍ هيكلية، والتي تكون فرص تضررها من الزلازل مرتفعة للغاية، بسبب استخدامها مواد بناء لا يتم تثبيتها بواسطة مواد حديد التسليح وأطر خرسانية منخفضة الارتفاع، وفقاً لبيان نشرته (الثلاثاء) هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وكانت دراسة تركية قد حذّرت من أن هذا النمط من البناء المستخدم في أحياء مدينة «غازي عنتاب» التركية، ينذر بكارثة في حال وقوع زلزال بقوة 6.5 درجة على مقياس ريختر، وهو ما يفسر حجم الدمار الكبير بعد الزلزال الذي شهدته تركيا فجر الاثنين الماضي، والذي وصلت قوته إلى 7.8 درجة.
وخلال الدراسة التي قادتها أرزو أرسلان كيلام، من جامعة «الشرق الأوسط التقنية» في أنقرة، تم إجراء تقييم جيولوجي وتكتوني شامل لمدينة غازي عنتاب (جنوب شرقي تركيا) متبوع بتقدير حدثين بحجم 6.5 و6.6 درجة على الفوالق النشطة القريبة من المنطقة، وبعد ذلك أُجريت مسوحات ميدانية لتقييم وتصنيف المباني في منطقة الدراسة، وكخطوة أخيرة، تم حساب متوسط نسب الضرر في 198 حياً داخل وسط المدينة. وأشارت النتائج إلى وجود مخاطر عالية في منطقة «غازي عنتاب»، بسبب الجمع بين القرب من مركز الفوالق وتأثيرات الموقع المحلي وهشاشة المبنى.
وطالبت الدراسة بضرورة تفعيل قوانين البناء الجديدة التي تم إقرارها بعد زلزال عام 1999 الذي وقع على مسافة 11 كيلومتراً جنوب شرقي إزميت بتركيا، وكانت قوته 7.4 درجة على مقياس ريختر، ما أسفر عن مقتل أكثر من 17 ألف شخص وتشريد أكثر من 250 ألفاً.
يقول زكريا هميمي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة بنها المصرية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن المباني المتضررة من زلزال الإثنين بُنيت قبل إقرار القوانين الجديدة للبناء، ويجب إعادة بنائها وفق المواصفات المقاومة للزلازل».
والمباني غير المقاومة للزلازل هي أحد عوامل الخطر التي تزيد من الكارثة عند وقوع زلازل، بالإضافة إلى عامل آخر مهم، وهو الموقع، وقد اجتمع العاملان في مدينة غازي عنتاب التركية.
وتقع مدينة غازي عنتاب قرب خط صدع شرق الأناضول، الذي يمتد نحو 650 كيلومتراً من مرتفعات شرق تركيا إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن هناك يتجه جنوباً ويلتقي مع النهاية الشمالية لنظام الصدع الكبير الذي يفصل الصفائح الأفريقية والعربية، وأدى هذا الموقع، إضافةً إلى هشاشة المباني، إلى زيادة حجم الكارثة، كما يؤكد هميمي.
والمباني المقاومة للزلازل، هي تلك المباني التي يعمل المهندسون على تعزيز هيكلها للتصدي لقوى الزلازل المحتملة، ونظراً لأن الزلازل تطلق الطاقة التي تدفع المباني من اتجاه واحد، فإن الاستراتيجية تتضمن دفع المبنى في الاتجاه المعاكس.
يقول يحيى خليفة، أستاذ التشييد والبناء في كلية الهندسة جامعة المنوفية (دلتا النيل بمصر)، لـ«الشرق الأوسط»: «تتمثل إحدى طرق إكساب المبنى المقاومة اللازمة في رفع أساس المبنى فوق الأرض من خلال طريقة تسمى عزل القاعدة، ويشمل عزل القاعدة بناء مبنى فوق منصات مرنة مصنوعة من الفولاذ والمطاط والرصاص، وعندما تتحرك القاعدة في أثناء حدوث زلزال، تهتز العوازل، بينما يظل الهيكل نفسه ثابتاً، ويساعد هذا بشكل فعّال على امتصاص الموجات الزلزالية ومنعها من الانتقال إلى المبنى».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


الخارجية الإيرانية: قرقاش يحمل رسالة ترمب إلى طهران

عراقجي يتحدث أمام مجموعة من فريقه الدبلوماسي في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يتحدث أمام مجموعة من فريقه الدبلوماسي في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
TT
20

الخارجية الإيرانية: قرقاش يحمل رسالة ترمب إلى طهران

عراقجي يتحدث أمام مجموعة من فريقه الدبلوماسي في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يتحدث أمام مجموعة من فريقه الدبلوماسي في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، سيحمل رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى طهران في الساعات المقبلة.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن إسماعيل بقائي قوله إن قرقاش سيجري مشاورات مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي.

وأضاف أن قرقاش يحمل خلال زيارته رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب موجّهة إلى إيران.

وجاء ذلك بعدما ذكرت وكالة «مهر» الحكومية أن قرقاش سيزور طهران اليوم الأربعاء للقاء عدد من المسؤولين الإيرانيين والتشاور معهم، بما في ذلك عراقجي، دون الخوض في مزيد من التفاصيل.

