«أعشاب ضارة»... بوح الجيل الثاني للحرب الأهلية اللبنانية

ديمة عبد الله تصدر سيرة ذاتية بوجهين

«أعشاب ضارة»... بوح الجيل الثاني للحرب الأهلية اللبنانية
TT

«أعشاب ضارة»... بوح الجيل الثاني للحرب الأهلية اللبنانية

«أعشاب ضارة»... بوح الجيل الثاني للحرب الأهلية اللبنانية

تصر ديمة عبد الله، على أن روايتها «أعشاب ضارة»، التي ترجمت إلى العربية وصدرت مؤخراً عن «دار الآداب»، ليست عن الحرب، وإنما عن علاقتها الاستثنائية بوالدها، وذلك الانصهار بين شخصين، فرقتهما الظروف، وجمعهما الحب والشعر والرسم والإحساس الدائم بالغربة.
لكن القارئ لا يمكنه أن ينسى لحظة واحدة، وهو يقرأ في مائتي صفحة ونيف، أن الكاتبة بروايتها الأولى هذه التي صدرت عام 2020 بالفرنسية، إنما تنفض عن روحها عبئاً ثقيلاً، وتتخفف من ذكريات أليمة، وتحاول بالكلمات أن تغسل بعضاً مما خلفته الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1992) من كدمات وندوب وتمزقات، ليس فقط على ماضيها وطفولتها، وإنما على عائلتها بأكملها. وإن كانت والدتها لا تظهر في الرواية إلا لماماً، وشقيقها الأصغر كذلك، فهي حكاية عن حبل سري لا ينقطع، وإعجاب لا يخالطه نقد أو احتجاج، يربط طفلة بوالدها، ويبقى ساكناً قلبها ووجودها في غيابه وبعد موته.
هذا الامتزاج بين الاثنين، يتبدى في طبيعة تركيب النص، حيث تروى الابنة الصغيرة حكايتها مع والدها الضخم، المارد، الكبير الهامة، لكننا سرعان ما نعرف أنه هو أيضاً شريك وراوٍ ومحرك للأحداث أيضاً.
تارة تتحدث الكاتبة عن نفسها وعنه وعنهما معاً وعلاقتهما بالعالم الخارجي الذي يرتج ويتزلزل بفعل العنف، وتارة أخرى تجعله يروي على طريقتها ليكمل الحكاية كما يراها بعينيه، أو هكذا توحي لنا. نحن إذن، في حضرة راويين أو صوتين اثنين، يتواليان على سرد قصتهما، الابنة والأب، ليقصا معاً، حكاية حبهما، وتناغمهما، وحوارهما الذي يكون أحياناً على صمته بليغاً ومعبراً. وبتقدم النص ترسم الرواية عبر هاتين الشخصيتين بروفايلاً لكل منهما، بحيث لا ننتهي من القراءة، إلا وقد أصبحنا على معرفة بهذا الأب الضخم الهيئة، رقيق القلب، عاشق النكتة، الشاعر الذي ينكب على الكتابة كل صباح، لا شيء يغير من عاداته طوال عشرين سنة، وهو يرسم حين يحلو له، ولا يتوقف عن الحب والحنو. أما الابنة فنتابعها من صفوفها الأولى في المدرسة، ونواكب تقاعسها المدرسي، وعدم اكتراثها لما يحدث في الصف، ولا لصداقات في المدرسة، مؤثرة الوحدة والعزلة، ونعايش رحيلها عن لبنان وهي في الثانية عشرة، تاركة وراءها شطرها الآخر والدها، ونبقى معها حتى عقدها الثالث وانخراطها في الحياة الباريسية.
يبدو للوهلة الأولى، وكأن لا حرب قاهرة ومجنونة في الأفق، لكن كل حياة الراوية ترسمها فعلياً أحداث الحرب. تتحدث الطفلة عن غصة تخنقها، عن كآبة، حزن، فرط إحساس باللااستقرار مع تغيير المنازل، وتبدل الأسرة، وحزم الشنط، والاكتفاء بالقليل من الأغراض، كي يصبح الترحال أسهل والهرب أقل صعوبة.
إذن اختارت ديمة عبد الله - وهي ابنة الشاعر اللبناني محمد عبد الله الذي رحل عن عالمنا عام 2016 والروائية هدى بركات التي لم تتمكن من إقصاء أثر الحرب عن أي من رواياتها - أن تدشن مسارها الأدبي بعمل عن الحرب، ولو كانت لا تحب ذلك. إذ ليس في «أعشاب ضارة» قتلى، ومصابون، وبيوت مهدمة، وقذائف تطال الأبرياء، وقنابل تنفجر في كل اتجاه، وإنما عائلة تنأى بنفسها عن الخراب، بأن تنتقل من بيت إلى آخر، كي تقي نفسها شروراً لا يد لها بها، ولا تعرف لها من مبرر. وعندما تبلغ الراوية (الطفلة) الثانية عشرة، يتبين للوالد أن ترحيل عائلته أمر لا بد منه، كي يكمل الولدان الصغيران أيامهما وينالا ما يستحقان من حياة.
