روسيا توسع تحركاتها في القارة الأفريقية

لا فروف سعى إلى تعاون عسكري وأمني معها وحشد لـ«الحلفاء» في مواجهة «الاستعمار الغربي»

لافروف مع نظيره وزير خارجية مالي(ا.ف.ب)
لافروف مع نظيره وزير خارجية مالي(ا.ف.ب)
TT

روسيا توسع تحركاتها في القارة الأفريقية

لافروف مع نظيره وزير خارجية مالي(ا.ف.ب)
لافروف مع نظيره وزير خارجية مالي(ا.ف.ب)

بعد زيارة سريعة إلى مالي، الثلاثاء، ينتقل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في اليوم التالي إلى السودان، المحطة التي تحظى بأهمية خاصة لدى موسكو، والتي تشكل محادثات الوزير فيها استكمالاً لجولاته النشطة في القارة الأفريقية، خلال الأشهر الأخيرة.
تنطلق موسكو من ضرورات «حشد معسكر الحلفاء المحتملين» في إطار مواجهتها المتفاقمة مع الغرب التي يقول خبراء إنها سوف تشهد استمراراً في التعقيد لفترة طويلة، مهما كانت طبيعة التطورات في ساحة الحرب الأوكرانية.

- تنافس على السودان
أعلنت وكالة السودان للأنباء أن زيارة لافروف سوف تستغرق يومين، ما يشير إلى الاهتمام الخاص الذي منحه الوزير لعقد أوسع جولات ممكنة من الحوارات في هذا البلد. وكان خبراء قد أعربوا عن أن زيارة لافروف تستهدف معرفة إلى أين تؤشر البوصلة السودانية، لا سيما في ظل تسارع خطى التقارب بين الخرطوم وواشنطن عبر بوابة تل أبيب التي بعثت بوزير خارجيتها للسودان، الخميس المنصرم.
وأعلن وزير الخارجية المكلف، علي الصادق، لـ«سونا» أن زيارة لافروف تبحث القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بجانب سبل زيادة ميزان التبادل التجاري والاستثمارات الروسية؛ خصوصاً في مجال البنية التحتية.
وفي مؤشر إلى احتدام التنافس الروسي مع الغرب على كسب مواقع في السودان، أشارت وكالة «أسوشييتد برس»، في وقتٍ سابق، إلى ضغوطات تمارسها الولايات المتحدة على السودان وليبيا، لحملهما على إنهاء أي علاقات تربطهما بمرتزقة «فاغنر» الروس، في إطار سعي الدول الغربية إلى ضم السودان إلى صفها، وتوسيع محاولات تحجيم أنشطة روسيا في القارة الأفريقية؛ خصوصاً في الجارة الغربية: أفريقيا الوسطى.
لكن المحطة السودانية -على أهميتها- تشكل جزءاً من الاستراتيجية الروسية نحو القارة التي عكست جولات لافروف الأخيرة فيها مدى حرص موسكو على تنشيطها، وتسريع وتائر تنفيذها.

- جولات لـ«استعادة» القارة
كان لافروف قد استبق الوصول إلى الخرطوم بزيارة مالي التي باتت أحد شركاء روسيا الرئيسيين في المنطقة. ووفقاً لتقارير روسية، ستحمل الجولة في محطاتها التالية لافروف إلى المغرب وموريتانيا وتونس. بذلك تكون هذه ثالث جولة أفريقية واسعة يقوم بها الوزير الروسي إلى القارة في الشهور الستة الأخيرة.
وقد حملت جولته الأفريقية في الأسبوع الأخير من شهر يناير (كانون الثاني)، دلالات مهمة في مسارها ومجرياتها، كما في توقيتها. وشملت الجولة جنوب أفريقيا وأنغولا وإريتريا، وكانت هذه الجولة الثانية بعد زيارات لافروف في يونيو (حزيران) الماضي إلى مصر والكونغو وأوغندا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا وبوتسوانا؛ ما يعد مؤشراً إلى تعاظم الأهمية التي توليها موسكو لعلاقاتها مع أفريقيا. وكون المنطقة تحظى بمكانة خاصة في السياسة الخارجية الروسية خلال العام الجديد.
والأكيد أن موسكو سعت إلى إظهار فشل سياسة الغرب في عزلها، وكونها ما زالت تحظى بحضور مهم لدى عدد واسع جداً من البلدان؛ خصوصاً في ظل أن الجزء الأعظم من البلدان الأفريقية لم ينخرط في العقوبات والقيود المفروضة على روسيا؛ بل بالعكس من ذلك سعت بعض البلدان إلى توظيف المواجهة الروسية الغربية المتفاقمة لتحقيق فوائد، كما حدث في مالي وبوركينا فاسو وغيرهما؛ فضلاً عن أن تحركات لافروف عززت القناعة بتوجه روسي إلى استعادة الحضور «السوفياتي» في أفريقيا، لجهة تأكيد موسكو الدائم أن الدولة العظمى في السابق كانت لها إسهامات كبرى في «تحرير» القارة من هيمنة الاستعمار الغربي.