وكان عراقجي قد أعلن صباح الأربعاء أن دولة عربية ستنقل رسالة من ترمب إلى طهران قريباً، ولم يقدم معلومات إضافية بشأن هذه الدولة أو موعد تلقي الرسالة.

وقال عراقجي للصحافيين في العاصمة الإيرانية: «لم تصلنا الرسالة بعد لكن من المقرر أن يسلّمها مبعوث من دولة عربية قريباً في طهران».

وكان ترمب كشف الجمعة الماضي أنه بعث برسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، يضغط فيها للتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد، أو مواجهة عمل عسكري محتمل.

ونفى مسؤولون إيرانيون تلقي رسالة أميركية خلال الأيام الماضية، مكررين موقف طهران بأنها لن تفاوض تحت سياسة «الضغوط القصوى» التي أعاد الرئيس الأميركي العمل بها حيال إيران، منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) الماضي.

اعتمد ترمب هذه الاستراتيجية حيال طهران خلال ولايته الأولى (2017 - 2021)، وكان من أبرز مظاهرها سحب بلاده من الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران، وكذلك تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية، وذلك بهدف وضع قيود إضافية على البرنامج النووي الإيراني ولجم الأنشطة الإقليمية والباليستية لـ«الحرس الثوري». وغداة إعلان ترمب عن الرسالة، انتقد خامنئي السياسة الأميركية. وقال خلال اجتماع مع كبار المسؤولين الإيرانيين: «بعض الحكومات المتغطرسة، لا أعرف حقاً مصطلحاً أكثر ملاءمة لبعض الشخصيات والقادة الأجانب من كلمة غطرسة، تصر على المحادثات»، من دون أن يذكر ترمب، أو قضية الرسالة.

وقال خامنئي إن إيران لن تتفاوض تحت ضغط «التنمر» الأميركي. وأشار إلى رفضه مطالب الإدارة الأميركية، قائلاً: «إنهم يطرحون مطالب جديدة لن تقبلها إيران بالتأكيد، مثل قدراتنا الدفاعية، ومدى صواريخنا، ونفوذنا الإقليمي، وألا نتواصل مع جهات».

وكان خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا لإيران، قد حضّ الحكومة في فبراير (شباط) على عدم التفاوض مع الولايات المتحدة، محذّراً من أن ذلك سيكون «غير حكيم».

والثلاثاء، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: «من غير المقبول أن يقولوا: نأمركم بألا تفعلوا كذا أو كذا، وإلا فسنفعل كذا». وتابع متوجهاً إلى ترمب: «لن آتي أبداً للتفاوض معك... افعل ما تريد من حماقات».

والأحد، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إن طهران ستدرس إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة إذا كان هدف المحادثات هو معالجة المخاوف بشأن إنتاج أسلحة نووية، معلنة في الوقت نفسه رفضها أي محاولة لتفكيك البرنامج.

وأضافت البعثة، في منشور على منصة «إكس»، الأحد، أنه إذا كان الهدف من المفاوضات هو تفكيك البرنامج النووي «السلمي» الإيراني، فإن «مثل هذه المفاوضات لن تُعقد أبداً».

وبعد ساعات، قال عباس عراقجي على منصة «إكس» إن «برنامج إيران للطاقة النووية كان وسيبقى دوماً سلمياً بالكامل. وبالتالي لا توجد أساساً أي عسكرة محتملة لهذا البرنامج. نحن لن نتفاوض تحت الضغط والترهيب». وانسحب ترمب في عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وقوى عالمية، وإعادة فرض عقوبات على طهران التي ردت بالتخلي عن التزاماتها النووية بعد عام.

وتعليقاً على اجتماع مجلس الأمن الدولي المغلق اليوم الأربعاء بشأن البرنامج النووي الإيراني، قال عراقجي إن الاجتماع «عملية جديدة وغريبة تُشكك في حسن نية الدول التي دعت إليه».

ودعت ست دول للاجتماع من أصل 15 عضواً في المجلس، وهي فرنسا واليونان وبنما وكوريا الجنوبية وبريطانيا والولايات المتحدة، بسبب زيادة إيران لمخزونها من اليورانيوم المخصب لدرجة تقارب المستوى المطلوب لصنع أسلحة. وتنفي طهران رغبتها في صنع سلاح نووي.

ومع ذلك، حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران تُسرع وتيرة تخصيب اليورانيوم «بشكل كبير» إلى درجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، وهي نسبة قريبة من درجة 90 في المائة تقريباً اللازمة لصنع أسلحة. واكتسبت المحادثات بين طهران والدول المتبقية المشاركة في الاتفاق النووي لعام 2015 زخماً متزايداً، إذ لا يزال البرنامج النووي الإيراني قضية عالمية تحظى بالأهمية.

وقال عراقجي اليوم إن إيران ستجري قريباً جولة خامسة من المحادثات مع القوى الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وأكد عقد اجتماع في بكين يوم الجمعة مع دولتين مشاركتين أيضاً، هما روسيا والصين.