وقف الرئيس الأميركي، جو بايدن، فجر الأربعاء، أمام الكونغرس بغرفتيه ليتابع تقليداً سنوياً بدأه الرؤساء السابقون في عام 1790. فخطاب حال الاتحاد أصبح من المناسبات المعروفة التي ترسم معالم الرئاسة الأميركية وعلاقتها مع المجلس التشريعي. وفي حالة بايدن، هذه العلاقة التي بدأت بدعم كبير من كونغرس بأغلبية ديمقراطية في المجلسين، تحولت اليوم لتصبح علاقة متوترة مع مجلس نواب بأغلبية جمهورية.
فهذا هو خطاب حال الاتحاد الأول له أمام هذه الأغلبية، إذ كان خطابه الأول العام الماضي أمام أغلبية ديمقراطية داعمة ومشجعة له. لكن الحال اختلف هذا العام، ومعه اختلفت التحديات التي يواجهها الرئيس الأميركي خاصّة مع استعداده للإعلان الرسمي عن خوض السباق الرئاسي مجدداً.
ففعلياً، يعدّ هذا الخطاب تمهيداً للإعلان المرتقب، يسعى بايدن من خلاله إلى التركيز على مهارته بالتعاون مع الحزب الجمهوري، مشيراً إلى تاريخه الحافل منذ أن كان عضواً في الكونغرس في عام 1973.
ويذكّر بايدن المشرعين بشكل عام والأميركيين بشكل خاص بإنجازاته التي حققها منذ وصوله إلى البيت الأبيض، أبرزها مشروع إصلاح البنى التحتية الضخم الذي بلغت قيمته تريليون دولار.
ولعبت أرقام الاقتصاد الأميركي وانخفاض معدلات البطالة لأدنى مستوياتها لصالح بايدن في توقيت خطابه، ليتغنى بجهوده في هذا المجال، خاصة بعد التدهور الكبير الذي شهدته البلاد جراء كوفيد - 19.
لكن مقابل هذا التحسن، يقف بايدن بمواجهة تحديات كثيرة داخلية وخارجية؛ إذ يتزامن الخطاب مع شهر الأميركيين من أصول أفريقية، الذي خيّم عليه مقتل الأميركي من أصول أفريقية تايري نيكولز على يد عناصر شرطة في مدينة ممفيس، ما دفع بالديمقراطيين إلى حثّ بايدن على دعم إصلاحات على ممارسات الشرطة، التي لم يتمكن الكونغرس من إقرارها بعد مقتل جورج فلويد في عام 2020. وقد دعا رئيس «تجمع السود» في مجلس النواب ستيفين هورسفورد والدي نيكولز ليكونا من ضمن الحضور في الخطاب.
بالإضافة إلى ملف «عنف الشرطة» يتزامن الخطاب مع أزمة جديدة مع الصين، فبعد إسقاط «المنطاد الصيني» تعالت أصوات المنتقدين في الكونغرس من الحزب الجمهوري لسياسة بايدن «الضعيفة» تجاه بكين، وهي انتقادات غالباً ما يواجهها بايدن في ملفات السياسة الخارجية، إذ يصوره الحزب الجمهوري بمظهر «اللين والضعيف».
ويسعى بايدن للتصدي لهذه الاتهامات من خلال الإشارة إلى السياسة الأميركية التي اعتمدها لدعم أوكرانيا في ظل الغزو الروسي لها، بعد مرور نحو عام على بدء الحرب. وقد دعت السيدة الأولى جيل بايدن السفيرة الأوكرانية لدى أميركا أوكسانا ماركاروفا للجلوس معها وحضور الخطاب لـ«إظهار الدعم الأميركي المستمر لأوكرانيا بعد عام تقريباً من شن روسيا لاعتدائها غير المبرر».
ضيوف الخطاب
كما جرت العادة، يحضر الخطاب، بالإضافة إلى المشرعين، مسؤولون في البيت الأبيض والوزراء في حكومة بايدن، إضافة إلى قضاة المحكمة العليا وزعماء البنتاغون. ويحق للمشرعين دعوة ضيوف لحضور الخطاب، كما يوجه البيت الأبيض دعوات محددة لتسليط الضوء على قضايا الساعة.
هذا العام مثلاً، دعا البيت الأبيض بول بيلوسي، زوج رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، لحضور الخطاب بعد تعرضه لاعتداء في منزلهما في كاليفورنيا.
كما تمت دعوة المغني الشهير بونو لتسليط الضوء على عمله في مكافحة الإيدز والفقر، إضافة إلى براندن تساي الذي تمكن من مواجهة مسلح خلال حادثة إطلاق نار جماعي في مونتيري بارك في ولاية كاليفورنيا. ومن أبرز الضيوف من الجانب الجمهوري السفيرة الأفغانية السابقة لدى الولايات المتحدة رويا رحماني، لـ«إرسال رسالة إلى نساء أفغانستان بأن الولايات المتحدة لم تنساهن».
- الرد الجمهوري
وكما جرت العادة أيضاً، اختار الجمهوريون ممثلاً عنهم للإدلاء بردهم الرسمي على خطاب بايدن، ووقع الاختيار هذه المرة على حاكمة ولاية أركنسا سارة هاكيبي ساندرز، وهي المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب وأول امرأة تصل إلى منصب حاكمة الولاية.
- تقليد الناجي المعين
في حال خلو منصب الرئيس تنتقل السلطة إلى نائب الرئيس، يليه رئيس مجلس النواب الأميركي، وثم الرئيس الرمزي لمجلس الشيوخ الأميركي، فوزير الخارجية، ووزير الخزانة، ثم وزير الدفاع ثم وزير العدل. خلال خطاب حال الاتحاد، جرت العادة أن يتم تعيين وزير في الإدارة ليكون «الناجي المعين»، وذلك لتولي قيادة البلاد في حال حصول طارئ، خاصة مع وجود كل أعضاء الإدارة والمشرعين في الكونغرس لحضور الخطاب.
قبل ساعات من الخطاب، يتم الإعلان عن هوية الناجي المعين وترافقه عناصر الشرطة السرية إلى مكان آمن لا يكشف عنه حيث يبقى حتى انتهاء الخطاب.