بايدن يتعهد حماية أميركا «إذا هددت الصين سيادتنا»

دعا في «حال الاتحاد» الجمهوريين إلى التعاون وسط هتافاتهم: «كاذب»

بايدن يلقي خطاب «حال الاتحاد» في مجلس النواب بواشنطن أول من أمس (د.ب.أ)
بايدن يلقي خطاب «حال الاتحاد» في مجلس النواب بواشنطن أول من أمس (د.ب.أ)
TT

بايدن يتعهد حماية أميركا «إذا هددت الصين سيادتنا»

بايدن يلقي خطاب «حال الاتحاد» في مجلس النواب بواشنطن أول من أمس (د.ب.أ)
بايدن يلقي خطاب «حال الاتحاد» في مجلس النواب بواشنطن أول من أمس (د.ب.أ)

«حال الاتحاد قوي»، بهذه الكلمات ختم الرئيس الأميركي جو بايدن خطابه السنوي أمام الكونغرس، الذي استمر على مدى 73 دقيقة، عرض فيه إنجازاته، دافعاً بأجندة الديمقراطيين من جهة، وموجهاً انتقادات مبطنة بعض الأحيان ومباشرة أحياناً أخرى للجمهوريين.
فبايدن الذي بدأ خطابه بمد غصن زيتون للأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، سعى جاهداً إلى الظهور بمظهر «الموحد» الذي نفذ وعوده وجمع بين الحزبين ورصّ صف الحلفاء، ليكون الخطاب بمثابة خطاب انتخابي تمهيدي لترشحه للرئاسة، يعرض فيه إنجازاته السابقة وتعهداته المستقبلية.
لكن الواقع في المجلس اختلف عن صورة «الوحدة» التي حاول بايدن تصويرها. فرغم دعوات رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي المتكررة لأعضاء حزبه باحترام بروتوكولات المجلس، فإن عدداً منهم قاطع الرئيس مراراً وتكراراً، ومنهم من هتف «أمّن الحدود!»، ومنهم من صرخ «كاذب!» أكثر من مرة، ليعكس ذلك انقسامات عميقة تهدد دعوات بايدن للحزبين بالتعاون في الكونغرس، وتظهر الصعوبات التي سيعاني منها في حال خوضه السباق الرئاسي مجدداً. فأجواء الكونغرس تعكس واقع الشارع الأميركي، وخير دليل على ذلك استطلاعات الرأي التي أظهرت استمراراً في تراجع شعبية بايدن في صفوف الأميركيين.
ملفات داخلية
ركّز بايدن في خطابه الموجه للأميركيين على الاقتصاد والمشاريع الداخلية، متغنياً بانخفاض مستويات البطالة، ومتعهداً بالعمل على تحسين مستويات المعيشة وخفض معدلات الجريمة.
وحثّ الجمهوريين على رفع سقف الدين العام، قائلاً: «لنتعهد الليلة بأن الثقة في الولايات المتحدة لن يتم التشكيك بها أبداً. بعض الجمهوريين يريدون اتخاذ الاقتصاد رهينة كي أوافق على خططهم الاقتصادية...».
وتطرّق بايدن إلى عنف الشرطة بحق الأميركيين من أصول أفريقية، في ظل الحادثة الأخيرة التي أودت بحياة الأميركي من أصول أفريقية تايري نيكولز في ممفيس. وفيما جلس والدا نيكولز في قاعة المجلس لمشاهدة الخطاب، تحدث الرئيس الأميركي عن ضرورة توفير التدريب اللازم لعناصر الشرطة، فقال: «أعطوا العناصر الأمنية التدريب الذي يحتاجونه، وساعدوهم على حماية الجميع». وأشار إلى أهمية توفير برامج واستثمارات في التعليم والوظائف والسكن للتخفيف من الجريمة، مضيفاً: «لقد وقعت على قرار تنفيذي لمنع كل ممارسات الضغط على العنق لدى الاعتقال، وتحديد عمليات دهم المنازل من دون قرع الباب أولاً...».
وفي ملف عنف السلاح، دعا بايدن الكونغرس إلى إقرار قانون منع الأسلحة الهجومية للحد من عمليات القتل الجماعي.
السياسة الخارجية
رغم تخصيص جزء كبير من الخطاب للسياسة الداخلية، فإن ملفات السياسة الخارجية لم تغب عنه، فالخطاب تزامن مع اقتراب الذكرى الأولى من حرب أوكرانيا، وحادثة المنطاد الصيني.
لكن بايدن ولمفاجأة الكثيرين تحدث باختصار عن واقعة المنطاد، متعهداً «التصرف لحماية بلادنا إذا هددت الصين سيادتنا... وهذا ما فعلناه».
ودعا الرئيس الأميركي إلى وحدة الصف بين الديمقراطيين والجمهوريين لكسب «المنافسة» مع بكين، مؤكداً أنه مصمم «على العمل مع الصين، حيث يمكن أن يخدم ذلك المصالح الأميركية ويفيد العالم بأسره»، ومضيفاً أن الولايات المتحدة تسعى إلى «المنافسة وليس المواجهة مع الصين».