- التحضير للقمة الأفريقية الروسية الثانية
ولا يمكن تجاهل أن جولات لافروف جاءت في سياق التحضير لعقد القمة الروسية الأفريقية الثانية منتصف هذا العام. ويمكن لمثل هذا المنتدى أن يكتسب أهمية أكبر على المستوى الدولي الأوسع.
في ظروف المواجهة القائمة حالياً؛ خصوصاً أن مجموعة «بريكس» التي تضم جنوب أفريقيا وروسيا والصين والبرازيل والهند، مرشحة للاتساع وتعزيز حضورها الإقليمي والدولي. وحسب سفير جنوب أفريقيا في موسكو مزوفوكيلي ماكيتوكا، أبدت 13 دولة، منها 4 دول أفريقية، اهتماماً بالانضمام إلى مجموعة «بريكس».
كما كان لافتاً إعلان وزير الخارجية الروسي من جنوب أفريقيا، أن بلاده تطور التعاون العسكري التقني مع الصين وجنوب أفريقيا، وتأكيده مع نظيرته الجنوب أفريقية، ناليدي باندور، في بريتوريا، أن المناورات العسكرية البحرية المرتقبة بين روسيا والصين وجنوب أفريقيا في المحيط الهندي، شفافة وتتوافق مع القانون الدولي، وهذا ما يشكل مؤشراً على أن النشاط الصيني في أفريقيا لا يتعارض مع الطموحات الروسية هناك.

