حركة «الجهاد» تطلب وقف الاقتحامات واستهداف كوادرها لتحقيق «التهدئة»

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: القاهرة تتحرك في مسارات متعددة و«الحلحلة صعبة»

الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة (أرشيفية)
الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة (أرشيفية)
TT

حركة «الجهاد» تطلب وقف الاقتحامات واستهداف كوادرها لتحقيق «التهدئة»

الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة (أرشيفية)
الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة (أرشيفية)

واصل وفد حركة «الجهاد» الفلسطينية لقاءاته في القاهرة مع المسؤولين الأمنيين المصريين، حول سبل وقف التصعيد في الأراضي المحتلة، وضمانات تحقيق التهدئة.
وقالت مصادر مصرية مطلعة على مجريات المشاورات التي أجراها وفد حركة «الجهاد» الموجود حالياً في مصر، برئاسة زياد النخالة، أمين عام الحركة، إن المشاورات «اتسمت بالشفافية والوضوح الكامل في تقييم الموقف واستكشاف ما طرحته الحركة من رؤى وأفكار حول التهديدات القائمة وسبل ضمان عدم تدهور الموقف».
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم نشر اسمها لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حركة «الجهاد» ركزت في مشاوراتها مع المسؤولين المصريين على «التصعيد الإسرائيلي ضد قيادات وكوادر (الجهاد) في جنين واستمرار استهدافهم بالقتل والاعتقال»، كما شددت على «خطورة استمرار سلطات الاحتلال في اقتحام المناطق الفلسطينية والأماكن المقدسة، بما يزيد من احتقان الموقف»، مؤكدة ضرورة وقف هذه الممارسات لتحقيق التهدئة.
وكانت مصر دعت قيادات حركتي «الجهاد» و«حماس» لعقد لقاءات تشاورية في القاهرة، بهدف تحقيق التهدئة في الأراضي المحتلة، وعدم وصول التصعيد الراهن إلى قطاع غزة.
وأجرى مسؤولون أمنيون مصريون على مدى الأيام الماضية لقاءات مكثفة مع قيادات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومع مسؤولين إسرائيليين في تل أبيب، بهدف وقف التصعيد في الأراضي المحتلة، وتوفير ضمانات للتهدئة.
وأوضحت المصادر أن «القاهرة تتحرك في مسارات متعددة من أجل توفير ضمانات للتهدئة»، وأن هناك «اتصالات مستمرة مع إسرائيل لتليين موقفها، خاصة أن الساعات الماضية شهدت نوعاً من التجاوب بشأن عدم هدم قرية الخان الأحمر بالقدس وعدم تصعيد الموقف». وأضافت أن «الحلحلة لا تبدو سهلة، والتقدم المحرز بطيء، ويواجه تحديات عدة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي».
ورجحت المصادر أن يبدأ وفد من حركة «حماس» مشاورات مماثلة مع المسؤولين الأمنيين المصريين فور وصوله إلى القاهرة، برئاسة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة. وأشارت إلى أن الموعد المتوقع لوصول الوفد «كان مساء الثلاثاء»، إلا أنها عادت لتؤكد أنه «لا موعد نهائي حتى الآن».
وشهدت الأوضاع في القدس والضفة الغربية خلال الآونة الأخيرة حالة من التوتر في أعقاب تصاعد انتهاكات القوات الإسرائيلية، ووقوع سلسلة من الحوادث الدامية، أوقعت كثيراً من القتلى والجرحى من الجانبين.
من جانبه، ثمّن الدكتور جهاد الحرازين، المحلل السياسي الفلسطيني، الدور الذي تلعبه القاهرة في خدمة القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن «الارتباط التاريخي والجغرافي والسياسي بين مصر وبين القضية الفلسطينية يجعلها تستحوذ على اهتمامات السياسة المصرية الخارجية».
وأضاف الحرازين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن القاهرة حرصت منذ اللحظة الأولى على العمل مع الأطراف كافة، لتجنب مواجهة وحالة تصعيد مدمرة على الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن القاهرة «تعمل وفق أجندة متكاملة، وبخطوات متوازية على الصعيد الداخلي الفلسطيني لمنع تفجر الأوضاع، وكذلك على الصعيد السياسي، لإيجاد أفق سياسي يفضي إلى إنهاء الاحتلال».
ولفت المحلل السياسي الفلسطيني إلى أهمية اللقاءات التي تجريها القيادات المصرية مع الفصائل الفلسطينية، لتجنب أي مواجهة مقبلة في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية، مع انشغال المجتمع الدولي بالأزمة الروسية الأوكرانية والأزمة الاقتصادية. ولفت أيضاً إلى «أهمية اللقاءات المتواصلة مع قيادات السلطة الفلسطينية، والتنسيقات مع المسؤولين الأردنيين والأميركيين، ما يجسد وجود حراك يسير على مستويات عدة، لتحقيق الهدف الأساسي، وهو وقف الاعتداءات الإسرائيلية، ولجم حكومة الاحتلال وإيجاد أفق سياسي»، وفق الحرازين.
وتابع المحلل الفلسطيني القول إن «الكرة الآن في ملعب دولة الاحتلال. فهي من بدأت التصعيد، وهي من عليها أن تنهيه»، مضيفاً أن هناك توافقاً بين مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية على أبرز المطالب لتحقيق التهدئة، و«تتصدرها ضرورة وقف الأعمال أحادية الجانب من قبل دولة الاحتلال، ووقف الاقتحامات والاعتداءات واستباحة الدم الفلسطيني، إضافة إلى وقف الاعتقالات وتدنيس الأماكن المقدسة، وكذلك وقف مسلسل العقوبات الإسرائيلية، بما يشمل اقتطاع أموال الضرائب الفلسطينية ومصادرتها ووقف الاعتداءات على الأسرى الفلسطينيين المعتقلين لدى سلطات الاحتلال».
وأشار الحرازين إلى أهمية وقف حملة التحريض التي يمارسها وزراء بالحكومة الإسرائيلية ووقف مصادرة الأراضي وهدم المنازل في القدس، لافتاً إلى أن الممارسات الإسرائيلية «هي التي تشعل الأجواء وتوترها»، وأن الفصائل الفلسطينية «تحرص على التهدئة، التي يجب أن تتوفر لها ضمانات على الأرض».