وفي الملف الأوكراني، تعهد الرئيس الأميركي «الوقوف مع أوكرانيا ما دام احتاجت إلينا»، واعتبر أن «غزو بوتين كان امتحاناً للجميع. امتحاناً لأميركا وامتحاناً للعالم»، كما أن الولايات المتحدة كانت في القيادة: «قدنا الناتو وبنينا تحالفاً دولياً. وقفنا ضد اعتداء بوتين ووقفنا مع الشعب الأوكراني».
رد الفعل الجمهوري
مباشرة بعد انتهاء الخطاب، تعالت أصوات الجمهوريين المنتقدة لسياسة الرئيس الأميركي من جهة ولشخصه من جهة أخرى.
وبمواجهة هذا الموقف، نقلت وسائل إعلام أميركية رداً للصين أنها «ستدافع بحزم» عن مصالحها، داعية الولايات المتحدة إلى العمل على ترميم العلاقات بينهما، وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ في مؤتمر صحافي: «سندافع بحزم عن سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية».فقد وصف كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في الشيوخ السيناتور جيم ريش بايدن بـ«الضعيف». وقال ريش في بيان: «إخفاقات الإدارة في الانسحاب الخطير من أفغانستان أعطت الضوء الأخضر لبوتين لشن غزوه غير المبرر لبلد ذات سيادة». وانتقد ريش تأخر إدارة بايدن في تسليم أسلحة لأوكرانيا، محذراً: «الرئيس الصيني يراقب الرد الأميركي على الاعتداء الروسي، والضعف سوف يشجعه»؛ في إشارة إلى ملف تايوان.وأتى الرد على سياسات بايدن الداخلية وشخصه على لسان حاكمة ولاية أركنسا سارة هاكبي ساندرز التي قدمت الرد الرسمي للحزب على الخطاب.
ساندرز هاجمت بايدن مباشرة في سعيه للترشح مجدداً، مشيرة إلى كبر سنه، فقالت: «الرئيس بايدن وأنا ليس لدينا الكثير من النقاط المشتركة. أنا في الأربعين من العمر وأصغر الحكام سناً في البلاد، هو في الثمانين من العمر وأكبر الرؤساء سناً في التاريخ الأميركي...». ودعت هاكبي التي شغرت منصب المتحدثة السابقة في البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب إلى ضرورة وجود جيل شاب في قيادة البلاد.
بايدن بين الترشح والتحقيق
ومع انتهاء خطاب حال الاتحاد، توجه بايدن إلى ولاية ويسكونسن للترويج لخططه الاقتصادية، فيما بدا وكأنه بداية أيضاً لحملته الانتخابية. لكن الجمهوريين كانوا له بالمرصاد إذ عمدوا في اليوم نفسه إلى بدء التحقيقات الرسمية بممارسات نجله هنتر بايدن.
وعقدت لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي في مجلس النواب جلسة استماع بحضور مسؤولين سابقين في «تويتر»، لتسليط الضوء على «انحياز وسائل التواصل الاجتماعي للديمقراطيين». وأشار رئيس اللجنة الجمهوري جايمس كومر إلى أن «تويتر» حظر مشاركة أي معلومات متعلقة بكومبيوتر هنتر بايدن بسبب هذا الانحياز، قائلاً: «شهدنا توظيف المسؤولين في شركات التكنولوجيا الكبيرة لنفوذهم بهدف قمع حرية الأميركيين لترويج الآراء السياسية التي يدعمونها. (تويتر) كان من هذه المنصات إلى أن استحوذ عليها إيلون ماسك».


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أميركا تراقب مواطنيها العائدين من حرب أوكرانيا... ولا تعدّهم مرتزقة

قوات روسية من المتطوعين موالية لأوكرانيا توغلت في الأراضي الروسية (أ.ف.ب)
قوات روسية من المتطوعين موالية لأوكرانيا توغلت في الأراضي الروسية (أ.ف.ب)
TT

أميركا تراقب مواطنيها العائدين من حرب أوكرانيا... ولا تعدّهم مرتزقة

قوات روسية من المتطوعين موالية لأوكرانيا توغلت في الأراضي الروسية (أ.ف.ب)
قوات روسية من المتطوعين موالية لأوكرانيا توغلت في الأراضي الروسية (أ.ف.ب)

منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في 24 فبراير (شباط) 2022، كثفت السلطات الحكومية الأميركية عمليات المراقبة للمئات من رعاياها الذين أخذوا ينخرطون في القتال هناك، تحسباً ليوم تنتهي فيه الحرب ويبدأون رحلة العودة مع ما يحملونه من مشاهد القتل وأعمال العنف التي يمكن أن تنعكس خطراً محتملاً على مجتمعاتهم في الولايات المتحدة.

بيرانجيه مينو تقول موسكو إنه قتل في خاركيف (أ.ف.ب)

رغم عمليات المراقبة هذه، فإن الحكومة الأميركية لم تنشر أي تقديرات رسمية لعدد الأميركيين الذي حاربوا أو يحاربون في أوكرانيا منذ أكثر من ألف يوم في القتال. غير أن إدارة الرئيس جو بايدن الذي شارفت ولايته على الانتهاء، رفعت قبل زهاء أربعة أسابيع الحظر على انتشار متعاقدين عسكريين أميركيين في أوكرانيا لمساعدة الجيش الأوكراني في صيانة وإصلاح أنظمة الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة، وبخاصة المقاتلات من طراز «إف 16» وأنظمة «باتريوت» للدفاع الجوي، مما يعني أن وزارة الدفاع «البنتاغون» صارت قادرة على تقديم عقود لشركات أميركية تعمل داخل أوكرانيا، في خطوة يبدو أنها اتخذت بعد أنباء عن استعانة روسيا بآلاف من الجنود الكوريين الشماليين للقتال بجانب القوات الروسية عبر الجبهات.

وقال مسؤول دفاعي أميركي إن «البنتاغون اتخذ هذا القرار الدقيق بعد تقييم المخاطر، وبالتنسيق مع أصحاب المصلحة بين الوكالات». وقارن مسؤولون حاليون وسابقون الوضع الراهن مع وجود المقاولين الأميركيين الذين كانوا موجودين في العراق وأفغانستان.

مدنيون في زيّ عسكري خلال تدريبات قرب العاصمة كييف

وليس من الواضح ما إذا كان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي سيتسلم مهماته في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل سيُبقي على هذه السياسة أم لا، علماً بأنه يأمل صراحة في إنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا «خلال الساعات الـ24» الأولى من عودته إلى البيت الأبيض.

وكان الرئيس بايدن شدد طوال العامين الماضيين على أن يبقى الأميركيون، وبخاصة القوات الأميركية، بعيدين عن الجبهات الأمامية للقتال بين أوكرانيا وروسيا. وحاول البيت الأبيض مراراً الحد من الخطر الذي يهدد الأميركيين من روسيا. ومنذ عام 2022، حذرت وزارة الخارجية رعاياها صراحة من السفر إلى أوكرانيا.

تورط مبكر

ومن المعروف أن مجموعة من الأميركيين سافرت إلى أوكرانيا في وقت مبكر من الحرب. وبين هؤلاء عدد من المحاربين القدامى الملتزمين بـ«حماية الديمقراطية (...) ويدافعون عن العالم الحر ضد الطغيان والاستبداد».

غير أن وثائق لوزارة الدفاع سربت، العام الماضي، كشفت في ذلك الوقت عن وجود ما لا يقل عن 97 من القوات الخاصة التابعة لحلف شمال الأطلسي «الناتو» في أوكرانيا، وبينهم 14 أميركياً. وفي ذلك الوقت، رفض منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، تأكيد العدد. لكنه أكد وجود «عدد صغير من القوات الأميركية» هناك. ويوجد أيضاً العشرات من مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» في أوكرانيا.

وكان العنصر في جناح الاستخبارات بالحرس الوطني الجوي الأميركي في ماساتشوستس جاك تيشيرا، نشر على منصة «ديسكورد» للتواصل الاجتماعي، مئات الصفحات من وثائق حكومية حساسة تشير إحداها إلى وجود 14 جندياً من القوات الأميركية الخاصة في أوكرانيا. لكن كيربي أكد أن تلك القوات «لا تقاتل في ساحة المعركة».

وترفض السلطات الأميركية تسمية هؤلاء «مرتزقة»، بل هم «متطوعون» بشكل غير رسمي لمساعدة القوات الأوكرانية في جهود التصدي للقوات الروسية.

وتقود وزارة الأمن الداخلي الأميركية جهداً مشتركاً مع بقية الوكالات الفيدرالية للتدقيق في الأميركيين العائدين من الحرب؛ بغية تحديد الأميركيين الذين قد يتحولون إلى العنف مع عودتهم، بموازاة استمرار الخشية لدى المسؤولين الأميركيين من أن تجتذب الحرب الروسية - الأوكرانية المتطرفين الأميركيين الذين يتعلمون المهارات القتالية في ساحة المعركة، ثم يهاجمون مواطنيهم الأميركيين عند عودتهم.