تبدأ الرواية بالجملة التالية «يد المارد شاسعة، حتى أن إصبعاً واحداً تكفيني. فهو دائماً ما يمد لي إصبعه بدل أن يأخذ بيدي». وبمشهد مؤثر، مجتزأ من حياة عائلة عادية في بيروت عام 1983 تعيش الحرب، حيث يضطر الأهل في أي لحظة خطر للتوجه إلى مدارس أولادهم واصطحابهم إلى البيت، درءاً لتطور أخطر، نرى أنفسنا نتابع خطوات التلميذة الصغيرة ابنة الست سنوات وهي تمسك بإصبع والدها، وتلحق به. الفوضى، الضجيج، الخوف، ليس هذا ما يشغل الطفلة السعيدة بأنها تخرج من المدرسة بصرف النظر عن السبب، بصحبة الرجل القوي الذي «دائماً ما يمد إصبعه بدل أن يأخذ بيدي». من جماليات الرواية لغتها الطفولية التي تستخدمها الراوية؛ بساطة جملتها، وصفها للأب «حين أنظر إلى هذا المارد، أراه جميلاً جداً، أجمل من بقية من جاء من الأهل الآخرين. وأعلم أنه يجب علي أن لا أترك إصبعه فأبقى مركزة انتباهي على اليد».
نتعرف عبر البطلين، إلى عائلة لا تنتمي إلى عصبة أو قضية كالتي يتماهى معها الآخرون من حولهم. ويقول الأب إن ابنته «تعرف الثمن الذي دفعناه أنا وأمها بسبب عدم انتمائنا».
الأحداث قليلة سلسلة لا صخب فيها، وليس هذا هو المهم. فهي ليست قصة بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، بقدر ما هي تتبع لتطور الشخصيتين، وانعكاس الظروف الخارجة عن إرادتيهما على مسارهما، وهو ما تحاول الكاتبة عدم التطرق إليه إلا للضرورة، وبقدر ما يسير حياتها، ويؤثر على عائلتها.
الانتقال إلى باريس والعيش بعيداً عن الأب لا يساعد في شفاء الروح. هي العزلة نفسها في المدرسة، الغربة ذاتها في يومياتها. الانخراط صعب في فرنسا، نسيان اللغة الأم تدريجياً، صعوبة التعاطي مع الأصدقاء باستثناء ساندرين، التي هي أشبه بملاك. لكن ساندرين تموت وتختفي. وتبقى للشابة وهي تكبر، صحبتها مع النباتات، وقد بدأت علاقتها بها مع والدها ونباتاته التي كانت تعيش على الشرفة في بيروت. هذه الصلة النباتية في لبنان تصبح جسراً لعلاقتها بحدائق باريس، ومن ثم إلى تشكيل شرفتها الفرنسية التي هي «أشبه بشرفات العجائز، لأنني أترك فيها كل شيء ينبت من دون تمييز على الإطلاق، من دون أدنى انتقاء، لأن ذكرياتي على غرارهن، كثيرة لا تعد، ولأنني على غرارهن أخشى النسيان».
لا حرب بالمعنى الحربي في «أعشاب ضارة»، لكن الطفلة التي كبرت، تعيش غصة، تمتد على مدى صفحات القصة؛ الكآبة تتحول بمرور الوقت إلى حالة مرضية، انسحاب الفتاة من حياتها العائلية، وبحث والدها عنها، ثم عودتها، وكأنما هي في كل مرة تحاول أن تجد شفاءها، تماماً كما تفعل وهي تكتب روايتها هذه وتصف فيها العلاقة بين الخارج والداخل. في منزلها في باريس، وقد تكومت أغراضها التي نقلتها من منزل إلى آخر، ولم تفتحها بعد. «محتويات صناديقي الغامضة، هي نفسها محتويات دماغي. ففيه كل أنواع الذكريات التي لا طائل منها، فهي بلا رأس ولا ذنب...». حياة كاملة في فرنسا في هذه الصناديق المكدسة وسط الغرفة «جميع الرسائل التي كتبها لي وكل الصور، وحقيبة ظهري الزرقاء... مع نصوص أبحاثي والثياب الجديدة وأوراقي الرسمية، باختصار، ثقل حياة بكاملها منثورة كحبات أرز متنافرة ممزوجة بالشوائب».
«يا ماردي» تخاطب والدها في نهاية الرواية، وتتوجه إليه بكلام طويل ومؤثر، وكأنما تغسل روحها من كل ما تبقى فيها من أسى وحزن وألم، مختتمة بقصيدة له.
هي من الروايات القليلة للجيل الثاني بعد الحرب الأهلية اللبنانية. جيل عاش الحرب، ويظن أنه لم يعشها، وصمته بكوارثها، وربما لا يصدق بأنه لم يتخلص منها. تركت ديمة عبد الله بلدها صغيرة، لكنها لم تنس، نسيت العربية لكنها لا تزال متعلقة بما تبقى منها، هجرت شرفتها البيروتية وأنبتت مثيلاً لها في باريس.
سيرة ذاتية لحياة جوانية تتبدل فيها الروح وتنتقل من حال إلى أخرى، وكأنما حياة واحدة لا تكفي.
وكانت «أعشاب ضارة» قد فازت عند صدورها بالفرنسية عن دار «سابين ويسبيسر» بجائزة «أنفواييه بار لا بوست» التي تكافئ عن الرواية الأولى. وتبلغ الكاتبة اليوم الخامسة والأربعين من عمرها، تخصصت بالآثار، قبل أن تصدر كتابها الأول هذا، بما يشبه إعادة اعتبار لأبوة شاعر ما كان يغادر بيروت الحرب إلا ليعود إليها، وكأنه سمكة لا تعيش خارج محيطها.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
TT