مقالات ذات صلة

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي استمرار القتل في المجتمع العربي... وأم الفحم تتهم الأمن الإسرائيلي بالتقصير

استمرار القتل في المجتمع العربي... وأم الفحم تتهم الأمن الإسرائيلي بالتقصير

اتهمت بلدية أم الفحم في إسرائيل الأجهزة المكلفة تطبيق القانون، التي يقف على رأسها وزير الأمن إيتمار بن غفير، بالتقصير في محاربة جرائم القتل، وموجة العنف التي تعصف بالمجتمع العربي، واعتبرت أن هذا التقصير هو السبب الرئيسي في استمرار وتفاقم الجريمة. وجاء بيان البلدية بعد مقتل الشاب مهدي حريري البالغ من العمر 19 عاما من سكان أم الفحم، بإطلاق النار عليه على طريق بالقرب من (الطبية)، وهو الحادث الذي أصيب فيه كذلك شاب عشريني من سكان برطعة بجروح بين طفيفة ومتوسطة، وفي ضوء تحريض علني من صحيفة «الصوت اليهودي» التابعة لحزب «القوة اليهودية» الذي يتزعمه بن غفير، على أبناء أم الفحم في قضية الجريمة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي محمد بن سلمان ومحمود عباس يستعرضان مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية

محمد بن سلمان ومحمود عباس يستعرضان مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية

اجتمع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في جدة اليوم، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وجرى خلال الاجتماع استعراض مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والتأكيد على مواصلة الجهود المبذولة بما يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي أبو مرزوق ينأى بـ«حماس» عن تصريحات السنوار

أبو مرزوق ينأى بـ«حماس» عن تصريحات السنوار

قال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، إن حركته ليست جزءاً من أي محور سياسي أو عسكري في المنطقة، بغض النظر عن الاسم والعنوان، في تصريح يناقض فيه تصريحات رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار التي قال فيها إن حركته جزء مهم من المحور الذي تقوده إيران في سوريا ولبنان واليمن. وجاء في تغريدة لأبو مرزوق على حسابه على «تويتر»: «نحن حركة مقاومة إسلامية، ونسعى لعلاقات مع كل القوى الحية في المنطقة والعالم، وليس لنا عداء مع أي مكون، سوى العدو الصهيوني». وأضاف مسؤول مكتب العلاقات الدولية في المكتب السياسي لحركة «حماس»: «نشكر كل من يقف معنا مساعداً ومعيناً، وليس هناك من علاقة مع أي طرف على حساب طرف

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي عباس: الأمم المتحدة ستحيي ذكرى النكبة «لأول مرة» في مايو المقبل

عباس: الأمم المتحدة ستحيي ذكرى النكبة «لأول مرة» في مايو المقبل

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن الأمم المتحدة ستحيي الذكرى 75 لنكبة الشعب الفلسطيني لأول مرة، في 15 مايو (أيار) المقبل. كلام عباس جاء خلال إفطار رمضاني أقامه في مقر الرئاسة بمدينة رام الله (وسط)، مساء السبت، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «وفا». وشارك في الإفطار قادة ومسؤولون فلسطينيون، ورجال دين مسلمون ومسيحيون، وعدد من السفراء والقناصل، وعائلات شهداء وأسرى وجرحى. وبحسب «وفا»، طالب عباس «الفلسطينيين في كل مكان بإحياء الذكرى 75 للنكبة، لأنه لأول مرة، لا يتنكرون (الأمم المتحدة) فيها لنكبتنا».

«الشرق الأوسط» (رام الله)

تقرير: «الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

عناصر من «قوات الدعم السريع» (رويترز - أرشيفية)
عناصر من «قوات الدعم السريع» (رويترز - أرشيفية)
TT

تقرير: «الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

عناصر من «قوات الدعم السريع» (رويترز - أرشيفية)
عناصر من «قوات الدعم السريع» (رويترز - أرشيفية)

كشف تقرير جديد عن أن «قوات الدعم السريع» السودانية دمرت وأخفت أدلة على عمليات قتل جماعي ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر بإقليم دارفور غرب البلاد.

وقال مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة «ييل» الأميركية، الذي يستخدم صوراً للأقمار الاصطناعية لرصد الفظائع منذ بدء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، إن هذه الأخيرة «دمرت وأخفت أدلة على عمليات القتل الجماعي واسعة النطاق التي ارتكبتها» في عاصمة ولاية شمال دارفور، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

أثارت سيطرة «قوات الدعم السريع» العنيفة على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور في أكتوبر (تشرين الأول)، غضباً دولياً، بسبب تقارير تحدثت عن عمليات إعدام خارج إطار القضاء واغتصاب ممنهج واحتجاز جماعي.

وأكد مختبر الأبحاث الإنسانية أنه حدد في أعقاب سيطرة «الدعم السريع» على المدينة 150 أثراً تتطابق مع رفات بشرية.

تتطابق عشرات من هذه الآثار مع تقارير عن عمليات الإعدام، وتتطابق عشرات أخرى مع تقارير تفيد بأن «قوات الدعم السريع» قتلت مدنيين في أثناء فرارهم.

وأضاف المختبر أنه في غضون شهر، اختفى نحو 60 من تلك الآثار، فيما ظهرت ثماني مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية.

وخلص التقرير إلى أن «عمليات قتل جماعي وتخلص من الجثث على نطاق واسع ومنهجي قد حدثت»، مقدِّراً عدد القتلى في المدينة بعشرات الآلاف.

وطالبت منظمات إغاثة والأمم المتحدة مراراً بالوصول الآمن إلى الفاشر، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة ويُقدَّر عدد الناجين المحاصرين بعشرات الآلاف، وكثير منهم محتجزون لدى «قوات الدعم السريع».


حكومة نيالا تنفي التنسيق مع حكومة بورتسودان على تأمين حقول «هجليج»

حقول «هجليج» السودانية النفطية (متداولة)
حقول «هجليج» السودانية النفطية (متداولة)
TT

حكومة نيالا تنفي التنسيق مع حكومة بورتسودان على تأمين حقول «هجليج»

حقول «هجليج» السودانية النفطية (متداولة)
حقول «هجليج» السودانية النفطية (متداولة)

أبقى أطراف اتفاق حماية حقول النفط الثلاثي في حقول «هجليج» السودانية تفاصيل ترتيبات تأمين الحقول والمنشآت، التي أعقبت سيطرة «قوات الدعم السريع» على المنطقة، سريةً، وذلك على الرغم من إعلان جوبا رسمياً دخول قوات من جيش دفاع جنوب السودان إلى المنطقة.

وعلى الرغم من التكتم الرسمي على التعامل مع عائدات عبور نفط جنوب السودان، فقد تم تداول تقارير خبراء ومعلومات، عن تقاسمها بين حكومتي بورتسودان ونيالا، لكن حكومة «تأسيس» الموالية لـ«الدعم السريع» نفت ذلك بشدة، وقطعت بعدم وجود تفاهمات «ثلاثية» من حيث المبدأ، في حين اكتفت بورتسودان بالصمت.

جانب من أشغال الصيانة في حقول «هجليج» السودانية (متداولة)

وقال الخبير والمحلل الأميركي المختص بشؤون أفريقيا والسودان، كاميرون هدسون، في تغريدة على حسابه بمنصة «إكس» إن «قوات الدعم السريع» ستجني وفقاً لاتفاق تقاسم العائدات عند مستويات الإنتاج النفطي الحالية، نحو 200 ألف دولار يومياً، أو 6 ملايين دولار شهرياً، بعد سيطرتها على حقول «هجليج»، وهو مبلغ كبير، يكفي لدفع رواتب مقاتليها واستدامة هجومها.

وأيّد رأي هدسون الصحافي الاستقصائي المستقل، إياد حسين، في تعليق على تغريدته، بقوله إن الأطراف الثلاثة اتفقوا على رسم قدره 11 دولاراً أميركياً عن كل برميل نفط، تحصل بموجبه الحكومة الموالية للجيش، التي تتخذ من بورتسودان الساحلية عاصمة مؤقتة، على 7 دولارات، في حين تحصل حكومة «تأسيس» الموالية لـ«قوات الدعم السريع» وتتخذ من نيالا عاصمة، على 4 دولارات عن البرميل الواحد.

بيد أن المتحدث باسم تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) بالحكومة المدعومة من «قوات الدعم السريع»، الدكتور علاء الدين عوض نقد، قطع بعدم صحة مزاعم هدسون، ونفى وجود أي مفاوضات ثلاثية من حيث المبدأ، قائلاً: «لن تكون هناك مفاوضات ثلاثية مطلقاً».

صورة تبين حجم القصف الذي نفذه الجيش على حقل «هجليج» بعد سيطرة «الدعم السريع» عليه (متداولة)

وأوضح نقد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن حكومته أبرمت تفاهمات مع دولة جنوب السودان فقط من أجل حفظ حقوق المواطنين الجنوبيين، بقوله: «من قبل كنا نحمي مصفاة الجيلي، ومحطات الضخ لحفظ حق إخوتنا الجنوبيين، لكن (جيش الإخوان) ضرب هذه المواقع بالكيميائي، وضرب برجي شركتي (النيل للبترول) و(بترو دار) والمبنى الرئيسي لوزارة الطاقة والنفط».

واشترط نقد لاستئناف عمليات الإنتاج والتصدير توفّر الأمن في المنطقة، وحمّل مسؤولية توقف الإنتاج والمعالجة والتصدير إلى الجيش السوداني، الذي قصفت مسيّراته المنطقة بعد استيلاء «الدعم السريع» عليها، بقوله: «قصفت المسيّرات منطقة هجليج في اليوم الثاني بعد التحرير، فأوقفت كل شيء».

وكان رئيس هيئة أركان جيش جمهورية جنوب السودان، الجنرال بول نانغ، قد أعلن عقب دخول قواته إلى هجليج الأسبوع الماضي عن اتفاق ثلاثي بين رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، ورئيس «مجلس السيادة» السوداني وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس حكومة «تأسيس» وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، قضى بدخول جيش دفاع شعب جنوب السودان إلى هجليج لحماية وتأمين المنشآت النفطية.

وتراجع إنتاج نفط جنوب السودان خلال فترة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» من نحو 150 ألف برميل إلى 65 ألفاً يومياً، في حين تراجع النفط المنتج في السودان إلى أقل من 20 ألف برميل يومياً، كما توقفت عمليات المعالجة والتصدير تماماً بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على «هجليج»، وبهذا الخصوص قال نقد: «يتم الآن ضخ المياه في الأنبوب، حتى لا يتعطل».

وقبل انفصال جنوب السودان، ووفق تقارير البنك الدولي، كان السودان ينتج نحو 490 ألف برميل يومياً، لكنه خسر 75 في المائة من هذا الإنتاج، الذي ذهب إلى الدولة الوليدة (جنوب السودان)، وأصبح يعتمد على تعويض جزئي من رسوم العبور والمعالجة، المقدّرة بنحو 15 دولاراً للبرميل، إلى جانب إنتاج متراجع من حقوله، خصوصاً في «هجليج».

لحظة دخول قوات جنوب السودان الحقل (متداولة)

ويُصدَّر نفط جنوب السودان عبر منظومة خطوط أنابيب سودانية إلى ميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر، قرب مدينة بورتسودان، وتتكون هذه المنظومة من مسارين هما «بحر دار» و«قريتر نايل»، بطول يزيد على 1500 كيلومتر، وتنتهي عند ساحل البحر الأحمر.

وبموجب اتفاقات أبرمت عقب الانفصال، اتفق البلدان على تحديد رسوم نقل نفط دولة جنوب السودان «المغلقة»، التي لا تملك سواحل بحرية، عبر خط الأنابيب السوداني، إضافة إلى رسوم معالجته، وتعويضات عن خسائر السودان الناجمة عن فقدانه الحصةَ الأكبر من النفط.

لكن خلال الحرب المستمرة منذ أبريل (نيسان) 2023، وقعت أعطال نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية وندرة وقود تشغيل محطات المعالجة (الديزل)، ما أدّى إلى تراجع أو توقفات مؤقتة لصادرات نفط جنوب السودان التي يعتمد اقتصادها «كلياً» على النفط.

وكانت شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) قد أنهت استثماراتها النفطية في السودان، بعد 30 عاماً من الشراكة، ونقلت المهندسين والفنيين والعمال إلى دولة جنوب السودان، وعزت قرارها إلى التدهور الأمني، الذي تشهده المنطقة، وذلك قبل سيطرة «الدعم السريع» على «هجليج».


مرضى «الضمور» للتظاهر ضد «الوحدة» الليبية

وقفة احتجاجية بالكراسي المتحركة لمرضى ضمور العضلات في طرابلس (رابطة ضمور العضلات)
وقفة احتجاجية بالكراسي المتحركة لمرضى ضمور العضلات في طرابلس (رابطة ضمور العضلات)
TT

مرضى «الضمور» للتظاهر ضد «الوحدة» الليبية

وقفة احتجاجية بالكراسي المتحركة لمرضى ضمور العضلات في طرابلس (رابطة ضمور العضلات)
وقفة احتجاجية بالكراسي المتحركة لمرضى ضمور العضلات في طرابلس (رابطة ضمور العضلات)

وصل غضب مرضى ضمور العضلات في ليبيا إلى ذروته، عقب تسجيل 3 وفيات خلال أسبوعين فقط، بينهم طفلان.

ويتهم هؤلاء المرضى حكومة «الوحدة» المؤقتة، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، بالتقصير في توفير الرعاية الصحية الأساسية، عادّين أنها «تنفق ببذخ على مهرجانات وفعاليات عامة». وسلّط محمد أبو غميقة، رئيس رابطة «مرضى ضمور العضلات»، الضوء على ما وصفه بأنه «غضب هادر بلغ ذروته على وقع هذه الوفيات»، في ظل «تجاهل حكومي يبدو متعمداً لمعاناتهم». محذراً من أن «قطار الموت ينتظر عشرات المصابين في ليبيا»، ومشيراً إلى أن هناك عائلات تضم أكثر من مريض، ما يعكس حجم المأساة داخل الأسرة الواحدة.

وأضاف أبو غميقة موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض المرضى كانوا على اتصال مباشر بالمسؤولين للحصول على أجهزة تنفس، لكن الموت كان أسرع من وصول الوعود»، كما حدث مع حالة المريضة فيروز محمد العبار من مدينة شحات (شرق)، التي توفيت عن عمر 39 عاماً.

صبي ليبي مصاب بضمور العضلات (رابطة ضمور العضلات)

وفي بلد يعاني انقسامات سياسية وأمنية مزمنة، شملت وفيات هذا الشهر مرضى الضمور العضلي، إلى جانب حالة فيروز، كلاً من الطفل محمد عبد الهادي أبو زليليعة البالغ شهرين فقط، والطفل محمد إبراهيم شلابي (13 عاماً)، اللذين توفيا في طرابلس بعد مضاعفات صحية.

ووفق بيانات الرابطة، توفي نحو 160 مريضاً منذ أغسطس (آب) 2021، معظمهم بسبب نقص الرعاية الطبية الأساسية، فيما ينتظر 28 طفلاً حالياً الحصول على الحقنة الجينية «زولجنسما» التي قد تنقذ حياتهم.

ومنذ مطلع العام، اتخذت حكومة «الوحدة الوطنية» سلسلة من الإجراءات لتخفيف معاناة مرضى الإعاقة، تضمنت تنظيم دعم ذوي الإعاقة، وتحديد الفئات المستحقة للمعاشات، بالإضافة إلى إطلاق برنامج لعلاج ضمور العضلات، يشمل إنشاء معامل جينية.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن جهاز «دعم وتطوير الخدمات العلاجية» نقل 6 أطفال إلى أبوظبي لاستكمال علاجهم، إضافة إلى تخصيص موازنات لعشر حالات جديدة، مع استمرار برامج العلاج الطبيعي، فيما أطلقت الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي المرحلة الرابعة من حملة لتوفير الأجهزة الطبية التعويضية للمرضى.

طفلة مصابة بضمور العضلات في وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الوزراء بطرابلس (رابطة ضمور العضلات)

غير أن رابطة «مرضى ضمور العضلات» تواصل تنظيم احتجاجاتها، وترى أن هذه «الإجراءات لا تستجيب لاحتياجاتهم المادية والطبيبة على نحو كامل»، علماً بأنها نظمت نحو 22 وقفة أمام مقر رئاسة الوزراء في طرابلس خلال السنوات الماضية.

ويشير أبو غميقة إلى أن المرضى يعتزمون تنظيم وقفة احتجاجية جديدة منتصف الأسبوع المقبل، مبدياً دهشته من «الإنفاق الحكومي السخي على فعاليات واحتفالات، مثل مهرجان (أيام طرابلس الإعلامية)، مقابل التباطؤ في توفير حقنة أو جهاز تنفس لمريض».

وفي هذا السياق، يروي عادل الديب، المدير السابق لـ«المركز الوطني لتطوير النظام الصحي» التابع لحكومة طرابلس، تجربته مع ملف هذا المرض خلال توليه منصبه. ويوضح أنه قدّم لوزير الصحة السابق في حكومة الدبيبة اقتراحاً بإنشاء مركز طبي متكامل لرعاية مرضى ضمور العضلات، يهدف إلى تقديم خدمات العلاج الطبيعي والتأهيل النفسي، إلى جانب دعم حكومي لتأهيل منازل المرضى لتناسب احتياجاتهم، لكن «هذه الاقتراحات لم تلق أي استجابة».

ويُعد ضمور العضلات من الأمراض النادرة، وينجم عن طفرات وراثية تؤدي إلى فقدان النسيج العضلي تدريجياً، ما يسبب ضعف الحركة وفقدانها كلياً.

وتشمل الأنواع الشائعة في ليبيا الضمور الشوكي، ودوشين، وبيكر، والحزام الطرفي، والكتفي، حسب الأطباء المحليين.

وقفة احتجاجية بالكراسي المتحركة لمصابي ضمور العضلات في طرابلس (رابطة ضمور العضلات)

وتوثق رابطة «مرضى ضمور العضلات» 739 حالة من أصل نحو 1600 مريض على مستوى ليبيا، يعيش بعضهم في مناطق نائية تفتقر إلى الخدمات الطبية والدعم.

وفي قراءة سياسية للأزمة، يرى المحلل السياسي خالد الحجازي أن «معاناة المرضى ليست مجرد أزمة صحية طارئة، بل مأساة تعكس سوء إدارة الموارد، واختلال منظومة الأولويات، خصوصاً في قطاعي الصحة والتعليم».

ويقول الحجازي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار هذا الواقع يزيد من فجوة الثقة بين المواطنين والدولة، ويحوّل المعاناة الإنسانية إلى أزمة طويلة الأمد نتيجة سوء الإدارة، وتغليب الحسابات السياسية والمالية على كرامة الإنسان وحقه في الحياة».

ومع استمرار هذه الظروف، يواجه مرضى ضمور العضلات في ليبيا مصيراً صعباً، حيث تتقاطع الأزمات الصحية مع أزمة إدارة الموارد والثقة بالمؤسسات، ما يجعل حياتهم اليومية معركة للبقاء في مواجهة نقص الخدمات والاهتمام الرسمي، وسط وعود حكومية متكررة لم تتحقق بعد.