- طريق روسيا الطويلة إلى القارة
على خط موازٍ للتمدّد الصيني في أفريقيا، نشطت روسيا في تعزيز وجودها في أفريقيا، مستفيدة من سلبيات السياسة الغربية في القارة، ومن تاريخها الاستعماري، كما استفادت من تنامي حالة عدم القبول الأفريقي للخطاب والمواقف الغربية تجاه أفريقيا، فبنت خطاباً وسياسات تناصر أفريقيا في قضاياها السياسية والاقتصادية المختلفة، وتؤكد أهمية المحافظة على سيادة الدول الأفريقية، وعدم إخضاعها بأدوات السياسة أو الاقتصاد، والنظر إلى أفريقيا بوصفها مسرحاً للشراكات التي تنعكس إيجاباً على تطلعات الدول والشعوب الأفريقية، بما يسهم في تطورها وتقدمها، وتقديم قروض غير مشروطة بمواقف سياسية تتصل بأحوال الدول الداخلية وشؤونها، وقد مكّنها كل ذلك من تحقيق وجود فاعل يمكن إيجازه فيما يلي:
عزّزت روسيا علاقاتها مع دول شمال أفريقيا، فطوّرت علاقات اقتصادية وعسكرية مع مصر، كما بدأت بتعاون مشترك معها في مجال الطاقة النووية، وفي ليبيا سعت لتأسيس حضور عسكري دائم، وطورت علاقاتها الاقتصادية مع تونس، وبشكل خاص في مجالات السياحة، والحال كذلك مع الجزائر التي غدت الشريك العسكري الأول أفريقياً والثاني عالمياً لروسيا، في مؤشر مشتريات السلاح والمعدات الحربية.
في شرق أفريقيا، سعت روسيا لتطوير علاقات خاصة مع السودان، ونجحت في إبرام اتفاقية لتأسيس قاعدة عسكرية في بورتسودان على البحر الأحمر، كان يمكن -لولا التغييرات التي حدثت في السودان والضغوط الأميركية القوية- أن توفّر لها بموقعها الاستراتيجي إطلالة على البحر الأحمر، وإشرافاً مباشراً على حركة الملاحة البحرية والجوية، وعلى حركة التجارة العالمية، وخصوصاً النفط، وربما الغاز مستقبلاً. ويقول خبراء إن هذه النقطة تعد بين العناصر الأساسية على أجندة زيارة لافروف الحالية. كما استعدت موسكو للاستفادة من فتح أفق جديد نحو الاستثمار في مجالات الطاقة والتعدين على الساحل السوداني.
أما مع إثيوبيا فقد عمّقت روسيا تعاونها الدفاعي، وفي يوليو (تموز) 2021 تمّ التوقيع على اتفاقيات للتعاون العسكري بين البلدين، مثلما وقّعا مذكرة تفاهم تضمن مساهمة روسيا في مجال الطاقة النووية، وقد وقّعت روسيا مذكرة مماثلة مع كلّ من كينيا وزامبيا.
كذلك عزّزت روسيا علاقاتها ووجودها في عدد من دول غرب أفريقيا؛ حيث أصبح لها حضور وتأثير ونفوذ في دولة أفريقيا الوسطى التي أمدتها بشحنات أسلحة متتالية، واعتمدت على شركة «فاغنر» لترجيح موازين القوى في الصراع الداخلي الذي تفاقم في عام 2017 بين المعارضة والسلطة. وقد مكّنها حضورها شبه العسكري هناك، من لعب دور كبير في توحيد المعارضة في هذه الدولة، وتوفير التدريب لقواتها، كما مكّن «فاغنر» من الدخول في مجالات الاستثمار المختلفة، لا سيما في مجال الماس واليورانيوم. ولروسيا الآن في هذا البلد نفوذ وتأثير سياسي يصعب تجاوزه.
وفي دولة تشاد المجاورة لدولة أفريقيا الوسطى، بدأت روسيا مساعيها وجهودها الرامية إلى تعزيز دورها في هذه الدولة التي كانت شؤونها كما مواردها حقاً حصرياً وتاريخياً لفرنسا، قبل أن تنافسها أميركا خلال العقدين الأخيرين. وجاء دخول روسيا إلى المسرح التشادي منافساً للنفوذ الفرنسي والنفوذ الأميركي في آن واحد.
وفي مالي، أسّست روسيا علاقات وثيقة في السنوات الأخيرة مع السلطات المالية، وعزّزت علاقات البلدين عبر توقيع اتفاقية تعاون في الدفاع عام 1994، وأعيدت مراجعتها عام 2019. وفي إطار تنفيذ هذه الاتفاقية، قامت روسيا بتدريب ضباط الجيش المالي، وقدمت دعماً عسكرياً في إطار صفقة معدات عسكرية وقّعها الطرفان في ديسمبر (كانون الأول). وتحت تأثير العلاقة المتنامية مع موسكو تطوّر الموقف السياسي المالي من الوجود الغربي، وقامت السلطات المالية بطرد السفير الفرنسي، وحظرت تحليق الطائرات العسكرية الألمانية في أجوائها، ثم طردت القوات الدنماركية من أراضيها.
لم تكتفِ روسيا في أفريقيا بعلاقات مع الدول التي سبق ذكرها؛ بل أسّست علاقات مع دول أخرى تقوم على التعاون الأمني والاقتصادي؛ حيث تعمل شركاتها في أنغولا، جنوب شرقي القارة الأفريقية، في استثمارات النفط والمعادن الثمينة، مثل الألماس والذهب. وفي عامي 2017 و2018، وقَّعت روسيا اتفاقيات تعاون مع أكثر من 19 دولة أفريقية، منها، على سبيل المثال لا الحصر: (نيجيريا، وأنغولا، وغينيا الاستوائية، وبوركينا فاسو). كما وقَّعت اتفاقات لاستخراج الغاز الصخري من موزمبيق. وبالتالي استطاعت أن تمدّ نفوذها بقوة في وسط القارة الأفريقية وغربيها، مثلما ضمنت لها موطئ قدم في شرقها وشمالها.
تعددت وتنوّعت أشكال الحضور الروسي في أفريقيا، وعلى الرغم من هيمنة العنصر الأمني والعسكري عليها، فقد سعت موسكو إلى الاستفادة من الحضور الثقافي والاستثماري، وقد ازداد حضور شركات كبرى مثل «غازبروم»، و«لوك أويل»، و«روستك»، و«روس أتوم»، في القارة، وخصوصاً في مصر والجزائر وأوغندا ونيجيريا وأنغولا. كما افتتحت روسيا في كثير من الدول الأفريقية مراكز ثقافية تروج لسياساتها.
وفي عام 2018 وقّعت شركة «روس أتوم» المسؤولة عن القطاع النووي مذكرات واتفاقيات لتطوير الطاقة النووية مع 18 دولة أفريقية، من بينها: مصر وإثيوبيا، وكينيا، ونيجيريا، وزامبيا، وغانا، ورواندا. وتعمل الشركة على بناء 4 مفاعلات نووية في مصر.

- تركيز على التعاون العسكري والأمني
لكن العنصر الأبرز الذي طورته موسكو خلال السنوات الأخيرة، تمثل في تقديم الخدمات الأمنية والعسكرية لبلدان القارة. وزادت أهمية هذا العنصر بسبب الحرب في أوكرانيا، وبات يشكل أولوية في السياسات الخارجية لموسكو في الوقت الراهن. وقد لفت الأنظار خلال زيارة لافروف إلى إريتريا إشارته إلى أن البلدين يخططان لدراسة إمكانية استخدام «الإمكانات اللوجستية لميناء مصوع»، وتطوير خدمات الترانزيت عبر مطار المدينة. وبدا أن هذه كانت بين الأهداف الأساسية للزيارة، على خلفية تعثر تنفيذ الاتفاق مع السودان لإقامة قاعدة في بورتسودان.
لكن في مقابل الزخم القوي للتحركات الروسية في القارة الأفريقية، والقائم بالدرجة الأولى على دعم تطلعات القارة للتخلص من الإرث الاستعماري، ودعم الأنظمة الحاكمة فيها أو قوى المعارضة إذا لزم الأمر عسكرياً وأمنياً؛ فإن موسكو تواجه تحديات مهمة، بينها قدرتها على ضخ استثمارات مالية كبرى في القارة، وتنفيذ تعهداتها بتطوير قطاعات عدة.
إن مستقبل موسكو وحضورها الصاعد في أفريقيا يبقى رهن تعميق شراكاتها الاقتصادية، بما فيها في مجال الطاقة، وإمدادات الحبوب والدواء، ومجالات الرقمنة والتكنولوجيا، وتنفيذ المشروعات التنموية والثقافية، وهي قطاعات تواجه موسكو نفسها مشكلات جدية فيها بسبب الحصار الغربي.


مقالات ذات صلة

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

العالم إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

أعلنت السلطات المعينة من روسيا في القرم إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة جوية في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، في حادثة جديدة من الحوادث المماثلة في الأيام القليلة الماضية. وقال حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف على منصة «تلغرام»: «هجوم آخر على سيفاستوبول. قرابة الساعة 7,00 مساء (16,00 ت غ) دمرت دفاعاتنا الجوية طائرة من دون طيار في منطقة قاعدة بيلبيك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل روسيا، اليوم الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا. وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمي«ندعو روسيا الى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد» في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار الى أن «هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا». وأضاف «رأيت صورا واستمعت الى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، صباح اليوم (الخميس)، نقلاً عن خدمات الطوارئ المحلية، أن حريقاً شب في جزء من مصفاة نفط في جنوب روسيا بعد هجوم بطائرة مسيرة. وقالت «تاس»، إن الحادث وقع في مصفاة «إلسكاي» قرب ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود. وأعلنت موسكو، الأربعاء، عن إحباط هجوم تفجيري استهدف الكرملين بطائرات مسيرة، وتوعدت برد حازم ومباشر متجاهلة إعلان القيادة الأوكرانية عدم صلتها بالهجوم. وحمل بيان أصدره الكرملين، اتهامات مباشرة للقيادة الأوكرانية بالوقوف وراء الهجوم، وأفاد بأن «النظام الأوكراني حاول استهداف الكرملين بطائرتين مسيرتين».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