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)

تحمس وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو الذي تولى حقيبة الثقافة قبل 6 أشهر، لعقد «يوم الثقافة» بُغية تكريم المبدعين في مختلف مجالات الإبداع، من منطلق أن «التكريم يعكس إحساساً بالتقدير وشعوراً بالامتنان»، لكن كثرة عدد المكرمين وبعض الأسماء أثارت تساؤلات حول مدى أحقية البعض في التكريم، وسقوط الاحتفالية الجديدة في فخ «التكريمات غير المستحقة».

وأقيم الاحتفال الأربعاء برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقدمه الفنان فتحي عبد الوهاب، وكان الوزير قد عهد إلى جهات ثقافية ونقابات فنية باختيار من يستحق التكريم من الأحياء، كما كرم أيضاً الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا العام الماضي، وقد ازدحم بهم وبذويهم المسرح الكبير في دار الأوبرا.

ورأى فنانون من بينهم يحيى الفخراني أن «الاحتفالية تمثل عودة للاهتمام بالرموز الثقافية»، وأضاف الفخراني خلال تكريمه بدار الأوبرا المصرية: «سعادتي غير عادية اليوم».

الفنان يحيى الفخراني يلقي كلمة عقب تكريمه في يوم الثقافة المصري (وزارة الثقافة المصرية)

وشهد الاحتفال تكريم عدد كبير من الفنانين والأدباء والمثقفين على غرار يحيى الفخراني، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والمايسترو ناير ناجي، والشاعر سامح محجوب، والدكتور أحمد درويش، والمخرجين هاني خليفة، ومروان حامد، والسينارست عبد الرحيم كمال، والفنان محمد منير الذي تغيب عن الحضور لظروف صحية، وتوجه الوزير لزيارته في منزله عقب انتهاء الحفل قائلاً له إن «مصر كلها تشكرك على فنك وإبداعك».