تنسيق مع أوكرانيا

ويتواصل المسؤولون في وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» مع نظرائهم في السلطات الأوكرانية؛ لتحليل المعلومات الاستخبارية حول الأميركيين العائدين، ويراجعون حسابات هؤلاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ بحثاً عن خطاب عنيف. ويحاولون تحديد ما إذا كان الحصان المشتبه في تورطهما في محاولة اغتيال الرئيس ترمب خلال الحملة الانتخابية في كل من بنسلفانيا وفلوريدا، قد تأثرا بالحرب في أوكرانيا، علماً بأن ريان روث، الذي يعتقد المحققون أنه كان ينتظر ترمب ببندقية نصف آلية لأكثر من 11 ساعة قرب ملعب ترمب للغولف في «ويست بالم بيتش» بفلوريدا، سافر إلى أوكرانيا؛ دعماً لها في الحرب مع روسيا. وتثير هذه الحادثة تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة الأميركية تطبق المعايير الصحيحة لتقييم المخاطر التي يواجهها الأميركيون الذين حاولوا الانضمام إلى الحرب أم لا.

وأكدت السلطات الأوكرانية أن روث مُنع من الانضمام إلى الفيلق الأجنبي في البلاد، مضيفة أنه ليس هناك ما يشير إلى أنه شاهد قتالاً، أو تلقى تدريباً عسكرياً في البلاد.

ورغم عمليات المراقبة، فإن السلطات الأميركية لم تتعقب رسمياً المواطنين الذين يتجهون إلى أوكرانيا. لكن المسؤولين حققوا مع بعض الذين حاولوا جلب ذخيرة أو سكاكين حربية على متن طائرات. وفي حالات أخرى، تلقوا معلومات حول أفراد معينين أظهروا سلوكاً مثيراً للقلق أو ارتكبوا جرائم في أثناء وجودهم في أوكرانيا.

ويعتقد المحارب الأميركي القديم ديفيد برامليت الذي يعمل من كييف مع منظمة غير حكومية تساعد الأميركيين في القتال من أجل أوكرانيا، أن وزارة الأمن الداخلي أخطأت في تصنيف الأميركيين الذين جندوا في الحرب. وقال: «أعتقد أنه أمر مروع أن تتعقب وزارة الأمن الوطني هؤلاء المواطنين لأنهم قلقون بشأن قيامهم بأمر ما»، لافتاً إلى أن «الأميركيين الذين جاؤوا إلى هنا للقتال يستحقون احترامنا - في بعض الحالات - الذين قدموا التضحية القصوى».

قوات روسية من المتطوعين موالية لأوكرانيا توغلت في الأراضي الروسية (أ.ف.ب)

باحثون عن الإثارة

ويشير برامليت إلى أن بعض الآخرين من الأميركيين الذين سافروا إلى أوكرانيا كانوا «من الباحثين عن الإثارة وجنود الثروة». وتثير هذه المجموعة مخاوف في وزارة الأمن الوطني من إمكانية جذب العنصريين الأميركيين البيض والمتعاطفين مع النازيين إلى الحرب، خاصة في ضوء ادعاءات الدعاية الروسية منذ فترة طويلة بأن أوكرانيا هي ملاذ آمن للنازيين. ويعمل مسؤولون في الوزارة على تحديد هويات الأميركيين الذين يسافرون إلى أوكرانيا للقتال، بمن في ذلك أولئك الذين يجرون محادثات مع السلطات الأوكرانية حول الانضمام إلى الوحدات العسكرية أو شبه العسكرية.

ويؤكد مسؤول أن جهود وزارة الأمن الوطني تركز على الأشخاص الذين ينشرون خطاباً عنيفاً على وسائل التواصل الاجتماعي، أو يهددون بالعنف الجسدي، يمكن الإبلاغ عنهم للسلطات والتحقيق معهم لاحقاً. ولدى الحكومة الأميركية مجموعة من الأدوات التي يمكنها استخدامها عندما يعود الأشخاص الذين يعدّون خطرين من مناطق الحرب. ويمكن للمسؤولين استجوابهم في المطارات وتفتيش أمتعتهم وأجهزتهم الإلكترونية. ويمكنهم أيضاً مراقبتهم مادياً أو إلكترونياً، مع الحصول على التفويض القانوني اللازم. ويمكن لوزارة الأمن الوطني أيضاً إبلاغ الـ«إف بي آي» عن الأشخاص. وبطبيعة الحال، إذا وجد المسؤولون عن إنفاذ القانون سبباً محتملاً لارتكاب شخص ما جريمة، فيمكن القبض على هذا الشخص وتوجيه الاتهام إليه.