تثير الهجمات وأعمال «التخريب» التي تكثّفت في روسيا في الأيام الأخيرة، مخاوف من إفساد الاحتفالات العسكرية في 9 مايو (أيار) التي تعتبر ضرورية للكرملين في خضم حربه في أوكرانيا. في الأيام الأخيرة، ذكّرت سلسلة من الحوادث روسيا بأنها معرّضة لضربات العدو، حتى على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة الأوكرانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. تسببت «عبوات ناسفة»، الاثنين والثلاثاء، في إخراج قطارَي شحن عن مساريهما في منطقة محاذية لأوكرانيا، وهي حوادث لم يكن يبلغ عن وقوعها في روسيا قبل بدء الهجوم على كييف في 24 فبراير (شباط) 2022. وعلى مسافة بعيدة من الحدود مع أوكرانيا، تضرر خط لإمداد الكهرباء قرب بلدة في جنو

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.


نيجيريا تتوقَّع ضربات أميركية جديدة ضد الإرهابيين

صورة مأخوذة من فيديو نشرته وزارة الحرب الأميركية تُظهر إطلاق صاروخ من سفينة عسكرية في موقع غير محدد 25 ديسمبر (رويترز)
صورة مأخوذة من فيديو نشرته وزارة الحرب الأميركية تُظهر إطلاق صاروخ من سفينة عسكرية في موقع غير محدد 25 ديسمبر (رويترز)
TT

نيجيريا تتوقَّع ضربات أميركية جديدة ضد الإرهابيين

صورة مأخوذة من فيديو نشرته وزارة الحرب الأميركية تُظهر إطلاق صاروخ من سفينة عسكرية في موقع غير محدد 25 ديسمبر (رويترز)
صورة مأخوذة من فيديو نشرته وزارة الحرب الأميركية تُظهر إطلاق صاروخ من سفينة عسكرية في موقع غير محدد 25 ديسمبر (رويترز)

توقّعت نيجيريا، أمس، مزيداً من الضربات ضد أهداف إرهابية، بعد تلك التي نفّذتها القوات الأميركية في شمال البلاد، مساء الخميس.

ورداً على سؤال حول إمكانية شنّ مزيد من الضربات، قالَ وزير الخارجية يوسف توغار لمحطة تلفزيون محلية: «إنَّها عملية مستمرة، ونحن نعمل مع الولايات المتحدة، كما أنَّنا نتعاون مع دول أخرى». وأضاف أنَّ «نيجيريا هي التي قدّمت المعلومات الاستخباراتية» إلى واشنطن، في إطار تنسيق أمني رفيع المستوى بين البلدين.

وكشف توغار عن مكالمتين هاتفيتين مع نظيره الأميركي ماركو روبيو. وقالَ: «تحدثنا لمدة 19 دقيقة قبل الهجوم، ثم تحدثنا مرة أخرى لمدة 5 دقائق قبل أن يبدأ».

من جهتها، أعلنت القيادة الأميركية في أفريقيا أنَّها شنّت غاراتٍ ضد إرهابيّي «داعش» في ولاية سوكوتو، «بناءً على توجيه من الرئيس الأميركي ووزير الحرب، وبالتنسيق مع السلطات النيجيرية».