كما تم تكريم المبدعين الذين رحلوا عن عالمنا، وقد بلغ عددهم 35 فناناً ومثقفاً، من بينهم مصطفى فهمي، وحسن يوسف، ونبيل الحلفاوي، والملحن حلمي بكر، وشيرين سيف النصر، وصلاح السعدني، وعاطف بشاي، والفنان التشكيلي حلمي التوني، والملحن محمد رحيم، والمطرب أحمد عدوية.

وزير الثقافة يرحب بحفيد وابنة السينارست الراحل بشير الديك (وزارة الثقافة المصرية)

وانتقد الكاتب والناقد المصري طارق الشناوي تكريم نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو اختاره مجلس النقابة كان عليه أن ينأى بنفسه عن ذلك»، مشيراً إلى أن الاختيارات جاءت على عُجالة، ولم يتم وضع خطوط عريضة لمواصفات المكرمين، كما أنه لا يجوز أن يُرشح نقيب الموسيقيين ورئيس اتحاد الكتّاب نفسيهما للتكريم، وأنه كان على الوزير أن يتدخل «ما دام أن هناك خطأ». لكن الشناوي، أحد أعضاء لجنة الاختيار، يلفت إلى أهمية هذا الاحتفال الذي عدّه «عودة حميدة للاهتمام بالإبداع والمبدعين»، مشدداً على أهمية «إتاحة الوقت للترتيب له، وتحديد من يحصل على الجوائز، واختيار تاريخ له دلالة لهذا الاحتفال السنوي، كذكرى ميلاد فنان أو مثقف كبير، أو حدث ثقافي مهم»، ضارباً المثل بـ«اختيار الرئيس السادات 8 أكتوبر (تشرين الأول) لإقامة عيد الفن ليعكس أهمية دور الفن في نصر أكتوبر».

الوزير ذهب ليكرم محمد منير في بيته (وزارة الثقافة المصرية)

ووفق الكاتبة الصحافية أنس الوجود رضوان، عضو لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن «الاحتفال حقق حالة جميلة تنطوي على بهجة وحراك ثقافي؛ ما يمثل عيداً شاملاً للثقافة بفروعها المتعددة»، متطلعة لإضافة «تكريم مبدعي الأقاليم في العام المقبل».

وتؤكد رضوان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تكريم نقيب الموسيقيين لا تُحاسب عليه وزارة الثقافة؛ لأنه اختيار مجلس نقابته، وهي مسؤولة عن اختياراتها».

ورداً على اعتراض البعض على تكريم اسم أحمد عدوية، تؤكد أن «عدوية يُعد حالة فنية في الغناء الشعبي المصري وله جمهور، فلماذا نقلل من عطائه؟!».

ولفتت الناقدة ماجدة موريس إلى أهمية وجود لجنة تختص بالترتيب الجيد لهذا اليوم المهم للثقافة المصرية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن تكون هناك لجنة مختصة لمراجعة الأسماء والتأكد من جدارتها بالتكريم، ووضع معايير محددة لتلك الاختيارات، قائلة: «لقد اعتاد البعض على المجاملة في اختياراته، وهذا لا يجوز في احتفال الثقافة المصرية، كما أن العدد الكبير للمكرمين يفقد التكريم قدراً من أهميته، ومن المهم أن يتم التنسيق له بشكل مختلف في دورته المقبلة بتشكيل لجنة تعمل على مدى العام وترصد الأسماء المستحقة التي لعبت دوراً أصيلاً في تأكيد الهوية المصرية».

المخرج مروان حامد يتسلم تكريمه من وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)

وتعليقاً على ما أثير بشأن انتقاد تكريم المطرب الشعبي أحمد عدوية، قال الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، على «فيسبوك»، إن «أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائداً في مصر منذ الخمسينات حتى بداية السبعينات»، معتبراً تكريم وزير الثقافة له «اعترافاً بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة».