طالبت عائلة الباحث والناشط السياسي لقمان سليم، الأمم المتحدة، ببعثة تقصي حقائق دولية تنظر في احتمال وجود رابط بين مقتله وانفجار مرفأ بيروت المروع، وذلك في الذكرى الثانية لاغتياله التي جمعت عدداً من السفراء الغربيين، بينهم سفيرة الولايات المتحدة لدى لبنان دوروثي شيا، في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يقع منزل لقمان سليم.
وللعام الثاني على التوالي، يشارك سفراء وممثلو بعثات أجنبية في إحياء ذكرى اغتيال سليم، الباحث الذي كان معارضاً لـ«حزب الله»، واغتيل أثناء عودته من زيارة منزل صديق له في جنوب لبنان، في 3 فبراير (شباط) 2021، وتعقد فعاليات هذه المناسبة في منزله بمنطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية، معقل «حزب الله» اللبناني.
وشارك سبعة سفراء، بينهم السفيرة الأميركية دوروثي شيا، ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان رالف طراف، والسفير البريطاني هاميش كاول، وسفير ألمانيا لدى لبنان أندرياس كيندل، إلى جانب حشد من الفعاليات السياسية والإعلامية والثقافية في لبنان، وممثل عن السفيرة الفرنسية لدى لبنان.
وقالت شيا، خلال مشاركتها في المناسبة، «اليوم، نرفض السماح للخوف والكراهية بالانتصار. نجتمع في الحب والصداقة اللذين تجمعهما ذكرى رجل جسد تلك المُثل. اليوم نكرم حياة لقمان سليم وعمله وإرثه».
وأثار اغتيال سليم، الباحث الذي انهمك بتوثيق ذاكرة الحرب الأهلية (1975 - 1990) وتعزيز قيم المواطنية والمساواة، صدمة في لبنان.
وقالت زوجته الألمانية اللبنانية مونيكا بورغمان، أمس الجمعة، خلال التجمع في ذكرى اغتياله، «نود من بعثة تقصي حقائق أن تنظر في انفجار المرفأ، وكذلك في ثلاثة اغتيالات تلته وقد تكون مرتبطة به»، مشددة على أن التحقيق وحده يمكن أن يظهر ما إذا كان هناك ترابط أم لا.
ونقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية قولها إن التحقيق المحلي في قضية سليم «لم يحرز تقدماً منذ عامين جراء ضغوط سياسية» في بلد لم تبلغ فيه التحقيقات في عشرات الاغتيالات السياسية خواتيمها. والتحقيق في انفجار المرفأ، ثالث أكبر انفجار غير نووي في العالم، معطل ويثير انقساماً سياسياً وطائفياً، وبين المراجع القضائية ذاتها.
وجاء مقتل سليم بعد اغتيال شخصين آخرين هما العقيد المتقاعد من الجمارك منير أبو رجيلي في 2 ديسمبر (كانون الأول) 2020، والمصور المستقل جو بجاني في 21 من الشهر ذاته، من دون أن تتضح أسباب وملابسات قتلهما. لكن تقارير صحافية محلية رجحت وجود علاقة بين مقتلهما وانفجار المرفأ.
وانطلق اللقاء أمس من دارة محسن سليم، للاحتفاء به وبفكره وشجاعته وللتعرفِ على مؤسساتِهِ «دار الجديد» و«أُمم للتوثيق والأبحاث»، حيث ألقيت تباعاً كلمات لشقيقتِه الكاتبة والناشرة رشا الأمير، ووالدتِه الكاتبة سلمى مرشاق سليم، وزوجته المخرجة مونيكا بورغمان وشريكته في تأسيس «أُمم للتوثيق والأبحاث»، إضافة إلى كلمات متحدثين آخرين.
وسلمت عائلة سليم جائزة «غار لقمان» لأربع شخصيات، هم الصحافية ماري جو صادر التي أنجزت كتيباً عن كيفية مقتل سليم، إضافة إلى إجرائها تحقيقات متصلة بانفجار مرفأ بيروت، والإعلامية ديما صادق التي تعد من أبرز معارضي «حزب الله» في الإعلام اللبناني، والشيخ عباس يزبك، والفنان ألفرد طرزي.
وقالت منسقة الأمم المتحدة الخاصة بلبنان جوانا فرونتسكا، إنه «بعد سنتين من مقتل لقمان سليم، لم تتحرك عجلات العدل بعد»، وشددت على وجوب «إجراء تحقيق نزيه وشامل وشفاف دون مزيد من التأخير». ولفتت في تغريدة عبر «تويتر» إلى أن «الأمر نفسه ينطبق على العديد من الجرائم الأخرى التي لم يتم حلها في لبنان. وفي مسار تقدم لبنان، يجب أن يأخذ القانون مجراه».
وعبر أربعة خبراء حقوقيين مستقلين في الأمم المتحدة، الخميس، عن قلقهم العميق من بطء التحقيقات في جريمة اغتيال سليم، مطالبين السلطات اللبنانية بضمان محاسبة قتلته. وأعرب الخبراء الأربعة المعنيون بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء في بيانهم عن غضبهم لعدم تحديد هوية أي شخص مسؤول عن اغتياله. وقالوا إن «تسليط الضوء على الظروف المحيطة بمقتل لقمان سليم، وتقديم المسؤولين إلى العدالة، هو أيضاً جزء من التزام الدولة بحماية حرية الرأي والتعبير».
وفي الكثير من مداخلاته التلفزيونية، عدَّ لقمان سليم أن «حزب الله» يأخذ لبنان رهينة لإيران. وتحدث في إحدى آخر إطلالاته عن علاقة للنظام السوري بنيترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت قبل انفجارها في 4 أغسطس (آب) 2020.
ووجه سياسيون وإعلاميون أصابع الاتهام في اغتياله إلى «حزب الله». وتقول العائلة إن الحزب هدد سليم أكثر من مرة، أبرزها في ديسمبر (كانون الأول) 2019، حين تجمع أشخاص أمام منزله في الضاحية الجنوبية لبيروت، مرددين عبارات تخوين، وألصقوا شعارات على سور حديقته، بينها «حزب الله شرف الأمة» و«المجد لكاتم الصوت».