مقديشو ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» أو استضافة أي قواعد أجنبية

منظر عام لمدينة هرغيسا عاصمة أرض الصومال وأكبر مدنها (أ.ف.ب)
منظر عام لمدينة هرغيسا عاصمة أرض الصومال وأكبر مدنها (أ.ف.ب)
TT

مقديشو ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» أو استضافة أي قواعد أجنبية

منظر عام لمدينة هرغيسا عاصمة أرض الصومال وأكبر مدنها (أ.ف.ب)
منظر عام لمدينة هرغيسا عاصمة أرض الصومال وأكبر مدنها (أ.ف.ب)

أكد الصومال، اليوم الجمعة، رفضه التام لما وصفه بالهجوم المتعمد على سيادته من خلال اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلة.

وشدد الصومال، في بيان، على أن إقليم «أرض الصومال» جزء لا يتجزأ من أراضيه ولا يمكن فصله.

وأوضح البيان رفض الصومال القاطع لاستضافة أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات من شأنها جر الصومال إلى صراعات بالوكالة، مؤكداً بطلان أي اعتراف باستقلال «أرض الصومال»، وذلك بموجب القانون الدولي.

وتعهّد الصومال باتخاذ كافة التدابير الدبلوماسية والسياسية اللازمة للدفاع عن سيادته ووحدته وحدوده المعترف بها دولياً.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» «دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بالجمهورية المعلنة من جانب واحد والتي انفصلت عن الصومال، وصفه رئيسها عبد الرحمن محمد عبد الله عرو بـ«لحظة تاريخية»، فيما سارعت تركيا ومصر إلى إدانته.

«لحظة تاريخية»

وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو: «أعلن رئيس الوزراء اليوم الاعتراف الرسمي بجمهورية أرض الصومال دولةً مستقلة وذات سيادة».

وأشار مكتب نتنياهو إلى أن «هذا الإعلان يأتي بروح الاتفاقات الإبراهيمية»، التي أُبرمت بين إسرائيل ودول عربية، بوساطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال ولايته الأولى.

ورأى رئيس أرض الصومال، في تعليق عبر منصة «إكس»، أن «هذه الخطوة تمثّل بداية شراكة استراتيجية تعزز المصالح المتبادلة، وتقوي السلام والأمن الإقليميين، وتحقق مكاسب مشتركة لجميع الجهات المعنية، من دون إلحاق ضرر بأيّ منها».

وأضاف: «إنها لحظة تاريخية (...)، ونرحب بحرارة باعتراف رئيس وزراء دولة إسرائيل بجمهورية أرض الصومال، ونؤكد استعداد أرض الصومال للانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية»؛ لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

«سابقة خطيرة»

ومنذ عقود، تسعى أرض الصومال، التي أعلنت استقلالها عن الصومال عام 1991، إلى نيل الاعتراف الدولي، وهي الأولوية الأساسية لعبد الله منذ توليه المنصب العام الفائت.

وما لبث الإعلان الإسرائيلي أن أثار ردود فعل رافضة؛ إذ سارعت أنقرة المتحالفة مع مقديشو والداعمة لها إلى التنديد بهذه الخطوة.

واعتبرت وزارة الخارجية التركية، في بيان، أن «هذه الخطوة من إسرائيل التي تواصل سياستها التوسعية وتبذل كل ما في وسعها لمنع الاعتراف بدولة فلسطينية، تشكل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للصومال».

كذلك أدانت مصر أي «إجراءات أحادية من شأنها المساس بالسيادة الصومالية، أو تقويض أسس الاستقرار في البلاد».

واعتبرت الخارجية المصرية، في بيان، أعقب اتصالات هاتفية لوزير الخارجية بدر عبد العاطي مع نظرائه: الصومالي والجيبوتي والتركي، أن الاعتراف «باستقلال أجزاء من أراضي الدول» يشكل «سابقة خطيرة وتهديداً للسلم والأمن الدوليين، وللمبادئ المستقرة للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة».


ما هو تنظيم «داعش» الذي استهدفته ضربة أميركية في نيجيريا؟

تُعرض الصفحات الأولى من الصحف التي تُغطي الغارات الجوية الأميركية على مقاتلي «تنظيم الدولة الإسلامية» في نيجيريا وفقاً لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب والجيش الأميركي في كشك لبيع الصحف في لاغوس بنيجيريا بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025 (رويترز)
تُعرض الصفحات الأولى من الصحف التي تُغطي الغارات الجوية الأميركية على مقاتلي «تنظيم الدولة الإسلامية» في نيجيريا وفقاً لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب والجيش الأميركي في كشك لبيع الصحف في لاغوس بنيجيريا بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025 (رويترز)
TT

ما هو تنظيم «داعش» الذي استهدفته ضربة أميركية في نيجيريا؟

تُعرض الصفحات الأولى من الصحف التي تُغطي الغارات الجوية الأميركية على مقاتلي «تنظيم الدولة الإسلامية» في نيجيريا وفقاً لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب والجيش الأميركي في كشك لبيع الصحف في لاغوس بنيجيريا بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025 (رويترز)
تُعرض الصفحات الأولى من الصحف التي تُغطي الغارات الجوية الأميركية على مقاتلي «تنظيم الدولة الإسلامية» في نيجيريا وفقاً لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب والجيش الأميركي في كشك لبيع الصحف في لاغوس بنيجيريا بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025 (رويترز)

سلّطت الضربة التي وجّهتها الولايات المتحدة لمسلحي تنظيم «داعش» في نيجيريا بناء على طلب من حكومة البلاد الضوء على التنظيم، وسط مخاوف من عودته من جديد بعد هزيمته على يد تحالف بقيادة واشنطن في الشرق الأوسط.

شوهدت شباشب تعود للمصلين في أعقاب انفجار مميت في مسجد شمال شرقي مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو في نيجيريا الخميس 25 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في منشور على موقع «تروث سوشيال»، إن التنظيم يستهدف المسيحيين ​في نيجيريا بشكل أساسي «بمستويات لم نشهدها منذ سنوات عديدة».

يقرأ الناس الصحف التي تنشر تقارير عن الغارات الجوية الأميركية على مقاتلي تنظيم «داعش» في نيجيريا وفقاً لما ذكره الرئيس الأميركي دونالد ترمب والجيش الأميركي في لاغوس بنيجيريا في 26 ديسمبر 2025 (رويترز)

ما هو تنظيم «داعش»؟

- ظهر التنظيم في العراق وسوريا، وسرعان ما أسّس ما أطلق عليها دولة «خلافة» وحلّ إلى حدّ كبير محل «تنظيم القاعدة» المتشدد.

وفي أوج قوته بين عامي 2014 و2017، سيطر التنظيم على مساحات شاسعة من البلدين وفرض حكمه على ملايين. ولم يكن معقله يبعد سوى 30 دقيقة بالسيارة عن بغداد، كما سيطر لفترة على مدينة سرت على ساحل ليبيا.

وسعى تنظيم «داعش» إلى الحكم في المناطق التي سيطر عليها بأسلوب حكومة مركزية، وفرض تفسيره المتشدد للشريعة الإسلامية، واستخدم أساليب وحشية مروعة، تشمل تنفيذ عمليات إعدام علنية، إضافة إلى التعذيب.

ووقعت هجمات في عشرات المدن حول العالم نفّذها التنظيم بشكل مباشر أو ألهم من نفذوها.

وفي نهاية المطاف، ‌أسفرت حملة عسكرية شنّها ‌تحالف تقوده الولايات المتحدة عن انهيار ما يسمى بـ«الخلافة» التي أسسها التنظيم في العراق ‌وسوريا.

⁠من ​أين يعمل ‌التنظيم الآن؟

- بعد طرده من معقليه الرئيسيين في الرقة السورية والموصل العراقية، لجأ التنظيم إلى المناطق النائية في البلدين.

ولا يزال لعناصر من التنظيم وجود في سوريا والعراق، وأجزاء من أفريقيا، بما في ذلك منطقة الساحل، وفي أفغانستان وباكستان.

ويتفرق المسلحون المتشددون التابعون للتنظيم في خلايا مستقلة، وتتسم قيادته بالسرية ويصعب تقدير حجمه الإجمالي. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد أعضاء التنظيم يبلغ نحو 10 آلاف في مواقعه الأساسية.

وانضم العديد من الأجانب إلى تنظيم «داعش - ولاية خراسان»، في إشارة لاسم قديم لمنطقة كانت تضم أجزاء من إيران وتركمانستان وأفغانستان.

ولا تزال جماعات مرتبطة بتنظيم «داعش» نشطة في مناطق بجنوب الفلبين، خاصة في مينداناو، حيث سيطر مسلحون موالون ⁠للتنظيم على مدينة ماراوي في 2017.

الأهداف والأساليب

يسعى تنظيم «داعش» إلى نشر نسخته المتطرفة من الشريعة، لكنه تبنى أساليب جديدة منذ انهيار قواته وبعد أن ‌مني بسلسلة من الانتكاسات الأخرى في الشرق الأوسط.

وأصبح التنظيم الآن جماعة ‍مختلفة ومتفرقة تعمل من خلال مجموعات أخرى تابعة أو من ‍خلال من يستلهمون أفكاره.

لكنه احتفظ بقدرة على تنفيذ هجمات مؤثرة وواسعة النطاق يعلن مسؤوليته عنها على قنواته على ‍تطبيق «تلغرام»، وعادة ما ينشر مع تلك الإعلانات صوراً في سعي لبثّ الرعب.

ورغم تشارك مقاتلي التنظيم الذين يعملون في عدة مناطق في نفس الآيديولوجية، لا توجد أي دلائل على أنهم يتبادلون الأسلحة أو التمويل.

ويعتقد الجيش الأميركي أن الزعيم الحالي للتنظيم هو عبد القادر مؤمن، الذي يقود فرع الصومال.

هجمات نفّذها التنظيم في الآونة الأخيرة

أثار هجوم إطلاق النار في حفل بمناسبة عيد الأنوار (حانوكا) اليهودي في شاطئ ​بونداي في سيدني تساؤلات حول ما إذا هناك أفراد يستلهمون مجدداً فكر التنظيم في شنّ هجمات.

وقالت الشرطة إن التنظيم ألهم على ما يبدو المسلحين اللذين قتلا 15 شخصاً. وقضى المتهمان بتنفيذ أسوأ إطلاق ⁠نار عشوائي في أستراليا منذ ما يقرب من 30 عاماً بعض الوقت في الفلبين، حيث من المعروف أن هناك شبكات مرتبطة بـ«تنظيم الدولة الإسلامية» تعمل هناك.

ويواصل تنظيم «داعش» التآمر وشن الهجمات في سوريا، حيث أعلنت الحكومة الشهر الماضي أنها وقّعت اتفاقية تعاون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم.

وفي هذا الشهر، قتل جنديان ومترجم مدني جميعهم أميركيون في سوريا على يد أحد أفراد قوات الأمن السورية، يشتبه في أنه تابع لـ«تنظيم الدولة الإسلامية».

وشنّ الجيش الأميركي ضربات واسعة النطاق على عشرات الأهداف التابعة لتنظيم «داعش» في سوريا، بعد تعهد ترمب بالردّ في أعقاب الهجوم. وعبّر التنظيم عن كراهيته للرئيس السوري أحمد الشرع، ووصفه بأنه «فتى ترمب»، واتهمه بفتح «أسوأ وأقتم صفحة خيانة في التاريخ الإسلامي المعاصر»، وذلك قبل يومين من مقتل الجنديين والمترجم الأميركيين في سوريا.

ونفّذ تنظيم «داعش» هجمات أيضاً في أفريقيا، ما يظهر أنه لا يزال موجوداً في مناطق مختلفة من العالم.

فقد أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) مسؤوليته عن هجوم، قالت بعثة تابعة للأمم المتحدة إنه أسفر عن مقتل 43 على الأقل خلال ‌قداس ليلي في كنيسة بشرق الكونغو.

وفي فبراير (شباط)، قال مسؤول عسكري إن تنظيم «داعش» هاجم قواعد عسكرية في ولاية بونتلاند، شمال شرقي الصومال، بسيارة ودرجات نارية مفخخة، ما أدّى إلى شنّ غارات جوية أسفرت عن مقتل 70 مسلحاً.